ابنة شبرا التي انتحر الكثير من عشاقها وأنهت حياتها منتحرة، إنها النجمة العالمية داليدا التي ولدت في حي شبرا في العاصمة المصرية بالقاهرة لأبوين مهاجرين من جنوب إيطاليا وحققت شهرة عالمية في الغناء ورغم نجاحها إلا أن حياتها كانت تعيسة، في السطور التالية تعرف على حياتها ومسيرتها الفنية.
حياة داليدا ونشأتها
اسمها الحقيقي يولندا كريستينا جيجيليوتي هي مغنية إيطالية ولدت في 17 يناير عام 1933 في حي شبرا بالقاهرة لأبوين مهاجرين من جزيرة كالابريا في جنوب إيطاليا، وهي الأخت الوسطى بين شقيقين، وهما أورلاندو وبرونو.
والدها، بيترو جيجليوتي، أول عازف كمان في أوبرا القاهرة، أما والدتها، فيلومينا جوزيبينا دي ألبا فكانت تعمل خياطة.
في سن الرابعة، عانت من التهاب في العين وأمر طبيبها بارتداء ضمادة على عينيها لمدة 40 يومًا، وفي نهاية فترة الضمادة كانت شديدة الحول وخضعت لعدة عمليات جراحية تصحيحية في مرحلة الطفولة، وفي بداية الثمانينيات خضعت لعمليات جراحية أخرى.
التحقت يولاندا بمدرسة ماريا أوسيلياتريس التجارية الفنية، وهي مدرسة كاثوليكية إيطالية تقع في شمال شبرا، وعند اندلاع الحرب العالمية الثانية، اعتقل والدها، مثله مثل جميع المهاجرين الإيطاليين، من قبل القوات البريطانية في معسكر فايد في الصحراء بالقرب من القاهرة.
بعد سنوات عاد والدها من معسكر أسرى الحرب عام 1944، ورغم أن الأسرة كانت تنتظر عودته، ولكنه عاد متغيرًا تمامًا فأصبح شخصًا عنيفًا يعاني من صداع نصفي، ولم يتمكن من العودة إلى العمل، ثم مات في العام التالي بسكتة دماغية.
في السابعة عشرة شاركت إيولاندا في مسابقة ملكة جمال أوندين وحصلت على المركز الثاني وفتحت لها أبواب عالم السينما وشاركت لأول مرة في فيلم The Queen of the Pyramids عام 1954، كما شاركت في عدة أفلام أخرى.
علاقاتها وأزواجها
عانت الفنانة العالمية داليدا من علاقات عاطفية متوترة طوال حياتها وكان هذا سببًا رئيسيًا في معاناتها في الحياة، فقد تزوجت أكثر من مرة وانتحر معظم أحبائها.
زوجها لوسيان موريس
في عام 1961 تزوجت داليدا من لوسيان موريس، مدير راديو أوروبا 1، والتقت به قبل بضع سنوات في أثناء تسجيل أغنيتها "بامبينو"، لكن هذا الزواج لم يدم إلا شهرا واحدا فقط؛ لأن داليدا قررت الطلاق بعد لقائها في مدينة كان الفرنسية بالرسام والممثل المبتدئ جان سوبيسكي.
وقعت في حبه سريعًا وعاشت معه في نويي لبضعة أشهر، وبعد الطلاق، لم تتدهور العلاقة بين داليدا ولوسيان وظلا صديقين حميمين.
بسبب زواجها من لوسيان حصلت على الجنسية الفرنسية باسم يولاند جيجليوتي، مع الاحتفاظ بالجنسية الإيطالية.
كانت هذه فترة صعبة بالنسبة لداليدا من وجهة نظر مهنية لأنها قررت عدم الاستفادة من دعم لوسيان، الذي ساعدها حتى ذلك الحين في شق طريقها الفني في فرنسا، وفي عام 1970 انتحر زوجها الأول لوسيان موريس بإطلاق النار على رأسه.
علاقتها بولويجي تينكو ومحاولتها الانتحار
في عام 1966 انفصلت داليدا عن حبيبها كريستيان دي لا مازيير بعد علاقة دامت 3 سنوات، وبدأت علاقة مع لويجي تينكو الذي كان يقوم بحملة دعائية لإحدى شركات التسجيل التي تعمل معهم.
شاركت داليدا في مهرجان سان ريمو عام 1967 وغنت فيه أغنيتها الشهيرة Ciao amore ciao التي كتبه اتينكو، وفي هذا الحفل قررت هيئة التحكيم عدم عرض الأغنية في المهرجان وهو ما سبب له الإحباط.
قررت داليدا أن تنضم إليه في الغرفة بسبب قلقها عليه، ولكنها اكتشفت فور دخولها الغرفة أنه انتحر برصاصة مسدس.
وبعد انتحاره عادت إلى إيطاليا لزيارة عائلته حبيبها وفي غرفته تناولت جرعة قاتلة من عقار الباربيتورات، وعثرت عليها الخادمة بالصدفة وتم نقلها إلى المستشفى وظلت في غيبوبة لمدة 6 أيام.
