انصب كل تركيز المفكر السنغالي سليمان بشير ديان على تاريخ الفلسفة الحديثة والفلسفة الصوفية والفلسفة الأفريقية والفرنسية وقد دفعه ذلك إلى إنتاج العديد من الكتب الهامة التي تتحدث في هذا الشأن والتي أجاب فيها على الكثير من الأسئلة وأهمها علاقة الإسلام بالفلسفة، في السطور التالية تعرف على مسيرته المهنية وحياته.
من هو سليمان بشير ديان؟
هو فيلسوف ومفكر سنغالي ولد في 8 نوفمبر عام 1955 في سانت لويس بالسنغال وهو أحد أهم الفلاسفة العالميين الذين يركزون دراساتهم على تاريخ الفلسفة في العالم الإسلام والآداب والفلسفات الأفريقية، وتاريخ المنطق والرياضيات.
أصدر سليمان العديد من الكتب والدراسات الهامة حول هذه المواضيع، وهو يعد من أهم سفراء الفلسفة الأفريقية في الولايات المتحدة.
يُدرس سليمان في الولايات المتحدة الأمريكية، ولكنه درس مادة الفلسفة في العديد من الجامعات ومنها جامعات سنغالية مثل جامعة الشيخ أنتاديوب في دكار، كما أنه تولى عدة مناصب في بلاده منها تعيينه مستشارًا تعليميًا وثقافيًا للرئيس السنغالي.
وقد تعرف القراء العرب على اسم ديان من خلال المؤتمرات والحوارات والمقالات التي نشرت له على منابر علمية، وقد نشرت مقالاته في عدة مجلات منها مجلة "لونوفيل أوبرسرفاتور" الفرنسية عام 2004 وكان وقتها ضمن أهم 25 مفكرًا عالميًا.
نشأته وتعليمه
ولد سليمان بشير ديان في سانت لويس لوالدين يعملان موظفين في البريد في السنغال، وقد كان لوالديه تأثير كبير على تفكيره، حيث نشأ والده في عائلة دينية فجده ووالد جده كانا يعملان في الإمامة.
ورغم أن والده درس في المدارس الفرنسية إلا أنه كان صاحب رؤية فردية وكان يحب قراءة الكتب الفلسفية الإسلامية، وقد ترعرع ديان بين كتب والده.
أيضًا والدته كانت مثل والده، حيث كانت تحب القراءة ونقلت له حب الكتب والدراسة له. اجتاز ديان شهادة البكالوريا في السنغال، ثم تم قبوله في المدرسة الثانوية العامة ليسي لوي لو جراند في باريس، وهناك استعد لامتحانات القبول في المدرسة.
حصل ديان في الوقت نفسه على درجة الماجستير في الفلسفة من جامعة بانثيون سوربون، وقد درس مع الفيلسوف الماركسي الفرنسي كان لويس بيير ألتوسير ودريدا.
في عام 1978 حصل على شهادة التخرج في الفلسفة، ثم درس في جامعة هارفارد لمدة عام في برنامج تبادل، وفي عام 1982 قدم أطروحته للدكتوراه في الرياضيات عام 1982 من جامعة باريس، وفي عام 1988 حصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة عام 1988.
مسيرته المهنية
في عام 1982 عاد الفيلسوف السنغالي سليمان بشير ديان إلى وطنه السنغال ودرّس مادة الفلسفة في جامعة الشيخ أنتاديوب في دكار، وأصبح نائب عميد كلية العلوم الإنسانية.
وفي السنغال حظي ديان باعتراف الحكومة، حيث عيّنه الرئيس السنغالي السابق مستشارًا تعليميا وثقافيًا لمدة 6 أعوام من عام 1993 إلى عام 1999.
ديان هو المدير المشارك في مجلة الأدب والفلسفة السنغالية "إثيوبيك"، كما أنه عضو في لجان التحرير في العديد من المجلات العلمية، منها مجلة "تاريخ الرياضيات"، و"الحضور الأفريقية"، و"الثقافة العامة".
هو أيضًا عضو ف يالعديد من اللجان العلمية والأفريقية، وفي مجلس اليونسكو للمستقبل، وقد تم اختياره ضمن أحد أفضل 50 مفكرًا في العالم.
