ربيع جابر.. الروائي اللبناني الخجول العاشق لبيروت

حقق الروائي اللبناني ربيع جابر نجاحًا كبيرًا في عالم الأدب والرواية، وعلى الرغم من شهرته ونجاحه وانتشار مؤلفاته ورواياته على نطاق واسع إلا أنه يُعرف بالروائي الخجول، فهو لا يحب الظهور الإعلامي، ويفضل العيش بين الأوراق بدلًا من الظهور أمام الناس، تعرف أكثر على مسيرته الأدبية وحياته.

من هو ربيع جابر؟

هو روائي وكاتب صحفي لبنان ولد في العاصمة اللبنانية بيروت في عام 1972 ويعد من أشهر الأدباء والروائيين في لبنان والوطن العربي وهو حاصل على الجائزة العالمية للرواية العربية "البوكر" عام 2012.

يُعرف ربيع بأنه كاتب خجول جددًا لا يحب الظهور أمام الناس ويخشى الأضواء والكاميرات، لذا تجده مقلًا في الحوارات الصحفية والظهور الإعلامي بشكل عام.

عشق ربيع لبنان وتأثر كثيرًا بالأحداث التاريخية التي مرت على بلاده وخاصة مدينة بيروت التي خصص لها كتابًا مكون من 3 أجزاء وهو كتاب "بيروت مدينة العالم".

أشاد به العديد من النقاد والأدباء في لبنان، ومنهم الشاعر اللبنان عباس بيضون الذي وصف أعماله بأنه تحيي التاريخ، أما المؤرخ اللبناني كمال الصليبي فقد وصفه بأنه "حكواتي بالفطرة" وبارع في الكتابة عن التاريخ.

نشأته وتعليمه

ولد الكاتب والروائي ربيع جابر في بيروت خلال الحرب الأهلية في لبنان، لذ قضى معظم سنوات الحرب في الجبل في بلدة بعقلين الشوفية، وتنقل بين العيش في المدارس والملاجئ.

تأثر ربيع بشكل كبير بالحرب وكانت أولى أسباب اتجاهه إلى الكتابة عن التاريخ. في عام 1989 استقر ربيع في بيروت الغربية، وسكن في الجامعة الأمريكي حيث  حصل على درجة البكالوريوس في الفيزياء من الجامعة نفسها.

بدأ ربيع في الكتابة بداية من عام 1992 تحت اسم مستعار "نور خاطر" وأصدر عددًا من الكتب، وقد اتجه إلى الكتابة لأنه رآها بأنها الخلاص الوحيد والدرب الواضح الذي يمشي عليه.

الكاتب ربيع خجول ومتحفظ جدًا فيما يتعلق بحياته الشخصية، لذا لا يعمل عنه إلا القليل من المعلومات التي استشفها الجمهور من بعض تصريحاته ومؤلفاته أيضًا. هو متزوج من الكاتبة رينيه الحايك.

عمل ربيع جابر في الصحافة منذ عام 2001، حيث عمل محررًا في الملحق الثقافي الأسبوعي آفاق التابع لجريدة الحياة.

مسيرته الأدبية

بدأ ربيع جابر الكتابة منذ بداية التسعينيات، وقد تأثر كثيرًا بمدينة بيروت التي انتقل إليها في نهاية التسعينيات من أجل الدراسة في الجامعة الأمريكية في بيروت، وفي عام 1992 نشر روايته الأولى "سيد العتمة" التي فازت بجائزة الناقد للرواية.

 ألف ربيع 19 رواية بين عام 1992، وعام 2014، وفي عام 1996 نشر رواية تحت اسم مستعار بعنوان "الفراشة الزرقاء". وفي كتاباته تأثر بمدينة بيروت وما عاصرته تلك المدينة العريقة من أحداث فأصدر ثلاثيته الشهيرة "بيروت مدينة العالم" بين عام 2003 و2007.

لم يكتفِ بالحديث عن بيروت بشكلها الواقعي، بل برع في التعبير عنها في عالم خيالي فنشر روايته الخيلية "بيريرتوس مدينة تحت الأرض".

اهتم ربيع كذلك بالتاريخ وألف العديد من الروايات التي تأثر بوقائع تاريخية فيها، منها رواياته "سيد العتمة"، و"يوسف الإنجليزي". وقد صدرت له رواية "أميركا" عام 2010 التي ترشحت للجائزة العالمية للرواية العربية.

