جيمس براون.. أسطورة الموسيقى ملك موسيقى الفانك

طوال مسيرته الفنية التي امتدت ل50 عامًا تقريبًا استطاع المغني الأمريكي جيمس براون أن يحتل مكانة عالية في عالم الموسيقى والغناء في أمريكا والعالم، وقد حصل على العديد من الألقاب منها عراب السول وملك موسيقى الفانك، واشتهر بعروضه الراقصة على المسرح وأغنياته التي حققت نجاحًا عالميًا.

وصف براون بأنه من ضمن أعظم المطربين في كل العصور، واحتلت العديد من أغنياته المرتبة الأولى في قائمة بيلبورد 100، وقد ساهم بشكل كبير في دعم الأمريكيين السود بفضل أغنياته التي علّق فيها عن معاناة السود في بلده، ورغم شهرته ونجاحه إلا أنه عاش حياة مضطربة بين الإساءة الجسدية وتعاطي المخدرات، اعرف أكثر عن حياته ومسيرته الفنية.

من هو جيمس براون؟

جيمس جوزيف براون هو مغني وموسيقار وراقص أمريكي ولد في 3 مايو عام 1933 في كارولينا الجنوبية ويعد من أشهر نجوم الغناء في الولايات المتحدة والعالم.

عُرف براون على نطاق واسع بأنه "الأب الروحي لموسيقى السول" كما أنه شخصية محورية في تطور موسيقى الفانك، وامتد تأثيره الفني والموسيقي إلى أنواع موسيقية مختلفة منها الإيقاع والبلوز وغيرها.

عُرف براون كذلك بعروضه النشطة على المسرح وأغنياته المميزة وحركاته الراقصة على المسرح، كما أنه ركز على الإيقاعات القوية ونغمات البوق في أغنياته، وقد وصلت أغنياته إلى المرتبة الأولى على قوائم بيلبورد 100.

أصبح براون رمزًا للفخر الأمريكي الأفريقي والنشاط الاجتماعي، فقد ساهم بصوته ف يدعم حركة الحقوق المدنية، كما أن الموسيقى التي قدمها كانت مصدر إلهام للعديد من الفنانين الذين جاءوا من بعده.

دخل براون ممشى مشاهير الموسيقى والترفيه السود، وقاعة مشاهير كتاب الأغاني، كما أنه احتل المرتبة الأولى في قائمة افضل 500 فنان، والمرتبة السابعة في قائمة رولينج ستون ل أعظم 100 فنان على كل العصور، والمرتبة 44 لقائمتهم لأعظم 200 مطرب في كل العصور.

حياة جيمس براون ونشأته

ولد جيمس براون مدينة بارنويل في كارولينا الجنوبية، وقد نشأ في أسرة فقيرة وعاش في كوخ خشبي صغير مع والدته التي كانت تبلغ من العمر 16 عامًا، ووالده الذي كان يبلغ من العمر 21 عامًا في ذلك الوقت.

ذكر براون أن والده من أصل أفريقي أمريكي أصلي مختلط، أما والدته من أصل أمريكي أفريقي وآسيوي مختلط، كما ذكر أن اسمه كان من المفتروض أن يكون جوزيف جيمس براون ولكن تم عكس الاسم الأول والأوسط عن طريق الخطأ في شهادة الميلاد.

عاش براون حياة فقيرة في مدينة إلكو، ثم انتقلت العائلة إلى جورجيا عندما كان يبلغ من العمر 5 سنوات قريبًا، واستقرت عائلته في إحدى بيوت الدعارة التابعة لإحدى عماته، وبعدها انتقل للعيش في عمة أخرى وفي النهاية تركته والدته من أجل الزواج من رجل آخر وانتقلت إلى نيويورك.

بدأت موهبة براون في الغناء في سن مبكرة، وقد كان يقدم عروضًا غنائية في مسرح ينوكس عام 1944، كما كان يؤدي رقصات باك من أجل الترفيه عن الجنود في معسكر جوردون خلال الحرب العالمية الثانية، وتعلم العزف على البيانو والجيتار والهارمونيكا.

