تعتبر قصة نجاح ريتشارد برانسون Richard Branson، مؤسس مجموعة "فيرجن" من القصص الملهمة، حيث بدأ كشخص غير قادر على التكيف مع المناهج الدراسية ليترك الدراسة، ويبدأ في مشاريعه التجارية التي تفاجأ بأنها تنمو حتى أصبح رجل أعمال كما يقول عن طريق الصدفة، والآن هو يمتلك مجموعة "فيرجن" العالمية التي تضم أكثر من 400 شركة. مسيرته وأبرز المعلومات عن حياته في السطور التالية...
ريتشارد برانسون، رجل أعمال ومؤسس مجموعة "فيرجن" التي تضم أكثر من 400 شركة، حيث نمت أعمال مجموعة "فيرجن" من متجر تسجيلات صغير أسسه في عام 1972، لتصبح شركة كبرى متعددة الجنسيات بما في ذلك المصالح في مجال النقل والإعلام والترفيه.
يقول برانسون في تصريح لصحيفة الجارديان عام 2008: "موقفي العام تجاه الحياة هو الاستمتاع بكل دقيقة من كل يوم".
ولد ريتشارد برانسون في بلاكهيث بلندن في 18 يوليو 1950، وكان والده محامياً، والتحق برانسون بالمدرسة وكان يعاني من عسر القراءة، ولم يتفوق برانسون في الدراسة وكان مهتمًا أكثر بالأنشطة الأخرى مثل كرة القدم والكريكيت، وفي سن الخامسة عشرة، بدأ في تجربة أولى مشاريعه التجارية، والتي تضمنت محاولة زراعة الأشجار وتربية الطيور.
ترك برانسون المدرسة في سن 16 عاما وعاد إلى لندن حيث بدأ أول عمل تجاري ناجح، حيث أطلق مجلة عن ثقافة الشباب بعنوان "الطالب"، وتمكن من جذب إعلانات مهمة من الشركات التي ترغب في الاستفادة من سوق الطلاب؛ ما مكنه من توزيع أول 50 ألف نسخة مجانًا.
عُرفت الستينيات في لندن باسم "الستينيات المتأرجحة"، إلا أن "برانسون" كان يتمتع أيضًا بحس تجاري قوي، وأنشأ شركة لتسجيل الطلبات بالبريد تسمى "فيرجن" لدعم مجلة الطلاب.
تم اقتراح اسم "فيرجن" من قبل أحد عمال برانسون، الذي اقترح الفكرة لأنهم كانوا جميعًا جددًا في مجال الأعمال، وقال برانسون في وقت لاحق إنه دخل في العمل بسبب الصدفة، وليس لكسب المال.
ويتابع: "لقد أصبحت رائد أعمال عن طريق الخطأ.. منذ ذلك الحين بدأت العمل، ليس من أجل كسب المال، ولكن لأني أعتقد أنني أستطيع أن أفعل ذلك بشكل أفضل مما تم القيام به في أي مكان آخر، وغالبًا ما يكون ذلك بسبب الإحباط الشخصي من الطريقة التي اتبعها الآخرون".
نمو أعمال "فيرجن"
بأرباح متواضعة من مجلته وأعمال الطلبات البريدية، تمكن برانسون من الحصول على متجر تسجيلات في شارع أكسفورد بلندن، وحققت شركة "فيرجن ريكوردز" نموًا جيدًا، ورغم ذلك، في إحدى المرات، بسبب فاتورة ضريبية غير مدفوعة، اضطرت والدة برانسون، لإعادة رهن منزلها لمساعدة برانسون على الاستمرار في نشاطه.
ومع توسع أعمال التسجيلات، أنشأ برانسون علامة التسجيل الخاصة به، "فيرجن ميوزيك" مع "نيك باول"، في عام 1972، وخلال عام، سجل فنانه الأول، مايك أولدفيلد، ألبوم "Tubular Bells" وحقق نجاحًا ساحقًا، ما ساعد برانسون على تسجيل ألبومات لأفضل الفرق الموسيقية في ذلك العصر.
"فيرجن" تتوسع في قطاع الطيران
في عام 1984، تفرع برانسون لتنفيذ أكبر مشروع تجاري له، حيث أسس شركة "فيرجن أتلانتيك إيرويز"، وبدأ المنافسة في سوق تهيمن عليه شركات الطيران الوطنية الكبرى، مثل الخطوط الجوية البريطانية.
وفي بعض الأحيان كان هذا التنافس شديدًا، حيث اتهمت شركة "فيرجن" الخطوط الجوية البريطانية باستخدام الحيل للحصول على العملاء، ووصل النزاع إلى المحكمة ووافقت الخطوط الجوية البريطانية على التسوية خارج المحكمة.
