تمكنت عالمة الفيزياء البصرية الكندية دونا ستريكلاند من تنهي حالة الجفاف التي عانت منه المرأة في جوائز نوبل للفيزياء فأصبحت أول امرأة تحصل على جائزة نوبل في الفيزياء منذ 55 عامًا، وثالث امرأة تحصل على جائزة نوبل في مجال الفيزياء.
ساهمت العالمة دونا ستريكلاند في تطوير تقنية الليزر التي تم استخدامها بشكل واسع في جراحات العيون التصحيحية، في السطور التالية تعرف على مسيرتها المهنية ونجاحها.
من هي دونا ستريكلاند؟
دونا ثيو ستريكلاند هي عالمة فيزياء بصرية كندية رائدة في مجال الليزر النبضي وحاصلة على جائزة نوبل في الفيزياء عام 2018، ولدت في 27 مايو عام 1959 في جيلف بمدينة أونتاريو في كندا.
نشأت دونا في عائلة متعلمة، فوالدتها كانت مدرسة لغة إنجليزية، أما والدها كان مهندسًا كهربائيًا، وهي متزوجة من دوجلاس ديكار، حاصل على درجة الدكتوراه في الهندسة الكهربائية من جامعة روتشستر.
لدى دونا طفلان وهما ابنتها هانا وهي طالبة دراسات عليا في الفيزياء الفلكية من جامعة تورنتو، وابنها آدم يدرس الكوميديا في كلية هامبر.
دراستها
دونا ستريكلاند درست في معهد جيلف المهني الجامعي ثم قررت الالتحاق بجامعة ماكماستر لدراسة الفيزياء الهندسية التي شملت دراسات الليزر والبصريات الكهربائية.
كانت دونا واحدة من بين 3 نساء فقط في فصل مكون من 25 طالبًا، وقد تخرجت بدرجة بكالوريوس في الفيزياء الهندسية عام 1981 ثم واصلت درجة الدراسات العليا في معهد البصريات.
حصلت دونا بعدها على درجة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة روتشستر عام 1989، وأجرت بحوثات الدكتوراه الخاصة بها في مختبر طاقة الليزر المرتبط بالجامعة، وعملت على تطوير وإعداد تجارب لرفع الطاقة القصوى لنبضات الليزر إلى جيجاوات لكل سنتميتر مربع.
مسيرتها المهنية
بداية من عام 1988 وحتى عام 1991 شاركت دونا ستريكلاند في بحث مشترك في المجلس الوطني للبحوث في كندا، وعملت على قسم الظواهر فائقة السرعة، وقد أنتج هذا البحث أقوى ليزر قصير النبض في العالم.
من عام 1991 ولمدة عام شاركت في قسم الليزر في مختبر لورانس لفيرموز الوطني، كما انضمت إلى الطاقم الفني لمركز التكنولوجيا المتقدمة للضوئيات والمواد البصرية في جامعة برينستون.
عملت دونا أيضًا كأستاذ مساعد في جامعة واترلو في عام 1997 ثم بعدها أصبحت أستاذ متفرغاً في الجامعة نفسها، وفي الجامعة قادت مجموعة بحثية حول ليزر فائق السرعة.
ركزت أعمال دونا ستريكلاند على تطوير العلوم البصرية فائقة السرعة إلى نطاقات أطوال موجية جديدة مثل الأشعة تحت الحمراء المتوسطة والأشعة فوق البنفسجية، وقد استخدمت تقنيات عدة مثل تقنية اللونين أو الترددات المتعددة.
في عام 2008 شغلت دونا منصب نائب الرئيس في مركز أوبتيكا، وحاليًا تعمل رئي اللجنة الاستشارية لشركة أوبتيكا، وهي عضو ومديرة إدارة الشؤون الأكاديمية للجمعية الكندية لعلماء الفيزياء.
أبحاث دونا ستريكلاند
اهتمت دونا ستريكلاند بشكل أساسي بعلم الليزر، وقد أجرت في المختبر العديد من التجارب حول زيادة التركيز الذاتي لنبضات الليزر على العين.
وفي عام 1985 توصلت إلى تقنية متمثلة في "تضخيم النبضة" والتي تعمل على تمديد نبضة الليزر طيفيًا وزمنيًا قبل تضخيمها وهو ما أدى إلى توليد نبضات بصرية فائقة القصر من شدة تيراوات إلى بيتاوات. سمحت التقنية التي توصلت إليها تلك إلى بناء أنظمة ليزر صغيرة وعالية الطاقة يمكن استخدامها بصريًا.
حصولها على جائزة نوبل في الفيزياء
في عام 2018 حصلت العالمة الكندية دونا ستريكلاند على جائزة نوبل في الفيزياء مع جيرار مورو من فرنسا وآرثر آشكين من الولايات المتحدة بسبب جهودهم في تطوير مضخم لنبضات الليزر، وكان هذا الاكتشاف واحد من أهم الاكتشافات في تكنولوجيا الليزر في العقود الأخيرة.
ساعد هذا الاكتشاف على توليد نبضات ليزرية قصيرة جدًا ولكن عالية الطاقة، وقد استخدمت نبضات الليزر تلك في مجالات عدة منها جراحة العيون بالليزر والمعالجة الدقيقة للمواد والاتصالات البصرية فضلًا عن دخولها في دراسات الفيزياء الأساسية.
ولكي نفهم دور هذا الاكتشاف في علم البصريات علينا أن نعرف كيف كان شكل الليزر قبله، فقبل اكتشاف ستريكلاند كان من الصعب توليد نبضات ليزر قصيرة وعالية الطاقة، وكانت النبضات الليزرية طويلة نسبيًا وهو ما يجعل من الصعب التحكم فيها واستخدامها في التطبيقات العملية.
وقد طورت ستريكلاند مضخمًا جديدًا لليزر اعتمد على مبدأ التضخيم البصري غير الخطي يسمح بتكوين نبضات قصيرة يمكن السيطرة عليها، وقد كان لهذا الاكتشاف تأثير كبير في العديد من المجالات العلمية والتكنولوجية.
بفوزها بهذه الجائزة أصبحت دونا ستريكلاند ثالث امرأة تحصل على جائزة نوبل في الفيزياء منذ 55 عامًا، إلى جانب ماري كوري التي حصلت على الجائزة عام 1905 وماريا غوبيرت ماير التي حصلت على الجائزة عام 1963.
وقد بلغت قيمة الجائزة الإجمالية 9 ملايين كورونا سويدية، وخلال فوزها قالت دونا: "في بادئ الأمر، كنت أفكّر فيما إذا كان الأمر ضرباً من الجنون. وكنت أفكّر فيما إذا كان الأمر حقيقيًا".
حصلت ستريكلاند على جائزة نوبل في الفيزياء وهي لم تصل إلى رتبة أستاذ كامل، وقد ردت على هذا الأمر، وقالت: "لم أتقدم قط للحصول على منصب الأستاذية، ولم أقم بملء الأوراق مطلقًا، أفعل ما أريد القيام به ولم يكن ذلك يستحق القيام به".
بعد حصولها على جائزة نوبل تقدمت ستريكلاند بطلب للحصول على منصب أستاذ كامل وبالفعل تمت ترقيتها وهي تدرس في جامعة واترلو حاليًا.