جيفري هينتون.. الأب الروحي للذكاء الاصطناعي

يعد العالم جيفري هينتون واحد من أبرز رواد الذكاء الاصطناعي في العالم، ومن الأسماء الرائدة في تطوير الشبكات العصبية والتعلم العميق، حيث لعب دورًا حاسمًا في جعل الذكاء الاصطناعي جزءًا من التكنولوجيا الحديثة، وهو ما جعله الأب الروحي للذكاء الاصطناعي في العالم.

من هو جيفري هينتون؟

جيفري إيفرست هينتون، هو عالم كمبيوتر وعالم نفس إدراكي بريطاني كندي، ولد في 6 ديسمبر عام 1947 في لندن، وهو واحد من أهم وأشهر رواد التكنولوجيا في العالم.

بدأ هينتون مسيرته الأكاديمية بحصوله على درجة البكالوريوس في علم النفس، وبعدها حصل على درجة الدكتوراه في الذكاء الاصطناعي، وعمل كباحث ومحاضر في عدة جامعات حول العالم.

اشتهر هينتون بتطويره مفهوم الشبكات العصبية الاصطناعية، والتي أصبحت الأساس للعديد من تقنيات التعلم العميق المستخدمة اليوم، كما ساهم في تحقيق اختراق كبير في مجال التعلم العميق من خلال تطوير نموذج للشبكات العصبية العميقة التي حققت نجاحًا كبيرًا في التعرف على الصور.

انضم هينتون إلى شركة جوجل عام 2013 كباحث ومطور في الذكاء الاصطناعي، وعمل مع الشركة لعدة سنوات ثم استقال، وقد حصل خلال مسيرته المهنية على العديد من الجوائز، وأهمها جائزة نوبل في الفيزياء.

حياته وتعليمه

ولد العالم جيفري هينتون في لندن، وقد نشأ في عائلة أكاديمية مهتمة بالعلوم، فوالده كان عالم حشرات، أما جدته فهي عالمة الرياضيات الشهيرة ماري إيفرست بول، أما جده فهو عالم المنطق جورج بول.

العديد من أسلاف هينتون كانوا علماء أيضًا، منهم الجراح جيمس هينتون، وعالم الرياضيات تشارلز هوارد هينتون، والجغرافي البريطاني جورج إيفرست الذي تم تسمية جبل إيفرست على اسمه.

وقد تلقى تعليمه في مدرسة كليفتون الثانوية، ثم التحق بكلية كينجز في جامعة كامبريدج، وخلال سنته الأولى في الجامعة غير تخصصه أكثر من مرة، وقد تخصص في النهاية في علم النفس، وحصل على درجة البكالوريوس في علم النفس عام 1970.

بعد التخرج، واصل دراسته العليا، وحصل على درجة الدكتوراه في الذكاء الاصطناعي من جامعة إدنبرة عام 1978، وكان يشرف عليه الباحث البريطاني كريستوفر لونجبت هيجينز.

تزوج هينتون 3 مرات، وقد توفيت زوجته الثانية روزاليند زالين عام 1994 بسرطان المبيض، أما زوجته الثالثة جاكي، فقد توفيت عام 2018 بسبب السرطان أيضًا.

مسيرته المهنية

عمل العالم جيفري هينتون في جامعة ساسكس بعدما أنهى رسالة الدكتوراه، ثم انتقل للتدريس في عدة جامعات، منها جامعة كاليفورنيا، وجامعة كارنيجي ميلون في الولايات المتحدة.

شغل هينتون كذلك منصب المدير المؤسس لوحدة علوم الأعصاب الحاسوبية التابعة لمؤسسة جاتسبي الخيرية في جامعة كلية لندن، وهو حاليًا أستاذ في قسم علوم الكمبيوتر في جامعة تورنتو في كندا.

يشغل هينتون منصب مستشار برنامج التعلم في الآلات والأدمغة في المعهد الكندي للأبحاث المتقدمة منذ يونيو عام 2014. خلال مسيرته أشرف على رسائل الدكتوراه لعدد من الباحثين البارزين، ومنهم بيتر ديان، وماكس ويلينج، وبريندان فراي، وأليكس جريفز وغيرهم.

شارك هينتون كذلك في تأسيس معهد فيكتور للذكاء الاصطناعي في تورنتو بكندا، وأصبح المستشار العلمي للمعهد، ويعد هذا المعهد من أشهر المعاهد المتخصصة في الذكاء الاصطناعي.

من هو الذي يعتبر بمثابة الأب لنظرية الذكاء الاصطناعي؟

يعتبر العالم جيفري هينتون من أبرز العلماء الذين أحدثوا ثورة في مجال الذكاء الاصطناعي، وخاصة في مجال تطوير الشبكات العصبية والتعلم العميقة. خلال تدريسه في جامعة كاليفورنيا، قام هينتون بأبحاث حول تطبيق خوارزمية الانتشار الخلفي على الشبكات العصبية متعددة الطبقات.

