ديميس هاسابيس.. من عبقري ألعاب إلى رائد الذكاء الاصطناعي

يعد عالم الحاسوب البريطاني ديميس هاسابيس من الشخصيات البارزة في عالم الذكاء الاصطناعي، ومن العقول التي ساهمت بشكل كبير في تطور هذا المجال، وذلك من خلال شركته "ديب مايند" التي أصبحت من أهم شركات تطوير الخوارزميات في العالم، والتي غيرت مفاهيم التكنولوجيا الحديثة.

من هو ديميس هاسابيس؟

السير ديميس هاسابيس، هو عالم كمبيوتر وباحث في مجال الذكاء الاصطناعي، ولد في 27 يوليو عام 1976 في لندن في المملكة المتحدة، وهو أحد رواد الذكاء الاصطناعي، والرئيس التنفيذي والمؤسس لشركة "ديب مايند"، وIsomorphic Labs، كما أنه مستشار الذكاء الاصطناعي للحكومة البريطانية.

بدأ هاسابيس مسيرته المهنية كمبرمج ألعاب الفيديو، وقد بدأ مسيرته في سن مبكرة بعمر 17 عامًا، ونجح في تطوير لعبة "ثيم بارك" والتي حققت نجاحًا كبيرًا، وأكدت على موهبته.

درس هاسابيس علوم الكمبيوتر في الجامعة، وأمضى عدة سنوات في تصميم الألعاب، وذلك خلال إكمال دراسته العليا في جامعة لندن، وبمرور الوقت نمى لديه اهتمامه بالذكاء الاصطناعي.

أسس هاسابيس شركة "ديب مايند" عام 2010 مع زملائه، وقد ركزت الشركة على تطوير خوارزميات التعلم العميق والشبكات العصبية، وقد استحوذت جوجل على تلك الشركة عام 2015، وهو ما عزز من مكانتها كأحد أبرز المساهمين في تطوير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.

قاد  هاسبيس الجهود لتطوير الذكاء الاصطناعي، وقدم العديد من الإنجازات، ومنها تطوير نظام "ألفا جو"، والذي تمكن من هزيمة أفضل لاعبي "غو" في العالم، كما ركز على مجالات الصحة والعلوم والابتكارات التكنولوجية، وهو ما جعله أحد أهم الشخصيات في هذا المجال.

طفل عبقري منذ صغره

ولد ديميس هاسابيس في لندن لأب قبرصي يوناني وأم سنغافورية، وقد كان طفلًا عبقريًا منذ صغره، حيث كان قادرًا على لعب الشطرنج منذ سن الرابعة فقط، وتمكن في سن الثالثة عشرة من أن يقود العديد من فرق الشطرنج، وتصدر تصنيف الناشئين في إنجلترا.

تلقى هاسابيس تعليمه الثانوي في مدرسة الملكة إليزابيث، وبعدها أكمل تعليمه في المنزل على يد والديه، وخلال تلك الفترةن بدأ اهتمامه بالكمبيوتر بعدما حصل على أول جهاز كمبيوتر له التي حصل عليها من أرباح مسابقات الشطرنج.

علّم هاسابيس نفسه كيفية البرمجة من خلال قراءة الكتب، وبعدها التحق بمدرسة كريستس كوليدج، وأنهى دراسته الثانوية في سن مبكرة بعمر 16 عامًا.

بدأ مسيرته المهنية بسن الـ17

بعدما حصل على الشهادة الثانوية، طلبت منه جامعة كامبريدج الانتظار لعام واحد فقط بسبب صغر سنه، وفي هذه السنة، بدأ مسيرته المهنية كمبرمج في شركة Bullfrog Productions لتطوير ألعاب الفيديو، وفي سن 17 عامًا، صمم وبرمج أول لعبة له، وهي لعبة Theme Park، التي كانت من أوائل ألعاب المحاكاة.

خلال فترة عمله، حصل ديميس هاسابيس على ما يكفي من الأموال لكي يدفع تكاليف دراسته في الجامعة، حيث ترك الشركة التي كان يعمل بها، والتحق بكلية كوينز في جامعة كامبريدج، وأكمل دراسات علوم الكمبيوتر، وتخرج عام 1997.

