تعد سيدة الأعمال الأمريكية شيريل ساندبرج من الشخصيات البارزة في مجال التكنولوجيا، فقد سبق أن شغلت العديد من المناصب الهامة في مجال التكنولوجيا منها أنها كانت الرئيسة التنفيذية للعمليات في شركة ميتا لعدة سنوات، تعرف أكثر على مسيرتها المهنية وإنجازاتها في هذا المقال.
من هي شيريل ساندبرج؟
شيريل كارا ساندبرج هي سيدة أعمال ومديرة تنفيذية أمريكية في مجال التكنولوجيا ولدت في 28 أغسطس عام 1969، وتعد من الشخصيات الأكثر تأثيرًا في عالم التكنولوجيا.
تعد شيريل من الشخصيات المهمة في شركة ميتا، فهي ثاني أعلى مسؤول في شركة فيسبوك، كما أنها كانت أول امرأة تعمل في مجلس الإدارة، وقد كان لها الفضل في زيادة أرباح الشركة.
خلال مسيرتها المهنية شغلت شيريل العديد من المناصب الهامة في شركات تكنولوجيا متنوعة، فقد سبق أن عملت في شركة جوجل لعدة سنوات، كما عملت أيضًا في البنك الدولي.
تم اختيار شيريل من بين الشخصيات الأكثر تأثيرًا في العالم وفقًا لقائمة تايم عام 2012، كما أنها ضمن قائمة المليارديرات في الأمريكية، إذ تزيد ثروتها عن مليار دولار أمريكي.
نشأتها وتعليمها
ولدت شيريل ساندبرج في واشنطن العاصمة لعائلة يهودية، وهي الطفلة الكبرى بين 3 أطفال. والدها يعمل طبيب عيون، أما والدتها هي أستاذة جامعية للغة الفرنسية وهي من أصول بيلاروسية.
انتقلت العائلة إلى فلوريدا عندما كانت شيريل تبلغ من العمر عامين، والتحقت بالمدارس هناك حتى المرحلة الثانوية، وكانت طالبة متفوقة، إذ تخرجت في الثانوية عام 1987، وحصلت على المرتبة التاسعة على فصلها، كما أنها كانت نشطة في الأنشطة المدرسية، وأصبحت عضواً في جمعية الشرف الوطنية في المدرسة.
التحقت شيريل فيما بعد بكلية هارفارد ودرست الاقتصاد، وتخرجت عام 1991 بامتياز مع مرتبة الشرف، وخلال دراستها حصلت على جائزة جون إتش ويليامز لأفضل طالب متخرج في الاقتصاد.
شاركت شيريل كذلك في العديد من الأنشطة الطلابية في الجامعة، كما ساهمت في تأسيس منظمة "المرأة في الاقتصاد والحكومة" من أجل زيادة دور المرأة في النشاط الاقتصادي للدولة.
في عام 1993 التحقت بكلية هارفارد للأعمال، وحصلت على درجة الماجستير في إدارة الأعمال عام 1995، وحصلت على تقدير امتياز، وفي عامها الأولى في كلية إدارة الأعمال حصلت على الزمالة.
خلال تحضيرها للماجستير تعرفت شيريل على البروفيسور لورانس سمرز الذي يعد من كبار رجال الاقتصاد في أمريكا، والذي شغل منصب وزير خزانة الولايات المتحدة في الفترة من عام 1999 و 2001 وهو من أشرف على أطروحتها.
زوجها وحياتها الشخصية
تزوجت شيريل ساندبرج للمرة الأولى من بريان كراف عام 1993، واستمر الزواج لمدة عام واحد فقط، وفي عام 2004 تزوجت للمرة الثانية من ديف جولدبيرج، وهو مستشار إداري ورجل أعمال أمريكي ولديها منه ولد وبنت.
توفي زوجها بشكل مفاجئ في عام 2015 بعدما تعرض لصدمة في الرأس خلال سقوطه من جهاز المشي خلال إجازته في المسكيك، وبعد أشار تقرير تشريح الجثة أن سبب الوفاة هو عدم انتظام ضربات القلب.