في سن السادسة عشر تم اتهماه بالسرقة ودخل مركز الاحتجاز، وخلال وجوده هناك شكل فرقة غنائية مكونة من أربعة أفراد وبدأ الغناء في السجن، وبسبب الغناء تمكن من الخروج من السجن سريعًا، حيث حصل على عرض من شركة تسجيل وانضم إلى مجموعة الإنجيل.

زوجات جيمس براون

تزوج جيمس براون 4 مرات، المرة الأولى من فيلم وارين عام 1953 ولديه منها ابن واحد وانفصلا عام 1969 ولكنهما حافظا على صداقة وثيقة استمرت حتى وفاته.

تزوج للمرة الثانية من ديدي جينكفينز عام 1970 ورزق منها بابنتين، ولكنهما انفصلا بعد 4 سنوات فقط بعد معاناة من العنف المنزلي، وتم الطلاق بشكل رسمي عام 1981.

في عام 1984 تزوج للمرة الثالث من أدريانا لويس رودريجز، وقد كان زواجًا مثيرًا للجدل، حيث تصدرت أخبارهما عناوين الصحف بسبب معاناتها أيضًا من العنف المنزلي، وقد انفصلت عنه عام 1988.

في عام 2002، وعندما كان براون يبلغ من العمر 69 عامًا، أعلن عن زواجه من سيدة اسمها هايني تبلغ من العمر 33 عامًا، إلا أن محاميه أعلن أن الزواج لم يكن صحيحًا لأنها كانت متزوجة بالفعل من رجل من بنجلاديش في ذلك الوقت.

وقد صرحت زوجة جيمس براون الرابعة أنها تزوجت من الرجل الأول لكي يحصل على البطاقة الخضراء وأنه تم فسخ زواجها، وحاولت أن تثبت صحة زواجها من براون.

في عام 2015 حكم القاضي على هايني بأنها الأرملة القانونية لبراون وأنها يحق لها الحصول على إرثه خلال توزيع ممتلكاته.

كان لدى براون العديد من الأطفال من زوجاته ومن نساء أخريات، وقد اعترف ب11 ابنًا منهم، ومنهم خمسة أولاد وهم تيدي، وقد توفي عام 1973 بسبب حادث سيارة، و تيري ولاري وميشيل براون وجيمس براون جونيور.

رزق أيضًا بست بنات وهم لاروندا بيتيت وياما نويولا براون وديانا براون توماس وسينامون براون وجانيت ليلينجر وفينيشا براون. كان لديه أيضًا 8 أحفاد و4 أبناء أحفاد.

دعاوى العنف المنزلي والاغتصاب

قبض على المغني الأمريكي جيمس براون أكثر من مرة بتهمة العنف المنزلي، فقد اتهمته زوجته الثالثة أدريانا أنه ضربها بأنبوب حديدي وأطلق النار على سيارتها ودخلت المستشفى بعد الاعتداء الأخير عليها عام 1995، ولكن التهمة أسطقت بعد وفاتها.

في عام 2004 ألقي القبض عليه بتهمة العنف المركزي عندما اتهمته زوجته هايني بدفعها إلى الأرض وأصيبت بخدوش وكدمات في جسدها، ولم يطعن براون في الحادثة ولكنه لم يقبض عليه.

قيل أن براون أيضًا كان عنيفًا جديدًا مع إحدى حبيباته التي تصغره بسنات واسمها تيريل، وكانت تغني معه في الفرق حيث كان يضربها حتى تنزق، كما قيلم إنها كان يضرب صديقته الحامل ويركلها في بطنها.

بالإضافة إلى ذلك اتهم براون بالاغتصاب، حيث رفعت عليه امراة اسمها جاك هولاندر دعوى قضائية عام 2005 اتهمته فيها باغتصابها عام 1988 تحت تهديد السلاح، ولكنها لم تتمكن من إثبات هذا الأمر وتم رفض القضية في النهاية.

