كانت الفنانة السورية الراحلة سحر المقلي من النجمات اللاتي تمتعن بصوت جميل وموهبة فريدة جعلتها من أبرز أسماء الغناء في سوريا خلال الستينات والسبعينات، إلا أن مسيرتها الفنية انتهت مبكرًا بحادث مأساوي ومؤسف أثار جدلًا واسعًا لسنوات، في السطور التالية تعرف على مسيرتها الفنية وقصة وفاتها.
من هي سحر المقلي؟
اسمها الحقيقي فضيلة مقلي، واسم شهرتها سحر المقلي، هي مغنية وممثلة سورية، ولدت في مدينة إدلب، وحققت شهرة واسعة خلال الستينات والسبعينات في الأوساط الفنية في سوريا.
اختلفت المصادر حول تاريخ ولادة سحر المقلي، فقيل أنها ولدت في إدلب عام 1935، وذلك وفقًا للمعلومات التي حصلت عليها جريدة زمان الوصل.
سحر هي زوجة الممثل السوري الراحل خالد تاجا، وقد تمكنت من تحقيق شعبية كبيرة بفضل التمثيل في الفرقة الشعبية للفنون، وبعدها انتقلت إلى دمشق، وقدمت أعمال فنية في الإذاعة والتلفزيون السوري.
اشتهرت سحر بصوتها القوي، وقدرتها على غناء القدود والموشحات والقصائد، وقد غنت بمفردها، كما غنت مع ألمع مطربي حلب في ذلك الوقت، وشاركت في أغاني حوارية مع فهد بلان.
وفي سن صغير، تمكنت سحر من تحقيق شهرة كبيرة، وأصبحت حفلاتها يحضرها كبار الشخصيات في سوريا، إلا أن وفاتها المفاجئة والمأساوية شكلت صدمة في الوسط الفني، وأثارت جدلًا لسنوات.
زوج سحر مقلي
تزوجت الفنانة سحر المقلي من الفنان السوري خالد تاجا، حيث تزوجا مطلع السبعينات، وهي أولى زوجاته، وتزوج بعد وفاتها 3 مرات، ولم تنجب منه أي أطفال.
![سحر المقلي.. نجمة الغناء في سوريا التي رحلت بطريقة مأساوية]()
مسيرتها الفنية
بدأت الفنانة السورية سحر مقلي في حلب، حيث شاركت في التمثيل والغناء في الفرقة الشعبية للفنون، وقدمت عدة مسرحيات غنائية. انتقلت بعدها إلى دمشق منذ الستينات، وتقدمت للغناء في الإذاعة، وحققت نجاحًا كبيرًا.
شاركت سحر في الغناء في الإذاعة والتلفزيون السوري، وبفضل صوتها القوي، شاركت في غناء القدود الحلبية والقصائد والموشحات، وأذيعت لها العديد من الأغنيات التي قدمتها إما بمفردها أو بمشاركة عدد من نجوم الغناء في حب وقتها، منهم مصطفى ماهر، وسمير حلبي، وصباح فخري، وسمير حلمي.
اشتهرت سحر مقلي بشكل أكبر بأغنيتها مع فهد بلان آه يا قليبي، وهي الأغنية التي حققت شعبية كبيرة في ذلك الوقت. شاركت سحر كذلك في عدة مسرحيات، ومنها الحرب وغدًا تشرق الشمس.
ومن أغنيات المطربة سحر المقلي أغنية الحبايب ع المحبة عودنا من كلمات فوزي المغربي والآن زهير عيساوي، وقد اشتهرت هذه الأغنية بشكل كبير خاصة بعدما غناها الفنان اللبانين جورج وسوف.
