مذيع..ممثل.. مغني.. أجاد جميع الأشياء التي قام بها باقتدار، إنه النجم المصري سمير صبري الذي لقب بـ"ملك الأفراح" والذي تبناه العندليب عبد الحليم حافظ منذ صغره، ليصبح واحدا من أشهر النجوم في الوطن العربي، وصاحب مسيرة فنية تزيد عن 138 فيلما، ورحيله شكل صدمة لكل محبيه لذلك في هذا المقال نرصد أهم محطات حياته وإنجازاته الفنية في السطور التالية..
اسمه بالكامل محمد سمير جلال صبري، ولد في مدينة الإسكندرية في 27 ديسمبر عام 1936، ينتمي سمير إلى عائلة ثرية، مكنته من الالتحاق بكبرى المدارس في مصر في ذلك الوقت وهي مدرسة فيكتوريا كوليدج.
نشأ سمير في عائلة تقدر الفن، فكانت والدته تعزف على البيانو، وخالته تعزف على العود، وكان والده يأخذانه كثيرا إلى السينما والمسرح، كذلك خالته ، فاهتموا به ودللوه. أما عن ديانة سمير صبري فهو مسلم.
وهو في التاسعة من عمره، انفصل والداه، وانتقل والده للعيش في القاهرة، واصطحبه معه، وعاش في عمارة السعوديين بالجيزة، التي كان يعيش فيها أيضا العندليب عبد الحليم حافظ.
توطدت علاقة الطفل الصغير سمير والعندليب، وأحبه وتبناه وبدأ يأخذه معه مبنى التليفزيون "ماسبيرو" وظهر لأول مرة في أغنية بحلم بيك مع العندليب.
في إحدى المرات شاهدته الفنانة لبنى عبد العزيز مع العندليب، فطلبت منه أن يشاركها في أحد مسلسلات الأطفال في البرنامج الأوربي باللغة الإنجليزية.
بدأت انطلاقة سمير وعمره عشر سنوات فقط، وأصبح نجما في البرنامج الأوربي بالإذاعة، واستفاد سمير خلال وجوده في الإذاعة بالتتلمذ على يد كبار المذيعين، مثل آمال فهمي، مأمون أبو شوشة، طاهر أبو زيد، سامية صادق، جلال معوض، فهمي عمر.
التحق سمير بكلية الآداب بجامعة الإسكندرية، وبعد التخرج عاد لاستكمال مشواره في الإذاعة، وقدم برنامج ما يطلبه المستمعون على الإذاعة الإنجليزية.
انتقل من الإذاعة للتلفزيون، من خلال تقديم برنامج النادي الدولي، وتوقف برنامجه في عهد الرئيس السادات بسبب حلقة فيفي عبده، حينما تحدثت أنها من قرية ميت أبو الكوم، وهي نفس القرية التي ولد بها الرئيس أنور السادات، فتوقف سمير عن التعليق أو الكلام لمدة 30 ثانية، وفسر الأمر بأنه سخرية من الرئيس وتم إيقاف البرنامج.
وفي عام 1959 كانت أول مشاركة له من خلال فيلم حكاية حب مع العندليب عبد الحليم حافظ، والفنانة مريم فخر الدين.
وهو في ريعان الشباب وعمره 16 عاما تزوج سمير دون علم أسرته فتاة بريطانية تدعى مورين، وأنجب منها ابنه الوحيد وهو طبيب يقيم في لندن، ولا يعلم أحد شيء عن نجله، وقال سمير إنه يزوره باستمرار لرؤية أحفاده.
ورغم انفصاله عنها منذ سنوات طويلة إلا أنه لم يكرر تجربة الزواج، رغم أنه أحب الفنانة سماح أنور، وكان ينوي الزواج منها واشترى الدبل ولكنه تراجع بسبب فارق السن الكبير بينهما والذي يصل إلى 22 عاما.
وكشف سمير صبري في لقاء له، أنه كان معجباً في شبابه بالفنانة الراحلة شادية، حتى إنه كان يغار عليها من كمال الشناوي، وحينما تزوجت من عماد حمدي فرح أنها لم تتزوج الشناوي، وحينما اجتمع معها في فيلم نص ساعة جواز أخبرها أنه كان يريد الزواج منها وهو صغير.
وبعد رحيل الفنان سمير صبري تضاربت الكثير من الأقوال عن صحة وجود ابن له من عدمه، خاصة لعدم إدراج اسمه نجله في إعلان الوراثة أو وصية الفنان الراحل، وشكك كثير من المقربين منه في حقيقة وجود ابن له.
