رائد التجديد في الشعر العربي وصاحب القصائد الشعرية الرائعة إنه الشاعر والسياسي العراقي شاذل طاقة الذي يعد من مؤسسي الشعر الحر في الوطن العربي وأصدر العديد من الدواوين الناجحة، في السطور التالية تعرف على مسيرته الأدبية وحياته.
من هو شاذل طاقة؟
شاذل جاسم طاقة هو شاعر وسياسي ودبلوماسي عراقي ولد في 28 أبريل عام 1929 في مدينة الموصل العراقية ويعد من مؤسسي مدرسة الشعر العربي الحديث أو الشعر الحر مع الشاعر بدر شاكر السياب والشاعرة نازك الملائكة والشاعر عبد الوهاب البياتي.
نشأ شاذل في أسرة طاقة في الموصل وهي من العائلات العراقية العريقة، وقد تلقى تعليمه في مسقط رأسه ثم سافر إلى بغداد وأنهى دراسته الجامعية.
بدأ طاقة نشر شعره في المجلات الأدبي في أواخر الأربعينيات وقد لفت أنظار النقاد والمثقفين إليه بسبب أسلوبه الشعري وقدرته على الجميع بين الرمزية والواقعية.
تأثر طاقة بالكثير من الشعراء العرب ومنهم محمد مهدي الجواهري كما تأثر بشعراء أجانب مثل الشاعر الفرنسي بول فاليري، وقد تميز بأسلوبه السهلة وأشعاره الغنية بالصور والأفكار الفلسفية العميقة.
اهتم طاقة بالقضايا الاجتماعية والإنسانية في أشعاره، وبجانب مسيرته في الشعر فقد كان سياسيًا عراقيًا بارزًا وله العديد من الإنجازات السياسية.
نشأته وتعليمه
نشأ شاذل طاقة في آل طاقة من عشيرة السادة الحياليين الكيلانية الحسنية وهي واحدة من أكبر العائلات في الموصل.
تلقى طاقة تعليمه الأساسي في مدينة الموصل، حيث درس في مدرسة الخزرجية الابتدائية ثم درس في المدرسة الشرقية وأتم دراسته الثانوية في المدرسة المركزية.
سافر طاقة إلى بغداد لإكمال دراسته الجامعية حيث التحق بدار المعلمين العالية، كلية التربية حاليًا، ودرس فيها عام 1946 وتخرج فيها عام 1950 وحصل على شهادة الليسانس في الأدب العربي بمرتبة الشرف وخلال دراسته الجامعية كان ينشر أشعاره في المجلات العربية والعراقية آنذاك.
وفاة شاذل طاقة
توفي الشاعر العراقي شاذل طاقة في العاصمة المغربية الرباط خلال حضوره اجتماع وزراء الخارجية العرب في 20 أكتوبر عام 1974 عن عمر 45 عامًا وقيل أنه توفي مسمومًا.
مسيرته السياسية
التزم الشاعر شاذل طاقة بقضايا أمته وقد عكس أفكاره ورؤاه حول المستقبل في شعره، وبسبب التزامه بقضايا الأمة انخرط في السياسة في الخمسينات، حيث انضم إلى حزب البعث الاشتراكي العربي عام 1952 وشارك في العديد من الأنشطة السياسية للحزب.
برز الدور السياسي لطاقة بشكل خاص عام 1958 عندما قاد حزب البعث انقلابًا عسكريًا أطاح بالنظام الملكي في العراق، وبعد الانقلاب شغل طاقة عدة مناصب سياسية في الحكومة العراقية منها وزير الثقافة والإعلام ووزير التربية والتعليم وعضو مجلس قيادة الثورة.
من المناصب السياسية التي شغلها أيضًا أنه شغل منصب سفير للعراق في الاتحاد السوفييت ووكيلًا للوزارة الخارجية، وفي عام 1974 أصبح وزيرًا للخارجية في عهد الرئيس العراقي الراحل أحمد حسن البكر.
لم تستمر علاقة الوزير شاذل طاقة بحزب البعث جيدة للنهاية حيث عارض فرض الحزب سيطرته على مفاصل الدولة وقد استقال من الحكومة في الستينات وأصبح معارضًا لنظام البعث وترأس العديد من الاحتجاجات والتظاهرات ضده وهو ما اضطره إلى مغادرة العراق عام 1968.