بعد تخرجه من الجامعة، عمل هاسابيس كمبرمج رئيسي للذكاء الاصطناعي في لعبة "بلا آند وايت"، التي صممتها شركة Lionhead Studios لتصميم الألعاب، وفي عام 1998، انتقل للعمل في شركة "إليكسير ستوديوز" وهي شركة تطوير ألعاب مستقلة في لندن، وعمل على تصميم عدة ألعاب، منها لعبة Republic: The Revolution، وEvil Genius .

العودة إلى الأوساط الأكاديمية

بعد سنوات من العمل كمبرمج للألعاب، قرر ديميس هاسابيس العودة إلى الأوساط الأكاديمية مرة أخرى، والتحق بجامعة كلية لندن، وحصل على درجة الدكتوراه في علم الأعصاب الإدراكي عام 2009.

كان هاسابيس يحاول من خلال دراسته فهم الدماغ البشري من أجل تصنيع خوارزميات ذكاء اصطناعي جديدة تحاكي العقل البشري. بعد الحصول على درجة الدكتوراه، واصل أبحاثه في علم الأعصاب والذكاء الاصطناعي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة هارفارد، ثم حصل على زمالة أبحاث ما بعد الدكتوراه من جامعة لندن.

خلال تلك الفترة، عمل هاسابيس في دراسة الذاكرة وفقدان الذاكرة والخيال، ونشر العديد من الأوراق البحثية، وقد نجح في تطوير خوارزمية تقدم حسابًا نظريًا لنظام الذاكرة العرضية يمكن من خلالها بناء المشهد وتوليده بشكل معقد ومتماسك، ومن ثم صيانته عبر الإنترنت، وقد حظي العمل بتغطية واسعة، وتم اختياره ضمن أفضل 10 اكتشافات علمية في مجال الذكاء الاصطناعي.

تأسيس شركة "ديب مايند"

في عام 2010، قرر ديميس هاسابيس تأسيس شركة "ديب مايند" للذكاء الاصطناعي في لندن، بالتعاون مع مصطفى سليمان وشين ليج. هدفت الشركة إلى استخدام الذكاء الاصطناعي في كل شيء من خلال تطوير خوارزميات التعلم العامة.

بدأت الشركة في تطوير خوارزميات التعلم لإتقان الألعاب، وبالفعل تمكنت من ذلك عام 2013، حيث طورت الشركة خوارزميات يمكنها لعب لعبة "أتاري". لاقى هذا الاكتشاف اهتمام كبرى شركات التكنولوجيا في العالم، وعلى رأسها جوجل، التي كانت من أوائل المستثمرين في الشركة.

في عام 2014، استحوذت جوجل على ديب مايند مقابل 400 مليون جنيه إسترليني، وتم دمجها مع شركة "جوجل هيلث". بعد الاستحواذ، حققت الشركة العديد من الإنجازات، ولعل أهمها إنشاء برنامج "ألفا جو" الذي تمكن من هزيمة بطل العالم في لعبة جو عام 2015 بنتيجة 4-1.

من الأدوات الرائدة التي أنتجتها الشركة أداة "ألفا فولد" والتي نجحت في التنبؤ بالبنية الأكثر دقة ل25 من أصل 43 بروتينًا من تسلسل الأحماض الأمينية أحادي البعد.

قدمت الشركة أيضًا عدة أبحاث عن التقدم التقني في مجال التعلم الآلي، وحققت تقدمًا كبيرًا في التعلم العميق والتعلم التعزيزي، حيث توقع هاسابيس حينها بأن الذكاء الاصطناعي سيكون أحد الأكثر التقنيات إفادة للبشرية.

جوائز وتكريمات

حصل العالم ديميس هاسابيس على العديد من الجوائز خلال مسيرته المهنية، ومنها جائزة مولارد من الجمعية الملكية، وجائزة دان ديفيد، وجائزة وايلي في العلوم الطبية الحيوية، وجائزة أميرة أستورياس للبحث التقني والعلمي، وجائزة الذكاء الاصطناعي السويسرية العالمية، وجائزة كيو للعلوم الطبية.

حصل كذلك على لقب فارس من المملكة المتحدة عن خدمات الذكاء الاصطناعي، وجائزة ألبرت لاسكر للأبحاث الطبية، وجائزة كندا جاردنر الدولية، وكما حصل على درجة فخرية من جامعة أكسفورد.

في شهر أكتوبر عام 2024، حصل العالم ديميس هاسابيس على جائزة نوبل في الكيمياء مع ديفيد بيكر وجون جامبر، وذلك بسبب عملهم على التنبؤ ببنية البروتينات باستخدام الذكاء الاصطناعي.