كانت تهمة السباحة السورية سارة مارديني أنها كانت تحاول مساعدة اللاجئين من الغرق خلال الهجرة غير الشرعية، وأصبحت قصتها من أشهر القصص التي تتعلق بالعمل التطوعي، في السطور التالية تعرف على قصة نجاتها الملهمة مع شقيقتها ولماذا تم القبض عليها في اليونان.
من هي سارة مارديني؟
هي سباحة سورية ولدت في عام 1995 في العاصمة السورية دمشق، وهي منقذة وناشطة في مجال حقوق الإنسان، وكانت سباحة تلعب باسم منتخب سوريا.
لدى سارة شقيقة اسمها يسرى وشقيقة أخرى اسمها شهد، وقد تعلمت السباحة على يد والدها الذي شجعها، هي وشقيقتها يسرى على خوض المسابقات الدولية، ودربهما على أن يصبحها سباحتان محترفتان. انضمت سارة وشقيقتها يسرى إلى فرق السباحة في سوريا وإلى الفريق الوطني السوري، وشاركتا في عدة مسابقات دولية.
قصة سارة مارديني مع اللجوء
في عام 2015 دمر منزل السباحة السورية سارة مارديني في دمشق بسبب الحرب الأهلية في سوريا، فقررت سارة مع شقيقتها الهرب إلى لبنان، ومن لبنان سافرا معًا إلى تركيا للتجهيز لتهريبهم إلى جزيرة يونانية في قارب نجاة مع 18 مهاجرًا آخر من دول عدة منها العراق وإثيوبيا وغيرها، رغم أن القارب مصمم لما لا يزيد عن 6 أو 7 أشخاص.
وخلال رحلة سارة إلى الجزيرة اليونانية توقف المحرك عن العمل، وبدأ القارب في امتصاص المياه بالقرب من بحر إيجه، حينها قررت سارة ويسرى مارديني وشخصان آخران يمكنهما السباحة القفز من القارب وسحبه لأكثر من 3 ساعات حتى تمكنوا من الوصول إلى جزيرة ليسبوس في اليونان.
هناك ظلت سارة مع شقيقتها عدة أيام، ثم بدأت رحلتهما نحول أوروبا سيرًا على الأقدام أحيانًا وبالحافلة أوقاتًا أخرى، ومروا على البلقان والمجر والنمسا ثم وصلوا إلى ألمانيا واستقروا في برلين في سبتمبر 2015.
فر والد سارة وشقيقتهم الصغرى لاحقًا من سوريا، وحقوا على حق اللجوء السياسي في ألمانيا. وفي عام 2017 بدأت سارة دراستها في كلية بعد حصولها على منحة دراسية كاملة من برنامج الكلية للتعليم الدولي والتغيير الاجتماعي.
أصبحت قصة سارة مارديني وشقيقتها يسرى مع اللجوء قصة ملهمة، وقد تناولت الصحف العالمية قصتهما الملهمة في الصحف والجرائد وفي القصص والأفلام أيضًا. كتبت يسرى، شقيقة يسرى مارديني، كتاب "الفراشة" التي حكت فيه عن قصة اللجوء.
في مارس 2023 تم تصوير فيلم وثائقي بعنوان "سارة مارديني" عرض في عدة مدن ألمانية بحضور سارة وشون بيندر المخرج، وتناول الفيلم قصة سارة مع اللجوء والهرب، والأزمات التي عانت منها بعد انتقالها إلى ألمانيا.
اعتقال سارة مارديني
بعد اللجوء في ألمانيا أصبحت سارة وشقيقتها يسرى متحدثين عن حقوق اللاجئين في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وألقت سارة خطابات في نيويورك وألمانيا وفرنسا وبلجيكا والتشيك وبلغاريا.
في عام 2016 قررت سارة، البالغة من العمر 21 عامًا وقتها، كمنقذة متطوعة في مركز الاستجابة للطوارئ الدولي ERCI، وهي منظمة غير حكومية يونانية تساعد اللاجئين بالتعاون مع سلطات الحدود اليونانية. ساعدت سارة أيضا بالعمل كمترجمة في مخيم "موريا للاجئين" والذي وصفته هيومن رايتس ووتش بأنها سجن مفتوح.
