سليمان الراجحي الملياردير الذي كان يعمل حمالًا للأمتعة

شغفه بالعمل والتجارة ساعده على أن يكون ثروة كبيرة، نشأ فقيرًا ولكنه خطى نحو النجاح والثروة بخطوات ثابتة وجريئة، لم يترك شيئًا إلا وعمله، الشيخ سليمان الراجحي قصة العصامي الذي بدء ثروته من الصفر حتى أصبح من كبار رجال الأعمال السعوديين.

طفولة سليمان الراجحي

ولد الشيخ سليمان بن عبد العزيز بن صالح الراجحي في عام 1920 في منطقة البكيرية في محافظة القصيم في المملكة العربية السعودية.

نشأ لأسرة فقيرة وظروف حياتية صعبة وكان ترتيبه الثالث بين أشقائه الأربعة، وهم صالح، وعبد الله، ومحمد، وانتقل مع والده إلى الرياض للعمل وطلب الرزق، وبعدها انتقلت الأسرة كلها إلى الرياض في عام 1937 م.

وهناك بدأ الشيخ سليمان دراسته، ولكنه كان يميل أكثر إلى التجارة والعمل، فعزم على طلب الرزق وساعده على ذلك حبه للتعلم وشدة ملاحظته ونشاطه الكبيرة.

وكان سليمان الراجحي وهو صغير مجدًا في العمل مبتكرًا في تجارته، فلم يحب التقليد وإنما كانت لديه دائمًا بصمة خاصة به خصوصًا فيما يتعلق بتجارته البسيطة.

ففي عام 1939 وكان عمره حينها 19 عامًا لاحظ أن النسوة يفترشن الأرض أمام قصر الحكم لبيع الزبدة، فقرر أن يتميز فأحضر صفيحة مليئة بالكيروسين وبدء ببيعها باستخدام قارورة فارغة كمعيار للبيع.

وبعدها قرر أن ينوع في تجارته فبدء البيع في الحلوى بجانب بيعه للكيروسين وكانت الأرباح اليومية تصل إلى القرش أو القرشين.

قصة كفاح سليمان الراجحي

منذ صغره تنقل الشيخ سليمان من وظيفة إلى أخرى ومن مهنة إلى أخرى، فتارة يعمل حمال، وتارة أخرى يعمل حارساً للبضائع في السوق، يشغل وقت فراغه بتتبع الإبل لتجميع ما يسقط منها أحطاب.

عمل في البناء والسوق، وتنقل بين المهن مكتسبًا خبرة في التعامل مع الفئات والعقليات، وفهم طرق التجارة واكتساب خبرة حول السوق وكيف تجري التجارة به.

وفي عام 1943 م افتتح الشيخ سليمان الراجحي في شبابه أول دكان له وهو دكان صغير في الطريق الرئيسي لحي المربع، وتخصص في بيع مواد البقالة كالسكر والحلوى، والشاي وغيرها.

وعقليته التجارية الفذة جعلته يفكر خارج الصندوق، فقد كان يسافر إلى البحرين لشراء المنتجات التي لا تباع إلا هناك ليبيعها في الأسواق ويتميز عن غيره من المحلات واستمر في هذا العمل لمدة عامين حتى عام 1945.

ففي هذا العام قرر بيع الدكان حتى يتزوج ويتمكن من تسديد تكاليف الزواج، وبعدها انتقل إلى الرياض وعمل في محل أخيه في الرياض الشيخ صالح الراجحي.

ومن الرياض إلى جدة حيث انتقل الشيخ سليمان إلى مدينة جدة للعمل ضمن أعمال شقيقه صالح الراجحي في عام 1945، وأصبح مسؤولًا عن النشاط التجاري الخاص بالصرافة في مدينتي جدة ومكة المكرمة.

وهناك اجتهد كثيرًا، وعمل كثيرًا ليحسن من دخله فكان يعمل على نقل الطرود والأمانات على قدميه ليوفر أجرة النقل، وبجانب عمله في الصرافة كان يقوم ببعض الأعمال الجانبية الأخرى مثل التجارة في الأقمشة ومواد البناء والأقفال.

