أم البطل التي قدمت أحد أهم أغاني الحرب وفقدت ابنها في الحرب، إنها الفنانة شريفة فاضل صاحبة الموهبة المتميزة والصوت الجميل والتي غنت لأصحاب المهن المختلفة، وتركت خلفها إرثًا فنيًا غنائيًا مميزًا، تعرف على مسيرتها الفنية وحياتها في السطور التالية.
حياة شريفة فاضل ونشأتها
فوقية أحمد محمود ندا هي مغنية وممثلة مصرية ولدت في 15 سبتمبر عام 1938 في مدينة القاهرة، ونشأت في أسرة موهوبة، فهي حفيدة المقرئ أحمد ندا الذي أسس دولة التلاوة.
انفصل والداها وهي صغيرة، وتزوجت والدتها من إبراهيم الفلكي أحد أثرياء مصر الذي أطلق اسمه على ميدان الفلكي في القاهرة.
عاشت شريفة مع والدتها وزوج والدتها في عوامة بالنيل، وكان يزور الأسرة كبار الأثرياء ورجال الدولة، وكانت شريفة تغني في حضورهم.
امتلكت شريفة صوتًا قويًا ونديًا وأجادت التواشيح والابتهالات الدينية فقد تدربت منذ صغرها على يد أساطين الإنشاد الديني والموسيقي، وبعدها التحقت بمعهد الفنون المسرحية، وبعد دخولها مجال الفن اقترح عليها الشاعر والكاتب صالح جودت أن تغير اسمها لشريفة بدلًا من فوقية.
تزوجت شريفة مرتين، المرة الأولى من المخرج والممثل المصري السيد بدير على الرغم من فارق السن الكبير بينهما، حيث كان يكبرها ب23 سنة.
أنجبت شريفة من السيد بدر ولدين، وهما سيد وسامي الذي يعيش حاليًا في أيرلندا، وقد ساعدها زوجها كثيرًا في حياتها المهنية وخاصة في التمثيل، ولكنهما انفصلا في النهاية بسبب غيرته الشديدة عليها.
تزوجت شريفة بعد ذلك من اللواء طيار علي زكي وقد أسست كازينو الليل في الهرم، ثم قررت بيعه بعدما أصيب زوجها بالشلل وتفرغت لخدمته، وأنجبت من زوجها الثاني ابن اسمه تامر يعيش معها.
شريفة فاضل "أم البطل"
في صباح أحد الأيام تلقت الفنانة شريفة أصعب خبر في حياتها، وهو استشهاد ابنها الكبير الملازم أول طيار سيد السيد بدير وكان حديث التخرج واستشهد في حرب أكتوبر عام 1973.
انهارت شريفة بعد معرفتها بالخبر واعتزلت أسرتها ومعارفها والفن أيضًا، ثم بمرور الوقت استجمعت نفسها وقررت تقديم أغنية وطنية، فاتصلت بصديقتها الشاعرة نبيلة قنديل، كما طلبت مقابلتها مع الملحن علي إسماعيل.
طلبت شريفة من نبيلة أن تكتب لها أغنية تعبر فيها عن حال كل أم فقدت ابنها بسبب الحرب، وبالفعل أصبحت الأغنية جاهزة خلال ساعات، وسجلت شريفة الأغنية وهي منهارة وقدمت أغنية "أم البطل" التي أصبح لقبها فيما بعد، وأصبحت الأغنية من أهم أغاني نصر أكتوبر.
بسبب هذه الأغنية حصلت شريفة على شهرة واسعة وأصبحت تغني أمام الرؤساء والملوك، وأحيت حفل زفاف هدى عبد الناصر.
أصيبت أم البطل بنزيف في الشرايين خلال إحدى حفلاتها وغنائها أغنية "أم البطل" وتوقفت عن الغناء لفترة ثم عادت مجددًا.
وفاتها
توفيت في الخامس من مارس 2023 بعد غياب سنوات عن الساحة الفنية، وقد كتب ابن شقيقها طارق ندا على صفحته على فيسبوك:"توفيت إلى رحمة الله تعالى عمتي أم البطل الفنانة المرحومة شريفة فاضل، صلاة الجنازة في مسجد السيدة نفيسة بعد صلاة العصر والدفن في مقابر العائلة".
مشوارها الفني
بدأت الفنانة شريفة فاضل مشوارها الفني عندما استمع إليها رجل الأعمال الشهير السيد ياسين صحاب مصنع زجاج، واقترح على والدتها أن تدخل ابنتهم مجال الفن كمطربة في فيلم من إنتاجه، وهو فيلم "الأب" وغنت فيه ومثلت فيه وهي طفلة.