في 21 أغسطس 2028 ألقي القبض على سارة، حينما كانت تنوي العودة إلى ألمانيا في بداية عامها الثاني في الكلية في برلين، مع شون بيندر وهو غواس إنقاذ مدرب ومتطوع معها وعضو ثالث في المنظمة غير الحكومية في اليونان.
ووفقًا لصحيفة الجارديان ظلت سارة في الحبس الاحتياطي لمدة 106 أيام في سجن شديد الحراسة في أثينا. بعد أكثر من 3 أشهر تم الإفراج عن سارة بكفالة قدرها 5 آلاف يورو ومغادرة اليونان.
محاكمة سارة مارديني
اتهمت سارة مع نشطاء يونانيين آخرين بالتعاون مع مهربي البشر واستقبال اللاجئين القادمين من تركيا على جزيرة ليسبوس اليونانية، وقد ذكرت الشرطة أن المقبوض عليهم ساعدوا بشكل نشط على دخول المهاجرين غير الشرعيين بشكل غير قانوني إلى اليونان بداية من عام 2015.
كما ذكرت الشرطة أن المتهمين قاموا بمراقبة خفر السواحل اليوناني ولم يطلعوا السلطات اليونانية عن اللاجئين الذين وصلوا إلى اليونان. وفي شهر يناير 2023 بعد سنوات من هذه التهمة أسقطت محكمة ميتيليني اليونانية تهمة التجسس عن 24 عاملًا إغاثيًا من بينهم سارة مارديني، ولكن تغيبت سارة عن المحكمة بسبب منعها من دخول اليونان.
شغلت قضية سارة مارديني الرأي العام ومنظمات حقوق الإنسان حول العالم، وخرجت العديد من المظاهرات التي تندد بالمحاكمة، كما أدانت منظمات حقوقية حكومية القضية، وقد وصف البرلمان الأوروبي عام 2021 بأن هذه القضية تثير قلق منظمات عدة مدافعة عن المهاجرين.
في حال تم إدانة سارة وزملاؤها في المنظمة غير الحكومية كانت سارة ستواجه تهمًا بالسجن قد تصل إلى 8 سنوات، وقد تبلغ عقوبات من يدانون بتهمة تهريب البشر إلى 25 عامًا. وقد وصفت سارة محاكمتها قائلة: "اعتقدت أنني في لعبة شطرنج ونحن كنا فيها بيادق وكانوا يلعبون بنا".
فيلم سارة مارديني
ألهت قصة السباحة السورية سارة مارديني وشقيقتها يسرى منصة نتفلكس، والتي قررت تحويل قصتها إلى فيلم سينمائي بعنوان "السباحتان" وقد شارك في بطولة هذا الفيلم الأختين منال وناتالي عيسى وجسدتا شخصية الأختين سارة ويسرى.
عرض الفيلم لأول مرة في مهرجان تورنتو السينمائي الدولي في سبتمبر 2022، ثم صدر في منصة نتفلكس في نوفمبر 2022. الفيلم من إخراج المخرجة وكاتبة السيناريو الويلزية المصرية سالي الحسيني.
أشادت العديد من المنظمات الدولية بالفيلم، منها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ووصفت الفيلم بأنه "دليل على القوة والشجاعة والمثابرة"، كما أنه جرس التنبيه وخطوة إيجابية ومرحباً بها للتضامن مع جميع اللاجئين.
تلقى الفيلم إشادات واسعة من نقاد وفنانين ممن حول العالم، وقد عرض في مهرجانات عدة منها مهرجان لندن السينمائي ومهرجان القاهرة السينمائي الدولي. وقد كشفت المخرجة أن بطلتي الفيلم ليستا سباحتين، ولكنهما التزما ببرنامج تدريب على السباحة قبل التصوير.