جمع الدكتور حسن الحفناوي بين حبه للفن وشغفه بالطب، اشتهر بكونه زوج أم كلثوم، ولكنه في الحقيقة واحد من أهم وأشهر الأطباء المصريين، فشغل العديد من المناصب وكان له دور في تطور قسم الجلدية في القصر العيني، في السطور التالية تعرف على مسيرته المهنية وقصة حياته.
ولد حسن السيد الحفناوي في 8 أغسطس عام 1915، وهو من مواليد مدينة أسيوط لعائلة ميسورة الحال، ووالده من كبار تجارة الأقمشة.
تربى الحفناوي في كنف عائلة كبيرة تهتم بمكارم الأخلاق، وتحترم وتحفاظ على التقاليد المصرية الأصيلة، أما حياته العلمية فحصل على شهادة البكالوريا بتفوق أو الثانوية العامة آنذاك عام 1933 من مدرسة أسيوط الثانوية التي أصبحت بعد ذلك مقرًا لجامعة أسيوط.
ولأنه تخرج بتفوق وكان من الأوائل على مدرسته التحق بكلية الطب جامعة فؤاد، والتي أصحبت الآن القصر العيني أو جامعة القاهرة.
تخرج حفناوي في كلية الطب عام 1940، وكان من الأوائل على دفعته، وكرمه الملك فاروق مع زملائه، ومنحهم بعثة تدريبية إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث تدرب هناك في مستشفيات نيويورك.
بعد عودته إلى مصر عُين بقسم الأمراض الجلدية، وبعدها حصل على درجة الدكتوراه في الأمراض الجلدية وعُين مدرسًا في القصر العيني عام 1945.
التدرج الوظيفي للحفناوي كان مبهرًا، فمهارته أهلته أن يُصبح أستاذًا مرموقًا للأمراض الجلدية والتناسلية وذلك في عام 1955.
كان الدكتور حسن الحفناوي صاحب إنجازات علمية مهمة، أهًّلته ليصبح أشهر أساتذة مصر، كما أنه كان معروفًا في الأوساط العلمية الأجنبية.
وعلى رأس إنجازاته ومكانته العلمية أنه كان عضوًا في الجمعيات العلمية العالمية، كما نشر العديد من الأبحاث العلمية في الدوريات والمجلات العلمية العالمية المرموقة.
فضلًا عن الإضافات العلمية المميزة التي سُجلت باسمه، حيث اكتشف الحفناوي أمراضًا جلديًا لم تكن معروفة من قبل وعرَّفها في أبحاثه الأكاديمية.
حصل الحفناوي على جائزة الدولة التشجيعية في العلوم الطبية عام 1956، وكان الطبيب العربي الوحيد الذي مثًّل مصر في المؤتمر الطبي العالمي للأمراض الجلدي الذي عُقد في مدينة ميونيخ عام 1967.
وفي هذا المؤتمر حضر ما يزيد عن 3800 طبيب من مختلف العالم، وقدم فيها الحفناوي دراسة، وعرض شريطًا سينمائيًا عن مرض جلدي مجهول الهوية.
بعد هذه الدراسة دوت قاعة المؤتمر الطبي عاصفة من التصفيق المطول للحفناوي تقدريبًا لدراسته القيَّمة التي كان لها دور بارز في تطور مجال الجلدية.
شاهد أيضًا: علاج فعال لحروق الشمس
حسن السيد الحفناوي زوج أم كلثوم هكذا كان يعرف الناس الحفناوي، فاكتسب شهرة شعبية بعيدة عن مجاله من زواجه من كوكب الشرق أم كلثوم؟ فكيف بدأت قصتهما؟
كان الحفناوي محبًا للفن، وكان من أصحاب الصفوف الأولى لحفلات أم كلثوم، ولما تجاوزت أم كلثوم الخمسين أصيبت ببقع انتشرت على جلدها، فحصلت على استشارة من الطبيب الحفناوي الأستاذ المساعدة بكلية طب القصر العيني، وهنا بدأت قصتهما.
كانت هذه الزيجة محل استغراب الكثيرين، فأم كلثوم التي ينتظرها طابور طويل من العشاق ترفضهم جميعًا وتختار دكتور أصغر منها سنًا، ومتزوج ولديه أولاد!
كانت هذه الزيجة أيضًا محل اعتراض الكثيرين، فقد اعترضت صديقات أم كلثوم على فكرة الزواج، ولكنها وافقت.
