تعد النجمة العراقية سليمة مراد من أشهر نجوم الغناء في القرن الماضي حققت نجاحات مميزة في مجال الفن والغناء حصلت بسببها على لقب "باشا" لتصبح أول امرأة تأخذ هذا اللقب، كما كانت أول مطربة تقدم حفلات غنائية في الإذاعة العراقية منذ تأسيسها، وارتبط اسمها باسم رائد الغناء العراقي الفنان ناظم الغزالي، في السطور التالية تعرف على مسيرتها الفنية وحياتها.
من هي سليمة مراد؟
هي مغنية عراقية ولدت في 2 فبراير عام 1905 في محلة طاطران في بغداد، وتعد واحدة من أشهر نجمات الغناء في العراق وأول امرأة تحصل على لقب باشا.
حققت سليمة شهرة واسعة في العراق وبيروت، وقد برعت في غناء كل أنواع الغناء بداية من الغناء الريفي والمعاصر والبستات والمقامات والغناء اليهودي كذلك، وهي نجمة اجتمع عليها كل فصائل المجتمع العراقي.
احتلت سليمة مكانة مرموقة في عالم الغناء، وقد تعرفت منذ نعومة أظافرها على الجوق الموسيقي والجالغي البغدادي واستمتعت لكبار المطربين والعازفين آنذاك، وقد قدمت أغاني خلدتها الذاكرة العراقية حتى الآن.
تعاونت سليمة في مسيرتها الفنية مع كبار الملحنين والشعراء وقتها ولعل أبرزهم الشاعر عبد الكريم العلاف الذي قدم لها أفضل أشعاره، وقد ركزت سليمة في أغانيها على المقام العراقي وكانت بارعة في الغناء الجنوبي والعربي.
عاصرت سليمة الكثير من النجوم في بداية العشرينيات منهم داود الكويتي وصالح الكويتي، الذي كتب لها بعض الأغنيات، وقد قابلت أم كلثوم في حياتها، وقد وصفها العدي من النقاد بأنها سيدة الغناء العراقي وكوكب بغداد التي تربعت على عرش الغناء العراقي حتى وفاتها وظلت أغنياتها رائدة حتى بعد وفاتها، وأصبحت أغنياتها ضمن التراثي الغنائي للعراق.
ما ديانة سليمة مراد؟
الفنانة سليمة مراد كانت يهودية وتعد من أشهر نجوم العراق اليهوديين، ورغم ذلك لم تغادر العراق خلال حملة تهجير اليهود إلى إسرائيل وقررت البقاء في العراق، حيث عمدت الحكومة الملكية العراقية إلى إسقاط الجنسية العراقية عن اليهود لإجبارهم على الرحيل إلى إسرائيل.
ظلت سليمة في العراق حتى آخر أيامها وظلت تمارس الغناء واجتمع عليها كل أطياف المجتمع العراقي من مسلم ويهودي ومسيحي وأحبها الجميع رغم دينها، وقد حذت حذوها النجمة اليهودية سلطانة يوسف التي ظلت متمسكة ببلدها العراق ورفضت السفر.
حياتها الفنية
نشأت الفنانة سليمة مراد في محلة طاطران في العاصمة العراقية بغداد في حي يعيش فيه الكثير من اليهود الذين برعوا في الغناء والعزف، لذا نمت في بيئة محبة للفن واسمتعت للطرب والغناء منذ صغرها.
بدأت سليمة الغناء في سن مبكرة، وقدمت الحفلات في الملاهي الليلية لليهود كما قدمت حفلات في البيوت والمناسبات أيضًا، وفي الثلاثينيات بلغت شهرتها كل مسارح الملاهي الليلية في بغداد، وأصبحت أغنياتها هي الأشهر وعلى كل لسان.
تعرفت سليمة على الجوق الموسيقي والجالغي البغدادي، وفي بداية حياتها الفنية تعرفت على الشاعر عبد الكريم العلاف الذي كتب لها أهم أغاني سليمة مراد منها "خخدري الجاي خدري"، و"على شواطئ دجلة مر"، و"كلبك صخر جلمود" وأغنيات أخرى. تعاونت كذلك مع الملحن صالح الكويتي الذي لحن لها الكثير من أغنياتها.
كانت سليمة كذلك أول المطربات اللاتي يغنين في الإذاعة العراقية منذ افتتاحها منذ الثلاثينيات، وقد حصلت على لقب "باشا" بسبب شهرتها ونجاحها، كما كانت أول فنانة عراقية تسافر بالطائرة إلى باريس.