درّس ديان الفلسفة والدين في جامعة نورث وسترن في الولايات المتحدة الأمريكية، كما أنه يعمل أستاذًا للغة الفرنسية ورئيسًا لقسم فقه اللغة الفرنسية والرومانسية في قسم الفلسفة في الجامعة نفسه. ويشغل ديان منصب مدير معهد الدراسات الإفريقية في جامعة كولومبيا في نيويورك بالولايات المتحدة.
أهم مؤلفات سليمان بشير ديان
ألف الفيلسوف سليمان بشير ديان العديد من الكتب التي تتحدث عن موضوع الفلسفة بشكل أساسي، وقد اهتم كثيرًا بالفلسفة الإسلام، ومنها كتاب "الانفتاح على العقل... الفلاسفة المسلمون في حديث مع التراث الغربي" وقد صدر الكتاب عام 2018 عن جامعة كولومبيا.
يجيب الكتاب على عدة أسئلة منها كيف التق الإسلام بالفلسفة وهل الدين يحتاج إلى الفلسفة وكيف أثرت اللغة العربية على الفلسفة وهل أثرت الفلسفات الإغريقية على الفلسفة الإسلامية وما هي حدود هذا التأثير.
وفي كتابه يؤمن ديان بأن الدين لا يتعارض العقلانية التي تهدف إلى مصلحة الإنسان، كما يؤمن بالتعددية في أرضية إسلامية تحترم التراث الفكري والروحي للشعوب الإسلامية.
ومن أهم كتبه كتاب "التفلسف الإسلامي" وهو من الكتب التي ترجمت إلى عدة لغات وحظيت باهتمام واسع، وفي كتابه خلص ديان أن الفلسفة ليست علمًا غريبًا عن الإسلام وليست تعبيرًا طبيعيًا عن ثقافة أو دين بعينه.
ويرى ديان أن الفلسفة علم عالمي هدفه مواصلة الكفاح من أجل التنوير والبعد عن التعصب الديني، وأن الإسلام اهتم بالفلسفة، دلل على ذلك أن الفكر النقدي من صميم النصوص القرآنية التي تدعو إلى التأمل.
وفي الكتاب قال ديان إن بعض الدول العربية والإسلامية طرقت باب النهضة والإسلام العقلاني المستنير من خلال الفلسفة ومنها تونس والمغرب والأردن ومصر والإمارات.
من مؤلفات ديان أيضًا كتاب "برغسون ما بعد الكولونيالي: الفلسفة الحيوية لدى ليبورلد سيدار سنغور ومحمد إقبال" وفي الكتاب قارن بين أعمال الفيلسوف الغربي برغسون والفيلسوف المسلم محمد إقبال، كما توقف عند القواسم المشتركة بينهما منها اهتمامها بالسؤال عن الأخلاق.
من كتبه أيضًا كتاب "الجدل: حوار حول الإسلام" وهو محاورة هامة بين الفيلسوف الفرنسي ريمي براج وبين ديان والكتاب جاء على نحو 200 صحفة.
من مؤلفاته كتاب "الإسلام والمجتمع المفتوح: الإخلاص والحركية في فلسفة محمد إقبال" الذي صدر عام 2001 والذي ناقش فيه أهم أفكار الفيلسوف الهندي محمد إقبال.
في عام 2008 صدر له كتاب "كيف نتفلسف في الإسلام" والذي أكد فيها أن الفلسفة ليست غريبة عن الإسلام. في عام 196 دافع عن الثقافة الإفريقية في كتابه "أسئلة الثقافة في إفريقيا".
أهم أفكار الفيلسوف سليمان بشير ديان
دافع الفيلسوف سليمان بشير ديان بقوة عن الثقافة الأفريقية واهتم بالفلسفة والأدب الإفريقيين وكتب عنهما العديد من المؤلفات، ومن أهم أفكاره دفاعه عن عالمية الفلسفة وأن هذا العلم ليس حكرًا على أوروبا وليس اختراعًا أوروبيًا وإنما هي ممارسة غرست في جسد الإنسان.
دافع ديان أيضًا عن الإسلام المتنور، وأن الفلسفة ليست غريبة عن الإسلام وليست تعبيرًا عن ثقافة أو دين بعينه.