يعد الفنان السوري رفيق سبيعي واحد من أهم الممثلين السوريين البارزين، حيث بدأ مسيرته الفنية في أواخر الأربعينيات من خلال المسرح، واشتهر بالمقاطع الكوميدية الارتجالية، وبعدها انتقل إلى الغناء والتمثيل وظهر في التلفزيون لأول مرة عام 1960.
حياة رفيق سبيعي ونشأته
هو ممثل ومونولوجوست سوري ولد في 9 فبراير عام 1930 في حي البزورية في مدينة دمشق وتوفي فيها، ويعد رائد من رواد الفن في سوريا.
أحب سبيعي الفن منذ صغره، وتحدى إرادة والده، وفي هذه الفترة كانت مهنة التمثيل ذات سمعة سيئة، حيث كان يُطلق عليها لقب "المشخصاتي" وكان التمثيل يعتبر عيبًا اجتماعيًا، لذا اتخذ اسمًا فنيًا آخر وهو رفيق سليمان.
بدأ رفيق في عمر 8 سنوات حضور الموالد النبوية برفقة أخيه، وكان يحب سماع المنشدين الذين يغنون التواشيح والأناشيد الدينية، وكان من صغره لا يحب مذاكرة دروسه إلا على صوت أم كلثوم وعبد الوهاب.
امتلك رفيق صوتًا جميلًا، فكان من صغره يغني لنساء الجيران حيث يجتمعن في حوش الدار، كما كان يحيي أعراس حي البزورية الذي ولد وتربى فيه، وكان حضوره لافتًا دائمًا، حيث كان يغني لكارم محمود، وعبد الغني السيد، وعبد العزيز محمود.
أحمد رفيق كذلك غناء مونولوجات شكوكو وإسماعيل ياسين، واشتهر بخفة دمه، وعذوبة صوته، ولكن بدأ يصطدم بالمنظومة الفكرية التقليدية التي كانت تعتبر أن الفن شيء معيب؛ ولهذا السبب طُرد من منزله، وكان يختبئ وينام في الشارع.
أنهى رفيق دراسته الابتدائية ولم يكمل الدراسة بعد ذلك، وإنما عمل خياطًا ليساعد والده أعباء ومصاريف المنزل، ولكنه فشل في مهنة الخياطة، فاتجه إلى الفن متحديًا نظرة المجتمع له، ومتحديًا رغبة أسرته كذلك، وأصبح من أهم نجوم السينما والتلفزيون والمسرح.
الفنان رفيق متزوج والعديد من أبنائه عملوا في المجال الفني، فابنه هو الممثل الراحل عامر سبيعي، وابنه الثاني هو الممثل والمخرج سيف الدين سبيعي، وابنه الثالث هو المخرج السينمائي بشار سبيعي، كما له ابنتان عملا في الفن لفترة وهما صبا، وهبة.
خلافه مع أبنائه
اتخذ الفنان الراحل رفيق سبيعي موقفًا سياسيًا منذ بداية الحراك في سوريا، حيث أيد النظام السوري، بينما اتخذ نجله الأكبر الفنان الراحل عامر السبيعي، ونجله الآخر بشار سبيعي موقفًا آخر حيث وقفوا مع الثورة السورية.
وبسبب موقف نجليه المناهض لبشار الأسد قرر رفيق حرمانهما من الميراث، ويعد رفيق من أهم الداعمين لبشار الأسد كما أنه قدم طلبًا للانضمام إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي.
وفاته
في 5 يناير عام 2017 توفي الفنان رفيق سبيعي في منزله في دمشق عن ناهر 86 عامًا بعد مسيرة فنية طويلة، وفقد الشعب السوري والعرب أحد أعمدة الدراما السورية، وفنان الشعب.
