برنارد شور العرب، وأحد أعمدة صحيفة الشرق الأوسط الذي عمل فيها منذ الثمانينات، ورائد الكتابة الساخرة، إنه الكاتب العراقي خالد القشطيني الذي رحل عن عمر 94 عامًا بعيدًا عن وطنه، وكتب باللغتين العربية والإنجليزية، وله العديد من الكتب والمؤلفات، وفي السطور التالية تعرف على مسيرته وحياته.
من هو خالد القشطيني؟
هو صحفي وكاتب ومؤلف عراقي ولد في منطقة الكرخ بالعاصمة العراقية بغداد في عام 1929. كان والده يعمل معلمًا ويعود له الفضل في تعليم ابنه الثقافة.
درس القشطيني في كلية الحقوق وتخرج فيها عام 1953، كما تخرج في معهد الفنون الجميلة قسم الرسم عام 1952، وبعد التخرج حصل على منحة حكومية لدراسة الرسم والتصميم المسرحية في بريطانان ودرس فيها حتى عام 1957.
عاد القشطيني بعدها إلى العراق، ودرّس في معهد الفنون الجميلة لمدة عامين، ثم غادر العراق متجهًا إلى بريطانيا وعمل في الإذاعة البريطانية حتى عام 1964، ثم استقال ليبدأ مسيرته المهنية في الكتابة والتأليف.
تنوعت مؤلفات القشطيني وإسهاماته الأدبية بين الكتب الأدبية والسياسية والمسرحيات، فضلًا عن المقالات الساخرة التي عُرف بها من خلال عموده الساخر في صحيفة الشرق الأوسط التي كتب فيها لسنوات.
وفاة خالد القشطيني
رحل الكاتب العراقي خالد القشطيني عن عمر 94 عامًا في الخامس من يونيو 2023 في العاصمة البريطانية لندن بعد صراع مع المرض، وقد نشرت صفحة آل قشطيني على فيسبوك خبر وفاته وجاء فيه: " بقلوب مطمئنة ومؤمنة بقضاء الله تعالى وقدره، تلقينا نبأ وفاة خالد القشطيني عمنا الغالي والكاتب المعروف الذي وافته المنية السبت الماضي 3 يونيو/ حزيران في لندن عن عمر جاوز التسعين عاماً مليئة بالذكريات والحنين لبلده الأصلي العراق".
وتابع البيان: "أسهم القشطيني في تطوير الحركة الثقافية والفكرية العربية التي أثراها بمؤلفاته ومقالاته الساخرة المليئة بالحكمة والمواكبة لحال أمته العربية".
وبعد وفاته نعاه العديد من الشخصيات الأدبية والهامة في الشرق الأوسط، منهم الكاتب والصحفي عثمان العمير، والصحفي منتظر ناصر، ورئيس تحرير صحيفة الشرق الأوسط غسان شربل، كما نعاه ولي عهد دبي الشيخ حمدان بن محمد آل مكتوم في تغريدة على حسابه على تويتر كتب فيها: "الصحافي والكاتب العراقي وصاحب القلم المبدع الذي أثرى بمنشوراته عالمنا العربي ... برحيله يفقد الإعلام العربي رمزا من رموز الإبداع".
مسيرته الأدبية
بدأ الكاتب خالد القشطيني مسيرته الأدبية بداية من عام 1964 حينما استقال من الإذاعة البريطانية وتفرغ للكتابة، فكتب العديد من المسرحيات باللغتين العربية والإنجليزية، كما اشتهر بأسلوبه الساخر والفكاهي حينما يتناول الموضوعات الاجتماعية والسياسية في مقالاته.
كان للراحل إسهامات كثيرة في المجال الأدبي، وقد نشر العديد من الكتب السياسية، منها "الحكم غيابًا"، و"فلسطين عبر العصور"، و"نحو اللاعنف"، كما كانت له إسهامات في الكتابة الأدبية والفنية، ومن أبرز كتبه "الساقطة المتمردة".