من رواياته أيضًا "الاعترافات"  الصادر عام 2009، التي ترجمت إلى اللغة الغنجليزية وفازت بالجائزة الأدبية عن مركز القلم الدولي في أمريكا عام 2017 وتدور الرواية عن طفل اسمه مارون وحكاياته مع عائلته خلال الحرب الأهلية في لبنان عام 1975 و1990.

ومن أعماله أيضًا "شاي أسود"، و"البيت الأخير"، و"الفراشة الزرقاء"، و"رالف رزق الله في المرآة"، و"كنت أميرًا"، و"نظرة أخيرة على كين ساي"، و"رحلة الغرناكي"، و"طيور الهوليدي أن"، و"المبرومة".

أسلوبه الأدبي

يتبنى جابر في كتابة رواياته أسلوبًا واضحًا، حيث يجرك معه لتعيش تفاصيل وعمق الرواية، حتى تشعر وكأنك أمام مشهد حقيقي يجسد لحظات من فيلم. يختلف الناس في استقباله وتقديره، فبعضهم يصفه بأنه واضح لدرجة قد تكون مُبالغًا فيها، بعيدًا عن أي تأثير عاطفي.

رواياته تأخذ منحى يُمسك القارئ بقوة ويهزه بين الماضي والحاضر، الواقع والحلم، مما يُجسد حياة إنسان متأثر بالحروب اللبنانية وتداعياتها، ويُظهر بشكل واضح عبثية الموت وضياع الحياة، وقد تجلى تأثره بالحرب الاهلية بشكل واضع في روايته "الاعترافات" التي وثقت هذه الفترة بشكل دقيق.

بفضل أسلوبه وكتابته المميزة تم اختياره ضمن أفضل 39 كاتب وكاتبة عرب دون سن الأربعين ضمن مشروع "بيروت 39" عام 2009.

رواية دروز بلجراد

من أهم روايات الكاتب ربيع جابر رواية "دروز بلجراد.. حكاية حنا يعقوب" التي صدرت عام 2012، وقد قضى ربيع سنوات من البحث في مكتبة الطابق السفلي في الجامعة الأمريكية حيث بحث لساعات في أرشيفات الأوراق العثمانية.

تدور الرواية حول واقعة تاريخية حدثت بعد اندلاع الحرب الأهلي في لبنان عام 1860 أيام الدولة العثمانية، حيث صدر فرمان عثماني باعتقال 550 درزيًا، فقرر جابر أن يكتب قصة متخيلة عن "عنا يعقوب" وهو بائع بيض مسيحي اعتقل ظلمًا بدلًا من أحد أبناء الشيخ غفر عز الدين، ليصبح حنا المسيحي الماروني في يوم وليلة من الدروز المنفيين إلى بلجراد في البقان عقابًا على اعتدائهم على المسييحن المارونيين.

فازت الرواية بجائزة البوكر عام 2012، وقد وصفت لجنة تحكيم جائزة البوكر الرواية بأنها مميزة برعت في تصوير هشاشة الوضع الإنساني من خلال قراءة تاريخية مميزة بلغة عالية الحساسية.

ربيع جابر الروائي الخجول

حينما حصل ربيع جابر على جائزة البوكر عن روايته "دروز بلجراد" سافر إلى الإمارات لتسلم الجائزة، وكانت هذه المرة الأولى التي يلمح فيها الجمهور ملامح وجه هذا الأديب العبقري بسبب شدة خجله وعدم حبه للحديث أمام الناس.

تسلم ربيع الجائزة وهو مطاطأ الرأس وتحدث بصوت خفيض كلمات قليلة شكر فيها لجنة التحكيم على منحه الجائزة قم اختفى من بين الجمع قاصدًا غرفة الفندق، ثم انتقل مباشرة إلى مطار أبوظبي واستقل الطائرة عائدًا إلى بيروت.

ومنذ هذا اليوم، أي منذ عام 2012، لم يظهر ربيع أمام الإعلام مطلقًا، ولكنه حافظ على علاقة الكتابة بينه وبين قرائه وأصدر رواية جديد، وهي "طيور الهوليداي إن".