دفن رفيق في مقبرة باب الصغير بعد تشييع جنازة شعبية حاشدة له وحضر الجنازة العديد من الشخصيات الفنية والسياسية البارزة، كما حضر وفد من قيادة الحزب السوري القومي الاجتماعي، ووزير الإعلام وقتها محمد رامز ترجمان.
مشواره الفني
بدأ رفيق سبيعي مشواره الفني في أواخر الأربعينيات، وكان في البداية يقدم مقاطع كوميدية ارتجالية على مسارح دمشق ونواديها الأهلية.
انتقل رفيق بعد ذلك للغناء والتمثيل في عدة فرق، ومنها فرقة "علي العريس"، وفرقة "عبد اللطيف فتحي"، و"البيروتي"، و"محمد علي عبدو" وغيرهم، ومع هذه الفرق كان يقدم في المسرح الحر.
بدأ رفيق بعد ذلك في تقديم مسرحيات في أغنيات خاصة، ومنها "مرتي قمر صناعي"، و"صابر أفندي"، و"بالمقلوب"، و"طاسة الرعبة" وغيرها.
ساهم رفيق كذلك في تأسيس عدد من الفرق المسرحية بعد الاستقلال، ومن خلال المسرحيات التي أسسها تمكن من صنع شخصية "أبو صياح" أو ما يُعرف بقبضاي الحارة الشامية الذي اشتهر بزيه الدمشقي الفلكلوري، وتعد هذه الشخصية من الشخصيات الأشهر له التي جسدها في عدة أعمال فنية.
كان رفيق كذلك يشارك في نوادي الكشافة، وتمكن من إظهار مواهبه في التمثيل والغناء والعزف كذلك، وتمكن بعد ذلك من الظهور في التلفزيون لأول مرة عام 1960 في مسلسل "مطعم السعادة" بمشاركة عدة فنانين منهم دريد لحام، ونهاد قلعي.
المونولج والغناء
بدأ رفيق يقدم المونولج بعد استماعه لمونولج الشعراء الشعبيين منهم الفنان سلامة الأغواني وغيرهم، ومن المونولوجات التي قدمها التالي:
- غول غول.
- يا ولد لفلك شاك.
- قعود تحبك.
- الحب تلت ألوان.
- الخنافس.
- تمام تمام هذا الكلام.
- لا تدور على المال.
- شروال أبو صياح.
- سعود تحبك.
- حبوباتي التلموذات.
وفي مسيرته الفنية قدم العديد من الأغنيات في الأفلام والمسلسلات التي شارك فيها، منها أغاني "زحليقة وتلج"، و"ليش هيك صار معنا"، و"الأوتو ستوب" أيضًا كتب أغنية "ابن العم" وهي الأغنية التي غنتها المغنية المصرية الشهيرة شريفة فاضل.
من الأغنيات التي قدمها أيضًا أغنية لو عرفوه هيحبوه" وهي الأغنية التي غناها أثناء أزمة الرسوم الكرتونية المسيئة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وفي منتصف عام 2016 قدم أغنية "لا تزعلي يا شام" من كلمات وألحان سهيل عرفة.
كذلك قدم عددًا من الأغاني بصوته وتأليف في التلفزيون، منها برنامج "7 في 7" وبرنامج "حلو الكلام".
عمله في الإذاعة
بدأ رفيق سبيعي العمل في الإذاعة السورية بداية من عام 1954، وبعد فترة تم اعتماده كمخرج إذاعي وذلك في عام 1960 بعد أن أنهى دورة إخراج إذاعي في معهد التدريب الإذاعي في مدينة القاهرة.
شارك رفيق كذلك في دورة ثانية في معهد التدريب الإذاعي في دمشق، وأخرج العديد من البرامج والمسلسلات الإذاعية الناجحة، كما شارك في العديد من المسلسلات والبرامج كممثل.
كان رفيق أول من قدم كتاب "حوادث دمشق اليومية" في الإذاعة وهي من تأليف المؤرخ الشعبي البديري الحلاق، وفي هذا الكتاب تطرق للفترة الأخيرة في الدولة العثمانية.
