اشتهر الفيلسوف والمفكر السلوفيني سلافوي جيجك بآرائه الفلسفية المميزة، وروح الدعابة وقدرته على التحليل النفسي والسياسي بشكل متقن، لذا وصف بأنه "الأكثر روعة" من بين المنظرين في أوروبا، في السطور التالية تعرف على مسيرته المهنية ومؤلفاته.
من هو سلافوي جيجك؟
هو فليسوف وكاتب منظر ثقافي ومفكر سلوفيني ولد في 21 مارس عام 1949 في ليوبليانا في جمهورية سلوفينيا من عائلة من الطبعة المتوسطة، ونشأ في ظل الحرية الثقافية نسبيًا للاشتراكية ذاتية الإرادة في يوغوسلافيا السابقة.
يشغل سلافوي منصب المدير الدولي لمعهد بيركبيك للعلوم الإنسانية في جامعة لندن، كما أنه يحاضر في جامعات ليوبليانا ونيويورك كأستاذ زائر،ويدرس الفلسفة القارية والنظرية السياسية واللاهوت والنقد السينمائي كذلك.
أصدر سلافوي العديد من المؤلفات التي حققت نجاحًا عالميًا وترجمت إلى لغات كثيرة، فقد أصدر أكثر من 50 كتابًا بلغات متعددة، فضلًا عن مقالات سلافوي جيجك في المجلات وأعماله الأكاديمية.
اشتهر سلافوي باستخدام الأمثلة الشعبية الثقافية والنكات الفاحشة في مقالاته، وفي عام 2012 تم تصنيفه ضمن قائمة أفضل 100 مفكر عالمي في مجلة فورين بلويس، وأطلق عليه لقب "الهيغلي الرائد في عصرنا"، و"أبرز مناصري النظرية اللاكانية".
نشأته وتعليمه
نشأ سلافوي جيجك في أسرة من الطبقة المتوسطة، وكان والده يعمل خبيرًا اقتصاديًا وموظفًا، أما والدته فكانت تعمل محاسبة في شركة حكومية، وكان والداه ملحدين.
أمضى جيجك طفولته في مدينة بورتروز الساحلية، وخلال طفولته تعرف على الأفلام الغربية والنظريات والثقافة الشعبية الغربية. انتقل بعدها إلى ليوبليانا، والتحق بمدرسة بيجراد الثانوية، وخلال هذه الفترة كان يريد أن يصبح مخرجًا سينمائيًا ثم حول اتجاهه إلى الفلسفة.
تعلم جيجك العديد من اللغات فبجانب لغته الأم فهو يتحدث اللغات الصربية والكرواتية والفرنسية والألمانية والإنجليزية بطلاقة، كما أنه يعلم أسس اللغة الإيطالية.
التحق جيجك بجامعة ليوبليانا عام 1967 ودرس الفلسفة وعلم الاجتماعي، وكان متأثرًا بتيار البنيوية الفكري وقرأ عدة كتب عنه قبل دخوله الجامعة، وقد نشر أول ترجمة لنص جاك دريدا إلى اللغة السلوفيني في أول عام له في الجامعة.
خلال دراسته تردد جيجك على دوائر المثقفين المنشقين، وقد درس الماجستير في الجامعة، ثم حصل على الدكتوراه في الفلسفة عام 1981 وأطرحوته بعنوان "الأهمية النظرية والعملية للبنيوية الفرنسية".
في عام 1986 حصل على درجة الدكتوراه الثانية في التحليل النفسي من جامعة باريس وكانت أطروحته بعنوان "الفلسفة بين الأعراض والخيال".
زوجة سلافوي جيجك
تزوج سلافوي جيجك 4 مرات، أنجب من زوجته الأولى ولدين هما تيم وكوستيا، وتزوج للمرة الثانية من ريناتا سالكل وهي فيلسوفة منظرة اجتماعية سلوفينية، وكانت عضو زميل في مدرسة ليوبليانا للتحليل النفسي. تزوج للمرة الثانية عام 2005 من عارضة الأزياء الأرجنتينية أناليا هوني.
