كانت قصائد الشاعر والأديب الإماراتي حبيب الصايغ من أهم النماذج والأصوات الداعية إلى الحداثة في الشعر العربي، وبجانب قصائده فقد كان رائدًا للثقافة في بلاده وبرز في مجالات إبداعية مختلفة ما بين الترجمة والأبحاث والتراث والشعر والصحافة، وعزز مكانة بلاده على الساحة الثقافية، تعرف أكثر على مسيرته وحياته.
من هو الشاعر حبيب الصايغ؟
حبيب يوسف عبد الله الصايغ هو شاعر وكاتب وصحفي أديب إماراتي ولد في إمارة أبوظبي في عام 1955 ويعد من أبرز الشخصيات الأدبية والثقافية في الإمارات والخليج العربي.
برز اسم الصايغ بشكل كبير في مجالات متعددة، وقد كان له الفضل في إحداث تطورات في شكل وبنية القصيدة العربية، ويعتبره البعض الأب الروحي للشعر الحديث في الإمارات.
اشتهر الصايغ أيضًا بكتاباته الصحفية في عدد من الجرائد العربية ومنها جريدة الخليج التي كانت له زاوية يومية فيها. شارك الصايغ في العديد من المؤتمرات والندوات العربية والعالمية وصدرت له العديد من الدواوين الشعرية التي ترجمت إلى لغات مختلفة منها الإنجليزية والفرنسية والصينية.
شغل الصايغ عددًا من المناصب الهامة، منها رئيس مجلس إدارة اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، كما أنه كان أول خليجي يشغل منصب الأمين العام للاتحاد العام للكتاب والأدباء العرب.
نشأته وتعليمه
ولد الشاعر والأديب حبيب الصايغ في إمارة أبوظبي في بيت يهتم بالعلم والأدب والثقافة، وقد نشأ نشأة دينية وعلمية، كما اهتمت عائلته بالشعر كثيرًا، فجده لوالده كان شاعرًا، بينما والده كان يعشق الأدب ويملك مكتبة ضخمة تربى الصايغ على قراءتها والاستفادة منها.
كانت البيئة التي ولد فيها الصايغ لها شديد الأثر في ميله للعلم والاطلاع والقراءة في شتى المجالات، وخاصة في الشعر والأدب والتراث، وقد قرأ عن الأدب الجاهلي والإسلامي ومال بشكل كبير إلى التراث العربي والإماراتي الذي كان سببًا في مساعدته على الإبداع بشكل أكبر.
درس الصايغ في الإمارات وحصل على إجازة في الفلسفة عام 1977، وبعدها أكمل دراسته العليا وحصل على درجة الماجستير في اللغويات الإنجليزية العربية والترجمة عام 1998 من جامعة لندن.
مسيرته المهنية
شغل الشاعر الإماراتي حبيب الصايغ خلال مسيرته المهنية العديد من المناصب الإدارية والصحفية كذلك، ومنها أنه شغل منصب رئيس اتحاد أدباء وكتاب العرب في شهر ديسمبر عام 2015 خلفًا للكاتب المصري محمد سلماوي، وقد تم انتخابه بمشاركة 16 دولة عربية.
شغل كذلك منصب مدير الإعلام الداخلي في وزارة الإعلام والثقافة عام 1977. بالإضافة إلى ذلك شغل عددًا من المناصب الصحفية، منها أنه كان رئيس تحرير صحيفة الاتحاد عام 1978، كما أسس مجلة أوراق وتولى رئاسة تحريرها في الفترة ما بين 1982 إلى 1995.
شغل الكاتب حبيب الصايغ مناصب هامة في لجان صحفية وأدبية، منها رئيس اللجنة الوطنية للصحافة الأخلاقية في الإمارات، كما شغل منصب نائب رئيس لجنة توطين وتنمية الموارد البشرية في القطاع الإعلامي، بجانب منصب رئيس وفد المجتمع المدني الإمارات في منتدى لمستقبل.
بالإضافة إلى مناصبه الإدارية فقد كان صحفيًا بارزًا في العديد من الصحف الإماراتي، منها صحيفة الاتحاد، كما أسس أول ملحق ثقافي في الإماراتي في بداية الثمانينات وحمل اسم "الفجر الثقافي".
تولى الصايغ مسؤوليات إدارية في المجال الثقافي والإعلامي، ومنها رئاسة هيئة إدارة مركز "سلطان بن زايد للثقافة والإعلام"، ورئاسة هيئة إدارة مسرح أبوظبي، كما كان رئيس هيئة إدارة بيت الشعر في أبوظبي.
