يرجع الفضل إلى اختراع التلغراف وتغيير طريقة التواصل في العالم إلى العالم والمخترع الأمريكي صمويل مورس، والذي عكف على صناعة التلغراف بعد مأساة عاشها في حياته، ورغم اختراع الثوري في ذلك الوقت، إلا أنه لم يحظ بالتقدير الذي يستحقه في بداية حياته، تعرف أكثر على مسيرته وإنجازاته، ولماذا اخترع التلغراف في هذا المقال.
من هو صمويل مورس؟
صامويل فينلي بريز مورس هو مخترع التلغراف ورسام أمريكي شهير، وُلد في 27 أبريل 1791، وتوفي في 2 أبريل 1872.
يُعرف مورس بشكل رئيسي بفضل اختراعه للتلغراف الكهربائي وتطويره لشفرة مورس، وهي نظام ترميز يستخدم لتمثيل الحروف والأرقام عبر نبضات قصيرة وطويلة.
درس مورس في جامعة ييل، حيث أبدى اهتمامًا بالكهرباء والرسم. تخرج من الجامعة في عام 1810، وقد بدأ حياته المهنية كرسام بورتريهات ومناظر طبيعية. درس الفن في إنجلترا، وعاد إلى الولايات المتحدة ليصبح رسامًا معروفًا.
رغم نجاحه كفنان، كان يعاني من صعوبات مالية، مما دفعه للبحث عن وسائل أخرى لدعم نفسه، وفي أوائل الثلاثينات من القرن التاسع عشر، بدأ مورس بالعمل على فكرة التلغراف الكهربائي بعد أن سمع عن الاكتشافات الحديثة في مجال الكهرباء.
في عام 1837، وبالتعاون مع المخترع ألفريد فيل، قام مورس بتطوير نموذج عملي للتلغراف، كما طورامعًا مورس شفرة مورس، وهي نظام ترميز يستخدم نبضات قصيرة وطويلة (نقاط وخطوط) لتمثيل الحروف والأرقام.
اختراع التلغراف وشفرة مورس أحدث ثورة في مجال الاتصالات، حيث أتاح إرسال الرسائل بسرعة عبر مسافات طويلة، وأسس شركة للتلغراف، مما جعله واحدًا من الشخصيات الرائدة في تطوير البنية التحتية للاتصالات في القرن التاسع عشر.
حصل مورس على العديد من التكريمات الدولية لإسهاماته في التكنولوجيا والاتصالات، وأصبح اسمه مرتبطًا بالعديد من المعاهد والجوائز التي تكرم الابتكار في مجال الاتصالات.
نشأته وتعليمه
ولد صمويل مورس في تشارلزتاون في مساتشوستس في الولايات المتحدة الأمريكية، وهو الطفل الأول للقس جيديديا مورس، الذي كان جغرافيًا، أما والدته كان اسمها إليزابيث، وكان والده واعظًا للعقيدة الكالفينية.
التحق مورس بأكاديمية فيليبس في ماساتشوستس، وبعدها التحق بكلية ييل، ودرس الفلسفة الدينية، والرياضيات، والعلوم، وخلال دراسته في الكلية حضر محاضرات عن الكهرباء، وتخرج من جامعة ييل عام 1810.
زوجة صمويل مورس
تزوج صمويل مورس من لوكريشيا بيكرينغ ووكر في عام 1818، وقد توفيت زوجته عام 1825 بنوبة قلبية بعد فترة قصيرة من ولادة طفلهما الثالث، حيث رزق منهما بسوزان، وتشارلز، وجيمس.
تزوج صمويل للمرة الثانية من سارة إليزابيث جريسوولد في عام 1848، ورزق منها بأربعة أطفال وهم صمويل، وكورنيليا، ويليام، وإدوارد.
ديانة صمويل مورس
صمويل مورس كان مسيحيًا بروتستانتيًا. تربى في عائلة ذات تقاليد بروتستانتية قوية، وكان إيمانه الديني يؤثر على أعماله وحياته، كما أنه كان ناشطًا في الكنيسة، وأبدى اهتمامًا كبيرًا بالقضايا الدينية والاجتماعية خلال حياته.
