أيقونة هوليوودية، وواحدة من أعظم نجوم هوليوود في القرن العشرين، إنها النجمة جودي غارلاند التي اشتهرت بصوتها الساحر وأدائها العاطفي، واستطاعت أن تحفر اسمها في قلوب الملايين عبر أدوارها المميزة، ورغم ما حققته من نجاح وشهرة عالمية، إلا أن حياتها الشخصية كانت مليئة بالتحديات والصعوبات، في السطور التالية نسلط الضوء على حياتها ومسيرتها الفنية.
من هي جودي غارلاند؟
اسمها الحقيقي فرانسيس إيثيل جوم، واسم شهرتها هو جودي جارلاند، هي ممثلة ومغنية أمريكية، ولدت في 10 يونيو عام 1922 في مينيسوتا بالولايات المتحدة الأمريكية، وهي واحدة من أشهر نجمات الغناء والتمثيل في هوليوود.
حققت غارلاند شهرة عالمية، وحظيت بإشادة واسعة كممثلة ومغنية، وقد بدأت مسيرته الفنية في عمر سنتين، وحصلت على العديد من الجوائز خلال مسيرتها الفنية، وهو ما جعلها من الشخصيات الفنية البارزة في عالم التمثيل.
في منتصف الثلاثينات، انطلقت جودي غارلاند كنجمة غناء وتمثيل في الأفلام الموسيقية، وقد قدمت العديد من الأعمال الكلاسيكية الخالدة التي جعلتها أيقونة فنية، وأبهرت الجماهير بفنها وتنوعها الفني.
ورغم نجاحها الفني، كانت حياتها الشخصية مليئة بالصراعات، وعانت من ضغوطات الشهرة في سن مبكرة، وأدى ذلك إلى مشكلات صحية ونفسية، وأصبحت مسيرتها الفنية متقطعة.
نشأتها وبداية مسيرتها الفنية
ولدت جودي غارلاند في جراند رابيدز في ولاية مينيسوتا، وهي الابنة الأصغر لوالديها إيثيل ماريون جو، وفرانسيس أفينت جوم، وهما من فناني الفودفيل، وهو نوع من الفنون اشتهر في فرنسا.
كان والداها يديران سينما تقدم عروضًا لفن الفودفيل، وقد شاركت جودي والديها وإخوتها في موهبة الغناء والرقص، وكان أول ظهور لها في عروض والديها بعمر الثانية، حيث انضمت إلى شقيقاتها الأكبر ماري جين، ودوروثي فيريجينا على خشبة المسرح، وقدما معًا عروضًا غنائية وراقصة لسنوات.
في عام 1926، انتقل العائلة إلى كاليفورنيا، حيث انتشرت شائعات عن والدها بأن له ميولًا مثلية، وهناك، بدأت والدتها في محاولة إدخال أطفالها إلى عالم السينما والأفلام.
التحقت جودي مع شقيقتيها بمدرسة رقص تديرها سيدة اسمها إثيل ميجلين، وقدما عروضًا في فرقتها الفنية، وشاركا في أول فيلم قصير عام 1929، وكونت الشقيقات الثلاث فرقة حملت اسم "الأخوات الكئيبات" وقدمن عروضًا مختلفة في شيكاغو، وبعدها اختارت الشقيقات الثلاث لقب "غارلاند" لهن، وأصبحت فرقتهن تحمل اسم "الأخوات غارلاند".
انفصلت الفرقة عام 1934، بعدما تزوجت أختهم الأكبر ماري جين من الموسيقي لي كان، واستقرت معه في نيفادا، لتبدأ رحلة جودي غارلاند الفنية المنفردة.
انطلاقتها المنفردة وضغوطات العمل
في عام 1935، بدأت جودي غارلاند بتقديم عروض غنائية في استوديوهات مترو جولدوين ماير، وبعدها على الفور وقعت عقدًا مع شركة MGM، وكانت حينها تبلغ من العمر 13 عامًا.
خلال تلك الفترة، واجهت جودي ضغوطات شديدة فيما يتعلق بمظهرها، فرغم أنها كانت تصنع الكثير من الأموال وحققت نجاحًا كبيرًا إلا أنها وصفت ب"البطة القبيحة"، وكان هذا الأمر مدمرًا لنفسيتها كثيرًا، وتفاقم انعدام الأمن لديها بسبب تعليقات المنتجين ورؤساء الاستوديوهات حول مظهرها.