بعد وفاة زوجها كانت شيريل على علاقة مع الرئيس التنفيذي لشركة Activision Blizzard واسمه روبرت كوكتيك، وانفصلت عنه عام 2019.
في عام 2020 أعلنت شيريل خطبتها من المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة كليتون جلوبال، والذي لديه 3 أطفال من زواج سابق، وفي عام 2022، وبعد عامين من الخطبة أعلنا عن زواجهما، وقد نشرا صورًا لحفل الزفاف على حساباتها على منصات التواصل الاجتماعي.
مسيرتها المهنية
عملت شيريل ساندبرج خلال تحضيرها الماجستير مساعدة بحثية لوزير الخزانة الأمريكي لورانس سمرز لتكون مساعدة في البنك الدولي، كما عملت لمدة عام تقريبًا في مشاريع صحية في الهند تتعامل مع أمراض متنوعة منها العمى والجذام والإيدز.
بعد الحصول على الماجستير عملت شيريل مستشارة إدارية في شركة ماكينزي آند كومباني لمدة عام، ثم عادت مرة أخرى للعمل مع لورانس سمرز الذي أصبح وزيرًا للخزانة في عهد بيل كلينتون، وشغلت منصب رئيس الموظفين، وقد ساعدت الوزارة في مشكلة إعفاء الديون العام خلال الأزمة المالية الآسيوية.
في عام 2001 انتقلت للعمل في شركة جوجل، وشغلت منصب مسؤولة المبيعات عبر الإنترنت لمنتجات جوجل، وبعدها انضمت إلى شركة جوجل الاستهلاكية والإعلانية والنشرية، ونجحت في زيادة فريق المبيعات والإعلانات في الشركة من 4 أشخاص إلى 4 آلاف شخص خلال فترة قصيرة من عملها.
العمل مع شركة ميتا
في عام 2007 التقت شيريل ساندبرج بمارك زوكربيرج، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك، وقرر أن يضمها معه في شركته كمديرة العمليات، وبالفعل شغل منصب المديرة التنفيذية للعمليات في مارس عام 2008، وتركت شركة جوجل.
بعد انضمامها إلى الشركة ساهمت شيريل في جعل شبكة فيسبوك مربحة، وقد كان لها الفضل في اعتماد الإعلانات على الموقع، ولكن في البداية عرض الإعلانات بشكل سري، وبالفعل بحلول عام 2010 تمكنت شركة فيسبوك من تحقيق أرباح كثيرة بفضل عملها.
اعتبارًا من عام 2012 أشرفت شيريل على التجارية لشركة فيسبوك، بما فيها التسويق وتطوير الأعمال والاتصالات والموارد البشرية وغيرها، وفي العام نفسه أصبحت العضوة الثامنة وأول امرأة تصبح عضوة في مجلس إدارة فيسبوك.
في عام 2014 باعت شيريل أكثر من نصف أسهمها في شركة فيسبوك منذ أن طرحت الشركة للاكتتاب العام، وكانت وقتها تملك ما يقرب من 41 مليون سهم، وبعد جولة من المبيعات الناجحة وصل عدد أسهمها ما يصل إلى 17.2 مليون سهم، أي تقريبًا 0.5% من حصة الشركة والتي تبلغ قيمتها حوالي مليار دولار.
ورغم ما توصلت إليه من نجاحات مع الشركة، إلا أنها اتخذت قرارات سبب أزمة للشركة، ففي عام 2018 نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريرًا يفيد بدور شيريل في تسريب أخبار التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية عام 2016، وقد ألقى زوكربيرج اللوم عليها بسبب هذه الفضيحة.
في العام نفسه ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن شيريل طلبت من موظفي الاتصالات في فيسبوك إجراء أبحاث غير قانونية حول الشؤون المالية للملياردير الأمريكي جورج سوروس، وذلك بعد أن انتقد علنًا شركات التكنولوجيا بما فيها شركة فيسبوك.