وفي عام 1992، اضطر برانسون لبيع شركة "فيرجن ريكوردز" لشركة "إي إم آي" مقابل 500 مليون جنيه إسترليني للمساعدة في الحفاظ على شركة "فيرجن أتلانتيك" المتعثرة.
أهم مشروعات مجموعة "فيرجن"
تشمل المشاريع التجارية الكبيرة الأخرى لمجموعة فيرجن، "فيرجن موبايل" التى بدأت في عام 1999، بجانب التعاون مع السكك الحديدية البريطانية من خلال شركة القطارات "فيرجن" في عام 1993، وفي عام 2007، أنشأ شركة "فيرجن موني"، وشملت المشاريع الأقل نجاحًا شركة "فيرجن كولا" و"فيرجين فودكا".
ويقول برانسون في مقابلة مع صحيفة صنداي تايمز: "فلسفتي هي أنه إذا كان لدي أي أموال، فأنا أستثمرها في مشاريع جديدة ولا أملكها".
وسعى ريتشارد برانسون إلى إيجاد نهج مختلف لإدارة الأعمال التجارية، حيث يقول إن روح أعماله هي البناء من الأسفل إلى الأعلى، مع الأخذ في الاعتبار ردود الفعل من جميع الموظفين، وليس فقط التسلسل الهرمي من أعلى إلى أسفل.
ويضيف: "بقدر ما تحتاج إلى شخصية قوية لبناء مشروع تجاري من الصفر، يجب عليك أيضًا فهم فن التفويض، يجب أن أكون جيدًا في مساعدة الناس على إدارة الشركات الفردية، ويجب أن أكون على استعداد للتراجع، يجب إنشاء الشركة حتى تتمكن من الاستمرار بدوني".
كما أنه كان على استعداد لتحمل المخاطر ووضع خطط عمل غير تقليدية، وفي سيرته الذاتية، يقول أيضًا إن المتعة عنصر مهم في منهجه في الحياة والعمل: "المرح هو جوهر الطريقة التي أحب بها القيام بالأعمال التجارية وقد كان عاملاً رئيسيًا في كل شيء قمت به منذ البداية.
المتعة هي سر نجاح فيرجن أكثر من أي عنصر آخر، إنني أدرك أن أفكار العمل على أنها ممتعة وإبداعية تتعارض بشكل صحيح مع اتجاه التقليد، وبالتأكيد ليست الطريقة التي يتم تدريسها بها في بعض كليات إدارة الأعمال، حيث يعني العمل صعوبة في العمل والكثير من "التدفقات النقدية المخصومة" وصافي "القيم الحالية".
برانسون أيضًا من محبي الملابس غير الرسمية ويعتقد أن ارتداء ربطة عنق هو عادة في غير محلها، ويشجع مديروه التنفيذيين على التخلي عن ربطة العنق.
دعم البيئة
اهتم برانسون بقضية الاحتباس الحراري، وأسس شركة "فيرجن للوقود" للترويج لبديل للوقود الأحفوري، كما وعد أيضًا باستخدام أرباح أعمال النقل الخاصة به لتطوير أنواع وقود أكثر صداقة للبيئة، وفي عام 2007، أسس تحدي الأرض العذراء الذي يقدم مكافأة قدرها 25 مليون دولار لأفضل تصميم قابل للتطبيق تجاريًا لإزالة غازات الاحتباس الحراري من الغلاف الجوي، دون آثار سلبية.
محاولات مع الرقم القياسي العالمي
قام ريتشارد برانسون بالعديد من محاولات التحمل للأرقام القياسية العالمية، وسجل أسرع رقم قياسي للإبحار عبر المحيط الأطلسي في عام 1986، كما قام بعدة محاولات قياسية في بالونات الهواء الساخن، وفي عام 1998، فشل في محاولة القيام برحلة عالمية في منطاد الهواء الساخن.
حلم السفر إلى الفضاء
في يوليو العام الماضي 2022 عاد برانسون إلى الأرض بعد الذهاب في رحلة إلى الفضاء على متن مركبة صنعتها شركته الفضائية "فيرجن غالاكتيك" التي أسسها قبل 17 سنة، حيث انطلقت المركبة إلى الفضاء ومكثت لبعض دقائق ثم هبطت بسلام، حيث يسعى برانسون لإطلاق قطاع السياحة الفضائية.
وتخطط شركة "فيرجن غالاكتيك" لإطلاق رحلتين بشكل تجريبي ضمن خطة أوسع لإطلاق رحلات تجارية في العام الجاري.
وفقا لمؤشر بلومبرج فإن ثروة ريتشارد كان العام الماضي 2022 تقدر بـ 5.63 مليار دولار. وفي 2023 تقدر بـ 3 مليارات دولار.