حققت النجمة السورية زكية جورج شهرة ونجاحًا واسعًا في العراق، فكانت العراق نقطة انطلاقها في عالم الغناء والفن فتعاونت مع كبار الملحنين والشعراء العراقيين وأصبحت من أهم رموز الفن العراقي لعدة سنوات إلا أن هذا النجاح لم يستمر طويلًا إذ خفت نجمها واختفت عن الأضواء تمامًا حتى وفاتها، تعرف أكثر على مسيرتها الفنية وكيف فقدت بريقها بمرور الزمن.
من هي زكية جورج؟
هي مغنية عراقية من أصول سورية اسمها الحقيقي فاطمة ولدت في مدينة حلب في عام 1879 وقد انتقلت إلى بغداد للعمل في مقاهي الطرب كراقصة إلا أن القدر هيئ لها طريقًا آخر حيث جذبت الأنظار إلى صوتها فبدأت بالغناء وأصبحت قامة من قامات الغناء في العراق.
خلال مسيرتها الفنية تعاونت الفنانة زكية جورج مع عدد كبير من الملحنين والشعراء في العراق، وعلى رأسهم الملحن العراقي اليهودي صالح الكويتي، الذي كان بينهما علاقة عاطفية لم تستمر، وارتبط اسمها أيضًا بالشاعر العراقي المعروف عبد الكريم العلاف.
تركت زكية إرثًا فنيًا عراقيًا خالدًا لا يزال يُسمع حتى وقتنا هذا، ومن خلال صوتها الدافئ والعاطفي لمست قلوب الجمهور العراقي، وتميزت أغنياتها بالكلمات الجميلة والألحان الراقية.
وصلت أغاني زكية إلى كل الأوساط العراقية، بل إن شهرتها امتدت لخارج العراق مع دخول الأسطوانات إلى عالم الغناء، وهو ما ساعدها على تحقيق المزيد من الشهرة وانتشارها أعمالها.
كانت أغاني زكية تتردد في الملاهي والمقاهي ولا يزال إرثها حاضرًا إلى يومنا هذا وأغانيها تستمتع إليها بشغف من قبل عشاق الموسيقى العراقية والعربية.
أصل زكية جورج
الفنانة زكية جورج من أصول سورية وولدت في حلب واشتهرت في العراق وغنت كل أغانيها باللهجة العراقية.
ديانة زكية جورج
اختلفت الأقاويل حول ديانة الفنانة زكية جورج، فقد رجّح البعض أنها مسيحية نسبة إلى اسمها، بينما اتفق البعض الآخر أنها مسلمة واسمها الحقيقي فاطمة أحمد وقررت اختيار اسم مسيحي لها عند سفرها إلى العراق لترفع عنها الحرج بعملها في الملاهي الليلية كراقصة ومغنية وخاصة ان اسمها فاطمة.
مسيرتها الفنية
بدأ زكية جورج مسيرتها الفنية بالعمل كراقصة في الملاهي الليلية بصحبة شقيقتها علية، وقد انتقلت إلى الموصل ثم بغداد عام 1920 وسكنتا في محلة المربعة ومارست هذه المهنة لعدة سنوات واحترفته بشكل رسمي وعملت في ملهى صالح بطاط عام 1926.
أما العلامة الفارقة في مسيرتها الفنية حدثت عندما قابلت الأخوين صالح وداود الكويتي، حيث أعجب صالح بصوتها كثيرًا وأقنعها بترك الرقص وممارسة الغناء لتبدأ مسيرة زكية كمغنية خالدة في تراث الفن العراقي، وتحسب على الفن العراقي رغم أصولها السورية.
لحّن صالح الكويتي إلى زكية أروع الأغنيات وأروع الكلمات، وقد تعاونت بشكل خاص مع الشاعر عبد الكريم العلاف وكمال نصر وكرم أحمد، وكانت الألحان التي غنت عليها ألحان بغدادية أصيلة معظمها من تأليف الكويتي. جعلت هذه الأغنيات زكية في مصاف النجمات في العراق.
كانت زكية تجهل أصول الغناء ومعرفة المقامات العراقية، كما أن مساحة صوتها كانت قليلة ورغم ذلك تفوقت على زميلاتها المطربات وأصبحت متفوقة على الساحة الفنية.
