كانت نهاية الستينيات هي الفترة التي كانت انطلاقة العديد من الفنانين الكبار ومنهم الفنان السعودي حيدر فكري الذي برع في الفن لأكثر من 40 عامًا، وعلى الرغم من فقدانه حاسة البصر، ولكن لم يمنعه ذلك من إبراز موهبته، تعرف على مسيرته في السطور التالية.
حياة حيدر فكري ونشأته
هو مطرب سعودي ولد في عام 1944 في المملكة العربية السعودية، وولد كفيفًا، ولكن لم يمنعه ذلك من إبراز موهبته في صغره، حيث بدأ بالغناء وعمره 13 عامًا.
التقى حيدر بالفنان طلال مداح في طفولته، وأدى أمامه إحدى أغانيه "وردك يا زراع الورد" أمام مجموعة من عمالقة الفن في السعودية أمثال الموسيقار طارق عبد الحكيم، وحسن دردير ولطفي زيني وغيرهم.
أبدع الفنان حيدر مع الفنانة السعودي عتاب خلال الجلسات الفنية، وقدما معًا عدداً من الجلسات الفنية الناجحة.
تزوج حيدر من سيدتين الأولى اسمها أم طارق، والثانية اسمها أم يوسف، ويعيشان في منزل متواضع في أحد حواري الفيصلية في الرياض.
كان حيدر يعرف القراءة والكتابة بلغة برايل، ولم يمنعه العمى من متابعة دروس أبنائه، وكان كثيرًا ما يجلس على طابعته ليكتب، وعرضت عليه جمعية الثقافة الفنون الخرج من الحي الذي يعيش به، ولكنه رفض لرغبته في البقاء بين أهله وأقاربه.
وفاته
توفي حيدر فكري في 2 مارس عام 2006 بعد أن ترك إرثًا فنيًا خالدًا ومميزًا عُرف من خلاله في السعودية والخليج، وعلى الرغم من إسهاماته في الفن ولكنه رحل وحيدًا ولم يهتم به أحد من زملائه في الوسط الفني، كما لم يقدم أحد لتعزيته سوى عدد قليل من زملائه في العمل.
توفي حيدر بسبب انزلاق قدمه على الدرج، ونقل إلى المستشفى وتبين أنه أصيب بارتجاج في المخ، وتوفي بعد خروجه من المستشفى بأيام.
قبل وفاته كان يعمل حيدر في الرئاسة العامة لرعاية الشباب، وأحيل للتعاقد عام 2004 قبل سنتين من وفاته براتب 3500 ريال وكان البنك يأخذ مبلغًا منها بسبب قرض سابق له.
مشواره الفني
بدأ الفنان السعودي حيدر فكري مشواره الفني في سن مبكر، حيث غنى لأول مرة أمام الفنان طلال مداح وعمره 13 عامًا أغنية "الورد يا زارع الورد" وقدم هذه الأغنية أمام مجموعة من الفنانين منهم الملحن الراحل عبد الله محمد، والموسيقار طارق عبد الحكيم، ولطفي زيني، وحسن درير وغيرهم.
انتقل حيدر بعد ذلك للدراسة الموسيقى في القاهرة، حيث كان بحاجة إلى صقل موهبته الفنية بشكل أكاديمي، ولأنه كان كفيفيًا اعتمد على لغة برايل إضافة إلى السمع لكي يتعلم.
درس حيدر على يد الموسيقار محمد عبد الوهاب، وحصل في نهاية دراسته على شهادة قدمها لها رئيس لجنة تأهيل الدراسين الموسيقار محمد عبد الوهاب، كما كان من ضمن أعضاء اللجنة وجدي الحكيم، وفؤاد حسن.
عاد حيدر بعد ذلك إلى المملكة وبدأ حياته الفنية في قسم الفنون الشعبية، وامتلك حيدر الإحساس الموسيقي، فضلًا عن معلوماته العامة الموسيقية نظرًا لدراسته الأكاديمية في مصر، حيث درس الكورال والمقامات والأداء.