شهدت فترة الستينات تألقا وانتشارا كبيرا في حياة سمير صبري ففي عام 1962 شارك في فيلم من غير معاد، وفيلم اللص والكلاب، وفي عام 1963 شارك في واحد من أهم أفلامه وهو زقاق المدق.
قدم في نفس العام أيضا فيلم المتمردة، الحسناء والطلبة، وفي عام 1964 قدم هارب من الزواج، نهر الحياة، لعبة الحب والجواز، حكاية نص الليل، والعمر أيام.
وفي عام 1965 قدم فيلم جدعان حارتنا، والراهبة، وفي عام 1966 شارك في مجموعة من الأفلام المميزة وهي هو والنساء، قصر الشوق، عدو المرأة، شيء في حياتي، العبيط، وفيلم 30 يوم في السجن.
في عام 1967 قدم فيلم معسكر البنات، شباب مجنون جدا، الراجل ده حيجنني، إضراب الشحاتين، وأخطر رجل في العالم، وفي عام 1968 قدم عالم مضحك جدا، شنبو في المصيدة، جزيرة العشاق، بنت من البنات، المليونير المزيف، والمساجين الثلاثة.
في عام 1969 تألق في فيلم نص ساعة جواز، الحلوة عزيزة، أبي فوق الشجرة، واستمر تألقه في السبعينات وقدم مجموعة من الأفلام الهامة في مسيرته الفنية.
ومن أشهر أفلامه في السبعينات فيلم البحث عن فضيحة مع الزعيم عادل إمام، وفي عام 1976 شارك في فيلم وبالوالدين إحسانا مع النجم فريد شوقي وتلقى عدة تكريمات على هذا الدور الذي يعتبره واحدا من أهم الأدوار في مسيرته.
أما آخر ظهور لسمير صبري في السينما فكان مع النجم محمد سعد في فيلم محمد حسين في 2019.
وتألق سمير أيضا في الدراما وشارك في مجموعة من المسلسلات الشهيرة منها مسلسل أم كلثوم، ومسلسل حضرة المتهم أبي قضية رأي عام، وآخر مشاركته كانت في 2020 مع الزعيم عادل إمام من خلال مسلسل فالنتينو.
أسس سمير مع المخرج العالمي يوسف شاهين، سيد رويال، رفيق الصبان، وحسين كمال، نقابة أطلقوا عليها اسم نقابة الأحرار المنفتحين.
أسس شركة إنتاج فني، قدمت عدة أفلام شهيرة منها جحيم تحت الماء، في الصيف الحب جنون، إنذار بالقتل، دموع صاحبة الجلالة... وغيرها من الأعمال.
قدم سمير مجموعة من البرامج كان من أشهرها هذا المساء، الفرقة 16، ماسبيرو، وكان زمان.
أجرى سمير عدة لقاءات هامة مع مجموعة من كبار الشخصيات منها الملاكم العالمي الراحل محمد علي كلاي، هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق والسلطان قابوس بن سعيد.
أعاد سمير الفنانة سمية جمال إلى الرقص وهي في الستين من عمرها، حينما كانت تمر بضائقة مالية شديدة.
في فيلمه الشهير حكايتي مع الزمان مع الفنان رشدي أباظة والفنانة وردة، تم تغيير النهاية بسبب رشدي أباظة الذي رفض أن ينجح رجل في أن يأخذ سيدة منه مثلما كان مقرراً، فأنهى المخرج حسن الإمام النهاية بأنه يأخذها وسمير يحيي الجمهور.
وكان هناك في هذا الفيلم أيضا في السيناريو مشهد يقبل فيه النجمة وردة، إلا أن زوجها الملحن بليغ حمدي، اعترض فتم حذفها من أحداث الفيلم.
أطلق عمار الشريعي عليه لقب ملك الأفراح، فقد دائم زيارته في منزله، ويذهب معه الأفراح، فأطلق عليه هذا اللقب.
تم تكريمه من الجامعة البريطانية على مجمل أعماله، وكرمته كلية الآداب بجامعة الإسكندرية في احتفالها باليوبيل الماسي.
حصل سمير على درجة الدكتوراه من جامعة وارويك الإنجليزية، وكان موضوع الرسالة هو أثر السينما المصرية على المجتمع العربي منذ الأربعينيات وحتى الثمانينيات.
عانى الفنان الراحل سمير صبري من مشكلات في القلب استدعت أن يُجري أكثر من عملية جراحية، وكان من المفترض أن يُجري عملية جراحية ثالثة ولكن قرر الأطباء تأجيلها خوفًا على حياته.
وتوفي الفنان في 20 مايو من العام الجاري 2022 عن عمر 86 عامًا ليرحل عن عالمنا قامة فنية كبيرة، وترك خلفه إرثًا فنيًا لن يُنسى في التمثيل وتقديم البرامج.