معاناته مع الإدمان والتعاطي

عرف جيمس براون أنه كان يطرد أي عضو في فريقه بشتبه بأنه يتعاطى المخدرات أو الكحول، وكان صارمًا وقاسيًا في هذه النقطة، رغم ذلك أشارت العديد من الصحف الأمريكية أنه كان يتعاطى المخدرات حلال الثمانينات، حيث كان يتعاطى بشكل منتظم عقار اسمه "غبار الملائكة".

وقد أدى تعاطيه للمخدرات إلى نوبات غضب وقبض عليه أكثر من مرة بتهمة العنف المنزلي على زوجته في ذلك الوقت رودريغيز. بعد وفاته ذكرت إحدى عشيقاته أنه كان يتعاطى أنواع مختلفة من المخدرات.

في عام 1998 دخل براون إلى مركز إعادة التأهيل لعلاج إدمانه، وبعد خروجه قبض عليه بتهمة الاستخدام غير القانوني لمسدس وحيازة الحشيش، كما أنه بعد وفاته عثر على آثار مخدرات في جسده.

نشاطه الاجتماعي وعمله الخيري

تأثر جيمس براون بسبب طفولته الصعبة التي أجبرته على عدم إكمال تعليمه، لهذا اهتم بالدعوة إلى التعليم وأسس برامج خيرية لمنع الطلاب من التسرب من المدارس، وألقى أيضًا خطاات عامة في المدارس لإقناع الطلاب بالبقاء في المدارس وأهمية التعليم. اهتم كذلك بالحقوق المدنية للسود.

مسيرته الفنية

بدأ جيمس براون مسيرته الفنية في الكنيسة، حيث كوّن فرقة إنجيلية وغنى في جوقت الكنيسة وقد عرف بغنائه القوي وحضوره الجذاب على المسرح. في منتصف الخمسينيات انضم براون إلى فرقة The Famous Flames والتي عرفت بأغانيها المفعمة بالطاقة والحيوية وأصدرت الفرقة العديد من الأغنيات الناجحة.

المرحلة الثانية في حياة براون الفنية كانت خلال السيتينيات، وهي الفترة التي حقق فيها شهرة كبيرة، حيث بدأ الغناء بشكل منفرد وتمكن من تطوير نوع جديد من الموسيقى عرف باسم موسيقى "الفانك" دمج فيها إيقاعات مختلفة والبوق وأدى في النهاية إلى موسيقى راقصة وحيوية.

قدم براون عروضًا موسيقية أسطورية واشتهر بحضوره المثير على المسرح وحركات الرقص الديناميكية التي يقوم بها، فضلًا عن غنائه العاطفي الذي أثر الجمهور في جميع أنحاء العالم.

شهدت فترة الستينيات إصدار العديد من أشهر أغاني جيمس بروان منها I Got You (I Feel Good)و" "Papa's Got a Brand New Bagو" and "It's a Man's Man's Man's World. وغيرها وأصبحت هذه الأغنيات الأشهر على الإطلاق.

تناولت موسيقى براون قضايا اجتماعية، وخاصة تلك التي تخص المجتمع الأمريكي الأفريقي، فأصدر عدة أغنيات تعبر عن قضاياهم منها أغنية "قلها بصوت عالي أنا أسود وأفتحر" والتي أصبحت نشيد لحركة الحقوق المدنية.

وقد حصل جيمس على جائزة جرامي لإنجاز العمر، كما تم إدراجه في قاعة مشاهير الروك آند رول، ولا تزال الموسيقى التي قدمها تلهم الفنانين ووصل تأثيره إلى نجوم الراب والهيب هوب والبوب المعاصر.

أغاني جيمس بروان وألبوماته

اشتهر المغني جيمس براون بإنتاج الفني الغزير، فعلى مدار مسيرته الفنية التي استمرت ل50 عامًا تقريبًا أصدر ما يزيد عن 50 ألبومًا حققت العديد منها نجاحات كبيرة.

ومن أشهر ألبوماته ألبوم Live at the Apollo الذي صدر عام 1963 وهو تسجيل حي على مسرح أبولو في نيويورك وأظهر فيها طاقة بروان وحضوره القوي والحيوي على المسرح.