![صمويل مورس.. العالم الذي قادته مأساة إلى اختراع التلغراف]()
مسيرته كرسام
لم يكن صمويل مورس فقط مخترعًا ومهندسًا رائدًا في مجال الاتصالات، بل كان أيضًا فنانًا موهوبًا في الرسم، حيث تميزت مسيرته في الفن بالإبداع والابتكار، وترك بصمة واضحة في عالم الفن الأمريكي في القرن التاسع عشر.
ورغم أن اختراعاته في مجال الاتصالات طغت على شهرته كفنان، إلا أن أعماله الفنية لا تزال تُقدَّر وتُعرض في المتاحف والمعارض، حيث تُظهر لوحاته موهبة فنية رائعة وإسهامات مهمة في الفن الأمريكي في القرن التاسع عشر.
في عام 1811، سافر مورس إلى إنجلترا للدراسة في الأكاديمية الملكية للفنون في لندن، حيث تلقى تعليمًا على يد بعض أبرز الفنانين في ذلك الوقت، مثل واشنطن ألستون وبنيامين ويست، وتأثر مورس بشكل كبير بالأساليب الكلاسيكية والفن التاريخي، وبدأ في تطوير مهاراته في رسم البورتريهات والمشاهد التاريخية.
عاد مورس إلى الولايات المتحدة في عام 1815، وبدأ مسيرته المهنية كفنان بورتريه، حصل على العديد من التعاقدات لرسم بورتريهات الشخصيات البارزة في المجتمع الأمريكي، كانت هذه الفترة مليئة بالتحديات، حيث كان عليه التنافس مع فنانين محليين آخرين لكسب العيش.
وقد أنتج مورس العديد من اللوحات خلال مسيرته الفنية، ومن أبرزها رسم بورتريهات لشخصيات بارزة مثل الرئيس جون آدمز، الرئيس جيمس مونرو، والماركيز دي لافاييت.
رسم مورس أيضًا لوحات تاريخية شهيرة، منها "موت هرقل" و"بيت الموتى في أثينا"، وهذه اللوحات أظهرت مهاراته في التركيب واستخدام الألوان بشكل مبدع.
ورغم موهبته الفنية، واجه مورس صعوبات مالية بسبب المنافسة الشديدة وعدم استقرار السوق الفني في ذلك الوقت. هذا دفعه إلى البحث عن وسائل أخرى لدعم نفسه، مما أدى إلى اهتمامه المتزايد بالعلوم والتكنولوجيا.
ومع تطور اهتمامه بالتلغراف والاتصالات، بدأ مورس يقضي وقتًا أقل في الرسم. في أواخر الثلاثينات من القرن التاسع عشر، بدأ ينشغل أكثر بالبحث والتجارب العلمية، مما أدى في نهاية المطاف إلى اختراعه للتلغراف الكهربائي وتطوير شفرة مورس.
![صمويل مورس.. العالم الذي قادته مأساة إلى اختراع التلغراف]()
ماذا اخترع العالم صمويل مورس؟
صمويل مورس يُعرف بشكل رئيسي لاختراعه التلغراف الكهربائي وتطويره لشفرة مورس. التلغراف الكهربائي هو جهاز يستخدم لنقل الرسائل عبر مسافات طويلة باستخدام نبضات كهربائية.
في أوائل الثلاثينات من القرن التاسع عشر، بدأ مورس بالعمل على فكرة التلغراف الكهربائي بعد أن سمع عن الاكتشافات الحديثة في مجال الكهرباء، وكان دافعه الأساسي هو تحسين سرعة وفعالية الاتصالات.
في عام 1837، وبالتعاون مع المخترع ألفريد فيل قام مورس بتطوير نموذج عملي للتلغراف، وفي عام 1843، حصل مورس على تمويل من الكونغرس الأمريكي لبناء خط تلغراف تجريبي بين واشنطن العاصمة وبالتيمور، ماريلاند، وتم الانتهاء من الخط في عام 1844.
أول رسالة تلغراف
في 24 مايو 1844، تم إرسال أول رسالة تلغرافية باستخدام اختراع مورس، وكانت الرسالة "ما صنعه الله"، وأرسلت الرسالة من واشنطن إلى بالتيمور، مما أظهر فعالية النظام الجديد.