كان الزواج بلا حب أو رومانسية وإنما هو أشبه بتبادل المنفعة، فرفضت أم كلثوم أن يُطلق الحفناوي زوجته، وطلبت منه الاهتمام بها وبأولاده منها.
كان الطبيب وقتها يبلغ من العمر 39 عامًا، لا يزال شابًا، بينما أم كلثوم كانت قد بلغت ال56 من عمرها، لذا اختارته لتطمئن من وجود طبيب بجوارها، وخاصة بعد إصابتها بالغدة الدرقية.
وذكر الصحفي بجريدة أخبار اليوم "مصطفى أمين" في إحدى رواياته التي نُشرت عام 1954 أن أم كلثوم كانت تشعر حينها بالوحدة، وترغب في رجل تستند إليه.
وقع الزواج بين في شهر يوليو عام 1954 في وضع أقرب للسرية، ولكن نشرت جريدة الأهرام الخبر بعد زواجهما بثلاثة أشهر، ولكن نشرت الجريدة خبرين منفصلين ولم تظهر صورة العروسين.
ولكن بعدها تدخل جمال عبد الناصر ونشر خبر الزواج بشكل أشبه بكونه بياناً عسكرياً، وجاء فيه:
"أعلن أمس عقد قران أم كلثوم على الدكتور حسن الحفناوي طبيب الجلدية بكلية القصر العيني، وقد تم الزفاف منذ وقت قصير، وستستمر أم كلثوم في الغناء بعد الزواج، وأحيت أم كلثوم حفلة نادي الجيش بمناسبة 23 يوليو وهي متزوجة، وطلبت من الصحف ألا تذيع نبأ زواجها إلا بعد انتهائها من تسجيل قصيدة الجلاء، وقد تم تسجيلها أمس الأول".
شاهد أيضًا: تعرف على مهووس أم كلثوم
كان الدكتور حسن الحفناوي زوج أم كلثوم متواضعًا وطموحًا وحتى بعد زواجه من كوكب الشرق نأى بنفسه عن الأضواء وعاش لعلمه ومرضاه وأسرته دون إعلان أو دعاية.
ولم يُغير نمط حياته وآثر أن يبقى في الظل وفي الوقت نفسه كان رجل البيت، حيث من المعروف أن أم كلثوم تكره الرجل الضعيف.
ومن هذا المنطلق حكة الصحفي يحيى الجمل في جريد المصري اليوم عام 2009 حادثة لم تُنشر من قبل، حيث حكى خلافًا دار بين الحفناوي وأم كلثوم.
ففي إحدى الأمسيات حدث خلاف بين الزوجين فضرب الحفناوي أم كلثوم ومد يده عليها، وهو ما جعل أم كلثوم تطلب عبد الناصر وهي تجهش بالبكاء، فزارها عبد الناصر في منزلها ليواسيها، وقال للحفناوي:
"يا دكتور هي زوجتك، ولا أتدخل في حياتكما ولكن هذه هي مصر، وما أظن أبدًا أنه يجوز لك أن تمتد يديك إلى مصر".
من المفارقات التي كانت في حياة الحفناوي أنه كان أصلعًا، وعلى الرغم من ذلك كانت تأتيه آلاف الخطابات من الشباب والفتيات يشكون من تساقط الشعر، ويطلبون نصحيته.
أيضًا عُرف الحفناوي أنه كان منظمًا جدًا، حيث تمكن من تنظيم حياته ما بين عمله كطبيب في عيادته وفي المستشفى والمكتبة والبحث العلمي، وبين واجباته كرجب وزوج، وقارئ، وأب.
اشتهر الحفناوي بين أقرانه بأنه كان متحدثًا لبقًا، ومحب للقراءة، ومُلم بكل شيء، من السياسة، والفن والأدب، كما أنه كان محبًا للضحك، وبشوشًا ودائم الحيوية والنشاط.
شاهد أيضًا: صلع الرجال… أسبابه وعلاجه
اشتهر حسن الحفناوي بأنه زوج أم كلثوم أكثر من اشتهاره بكونه من أكبر اختصاصي أمراض الجلدية في الشرق الأوسط، ولكن حبه بعلمه وشغفه بالفن جعله ينظر لأم كلثوم نظرة المعجزة التي لن تأتي إلى هذه الدنيا إلا مرة واحدة ولن تتكرر.
وفاة الدكتور حسن الحفناوي
ورحل عن عالمنا العالم الدكتور حسن سيد الحفناوي عن عمر يناهز واحد وسبعين عامًا، وذلك في عام 1986.