ومن خلال التجارب التي قام بها مع زميله العالم رونالد جيه ويليامز وديفيد إي روميلهارت، توصل إلى أن الشبكات يمكنها تعلم التمثيلات الداخلية المفيدة للبيانات، وهي ما تعرف باسم "نظرية الانتشار الخلفي"، والتي تستخدم من أجل تدريب الشبكات العصبية.

هذه الخوارزمية سمحت للشبكات العصبية بتعديل الأوزان بناء على الأخطاء التي تحدث خلال عملية التدريب، وهو ما جعلها أكثر دقة وكفاءة، وأصبحت هذه الخوارزمية الآن جزءًا لا يتجزأ من نظام التعلم العميق.

في عام 2012، أحدث جيفري هينتون وفريقه البحثي طفرة كبيرة في عالم الذكاء الاصطناعي، حيث توصل الفريق إلى تطوير شبكة عصبية اسمها AlexNet، وشاركوا في مسابقة ImageNet لتصنيف الصور.

تفوقت الشبكة في النماذج الأخرى من حيث الدقة، مما لفت أنظار العالم إلى إمكانيات التعلم العميق، وأصبحت نقطة فاصلة في الذكاء الاصطناعي، حيث تسابقت الشركات والمؤسسات على تبني هذه التقنية بشكل كبير.

الانضمام إلى جوجل

بعد النجاح الكبير لتقنية AlexNet، انضم جيفري هينتون إلى شركة جوجل عام 2013، وكان جزءًا من فريق البحث في الذكاء الاصطناعي، وخلال عمله مع جوجل، استمر في تطوير تقنيات التعلم العميق.

ساهمت أبحاثه في جوجل على تحسين العديد من تطبيقات الذكاء الاصطناعي، مثل التعرف على الصوت، والتعلم المعزز، ومعالجة اللغات الطبيعية. في عام 2022، قدم خوارزمية تعلم جديدة للشبكات العصبية.

في شهر مايو عام 2023، استقال جيفري هينتون من شركة جوجل، وقد أوضح أن سبب استقالته رغبته في التحدث بحرية أكثر عن مخاطر الذكاء الاصطناعي، كما أكد أنه نادم على كل ما قدمه في هذا المجال.

جيفري هينتون والذكاء الاصطناعي

بعد استقالته، بدأ هينتون التحدث بحرية عن مخاطر الذكاء الاصطناعي، وسوء الاستخدام المتعمد لها، وقد كشف في حوار تلفزيوني أن التكنولوجيا مستقبلًا يمكنها أن تتجاوز القدرة المعلوماتية للبشر، كما وصف برامج الدردشة الآلية بأنها "مخيفة".

وقد وصلت مخاوف هينتون من الذكاء الاصطناعي إلى الحد الذي أكد فيه أنه لا يستبعد أن يسيطر الذكاء الاصطناعي على البشر، والقضاء على البشرية.

أما عن الخطر الأكبر بالنسبة له، ألا وهو الاستخدام الكارثي للذكاء الاصطناعي من جهات خبيثة، فضلًا عن التأثيرات الاقتصادية، حيث سيحل الذكاء الاصطناعي محل البشر، وسيكون له تأثير سلبي على سوق العمل.

جوائز جيفري هينتون

خلال مسيرته، حصل العالم جيفري هينتون على العديد من الجوائز، ففي عام 1998، تم انتخابه زميلًا في الجمعية الملكية، وفي عام 2001، فاز بجائزة روميلهارت، كما حصل على الدكتوراه الفخرية من جامعة إدنبرة.

في عام 2005، حصل على جائزة للتميز البحث عن إنجازاته مدى الحياة، وفي عام 2011، حصل على ميدالية هيرزبيرج الكندية الذهبية للعلوم والهندسة، كما حصل على جائزة كيلام من مجلس كندا في الهندسة عام 2012.

حصل أيضًا على الدكتوراه الفخرية من جامعة شيربروك، كما فاز بجائزة BBVA Foundation Frontiers of Knowledge لدوره الرائد في الذكاء الاصطناعي.

عام 2018، حصل على جائزة تورينج لإسهاماته العلمية، كما حصل على وسام كندا، وجائزة ديكسون في العلوم من جامعة كارنيجي ميلون. في عام 2022، حصل على جائزة أميرة أستورياس في البحث العلمي.

في عام 2024، حصل على جائزة نوبل في الفيزياء، بالاشتراك مع العالم جون هوبفيلد، وذلك بسبب الاكتشافات والاختراعات الأساسية التي تمكن التعلم الآلي باستخدمات الشبكات العصبية الاصطناعية.