وبجانب المسلسلات قدم عدة برامج إذاعية، منها برنامجه الأسبوعي الفني "حكواتي الفن" الذي ظل يقدمها لمدة 12 عامًا، وهو برنامج من إعداده وإخراجه، وفي كل حلقة كان يتحدث عن مطرب عربي أو نجم من نجوم طرب الزمن الجميل.
هدف هذا البرنامج إلى اطلاع الجيل الجديد على إبداعات الفنانين في سوريا والبلاد العربية، بالإضافة إلى التحدث عن جوانب كثيرة من حياتهم الشخصية.
أعماله السينمائية
شارك سبيعي في أعمال سينمائية في الستينيات، وكان منذ صغره يعشق السينما، فكان يرتاد دور السينما في دمشق وينفق مصروفه على حضور الأفلام، وبعد مشاركته في الأعمال السينمائية أنتج فيلمًا سينمائيًا مع الهواة.
قدم رفيق في السينما تقريبا 55 فيلمًا تنوع ما بين الكوميديا والتراجيدي، وتنوعت أفلامه ما بين الأفلام التجارية والأفلام الجادة، ومن ضمن الأفلام التي شارك فيها فيلم "عملية الساعة السادسة" عام 1966.
شارك كذلك في أفلام "غرام في إسطنبول"، و"بنت الحارس"، و"مقلب حب"، و"ذكرى ليلة حب"، و"نساء للشتاء"، و"أيام في لندن"، و"عشاق على الطريق"، و"شيطان الجزيرة"، و"أحلام المدينة"، و"قتل عن طريق التسلسل"، و"صندوق الدنيا"، و"عشاق"، و"سوريون" وهو آخر أفلامه.
أعماله التلفزيونية
قدم رفيق سبيعي أول مسلسل تلفزيوني له بعنوان "عائلة أبو الخير"، وبعدها واصل تقديم عدد كبير من المسلسلات التي زادت عن 70 مسلسلاً، ومنها مسلسلات "نهاية رجل شجاع"، و"سفر"، و"طاحون الشر"، و"بنت الشهبندر"، و"أيام شامية"، و"وادي المسك"، و"حمام الهنا"، وغيرها.
كذلك شارك في العديد من المسلسلات كضيف شرف، منها "الحضر الشامي"، و"بقعة ضوء"، و"أشياء تشبه الحب".
وبجانب المسلسلات فقدم قدم عددًا من البرامج، منها برنامج "ساعي البريد" وهو برنامج شعبي منوع من إخراج سليم قطاية"، وبرنامج "مطعم الأناقة الجوال" الذي قدمه عام 1961.
شخصية أبو صياح
بدأت قصة شخصية "أبو صياح" عن طريق الصدفة، حيث أراد الفنان أنور المرابط أن يتغيب عن أداء دوره في إحدى مسرحيات الفنان الراحل عبد اللطيف فتحي، ولهذا السبب تم اختياره لأداء هذا الدور، وقرر تكوين هذه الشخصية بشكلها الشعبي التقليدي.
عندما رآه الراحل عبد اللطيف فوجئ به وجسد شخصية رائعة، وقد شاهد أداؤه وقتها الفنان الراحل حكمت محسن وتنبأ له بالنجومية، وكان ذلك في أواخر الخمسينيات في مسرحية مقتبسة من مسرحية مصرية للكاتب أبو السعود الإبياري نقلها عبد اللطيف فتحي إلى الشامية.
حضر هذا العرض وقتها أول مدير للتلفزيون السوري صباح قباني وأعجب به، وعندما تأسس التلفزيون بدأ في تقديم أبو صياح مرة أخرى في التلفزيون في مسلسلات مختلفة منها "غوار الطوشة"، و"حسني البورظان"، وفي السينما قدمها في فيلم "ذكرى ليلة حب" عام 1973.