في عام 2013 تزوج جيجك للمرة الثالثة من جيلا كريتشيتش هي صحفية ومؤلفة وفيلسوفة سلوفينية، وهي زوجته الحالية.
![سلافوي جيجك Slavoj Žižek الفيلسوف المتمرد]()
مسيرته الأكاديمية
بدأ الكاتب سلافوي جيجك مسيرته الأكاديمية في الثمانينات، حيث كان يحرر ويترجم مؤلفات جاك لاكان وسيغموند فرويد وليوس ألتوسير إلى اللغة السلوفينية.
يشغل جيجك المدير الدولي لمعهد بيركبيك للعلوم الإنسانية في جامعة لندن، كما أنه أستاذ زائر في جامعة نيويورك، وباحث في قسم الفلسفة في جامعة ليوبليانا. يُدرس جيجك بشكل أساسي الفلسفة والنظرية السياسية والنقد السينمائي واللاهوت.
أشهر مؤلفات سلافوي جيجك
ألف الفيلسوف سلافوي جيجك أكثر من 50 كتاب حول موضوعات متنوعة منها التحليل النفسي اللاكاني، ونقد الأيدولوجية، والنقد الإعلامي وغيرها من الموضوعات.
كان كتاب سلافوي جيجك الأول باللغة الإنجليزية بعنوان "الموضوع السامي للأيدولوجيا" عام 1989، ويستكشف جيجك العلاقة بين الأيديولوجيا والذاتية، واعتمد في كتابة على نظريات فلاسفة آخرين مثل ماركس وهيغل ولاكان.
من كتبه الآخرى الشهيرة كتاب "أقل من لا شيء: هيجل وظل المادية الجدلية" وناقش فيها فلسفة هيجل ومفهوم المادلية الجدلية وصلتها بالفكر المعاصر، وقد صدر الكتاب عام 2012.
في عام 2008 أصدر كتابين ناجحين، منها كتاب "في الدفاع عن القضايا الخسارة" ودافع فيها عن فكرة التغيير الجذري، ويرى أن أنه لا بد من السعي لتحقيق العدل المجتمعي رغم فشل الحركات الثورية الماضية.
صدر له في العام نفسه كتاب "العنف: ستة تأملات جانبية" ويتحدث فيها عن العنف في المجتمع المعاصر، وقدم في الكتاب رؤى جديدة لظاهرة العنف.
في عام 2010 أصدر كتاب "العيش في نهاية الزمن" وناقش فيها الأزمة المالية العالمية، وصعود الأصول الدينية، كما ناقش قضايا معاصرة أخرى وقدم تحليلات استفزازية حول حالة العالم الآن.
![سلافوي جيجك Slavoj Žižek الفيلسوف المتمرد]()
في عام 2017 أصدر كتاب "شجاعة اليأس: سجلات عام من التصرف بشكل خطير" وناقش فيها الأوضاع السياسية في عام 2016 حول العالم، ومنها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وانتخاب دونالد ترامب، وقدم تحليلا نقدية لحال السياسة حول العالم.
من مؤلفات سلافوي جيجك الأخرى "عرض المنظر"، و"كيف لا تقرأ لاكان"، و"طاعون الأوهام"، و"فائض الاستمتاع: دليل لغير الحائرين"، و"تبدو منحرفًأ، و"الموضوع الحساس"، و"فات الأوان للاستيقاظ"، و"الحرية مرض بلا علاج"، و"في البداية كمأساة ثم كمهزلة".
أصدر أيضًا كتب: "مرحبًا بكم في صحراء الريال"، و"جائحة"، و"في الدفاع عن الأسباب الخاسرة"، و"المطلق الهش"، و"الارتداد المطلق: نحو أساس جديد للمادية"، و"أبشع أنواع الهيستيريا"، و"الجنة في الفوضى"، و"الدمية والقزم: جوهر المسيحية المنحرف".