من ألبوماته الناجحة أيضًا ألبوم Out of Sight وصدر عام 1964 وقد ضم الألبوم عددًا من أغنيات الروك آند رول المعدلة، وكانت أغنيات هذ الألبوم تعتبر مثالًا لبداية موسيقى الفانك الذي كان رائدها. من ألبومته الأكثر تاثيرًا أيضًا ألبوم Cold Sweat والذي ضم موسيىق الفانك فقط، كما أن ألبومه Live at the Olympia قدم فيه أداءً حيًا على مسرح أولمبيا في باريس.

صدر لبروان كذلك عدد من الأغنيات الناجحة منها ألبوم Papa's Got a Brand New Bag، وأغنية The Soulster، وIt's a Man's Man's Man's World وغيرها من الأغنيات الحيوية.

جيمس براون وحكيم

عُرف المغني الأمريكي جيمس براون على نطاق واسع في الوطن العربي وخاصة في مصر حينما أصدر أغنية مع المطرب الشعبي المصري حكيم وحققت نجاحًا كبيرًا، وكانت الأغنية بعنوان "ليلة" ضمن ألبوم يحمل الاسم نفسه يضم 14 أغنية، والأغنية من كلمات هشام عبد الحليم وتلحين محمد سراج.

تم تصوير فيديو كليب الأغنية في أمريكا وتحديدًا في ولاية جورجيا عام 2004، وقد جمعت الاغنية بين إيقاعات موسيقى الفناك مع أسلوب حكيم الشرقي وهو ما خلق موسيقى فريدة جميعت بين ثقافتين مختلفتين تمامًا.

مزجت الأغنية أيضًا بين اللغتين العربية والإنجليزية، وكلماتها تعبر عن الحب والرومانسية والشوق والحنين، وحققت الأغنية نجاحًا كبيرًا.

مرض ووفاة جيمس بروان

في نهاية حياته عاش جيمس براون في جزيرة بيتش في كارولينا الجنوبية وقد عانى من مرض السكري من النوع الثاني والذي تأخر في تشخيصه. بالإضافة إلى ذلك عانى من سرطان البروستاتات ولكنه تعالج منه.

في ديسمبر عام 2006 أصيب براون بمرض شديد ومشكلة في أسنانه وعندما زار طبيب الأسنان نصحه الطبيب بمراجعة طبيب وإجراء فحوصات طبية على جسده.

بالفعل ذهب براون إلى مستشفى إيموري كروفورد للتقييم الطبي، حيث كان يعاني من سعال صاخب جدًا. توفي بروان في 25 ديسمبر عام 2006 عن عمر 73 عامًا بسبب قصور القلب الاحتقاني الناتج عن مضاعفات الالتهاب الرئوي.

شكلت وفاته صدمة لمحبيه في أمريكا والعالم، وقد تم عمل حفل تأبين له في مسرح أبولو في نيوروك، وشارك العديد من المشاهير في مراسم التأبين الخاصة والعامة.

بعد وفاته كان هناك خلاف بين أبنائه بسبب تركته وقد تدخل المحكمة العليا في نيويورك لحل أزمة التركة بين الأبناء، وخاصة مع الزوجة الأخيرة هايني التي صارعت من أجل إثبات زواجها منه قبل وفاته.

فيلم عن حياة جيمس براون

صدرت العديد من الأفلام الوثائقية والبرامج التلفزيونية التي تتحدث عن حياة جيمس بروان الفنية والشخصية، ومن أشهر هذه الأفلام فيلم Get On Up الذي صدر عام 2014 للمخرج تيت تايلور، ويقدم فيه طفولته الصعبة وحياته حتى الشهرة.

حظي الفيلم بإشادة واسعة وحصد أكثر من 39 مليون دولار أمريكي في شباك التذاكر، كما حصل على ترشيحات لجائزة جولدن جلوب أفضل فيلم موسيقي، وترشيحات لجوائز أخرى منها نقابة ممثلي الشاشة وبلاك ريل وغيرها.