شجعها زوج والدتها بعد ذلك أن تلتحق بمعهد التمثيل، واختارها الشاعر صالح جودت وعرفها على كبار الشعراء والفنانين، وفي منتصف الخمسينات تزوجت من السيد بدير وحققت نجاحات كبيرة معه.
قدمت شريفة طوال حياتها العديد من الأغنيات واشتهرت بغنائها للعديد من المهن، منها أغنية للفلاح، والنجار، والصنايعي، والسقايين وحققت من خلال هذه الأغنيات شهرة واسعة، كما أنها غنت باللهجة اللبنانية وتميزت فيها.
أنتجت شريفة أيضًا لنفسها عدداً من الأغنيات، وحققت أغنياتها نجاحًا كبيرًا، منها "سألت فين حينا"، و"يا حلو فهمنا"، و"يا معجباي"، و"ورق العنب"، و"الليلأ"، و"آه يالمكتوب"، وأسست كازينو الليل في شارع الهرم، ثم أغلقته بعد مرض زوجها الثاني.
أغنية "لسه بدري يا شهر الصيام"
قدمت الإذاعة المصرية عددًا كبيرًا من الأغنيات المتعلقة بشهر رمضان الكريم منها "في الليالي الحلوة" لوردة، و"عدت الأيام"، لإيهاب توفيق، وغيرها ولكن لم تحظّ هذه الأغنيات بالنجاح الذي نالته أغنية "لسه بدري يا شهر الصيام" التي غنتها شريفة والتي أصبحت متربعة على عرش أشهر أغنيات الشهر الفضيل.
بكلماتها "تم البدر بدري والأيام بتجري والله لسه بدري والله يا شهر الصيام" استمع كل المصريين والعرب إلى صوت شريفة وأصبح مرتبطًا بشهر رمضان الكريم أثناء وداعه.
بدأت فكرة الأغنية حينما قرر الشاعر عبد الفتاح مصطفى تقديم أغنية تعبر عن حزن الناس بوداع شهر رمضان، ثم اقترح على الفنانة شريفة بغنائها وقام بتلحينها الموسيقار عبد العظيم محمد الذي أتم اللحن في يومين فقط.
في الوقت التي غنت فيه شريفة هذه الأغنية كانت لا تزال مغنية مبتدأة في الإذاعة، ولكن وقع الاختيار عليها، ورفضت أن تحصل على أجر مقابل غنائها، فتكلف إنتاج الأغنية 50 جنيهًا فقط، منها 15 جنيهًا للشاعر، و35 جنيهًا للملحن.
شريفة فاضل في السينما
بدأت الفنانة شريفة مشوارها الفني في السينما وهي طفلة، ففي عام 1947 شاركت في فيلم "الأب" وغنت في هذا الفيلم، وفي العام التالي شاركت في فيلم "اللعب بالنار"، وفي عام 1951 شاركت مع عماد حمدي، وفاتن حمامة وفريد شوقي في فيلم "وداعًا يا غرامي".
شاركت بعدها في فيلم "أولادي"، وفي عام 1957 شاركت في فيلم "ليلة رهيبة"، وبعدها بعامين شاركت في فيلم "مفتش المباحث"، وفي عام 1962 ظهرت كضيفة شرف في فيلم "سلوى في محب الريح" من بطولة زبيدة ثروت وشكري سرحان.
في عام 1966 شاركت في فيلم "حارة السقايين" وقدمت فيها أغنية حارة السقايين الشهيرة، وفي العام التالي شاركت في فيلم "غازية من سنباط"، وفي عام 1970 شاركت في فيلم "الحب والثمن" ثم شاركت في المسلسل الإذاعي "هذا الحب هل يموت"، ومسلسل "عجيب أفندي".
في عام 1974 شاركت شريفة في فيلم "امرأة حائرة" أمام نور الشريف، وفي عام 1978 شاركت في فيلم "سلطامة الطرب" وقدمت فيها شخصية منيرة المهدية، وآخر أعمالها في السينما كان فيلم "تل العقارب" عام 1985 من بطولة صلاح قابيل، ونورا، ويونس شلبي.
اعتزالها الفن
في التسعينيات قررت الفنانة شريفة اعتزال الفن تمامًا وقد عانت من تجاهل المسؤولين لها في حفلات الإذاعة والتلفزيونات الرسمية في عهد مبارك، وهي تعيش الآن مع ابنها تامر.
