سام هاريس.. فيلسوف عصري يناقش الدين والعلم والأخلاق

اشتهر الكاتب والفيلسوف وعالم الأعصاب الأمريكي سام هاريس بانتقاده الحاد للأديان ودفاعه عن العلمانية والعقلانية، وقد نشر العديد من الكتب التي ناقشت موضوعات متنوعة منها الدين والأخلاق، والوعي، والتأمل، والإسلام، وقد عُرف بآرائه الصريحة التي أثارت الجدل، إلا أن أفكاره لاقت شهرة واسعة، وأصبح له تأثير كبير على النقاش حول الدين والعلم والأخلاق.

من هو سام هاريس؟

صامويل بنجامين هاريس هو عالم أعصاب، واكتب وفيلسوف ومفكر أمريكي ولد في 9 أبريل عام 1967 في لوس أنجلوس بالولايات المتحدة الأمريكية، وعرف بأعماله في مجالات العلوم العصبية والفلسفة والأخلاق والدين.

كتب هاريس العديد من الكتب التي لاقت شهرة واستحسانا واسعًا، وفازت عددًا من الكتب التي ألفها بجوائز مختلفة، فيما تناولت كتبه موضوعات متنوعة شملت انتقاد الدين والروحانية غير الدينية والسياسة وموضوعات أخرى.

يشارك بانتظام في النقاشات العامة والمناظرات حول الدين والأخلاق والسياسة، وأسس وأدار بودكاست Making Sense حيث يستضيف مفكرون وعلماء من مختلف المجالات لمناقشة مواضيع متنوعة تتعلق بالفلسفة، العلم، والسياسة.

عُرف عن هارس بنقده الحاد للأديان، وخصوصًا الإسلام والمسيحية، ودعوته إلى العقلانية والعلمانية، حيث يدعو إلى استكشاف الروحانية والتأمل بعيدًا عن الأديان التقليدية، ويركز على أهمية العلم والأدلة في تشكيل الأخلاق والسياسات العامة.

نشأته وتعليمه

ولد سام هاريس في لوس أنجلوس، والدها هو الممثل الراحل بيركلي هاريس، الذي اشتهر بأدواره في أفلام الغرب، أما والدته فهي الكاتبة والمنتجة التلفزيونية سوزان هاريس، وهي يهودية ولكنها ليست متدينة.

تربى هاريس على يد والدته بعد الانفصال، وعاش مع والدته بعمر سنتين، وقد نشأ نشأة علمانية تمامًا، ونادرًا ما تناقش والديه معه حول الدين، رغم تصريحه بأنه لم ينشأ كملحد.

درس هاريس اللغة الإنجليزية في جامعة ستانفورد، وخلال الجامعة برز اهتمامه بالفلسفة، ونشأت لديه العديد من الأفكار الفلسفية، بعد تجربة عقار إكستاسي المخدر، وقد قادته هذه الأسئلة حول إمكانية تحقيق رؤى روحية دون استخدام المخدرات.

وفي سبيل البحث عن إجابة لهذاء السؤال، غادر هاريس الجامعة بعد سنته الثانةية، وزار الهند ونيبال، وهناك درس التأمل مع معلمين من الديانتين البوذية والهندوسية، كما تتطوع للعمل كحارس في فريق أمن  الزعيم الروحي البوذي الدالاي لاما.

ظل هاريس لمدة 11 عامًا في الخارج، وبعدها عاد إلى ستانفورد عام 1997، وحصل على درجة البكالوريوس في الفلسفة عام 2000، وبدأ في تأليف كتابه الأول حول الدين، وهو كتاب "نهاية الإيمان" والذي ألفه بعد هجمات 11 سبتمبر.

في عام 2009 حصل هاريس على درجة الدكتوراه في علم الأعصاب الإدراكي من جامعة كاليفورنيا، وكانت أطروحته حول "المشهد الأخلاقي: كيف يمكن للعلم تحديد القيم الإنسانية".

زوجته

في عام 2004 تزوج سام هاريس من الكاتبة الأمريكية آناكا هاريس، وهي محررة للكتب العلمية، ولديه منها ابنتان، يعيشان معًا في لوس أنجلوس.

مؤلفات سام هاريس

اهتم سام هاريس في كتبه بموضوعات مثل الفلسفة، وعلم الأعصاب، ونقد الدين، وقد وصف بأنه "أحد الفرسان الأربعة للإلحاد" بجانب ريتشارد دوكينز، وكريستوفر هيتشنز، ودانييل دينيت.

وبجانب الكتب التي ألفها فهو يكتب العديد من المقالات في صحف أمريكية وأوروبية مختلفة، منها نيويورك تايمز، ولوس أنجلوس تايمز، ولندن تايمز، وبوسطن جلوب، ومجلات أخرى.