خلال عملها في ميتا عرفت شيريل بأسلوبها المنطقي في اتخاذ القرارات، وقد استخدمت هذا الأسلوب في بناء إمبراطورية الإعلانات في فيسبوك وزيادة أرباح الشركة بنسبة كبيرة.
وقد تحدث عنها مارك زوكربيرج، وقال إنها قادرة على تولي المسؤوليات التي لا يرغب في القيام بها، كما أنها تقوم بمهام لا يجيد أحد القيام بها في الشركة غيرها.
ولم تكن مساهمة شيريل في الشركة على تحويلها إلى شركة تحقق الأرباح، بل تعاملت مع العديد من القضايا السياسية والأخلاقية التي تحيط بالشركة، وواجهت العديد من الأزمات منها فضيحة كامبريدج أنالتيكيا والهجوم على الكابيتول في عام 2021.
التنحي عن منصبها في فيسبوك
في عام 2022 أعلنت شيريل ساندبرج عن تنحيها عن منصب مديرة العمليات في شركة ميتا بعد 14 عامًا في المنصب، ولكنها ستستمر كعضو مجلس إدارة في الشركة، ولا تزال حتى الآن تتلقى تعويضات بصفتها عضوة غير موظفة وفقًا لسياسة الشركة.
وبعد تنحيها عن منصبها نشر زوكربيرج بيانًا قال فيه إن شيريل كان لها تأثير كبير في الشركة، وأحدثت العديد من التغييرات الإيجابية في أجزاء مختلفة من العمل وعليه بشكل شخصي أيضًا.
في يناير عام 2024 أعلنت شيريل أنها تتنحى عن مجلس إدارة الشركة، ولن تترشح مرة أخرى لإعادة انتخابها.
مشاريع ومناصب أخرى
بجانب عملها لسنوات في شركة فيسبوك تشغل شيريل ساندبرج عضوة في مجالس إدارة عدد من الشركات منها شركة والت ديزني منذ عام 2009، ومنظمة المرأة من أجل المرأة الدولية، ومعهد بروكينجز، وستاربكس، ومركز التنمية العالمية ومراكز ومؤسسات أخرى.
بالإضافة إلى ذلك شيريل نشطة في العمل في الصحفي، حيث تكتب مقالات دورية في عدد من المجلات والصحف العالمية منها صحيفة هافينغتون بوست، وصحف أخرى.
كانت شيريل، ولا تزال المتحدثة الرسمية لعدد من المؤسسات، منها اتحاد الجالية اليهودية في أمريكا، كما ألقت خطاب التخرج في عدد من الجامعة منها جامعة كولجيت وكلية بارنارد وكلية هارفارد للأعمال وجامعة كاليفورنيا وفيرجينيا ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.
كتاب شيريل ساندبرج
لدى سيدة الأعمال الأمريكية شيريل ساندبرج عدد من الكتب، ففي عام 2013 أصدرت كتابها الأول بعنوان "الانحناء: المرأة والعمل والإرادة للقيادة"، وقد شاركت في تأليفه مع الكاتبة الأمريكية هيلين سكوفيل.
تناولت شيريل في كتابه قيادة الأعمال ودور المرأة في المناصب القيادية الحكومية والتجارية، وقد انتقدت بشدة قلة وجود المرأة في هذه المجالات. حقق الكتاب نجاحًا كبيرًا وباعت أكثر من مليون نسخة في نفس العام، وأصبح من بين الكتب الأكثر مبيعًا.
لم تكتب شيريل هذا الكتاب ليكون موجهًا للمرأة فحسب، بل أيضًا وجهت كلامها إلى الرجال الذين يسعون إلى بناء مجتمع عادل وأكثر نجاحًا، كما قدمت نصائح للنساء من أجل تحقيق أهدافهن في الحياة.