قدمت سحر كذلك أغنية "يا طيارة طيري" والتي غنتها شادية فيما بعد، كما قدمت أغنيات شلنا يا هوى، ويا صيد السمك صدلي بنية. أعادت سحر تقديم العديد من الأغنيات الشعبي، ومنها دزني واعرف مرامي، وفوق النخل، وقدك المياس، وعالصالحية يا صالحة. قدمت كذلك عددًا من الموشحات، ومنها لا تعذليه، فإن العذل يوجعه، ورشا صافيته ثم صفا وغيرها من الموشحات.
![سحر المقلي.. نجمة الغناء في سوريا التي رحلت بطريقة مأساوية]()
قصة مقتل سحر المقلي
في عام 1981، وفي أحد ملاهي دمشق، رحلت الفنانة السورية سحر مقلي في حادثة أثارت الكثير من الجدل، ولفت حولها الغموض والتفسيرات المختلفة.
كانت المطربة سحر مقلي تغني في ملهى ليلي في فندق سميراميس في دمشق، وهو المكان الذي حدث فيه جريمة مروعة راح ضحيتها 30 مدنيًا سوريًا من بينهم سحر مقلي، و27 جريحًا.
وقد روى الكاتب السوري خيري الذهبي قصة مقتل سحر في الفندق في ذلك الوقت، حيث كانت سحر في ذلك الوقت تغني في الملهى، وكان من بين الحضور جندي من سرايا الدفاع الذي شرب حتى وصل إلى الثمالة، فبدأت تظهر منه تصرفات مسيئة.
اضطرت سحر إلى تجاهل هذا الذهبي، ولكنه لم يتحمل هذا الأمر، وأخذ يهددها بغناء أغنية من طلبها، وإن لم يفعل فسيفجر المسرح بمن فيه، إلا أن سحر رفضت طلبه، فبدأ الجندي في الصراخ، وهو ما جعل الحاضرين يطالبونه بالصمت ليستمعوا إلى غناء سحر.
لم يتحمل الجندي أن يطلب منه الحضور أن يصمت، فصرخ بصوت عال، وهددهم بتفجير المكان بقنبلة يدوية انتزعها من خاصرته إذا لم يصمتوا، إلا أنهم لم يكترثوا لتهديداته، لذا قرر تنفيذ تهديده بالفعل، ورمى القنبلة على المسرح.
وبسبب هذه الحادثة المفجعة، تمزق جسد سحر، وأصيب العديد من عازفي الفرقة الموسيقية بجراح بليغة، لترحل سحر في سن مبكرة تاركة خلفها أغنيات لا تزال تتغنى على ألسنة السوريين حتى الآن.
شارك في تشييع الفنانة الراحلة زوجها خالد تاجا وعدد من النجوم في ذلك الوقت، منهم رفيق سبيعي وصباح فخري وسليم سروة وزيادة مولوي وشارك بريخان ونجوم آخرون.
تناول الصحف في سوريا لجريمة قتلها
إلا أن الإعلام والصحافة في سوريا لم تتناول الجريمة بهذا الشكل، بل نشرت الصحف في دمشق حينها الجريمة تحت عنوان "غرام وانتقام" وادعت بأن المجرم كان يعشق سحر بجنون، وهو ما دفعه لقتلها بهذه الطريقة الدموية بسبب الغرور.
وقد نشرت صحيفة صوت العدالة حينها قصة مقتل سحر المقلي من وجهة نظرها، حيث ذكرت أن المعجب أحبها بجنون، وكان يتردد على الملهي، وباع قطعة أرض بما يقارب نصف مليون ليرة من أجل تقديم المشروبات لها، إلا أنه وجد أنها توزع الابتسامات لباقي الحضور دونه، لذا شعر بالغيرة وقرر قتلها.
إلا أنه بعد بداية الأحداث في سوريا، بدأ الكثير من الصحفيين والكتاب يتحدثون عن مقتل سحر المقلي، ويؤكدون أن مقتلها جاء بسبب أبعاد سياسية وسلطوية، وقيل إن الجندي طلب من سحر الغناء للسلطة ولكنها رفضت، وهو ما دفع الجندي لارتكاب مثل هذه الجريمة البشعة.