أغاني زكية جورج
من أشهر أغنيات زكية "طير لتوكر أنصحك طير"، و"قلبي خلص والروح ملت من الوعود"، وأتا من أكول إلآه"، و"من الولف آه"، و"ياهلي"، و"تأذيني"، و"البير" وغيرها من الأغنيات التي حققت شهرة واسعة.
غنت زكية جورج أغنيات على مقامات مختلفة، فنجد أغنيتها "وين رايح وين"، و"وتأذيني"، و"وتاليها وياك" على مقام العجم، أما على المقام اللامي فقد غنت أغنيات "من غير أمل حبيت"، وأنا ما أكرد اكولن آه خوف الفضيحة".
ومن مقام البيات غنت "يا بلبل غني لجيرانك"، و"كلمات ردت ياما تعبت"، و"ومن مقام البيات شوري غنت "ما ظل صبر كلي انجوه"، و"أنا الحديثة أنا بنت الفقير". غنت زكية كذلك على مقام النهاوند، والحجاز والرست والزنجران والصبا والكرد والكثير من البستات والأغنيات الخفيفة.
أول مغنية في الإذاعة العراقية
في عام 1936 تم تأسيس دار الإذاعة العراقية، فكانت الفنانة زكية جورج أول صوت نسائي ينطلق من الإذاعة، ويعتبر هذا الأمر إثباتًا على موهبة زكية واحتضان الشعب العراقي لها والالتفاف حولها بفضل موهبتها.
رجال حول زكية جورج
كانت المطربة زكية جورج جميلة ورقيقة وقد بدأت مسيرتها في صباها، حيث كانت تبلغ من العمر 19 عامًا لذا التف حولها الكثير من الرجال الذين أعجبوا بجمالها وصوتها الجميل.
وكان أول رجل يطلب الزواج من زكية هو ثري بغدادي عاشت زكية برفقة شقيقتها عليه في أحد منازله في محلة المربعة في بغداد، ولكنها رفضته وفضلت فن الرقص على الزواج منه لأسباب عديدة أولها كبر سنه وثانية تعدد زوجاته. غضب الرجل الثري منها لرفضها الزوج به فطردها من بيته.
من الرجال الآخرين الذين أعجبوا بزكية وطلبوا الزواج منها الشاعر كمال نصر الذي كتب لها الكثير من القصائد ولكنها رفضته ولم تلفت له أبدًا، وقيل إنها لم تكن تفهم تلميحاته لأنها لم تكن تجيد القراءة والكتابة.
زكية جورج وصالح الكويتي
ارتبط اسم الفنانة زكية جورج الملحن العراقي اليهودي صالح الكويتي فقد أهداها ألحان معظم أغنياتها تقريبًا ونشأت بينهما قصة حب رغم اختلاف الأديان فهو يهودي وهي مسلمة.
وقد اختلف البعض حول زواج زكية وجورج من عدمه، فمنهم من أوضح أنهما لم يتزوجا ولكنهما عاشا معًا لعدة سنوات بدون زواج، ومنهم من قال إن زكية كانت تطمح لمزيد من الشهرة والنجاح من المستحيل أن تضحي بسمعتها من أجل الحب فتزوجت منه زواجًا سريًا دام لفترة ثم انفصلت عنه بسبب رفضه الإعلان عن الزواج.
قدم الكويتي لزكية أول لحن لها عبر فيه عن حبه لها وهي أغنية "يا بلبل غني لجيرانك" ولكن لم تستمر العلاقة بينهما، حيث سافرت إلى البصرة ومكثت فيها معلنة الابتعاد عنه رغم محاولاته البائسة إرجاعها من جديد.
وقد أراد صالح أن يعاتب حبيبته فطلب من الشاعر عز الدين ولائي أن يكتب أغنية عتاب وشوق ومحبة لها فكتب أغنية "هذا مو إنصاف منك" وغنتها سليمة مراد، ولما رفضت زكية العودة تزوج فورًا من ابنة عمه.
وفاة زكية جورج
في عام 1955 اعتزلت الفنانة زكية جورج الغناء بشكل تام وعادت إلى مسقط رأسها مدينة حلب، وقد عاشت زكية باسمها الحقيقي فاطمة في مدينة حلب على ما جنته من أموال من خلال غنائها في العراق.
ولما قاربت الأموال التي تملكها وادخرتها من النفاذ اضطرت للعمل في أحد معامل الغزل والنسيج كخياطة حتى وفاتها عام 1966.