اقتباسات سلافوي جيجك
فيما يلي بعض الاقتباسات البارزة التي كتبها سلافوي جيجيك:
"السينما هي الفن المنحرف المطلق. إنها لا تمنحك ما ترغب فيه - بل تخبرك كيف ترغب."
"لأن رعب الشيوعية والستالينية لا يتمثل في أن الأشرار يفعلون أشياء سيئة - بل هم يفعلون ذلك دائمًا. بل في أن الأشخاص الطيبين يفعلون أشياء فظيعة معتقدين أنهم يفعلون شيئًا عظيمًا."
من اقوال سلافوي جيجك الأخرى: "نحن نشعر بالحرية لأننا نفتقر إلى اللغة ذاتها للتعبير عن عدم حريتنا."
"أعتقد أن مهمة الفلسفة ليست تقديم الإجابات، بل إظهار كيف أن الطريقة التي نتصور بها المشكلة يمكن أن تكون في حد ذاتها جزءًا من المشكلة."
"لذا فإن المفارقة هي أنه من الأسهل بكثير أن نتخيل نهاية الحياة على الأرض من أن نتخيل تغييرا جذريا أكثر تواضعا في الرأسمالية."
"أنا بالفعل أتناول الطعام من سلة المهملات طوال الوقت. اسم سلة المهملات هذه هو الأيديولوجية. القوة المادية للأيديولوجية تجعلني لا أرى ما آكله فعليًا."
"العنف ليس نقيض الأيديولوجية، بل هو أحد أشكال وجودها."
"الحب هو ما يجعل الجنس أكثر من العادة السرية. إذا لم يكن هناك حب، حتى لو كنت حقا مع شريك، فإنك تمارس العادة السرية مع شريك."
"إذا كان لديك أسباب لتحب شخص ما، فأنت لا تحبه."
"لولا القمع الشيوعي، أنا متأكد تمامًا من أنني كنت سأصبح الآن أستاذًا محليًا غبيًا للفلسفة في ليوبليانا".
بعض أفكار سلافوي جيجك الجدلية
أثار سلافوي جيجيك، المفكر اليساري المثير للجدل، جدلاً وانتقادات كبيرة بسبب أفكاره غير التقليدية والاستفزازية، ومن بين أفكاره الأكثر إثارة للجدل ما يلي:
تفسير المسيحية على أنها "دين ملحد"، ففي فيلم "دليل المنحرف إلى الأيديولوجيا"، يدعي جيجيك أن المسيحية هي في الواقع "دين ملحد". ويتحدى هذا التفسير المعتقدات الدينية التقليدية وأثار جدلاً بين علماء الدين والمؤمنين.
دعم دونالد ترامب على هيلاري كلينتون، وقد اعتبر العديد من أتباعه اليساريين "تأييد جيجك لتسريع التشفير" لدونالد ترامب خلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2016 بمثابة خيانة ولا يزال هذا الموقف، الذي حاول شرحه والدفاع عنه، موضع خلاف وساهم في ظهور صورته المثيرة للجدل.
انتقاد حقوق المتحولين جنسيا، حيث تعرض جيجك لانتقادات بسبب آرائه حول التحول الجنسي وما بعد النوع الاجتماعي، حيث اتهمه البعض برهاب المتحولين جنسيا والمساهمة في تهميش الأشخاص المتحولين جنسيا. وقد أدى موقفه من هذه القضية إلى مزيد من الجدل والنقاش حول عمله.
من الصعب التنظيم والفهم : غالبًا ما يُنظر إلى أعمال جيجك على أنها صعبة الفهم بسبب طبيعتها المعقدة والانتقائية. وهو يستمد من أطر فلسفية ونظرية مختلفة، مما يجعل من الصعب تصنيف أفكاره أو فهم مضامينها بشكل كامل.
وعلى الرغم من الجدل الذي أحاط بعمله، يظل جيجك شخصية مؤثرة في عالم الفلسفة والفكر اليساري. إن إعادة تفسيره للمادية الجدلية والدراسات الثاقبة للأيديولوجية في عصر ما بعد الحداثة النيوليبرالي عززت مكانته كمفكر مهم ومثير للفكر