كتب كذلك العديد من المسرحيات، منه "البرميل"، وقد نشر العديد من المقالات والقصص القصيرة بأسلوب ساخر وفكاهي، وفي السنوات الأخيرة اشتهرت بزاويته في صحيفة "الشرق الأوسط اللندنية" باسم "صباح الخير"، أو "أبيض أسود".
للراحل أيضًا العديد من الترجمات لعدة كتب سياسية مختلفة، وصدرت له رواية باللغة الإنجليزية عام 1997 بعنوان "حكايات من بغداد القديمة- أنا وجدتي"، كما أصدر مجموعة قصصية باللغة العربية اسمها "من شارع الرشيد إلى أكسفورد استريت- حكايات للضحك والبكاء".
مقالات خالد القشطيني
كتب خالد القشطيني العديد من المقالات في الصحفة، وأبرزها صحيفة "الشرق الأوسط" فضلًا عن صحف أخرى منه "اليوم"، و"الوفد"، و"اللواء"، و"العربية"، و"يوروتايمز"، ومجلة "المجلة".
وفي عموده اليومي الساخر في الشرق الأوسط كان يتناول موضوعات اجتماعية وسياسية وأمورًا يومية تهم القارئ العربي بأسلوب مبسط يغلب عليه أسلوب الحكاية، وابتعد تمامًا عن التنظير والتعقيد والإنشاء في كتابته، فقد كانت كتابته مادة غنية بالمعلومات تتضمن أحيانًا أحداثًا تاريخية وعبر بشكل غير مباشر.
وقد اشتهر عموده "أبيض وأسود" بشكل كبير في الوطن العربي وأشاد به العديد من النقاد، ومنهم الناقد المصري محمد مندور الملقب بشيخ نقاد العرب، الذي كتب مراجعة نقدية لإحدى مقالات القشطيني، وقال عنها أنها مثال يحتذى به الكتاب والنقاد العرب.
وعن لجوئه للسخرية في كتاباته برر الكاتب خالد القشطيني ساخرًا كعادته: "أعتقد أن أمي حينما أنجبتني كنت أحمل جريدة تحت إبطي! كما أن الفكاهة والسخرية تسريان في دمي منذ الطفولة".
رغم إبداع القشطيني في الكتابة الصحفية التي استمر فيها لسنوات واشتهر بسببها في الوطن العربي والشرق الأوسط إلا أنه أعد نفسه كاتبًا وليس صحافيًا.
حصل القشطيني على جائزة العامود الصحفي المقدمة من جائزة الصحافة العربية بالإمارات العربية المتحدة عام 2015.
كُتب خالد القشطيني
ألّف خالد القشطيني العديد من المؤلفات، ومنها "فكاهات الجوع والجوعيات"، و"أيام عراقية"، و"حكايات من بغداد القديمة"، و"ما قيل ما يقول"، و"من أجل السلام والإسلام"، و"عالم ضاحك.. فكاهات الشعوب ونكاتها"، و"الوقت في العراق وإنجلترا".
كانت له كتب سياسية، منها "السخرية السياسية العربية"، و"التجربة الديمقراطية في عمان"، و"نحو اللا عنف" وغيرها.
وفي السنوات الأخيرة نشر القشطيني كتابًا عن سيرته الذاتية بعنوان "زمن في العراق إنجلترا" وتحدث في الكتاب عن شخصيته منذ ولادته ونشأته في العراق.
وما شجعه على كتابة سيرة الذاتية كانت زوجته الإنجليزية التي أنجب منها ولدين، حيث تزوجته وهي لا تعرف الكثير من الجوانب عن حياته وحياة أسرته في العراق، لذا دعته لكتابة بضع صفحات لأولاده يشرح فيها عن خليفته ومنشأه.
لاحظ القشطيني بمرور الوقت أن ما كتبه لم يكن عرضًا لحياته، وإنما لحياة المجتمع العراقي آنذاك، لذا قرر أن يتوسع في الموضوع ليون كتابًا، وقد كتب سيرته باللغة الإنجليزية، وتضمن الكثير من الطرائف، وتميز أسلوبه بالجرأة كما اعتاد في عموده الصحفي وكتاباته الأخرى، وتطرق إلى الحديث عن أسرار وحقائق صعبة عن حياته الشخصية.