استمر الشيخ سليمان يعمل هذا العمل لفترة طويلة دون أن يملك محل خاصاً للصرافة، وإنما كان يعمل في الشوارع ويحفظ الحسابات ويسجلها آخر اليوم.

وكان هذا العمل باشرة خيرة وبركة للأخوين، فبعد 12 عامًا من العمل مع أخيه صالح قرر الشيخ سليمان استئجار دكان صغير تحت مسجد عكاشة في مدينة جدة.

وبعدها اتفق الشقيقان بتحويل هذا الدكان الصغيرة إلى شراكة بينهما ليصبح أول عمل رسمي له كشريك ومالك مشروع وذلك في عام 1957.

استمر عمل الأخوين معًا لأكثر من 14 عامًا، وفي تلك الفترة نمت التجارة بشكل كبير سواء على المستوى المحلي أو العالمي، وسار العمل بين الأخوين على قدم وساق وبأرباح وفيرة.

وبعد 14 عامًا، وتحديدًا في عام 1971 قرر الشقيقان إنهاء الشراكة بينهما بكل ود ليركز كل منهما على عمله بمرونة وحرية أكثر.

وفي العام التالي أي في عام 1972 أنشئ الشيخ سليمان "مؤسسة سليمان عبد العزيز الراجحي" وتوسع في عمله وفتح أكثر من فرع في مدينة جدة.

ومن شيمه وأخلاقه الحميدة حرص على ألا يفتج أي مشروع في مدينة الرياض احترامًا لنشاط شقيقه الأكبر الشيخ صالح.

ومع هذا التوسع المصرفي توسع الشيخ أيضًا في مجال العقار، وحقق نجاحات كبيرة وتمتع بسمعة جيدة بين العملاء والتجار داخل وخارج المملكة.

وبعد 6 سنوات من العمل بشكل منفرد اتفق الشقيقان مرة أخرى للعودة للشراكة من جديدة، ولكن هذه المرة اتفق الأشقاء الأربعة للعمل معًا، مع تفويض الشيخ سليمان لإدارة العمل بشكل رئيسي.

تأسيس بنك  الراجحي

في عام 1978 أسس الأخوة "شركة الراجحي للصرافة والتجارة" وتركز عملها على مجال الصرافة، بجانب العمل في العقار ومواد البناء.

بعد إن إنشاء بنك الراجحي اتفق الأشقاء على فصل المصانع والأعمال التي تتعلق بالتجارة عن نشاطات البنك، وبعدها تفرغ الشيخ سليمان للمصرف وأنشئ عدة فروع في مدن ومناطق مختلفة في المملكة.

وبعدها وصل عدد فروع هذا البنك ما يقارب من 500 فرع داخل المملكة، وما يزيد عن 2750 صرافاً آلياً في كل المدن، ناهيك عن الفروع خارج المملكة.

مؤسسة وقف سليمان الراجحي

نظرة لنشأة سليمان عبدالعزيز صالح الراجحي الدينية فقد كان يطمح دائمًا لعمل وقف ديني، وبالفعل قرر البدء فيه وتنظيم الإجراءات القانونية له، وبعد استشارة عائلة وقف ثلثي ثروته لله، على أن يوزع الثلث الباقي على أفراد عائلته.

وفكر في تنظيم الوقف وتطويره ليكون الوقف له حصص في مجموعة شركات الراجحي، واستمر على تطويره بشكل متدرج حتى قرر أن يكون الوقف كياناً وأملاكاً مستقلين عن شركته.

فأسس "مؤسسة وقف سليمان عبد العزيز الراجحي" وأنشئ لها مجلس للنظارة ووسع صلاحياته لتشمل جميع أعمال الوقف بما فيها العمل الخيري.

كذلك أنشئ شركة "أوقاف سليمان عبد العزيز الراجحي القابضة" وهي شركة مملوكة للوقف التي تمد القطاع الخيري بالموارد المالية.

كذلك حصر جميع أملاكه وفق أعراف السوق، وخصص الثلثين ملكًا لشركة أوقاف، ووزع الباقي على عائلته حسب الحصص الشرعية.