كتب هاريس أيضًا العديد من الكتب التي تم تصنيفها من بين الأكثر مبيعًا في نيويورك تايمز، وقد ترجمت كتبه لأكثر من 20 لغة.

كان كتابه الأول "نهاية الإيمان" والذي نشره عام 2004 بعد هجوم 11 سبتمبر، وناقش في الكتاب العلاقة بين الدين والإرهاب، وانتقد فيه الأديان السماوية، وخاصة الإسلام، ودعا في الكتاب إلى العلمانية والعقلانية كأساس لتطوير المجتمع.

أصبح الكتاب من بين الأكثر مبيعا، وفاز بجائزة PEN/Martha Albrand Award للأدب غير الروائي. من مؤلفاته الأخرى كتاب "رسالة إلى أمة مسيحية"، ويعتبر الكتاب ردًا على الانتقادات التي واجهها بعد تأليف كتابه الأول "نهاية الإيمان"، وفي هذا الكتاب واصل انتقاده للدين، وركز على المسيحية.

أصدر كذلك كتاب "المناظر الأخلاقية: كيف يمكن للعلم تحديد القيم الإنسانية"، ويجادل فيه بأن العمل يمكن أن يحدد القيم الأخلاقية، من خلال فهم العوامل التي تعزز رفاهية الإنسان، ويعتقد أن الأسئلة الأخلاقية يمكن أن تُحل بشكل علمي.

من كتب سام هاريس الأخرى كتاب "الكذب" ويناقش فيه الأضرار التي تسببها الأكاذيب، ويدعو إلى الصدق التام كقيمة أخلاقية. في عام 2012 صدر له كتاب "الإرادة الحرة"، وينكر فيها وجود الحرية الإرادية بالمعنى التقليدي، ويجادل بأن أفعال الإنسان وقراراته تحددها عوامل بيئية وبيولوجية خارجة  عن إرادتنا.

من مؤلفاته أيضًا "الصحوة: دليل إلى الروحانية دون دين"، ويستكشف الكتاب فكرة الروحانية دون الحاجة إلى دين منظم، وركز على التأمل والوعي الذاتي كوسائل لتحقيق رفاهية نفسية وروحية.

في عام 2015 صدر له كتاب "المنظرون"، وهو حوار بين سام هاريس ومعن سعدي، الباحث الإسلامي، حول الإسلام ومستقبل التسامح. في عام 2017 صدر له كتاب "التأمل من أجل المبتدئين"، وهو دليل عملي للتأمل، ويهدف إلى جعل التأمل في متناول الجميع، حتى أولئك الذين يعانون من صعوبة في الاسترخاء.

أبرز آراء سام هاريس

عُرف عن سام هاريس بأنه ناقد عام للأديان، لذا يعتبر شخصية رائدة في حركة الإلحاد الجديد، في كتاب "نهاية الإيمان سام هاريس" يرى أن جميع الأديان ليست متساوية، ويرى أن الإسلام "هامشي ولا مركزي"، كما وصف الإسلام بأنه دين عدواني ومعاد لمعايير الخطاب المدني.

انتقد هاريس كذلك اليمين المسيحي في السياسة، وغالبًا ما يلاحظ نظرته الإيجابية للفكر البوذي، وخاصة فيما يتعلق بالتأمل.

يؤمن هاريس أنه يمكن الشعور بالروحانية بدون دين، فيقول: "كل ما يمكن للناس الحصول عليه من الدين من قيمة يمكن الحصول عليه بأمانة أكبر، دون افتراض أي شيء على أساس أدلة غير كافية. أما الباقي فهو خداع للذات، يتم إعداده على أنغام الموسيقى".

وفي كتابة "الاستيقاظ: دليل الروحانية دون دين: يقول إن الغرض من الروحانية هو إدراك إحساسنا بالذات، ويزعم أن عملية الإدراك تستند إلى الخبرة، وليست مشروطة بالإيمان.

فيقول: "عندما تتعلم كيفية التأمل، فإنك تدرك أن هناك إمكانية أخرى، وهي أن تكون على دراية واضحة بتجربتك في كل لحظة بطريقة تحررك من البؤس الروتيني".

أما في كتابه "المشهد الأخلاقي" يرى هاريس أن الإنسان قادر على حل المشكلات الأخلاقية من خلال العلم. أما عن رأيه في الذكاء الاصطناعي عبر هاريس عن قلقه بشأن تطوير الذكاء الاصطناع. يعتقد أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يتجاوز الذكاء البشري بسرعة ويصبح غير قابل للسيطرة، مما يشكل خطرًا وجوديًا للبشرية.

طرح سام هاريس أفكارًا جريئة، ويسعى إلى تعزيز الفكر النقدي والعقلانية في تناول القضايا المعقدة في الدين والأخلاق والروحانية والذكاء الاصطناعي، مما يجعله شخصية مثيرة للجدل ومؤثرة في النقاشات العامة.