أسس مورس شركة للتلغراف، مما جعله واحدًا من الشخصيات الرائدة في تطوير البنية التحتية للاتصالات في القرن التاسع عشر، وحصل على العديد من التكريمات والجوائز الدولية لإسهاماته في التكنولوجيا والاتصالات.
![صمويل مورس.. العالم الذي قادته مأساة إلى اختراع التلغراف]()
لماذا تم اختراع شفرة مورس؟
شفرة مورس هي نظام ترميز يستخدم لتمثيل الحروف والأرقام عبر نبضات قصيرة وطويلة. طور مورس شفرة مورس بالتعاون مع فيل، حيث تمثل كل حرف من الأبجدية والأرقام بنمط محدد من النقاط والخطوط، وكانت بسيطة وفعالة، مما سمح بإرسال الرسائل بسرعة عبر خطوط التلغراف.
تم تصميم الشفرة من أجل قراءتها عن طريق الإنسان، وليس باستخدام أجهزة لفك الشفرات، حتى تصبح مفيدة لإرسال الرسائل الأوتوماتيكية الرقمية عبر قنوات صوتية.
ما فائدة شفرة مورس؟
استخدمت شفرة مورس على نطاق واسع في الاتصالات البرقية عبر العالم، ولا تزال شفرة مورس تُستخدم اليوم في بعض التطبيقات الخاصة، مثل الاتصالات اللاسلكية في الطوارئ والملاحة البحرية.
اختراع مورس للتلغراف وشفرة مورس أحدث ثورة في مجال الاتصالات، حيث أتاح إرسال الرسائل بسرعة عبر مسافات طويلة. هذا الاكتشاف كان له تأثير كبير على التجارة، والصحافة، والحكومة، والعلاقات الشخصية، مما مهد الطريق لتطوير التكنولوجيا الحديثة في الاتصالات.
![صمويل مورس.. العالم الذي قادته مأساة إلى اختراع التلغراف]()
مأساة قادته لاختراع التلغراف
بينما كان صمويل مورس يعمل على رسم لوحة بورتريه ذاتية للنبيل الفرنسي ماركيز دي لافاييت في واشنطن، تلقى خبرًا مأساويًا غير مسار حياته بشكل جذري.
خلال انهماكه في العمل الفني، وصل إليه خطاب من والده، نقله رسول على ظهر حصان بالطريقة التقليدية البطيئة آنذاك، يخبره فيه بمرض زوجته الشديد.
على الفور، غادر مورس العاصمة الأمريكية متوجهًا إلى منزله في ولاية كنيتكيت، لكنه وصل ليجد أن الوقت قد فات؛ فقد توفيت زوجته بالفعل، وتم دفنها قبل وصوله بعدة أيام؛ بسبب التأخير في وصول الرسالة.
هذه الفاجعة أثرت بعمق في نفس العالم صمويل مورس وألهمته للبحث عن وسيلة أفضل وأسرع للتواصل عبر المسافات الطويلة. دفعه حزنه العميق وإحساسه بالعجز إلى ترك الفن والتركيز على ابتكار نظام التلغراف الكهربائي، الذي غير وجه الاتصالات للأبد.
وفاة صمويل مورس
توفي صمويل مورس بسبب التهاب السحايا في مدينة نيويورك في 2 أبري لعام 1872، وتوفي عن عمر 80 عامًا، ودفن في مقبرة جرين وود في بروكلين في نيويورك.
كان موريس ثريًا للغاية، فقد قدرت ثروته خلال وقت وفاته حوالي 500 ألف دولار، أي ما يقدر ب12.7 ملين دولار في الوقت الحالي.
عاش مورس حياة ثرية، رغم أنه لم يحصل على أي إتاوات مقابل الاستخدامات اللاحقة لاختراعاته، وخلا لحياته تبرع بمبالغ ضخمة من أجل الاهتمام بالعلاقة بين العلم والدين، ووفر الأموال اللازمة من أجل إنشاء محاضرات حول علاقة الكتاب المقدس بالعلوم.
بعد وفاته تم تحويل منطقة على اسمه في نيوجيرسي، وهي منطقة مورسيمير في ريدجفيلد، وقد اشترى عقارًا هناك لبناء منزل، ولكنه لم يتمكن من إكمال البناء، وتوفي قبل ذلك.