مؤسسة سليمان الراجحي الخيرية

كان العمل الخيري هو محل اهتمام عائلة الراجحي، وفي البداية كان اتجاههم هو مساعدة المحتاجين من توزيع معونات وصدقات للمستحقين.

ولكن بعد ذلك انحصر دور الشيخ على مراقبة وإشراف عمل جمعياته الخيرية بعد أن قامت الدولة بتنظيم هذه الجمعيات.

ولاحقًا بعد توسع أعماله وبعد استشارة أهل العلم والدين قرر إنشاء مؤسسة خاصة لتنفيذ الأعمال الخيرية والدعوية منذ ما يزيد عن عقدين من الزمان.

فأنشأ لجنة للعمل الخيري تابعة للأشقاء، وبعدها بدء المكتب بتقديم خدمات خيرية للجهات والمؤسسات الخيرية.

وفي عام 1995 عمل على تطوير هذه المؤسسة فكوًّن عدد من اللجان الخاصة بالعمل الخيري واللجان الاستشارية واستمر على هذا النحو.

وفي عام 2001 غير الاسم من مكتب سليمان الراجحي الخيري إلى مؤسسة سليمان عبد العزيز الراجحي الخيرية، وتركز جهودها على دعم المؤسسات غير الربحية في مختلف المجالات.

جامعة سليمان الراجحي

ولأن الاهتمام بالتنمية الصناعة والمالية لا تقل أهمية عن الاهتمام بالعلم، فكان من المهم أن يستشعر الشيخ بأهمية التعليم، ولهذا أنشأ مجموعة كليات الراجحي.

بدءًا من الكليات إلى المستشفى التعليمي يخدم من خلالها الطلاب والمواطنين، وكانت هذه الجامعة هي ثمرة جهوده المبذولة للارتقاء بمستوى التعليم في بلاده ليصبح مستوى تعليم عالمي في بيئة محلية.

وكليات الراجحي هي كليات خيرية أي لا تطمح للكسب المادي، وإنما تنتقي الطلاب المتميزين والموهوبين في التحصيل العلمي وتوفر لهم التعليم مجانًا ليكونوا قادة مجتمعهم في المستقبل.

معلومات عن سليمان الراجحي

في هذه الفقرة سنعرفك معلومات مختلفة عن الشيخ سليمان صالح الراجحي:

من هم أبناء سليمان الراجحي؟

لدى سليمان الراجحي 31 ابنًا يعمل بعضًا منهم في مؤسسته، ومن أشهر أبنائه:

عبد الله بن سليمان الراجحي، وهو رئيس مجلسة إدارة مصرف الراجحي، ورئيس اللجنة التنفيذية فيه، كما يشغل منصب رئيس مجلس إدارة شركة تكافل ومجموعة الراجحي القابضة، وشركة الفارابي للبتروكيماويات.

خالد سليمان الراجحي، وهو رجل أعمال يشغل منصب نائب رئيس مجلس إدارة شركة الراجحي القباضة، ويعمل محاضر في جامعة اليمامة في تخصص إدارة الأعمال.

أحمد سليمان الراجحي، وهو وزير العمل والتنمية الاجتماعية في المملكة، وحاصل على بكالوريوس الهندسة الصناعية من جامعة الملك فهد.

فواز سليمان الراجحي، وهو الرئيس التنفيذ لشركة اتحاد الراجحي، وعضو مجلس إدارة الشركة السعودية لخدمات السيارات "ساسكو".

كم ثروة سليمان الراجحي؟

يحتل سليمان الراجحي المركز 169 في قائمة أغنياء العالم، حيث قدرت مجلى فوربس ثروته التي تقدر بـ 5.9 مليار دولار.

قصة نجاح سليمان الراجحي الملهمة هي درس وعبرة للكثيرين للجد والاجتهاد والتفكير خارج الصندوق، فهذا الرجل الذي بدء ببيع الكيروسين في شوارع الرياض أصبح الآن واحد من أهم وأغنى رجال الأعمال في المملكة العربية السعودية ونموذج يقتدي به العديد من الشباب.