قصائد حبيب الصايغ
بدأ الشاعر حبيب الصايغ كتابة الشعر في سن مبكرة، وقد كانت أول القصائد التي ألفها مهداة إلى والدته، كما تأثر بالقضايا الوطنية والعربية فنظم القصائد المتأثرة بهذه القضايا ونشرها في صحيفة مدرسة "جابر بن حيان" الثانوية وشاع اسمه بين الطلاب.
وبسبب براعته في الكتابة وصل اسمه إلى مسامع الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لذا اختاره للعمل محررًا في صحيفة الاتحاد الائية عام 1973 براتب شهري بلغ 3 آلاف درهم، وخلال عمله في طور من موهبته في الكتابة والشعر.
نشر الصايغ ديوانه الأول بعنوان "هنا بار بني عبس" عام 1980 وقد قوبل باحتفاء وإشادة كبيرة، وبعدها صدر له كتاب "التصريح الأخير للناطق باسم نفسه" لتتوالى بعدها إصداراته الشعرية منها "قصائد إلى بيروت"، و"الملام"، و"مياري" في الثمانينات.
صدرت له أيضًا "على بحر البحر"، و"وردة الكهولة"، و"غد" في التسعينيات ودواوين "رسم بياني لأسراب الزرافات"، و"في الوزن" عام 2011.
ومن نماذج أشعار حبيب الصايغ قصيدة بعنوان "نجمة" نشرت في مجموعته الشعرية "كسر في الوزن" ويقول فيها:
تتناسل في ضوء عتمتها
أو تحاول،
لكنها الآن تبهتُ أبْعَدَ
حتى تكاد تموت
وتومضُ ثانيةً
لتصارع أقداره
نجمة العنكبوت
تَتَناسَلُ مثل السلالة حيناً
وتنسَلُّ مثل الشعاعْ
ثم تذهب في دربها
غير عابئة
وهي ترعى خراف الضياعْ
ومن قصائده الأخرى قصيدة بعنوان "شراع" ويقول فيها:
على ضفاف بحر الوقت مَرَّ بغتةً شراع واحتار فيه النّاسْ
قال الغريب أنه خيوط عين الشمس
قال المغني أنه البياض
واستدرجه نحو السماء قوسْ
وقالت المرأة: بل تشكيل موج
هائج في الرأس
جوائز حبيب الصايغ
تم تكريم الشاعر حبيب الصايغ في العديد من المناسبات، فقد فاز بجائزة "تريم عمران" في فئة روّاد الصحافة عام 2004، وتم تكريمه من قبل جمعية الصحفيين الإماراتية في عام 2006 باعتباره أول صحفي إماراتي يخدم لمدة 35 عامًا في المجال الصحافي الوطني. وفي عام 2007، حصل على جائزة الدولة التقديرية في الآداب، وهذا كان لأول مرة يُمنح فيها الجائزة لشاعر.
وفي عام 2016، قام سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، بتكريمه خلال ملتقى "أوائل الإمارات"، نظرًا لتوليه منصب الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، مما جعله أول إماراتي يشغل هذا المنصب التاريخي.
متى توفي حبيب الصايغ؟
توفي الشاعر حبيب الصايغ في 20 أغسطس عام 2019 عن عمر 64 عامًا. بعد وفاته نعاه وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش عبر حسابه على منصة إكس وقال: "فقدت الإمارات الأديب المبدع وصاحب القلم العاقل والجريئ الأستاذ حبيب الصايغ، يغيب عنا حبيب وهو في قمة عطائه الأدبي والفكري والوطني".
نعته كذلك وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة معالي نورة الكعبي عبر حسابها قائلة: "فقدنا قامة ثقافية لها حضورها حتى لو واراها الثرى"، كما نعاه العديد من الشعراء والكتاب والمسؤولين في الإمارات والوطن العربي.
ولم تذكر الصحف الإماراتي سبب وفاة حبيب الصايغ، وإنما اكتفت بذكر خبر الوفاة فقط، وقد تم تشييع جنازته في العاصمة أبوظبي، وتمت الصلاة عليه في مأتم البحارنة الكبيرة، وحضر الجنازة الشيخ نهيان بن مبارك وزير التسامح، برفقة سماحة السيد علي الهاشمي مستشار الشؤون القضائية والدينية، وقد دفن في مقبرة البطين في مسقط رأسه.