علاقتها مع لوسيو وأرنود ديجاردان
بعد بضعة أشهر من محاولة انتحارها بدأت داليدا علاقة مع لوسيو وأرنود ديجاردان وهو طلب إيطالي يبلغ من العمر 22 عامًا وأصحبت حاملًا منه، ولكنها قررت إجراء عملية إجهاض.
في هذه الفترة كان الإجهاض غير قانوني، لذا أجرتها في السر، ولكن تسببت لها العملية بمضاعفات وظلت عقيمة للأبد، وبسبب وفاة حبيبها ومحاولة انتحارها فضلًا عن عواقب الإجهاش اتجهت إلى دراسة التحليل النفسي.
بين عامي 1969 و1971 كانت على علاقة مع الفيلسوف أرنو ديجاردان الذي أنهى علاقته بها لأنه كان متزوجًا بالفعل.
علاقتها مع ريتشارد تشانفراي وفرانسوا نودي
في عام 1972 التقت بريتشارد تشانفراي، وكانت علاقتها به هي الأطول طوال حياتها، حيث استمرت لمدة 9 أعوام، ولكن انتهت العلاقة عام 1981، وانتحر حبيبها مع حبيبته الجديدة عام 1983.
أما العلاقة الأخيرة في حياتها كانت مع الطبيب فرانسوا نودي في نهاية عام 1985 وانتهت في بداية عام 1987، وكانت علاقة سيئة زادت من اكتئابها وكانت أحد أسباب انتحارها في شهر مايو من العام نفسه.
وفاتها
عانت داليدا من العديد من التجارب القاسية التي دفعتها للانتحار، وأولها انتحار حبيبها لويكي تينكو وحاولت الانتحار بعدها، ثم انتحار زوجها السابق لوسيان موريس عام 1970، وانتحار حبيبها ريتشارد تشانفراي عام 1983.
في 2 مايو عام 1987 كانت داليدا لوحدها في منزلها في فرنسا حينما قررت تناول جرعة كبيرة من عقار الباربيتورات مصحوبة بكوب من الويسكي الذي زاد من تأثير الدواء.
توفيت داليدا في تلك الليلة بعد عشرين عامًا من محاولة انتحارها الأول، وتم العثور على مذكرة مكتوبة بخط اليد مكتوب فيها "الحياة لا تطاق بالنسبة لي، سامحوني".
دفنت داليدا في مقبرة مونمارتر في باريس، وعلى قبرها يوجد تمثال تذكاري بالحجم الطبيعي بعينين مغمضتين تتجهان نحو القبر، وتم دفن شقيقها الأكبر أورلاندو، الذي توفي في 5 سبتمبر 1992، في نفس القبر مع والدتهما فيلومينا دي ألبا، التي توفيت عام 1971، وخالتهم جيورجيا جيجليوتي التي توفيت عام 1968.
وكان آخر حفل موسيقي في مدينة أداليا التركية، في 29 أبريل 1987، بحضور رئيس الجمهورية التركية كنعان إيفرين.
حياتها الفنية
بدأت داليدا حياتها المهنية في مصر وقد شاركت في العديد من الأفلام السينمائية، ولكي تحصل على مستقبل مهني أفضل قررت مغادرة مصر عام 1954 وانتقلت إلى باريس، وهناك حصلت على اسم "داليدا" بدلًا من يولندا بناء على نصيحة الكاتب المسرحي ألفريد ماتشارد.
وفي فرنسا لعبت داليدا العديد من الأفلام السينمائية منها فيلم Rapt au deuxième bureau، وبعدها غنت في الإذاعة عدة أغاني منها Dans le bleu du ciel bleu.
في عام 1964 كانت داليدا أول امرأة تفوز بلاتينية لبيعها أكثر من 10 ملايين سجل، وفي العام التالي لعبت دور البطولة في فيلم Ménage all'italiana.
شاركت داليدا في العديد من الحفلات والمهرجانات الفنية، وقد تميزت بفضل تعدد غنائها بعدة لغات منها الفرنسية والإيطالية والعربية، كما أنها اشتهرت بترجمة الأغاني الإيطالية وتقديمها باللغة الفرنسية.
في عام 1986، قامت ببطولة فيلم اليوم السادس في مصر، وتم اختيار منطقة شبرا، الحي الذي عاشت فيه وهي طفلة، للتصوير، وقد تلقى الفيلم استحسان النقاد.
أشهر أغانيها
قدمت داليدا العديد من الأغنيات الناجحة التي لا تزال تُسمع حتى يومنا هذا، ولعل أهم هذه الأغنيات أغنية "أحسن ناس" عام 1979 من كلمات صلاح جاهين وألحان سمير حبيب، وفي العام نفسه قدمت أغنية "حلوة يا بلدي" من كلمات مروان سعادة وألحان بليغ حمدي.
كما غنت أغنية "أغاني أغاني" من كلمات صلاح جاهين وألحان بليغ حمي، وآخر أغنياتها التي قدمتها باللغة العربية أغنية "جميل الصورة" من كلمات صلاح جاهين أيضًا وألحان جيف بارنيل.
أما أشهر أغنياتها باللغة الفرنسية أغنية Je suis malade وهي أغنية للفنان الفرنسي سارج لاما وحققت نجاحًا ساحقًا حينما غنتها داليدا عام 1974.