قدم حيدر باكورة أعماله الفنية "ورد يا زارع الورد" وهو الأداء التي أعادت إحياء المنافسة في الأغنية، وأعماله الفنية القادمة قادته إلى منافسة النجوم في زمانه، أمثال طلال مداح، وسعد إبراهيم، ومحمد عبده.
قدم حيدر أغاني ناجحة، منها "هدانا الزهر"، وأراجع البسطة"، و"أغنية "ودعتني" للشاعر أحمد الجريفاني من حائل كانت تعد من كلاسيكية الفن الشامل في السعودية، وذلك من حيث اللحن والأداء والكلمة.
تميزت أغنية "ودعتني" بأنها أغنية شاملة، فقد شملت العديد من الكلمات من المناطق السعودية، وتميزت كذلك بابتعادها عن الكلام الشعبي من ناحية المعنى والتصوير اللحني، وتعد هذه الأغنية من أشهر أغانيه، والتي يقول فيها:
ودعتني وتقول ترجع بعد عام
وأقول مدري يامضنة عيوني
ما يندرى يا زين عن سّر الأيام
عسى عيوني تشوف من ودعوني
تلعب بي الأيام وتزيد الأحلام
وتعّز لقيانا وتكثر ظنوني
وتقول لي قلبك من الوجد ما نام
وأقول أنا العذال بك سامحوني
ليتك حرجت القلب يا زين بسهام
كان ابتعدت عن الذي يجرحوني
لكن سهامك ورّد ما يرث آلام
يا ليتني وردً لجل تشتروني
وتزيد في سومك على كل من سام
وعلى جوانب بيتكم تزرعوني.
علاقاته بالفنانين وتضييعه لفرص ذهبية
كان حيدر على علاقة صداقة قوية مع الموسيقار محمد عبد الوهاب على الرغم من بعد المسافة بينهما، ولقاءاتهما القليلة. كان أيضًا على علاقة صداقة مع الموسيقار سيد مكاوي رحمه الله، وكان من أعز أصدقائه.
بالإضافة إلى صداقته الجيدة مع عمالقة الفن في المملكة، ولكنه لم يستغل تلك الصداقات الكثير في العالم العربي والمملكة رفض العديد من العروض التي كان من الممكن أن تزيد من شهرته في الوطن العربي.
وحكى حيدر فكري في أحد اللقاءات الصحفية أنه تذكر حفلًا للمطربة وردة الجزائرية عام 1977 وكان يحضره، وغنت وردة في الحفل أغنية "أوقاتي بتحلو" من ألحان سيد مكاوي، وكان هذا اللحن من المفترض أن يكون لأم كلثوم ولكنها توفت قبل غنائه، وتغنت به وردة.
ولما انتهت الحفلة طُلب من حيدر أن يغني هذه الأغنية، ولكنه رفض، ولما عاد إلى المملكة غناها حيدر في شريط بمشاركة آلة العود وأرسلها إلى سيد مكاوي، فاتصل به وقال له تعالَ وقدمها في حفلة في القاهرة ولكنه رفض مرة أخرى.
وسبب رفضه أن الناس سمعت هذه الأغنية بصوت وردة، ولن يحبوها بصوت شخص آخر. أيضًا جهز له الملحن بليغ حمدي أغنية بعنوان "آخر ليلة" وتقابلا في جدة للاتفاق على الأغنية، ولكن لم تسمح ظروفه وأصبح اللحن لشادية في النهاية.
كان حيدر أيضًا على علاقة صداقة قوية مع الفنان وديع الصافي، ولم تنقطع جلساتهما الفنية سواء في جدة أو بيروت، وكان وديع مغرمًا بصوت حيدر، كما أعجب بصوته الفنان ممد الموجي، حيث تعرف عليه بزواج عبد الله بن طلال.
في حفل الزفاف غنى حيدر أغنيتين، وحينها طلب منه طلال أن يغني من ألحان محمد الموجي، وسافر حيدر إلى القاهرة للأستاذ الموجي ولكنه وجده مريضًا ولم يكن الوقت مناسبًا للحديث عن الفن.