قدمت سليمة حفلات غنائية أمام كبار المسؤولين والرؤساء والشعراء ورجال السياسة ورغم ذلك كانت متواضعة وتقبل طلبات الجمهور العراقي لها وتذهب إلى بيوتهم للغناء من أجلهم.
من هي ورقاؤ العراق؟
هي الفنانة سليمة مراد وقد أطلق عليها هذا اللقب الأديب زكي مبارك عندما كان يحضر لها إحدى الحفلات وقد ظل هذا اللقب يلازمها طوال حياتها أيضًا.
الحصول على لقب باشا
كانت الفنانة سليمة مراد أول امرأة عراقية تحصل على لقب "باشا" وقد منحها هذا اللقب رئيس الوزراء في العهد الملكي نوري السعيد الذي كان من أشد المعجبين بها ويحضر الكثير من حفلاتها.
ورغم أن ألقاب مثل باشا وأفندي وغيرها من الألقاب العثمانية قد اختفت بزوال الحكم الملكي في العراق، إلا أن هذا اللقب لازم الفنانة سليمة حتى وفاتها.
قصتها مع أم كلثوم
تداولت العديد من المصادر الصحفية عن قصة لقاء الفنانة أم كلثوم بالفنانة سليمة مراد خلال زيارة لأم كلثوم في ملهى الهلال في العراق عام 1935، حيث تأثرت بأغنية "كلبك صخر جلمود" وحفظتها وغنتها في الحفل.
وقد ذكرت المصادر الصحفية أن أم كلثوم اعتذرت من الحضور عن غنائها وقالت إنها تتمنى غناء الأغنية مثل سليمة، ولكن عند عودتها إلى مصر سجلت الأغنية في أسطوانة ولم تشر إلى صاحبة الأغنية الأصلية. ورغم أن هذه الأقاويل لم يتم إثباتها إلا أنها تداولت بكثرة.
قصة زواجها من ناظم الغزالي
التقت الفنانة سليمة مراد بالفنان العراقي ناظم الغزالي لأول مرة عام 1952 في بيت إحدى العوائل البغدادية، وخلال الحفلة تبادلا نظرات الإعجاب ونشأت بينهما قصة حب انتهت بالزواج عام 1953، وقد حضر حفل الزفاف الفنان محمد القبانجي.
أثار هذا الزوج استغراب الكثيرين وقتها وذلك بسبب الاختلافات بينهما، فسليمة تكبر ناظم بسنوات كثيرة، 16 عامًا تقريبًا، كما أنها يهودية وهو مسلم، وهي ثرية جدًا وهو كان وقتها لا يزال شابًا يافعًا.
وقد اعتقد البعض أن زواج ناظم منها سيكون مفيدًا له أكثر، إلا أن النقاد رأوا أن سليمة استفادت من ناظم كذلك، ففي الوقت الذي كان شهيرًا جدًا كان نجمها قد بدأ بالأفول، وبزواجها منه ظل اسمها متواجدًا على الساحة الفنية بقوة.
طوال مدة زواجهما تعاونت سليمة مع ناظم في الغناء وتقديم أغنيات وحفلات جماهيرية معًا في العراق وباريس ولندن، وكانا يسهران معًا للغناء وحفظ المقامات والبستات.
اتهامها بقتل زوجها
رغم قصة الحب القوية بينهما إلا أنها اتهمت بقتله، فقد كانت سليمة مع ناظم في بيروت وعاد هو قبلها، ولما عادت وجدته ميتًا في بيته وحينها أغمي عليه ولم تفق إلا بعد أن اكتظ البيت بالزحام.
وقد ذكرت سليمة أن الشرطة استجوبتها خلال جنازة زوجها ناظم ظنًا منهم أنها قتلته، ولكنها نفت هذا الأمر تمامًا، ولكن كانت هذه الحادثة كانت سببًا في ابتعاد سليمة عن الوسط الفني، وفي آخر أيام حياتها ركزت على إدارة الملهى الذي فتحته بالاشتراك مع زوجها.
قبر سليمة مراد
توفيت الفنانة سليمة مراد في أحد مستشفيات بغداد عام 1974 عن عمر 68 عامًا وقد دفنت بجوار قبر زوجها ناظم الغزالي في مقبرة الشيخ معروف في بغداد الكرخ وقد دفنت في مقابر المسلمين بجانب زوجها رغم أنها يهودية.