ورغم ذلك واصل طاقة مسيرته السياسية بالمشاركة في مؤتمرات وندوات تدعو إلى الديمقراطية والإصلاح في العراق، وقد شغل منصب وزير الخارجية قبل وفاته.
مسيرته الأدبية
بدأ الشاعر شاذل طاقة مسيرته الأدبية في الأربعينات حيث نشر قصائده وأشعاره في مجلات عربية خلال الجامعة. أصدر طاقة ديوانه الشعري الأول بعنوان "المساء الأخير" عام 1950.
في عام 1956 أصدر ديوانًا شعريًا مشتركًا بعنوان "قصائد غير صالحة للنشر" وقد ضم الألبوم قصائد عدد من الشعراء في مدينة الموصل منهم عبد الحليم اللاوند ويوسف الصائغ وهاشم الطعان.
في عام 1963 أصدر مجموعة شعرية بعنوان "ثم مات الليل"، وفي عام 1969 أصدر مجموعته الشعرية الأخيرة "الأعور الدجال والغرباء".
ترجمت العديد من أشعاره وقصائده إلى لغات أجنبية عدة، وقد تناول العديد من الأكاديميين أشعاره في دراستهم وأبحاثهم. في عام 1977 أصدرت وزارة الثقافة والإعلام العراقية مجموعة كاملة لأشعار طاقة.
بجانب أشعاره ودواوينه أصدر عدة كتب عن الأدب والشعر منها كتاب "تاريخ الأدب العباسي" الذي صدر عام 1953 وقد اعتمد الكتاب ضمن المناهج الدراسية حينها.
من كتبه الأخرى كتاب "في الإعلام والمعركة" عام 1969 وتحدث فيها عن وزارة الإعلام العراقية.
أسلوبه شاذل طاقة الشعري
يعد شاذل طاقة من رواد الشعر العربي الحر في الوطن العربي ومن أوائل من كتب القصيدة الحرة وكانت له جهود هامة في تطوير بنية الشعر العربي، وقد كان شاعرًا عروبيًا حيث اهتم بقضايا الأمة العربية واستخدم قلمه وأشعاره لخدمة العروبة.
دعم طاقة العديد من ثورات التحرر في العالم العربي منها نضال الشعب الجزائري والقضية الفلسطينية، وكانت له تجارب شعرية مميزة فقد كان أول من استخدم في القصيدة الحرة بحرًا مركبًا وأول من وضع أساس المزج بين العروض في الشعر.
شعر شاذل طاقة
نشر شاذل طاقة العديد من القصائد الناجحة التي تلقت شهرة كبيرة، ومنها قصيدة "وعاد الرجال" وهي قصيدة كتبها خلال مشاركته في مهرجان الشعر العربي وأكملها بعد عودته إلى بغداد، ويقول فيها:
سألتُ شجيرة الكافور، قلتُ:
لعلّها تدري..
بأنا ذات أمسيةٍ
زرعنا فوقها قمراً
صغيراً أسود العينين والشَعْرِ..
أشعلنا له شمعاً وكافورا..
وفدّيناه بالنذر..
فذاب الكحل مبهورا..
وأحرقنا أصابعنا.. ولم ندر !.
غريباً مرَّ، يا عيني، وما َسَّلْم !.
من قصائده الناجحة أيضًا قصيدة "وتقولين أحبك" التي كتبها في موسكو عام 1969 خلال عمله كسفير في الاتحاد السوفيتي، ويقول فيها:
وتقولينَ:
أحبُّكْ..
وتمرّين.. كما مرّت غمامَهُ..
دون غيثٍ..
دون وعدٍ..
دونما حتى ابتسامَهْ..
وتقولينَ
أحبُّكْ..
من قصائده أيضًا قصيدة "الدم والزيتون" التي صدرت عام 1967، ويقول فيها:
قد كانت لنا أرض.. وكان وكانْ
لبيّاراتُنا قُداحُها الأرجُ..
وقريتُنا تضمّ الاقحوان ضحىً.. وتختلجُ !.
وحلَّ بأرضنا الطاعون والطوفانْ
وحوّم فوق قريتنا غرابٌ أعورٌ فَلِجُ !
وكانَ.. وكانْ
وذبَّحَ أخوتي قرصانْ..
ولم يدفنهمو أحدٌ..
ولا خِيطتْ لهم أكفانْ
ولم يحزن لهم أحَدُ !.