وقد أشارت شيريل في كتابها إلى المعوقات والصعوبات التي تواجه النساء في عالم العمل، ولا سيما حينما ترغب في تولي المناصب القيادية، مثل التمييز والتحيز الجنسي والتحرش الجنسي وغيرها من المشكلات والصعوبات.
تقدم شيريل في كتابها نصائح للنساء من أجل تخطي هذه العقبات، فيما تؤكد أن النساء في بعض الأحيان يضعن لأنفسهن حواجز تعيقهم عن الوصول إلى الهدف مثل استيعابهن للتمييز المنهجي والأدوار الاجتماعية التقليدية بين الجنسين.
وترى شيريل في كتابها أنه من المهم كسر الحواجز المجتمعية والشخصية من أجل تحقيق التغيير المنشود وتشجيع النساء على السعي نحو المناصب القيادية، حيث ترى أن تواجد عدد أكبر من النساء في السلطة سيوفر مجتمع أكثر إنصافًا.
ومن أقوال شيريل ساندبرج في هذا الكتاب: "إن العالم المتساوي حقًا هو العالم الذي تدير فيه النساء نصف بلداننا وشركاتنا، ويدير الرجال نصف منازلنا".
وجهت شيريل في كتابها انتقادات حادة لما أطلقت عليه "نخبوية للغاية" حيث ترى أن هناك حالة من الصمت تجاه النضال الذي تواجهه المرأة في مكان العمل، حيث تقول: "إن المجتمع يدرك تمامًا أن الغالبية العظمى من النساء يكافحن من أجل تغطية نفقاتهن ورعاية أسرهن".
وتقول: "نحن نفشل في تشجيع النساء على التطلع إلى القيادة. لقد حان الوقت لتشجيع الفتيات والنساء اللاتي يرغبن في الجلوس على الطاولة، والبحث عن التحديات، والاعتماد على حياتهن المهنية".
في عام 2017 نشرت شيريل ساندبرج كتابها الثاني بعنوان "الخيار ب" وقد شارك في تأليف الكتاب الأستاذ في كلية وارتون بجامعة بنسلفانيا آدم جرانت، وقد كتبت الكتاب بعد وفاة زوجها المفاجئ.
ركزت شيريل في كتابها على الحزن، وكيف يمكن أن يتمتع الإنسان بالمرونة من أجل مواجهة تحديات الحياة، وقد تمكنت من بيع أكثر من 2.75 مليون نسخة من الكتاب منذ نشره.
ثروة شيريل ساندبرج
تمكنت شيريل ساندبرج أن تصل إلى قمة صناعة التكنولوجيا، وأصبحت من الشخصيات الأكثر تأثيرًا ونفوذُا فيه، ففي عام 2012 صنفتها مجلة تايم من بين الشخصيات الأكثر تأثيرًا في العالم.
وخلال مسيرتها المهنية حصلت ساندبرج على ثروة هائلة بفضل أسهم شركاتها ومشروعاتها الأخرى، فقد باعت معظم أسهمها في شركة ميتا والتي تقدر بحوالي 2 مليار دولار تقريبًا.
ولم تحقق ساندبرج ثروتها من العمل في شركات التكنولوجيا فحسب، بل أيضًا حققت مكاسب هائلة من مبيعات كتبها، فقد أصدرت كتابين من ضمن الأعلى مبيعًا في العالم، وأصبحت رائدة في مجال تمكين المرأة بسبب هذه الكتب.
في عام 2024 صنفت قدرت مجلة فوربس الأمريكية ثروة ساندبرج بحوالي 2.1 مليار دولار، وقد أوضحت المجلة أن ثروتها زادت بنسبة 0.31، أي حوالي 7 ملايين دولار عن عام 2023.
صنفتها مجلة فوربس أيضا في قائمتها لعام 2024 لأكثر نساء أمريكا العصاميات حيث احتلت المرتبة الـ16، فيما احتلت المرتبة 1496 من بين مليارديرات العالم لعام 2024.