وبوفاة والدها في نوفمبر من عام 1935، عانت جودي من صدمة نفسية شديدة، ورغم ذلك، واصلت تقديم عروض ناجحة، وقدمت أول فيلم روائي طويل لها Pigskin Parade، وحقق الفيلم نجاحًا كبيرًا، وغنت فيه جودي 3 أغنيات منفردة.
شكلت جودي فيما بعد ثنائي ناجحاً مع ميكي روني، وقدما معًا عدداً من الأفلام الناجحة، وخلال تلك الفترة، كانت يتم إعطاؤها لأمفيتامينات والباربيتورات حتى تتمكن هي وزملاؤها من مواصلة العمل لساعات طويلة، وبسبب الاستخدام المنتظم للمخدرات، أصبحت مدمنة، وصارعت الإدمان طوال حياتها حتى وفاتها.
تعرضت جودي لضغوطات فيما يتعلق بوزنها كذلك، فرغم أن وزنها كان ضمن النطاق الصحي، إلا أنها طولبت باتباع نظام غذائي بشكل مستمر، وفي بعض الأحيان، كان يقدم لها في اليوم الواحد حساء الدجاج وقهوة سوداء فقط.
أشهر أفلام جودي غارلاند
قدمت الفنانة جودي غارلاند العديد من الأفلام الناجحة طوال حياتها، ومنها فيلم The Wizard of Oz عام 1939، ويعتبر فيلم أيقوني لعبت فيه دور دوروثي غايل، وقدمت فيها أغنيتها الأشهر على الإطلاق Over the Rainbow، وقد تم تصنيف الفيلم كواحد من أعظم الأفلام في تاريخ السينما.
من أفلامها الناجحة أيضًا فيلم Meet Me in St. Louis عام 1944، وقدمت فيه أغاني شهيرة، منها قدمت فيه أغاني شهيرة مثل Have Yourself a Merry Little Christmas، وفيلم A Star Is Born، وترشحت عنه لجائزة الأوسكار.
قدمت كذلك فيلم Easter Parade، ويعد من أبرز الأفلام الموسيقية، كما شاركت في فيلم Summer Stock، وقدمت فيه عدة أغنيات خالدة، ومنها فيلم Get Happy، وفيلم The Harvey Girls، وقدمت فيه أغنيات عدة، أبرزها On the Atchison, Topeka and the Santa Fe التي فازت بجائزة الأوسكار لأفضل أغنية.
حصلت جودي خلال مسيرتها على العديد من الجوائز، ومنها أوسكار خاصة للشباب عام 1939 عن دورها في فيلم The Wizard of Oz، حيث تم تكريمها كواحدة من أبرز المواهب الشابة في السينما.
فازت كذلك بجائزة جولدن جلوب عام 1955 أفضل ممثلة عن دورها في فيلم A Star Is Born. حصلت أيضًا على جائزة جرامي ألبوم العام عام 1962 عن ألبوم Judy at Carnegie Hall، وهو حفل حي يُعتبر أحد أعظم إنجازاتها الموسيقية.
في عام 1952، حصلت على جائزة توني الشرفية تقديرًا لإسهاماتها الفنية، كما حصلت على ترشيح لجائزة إيمي عام 1962 عن دورها في برنامج The Judy Garland Show، والتي أظهرت فيه موهبة فردية في التقديم والغناء.
علاقات عاطفية دمرت حياتها
خلال مسيرتها الفنية، تزوجت جودي غارلاند 5 مرات، وأنجبت 3 أطفال، وكانت علاقاتها العاطفية مضطربة، وتأثرت بشكل كبير بسبب شهرتها وأزماتها النفسية التي عانت منها بسبب ضغوطات العمل، ومعاركها المستمرة مع الإدمان، والصحة العقلية، وصورة الذات، وغيرها.
كانت أول علاقة حب في حياة جودي غارلاند حينما كانت في سنوات المراهقة، حيث كانت في علاقة مع آرتي شو، وهو عازف وملحن وممثل أمريكي، وكانت مخلصة له بشدة، وتحبه حبًا شديدًا، إلا أنها تدمرت حينما حرب حبيبها مع عشيقته لانا تيرنر عام 1940.
بدأت جودي بعدها علاقة حب مع الموسيقي ديفيد روز، والذي كان يكبرها ب12 عامًا، وعرض عليها الزواج، إلا أن شركتها رفضت لأنه متزوج، لذا انتظرا لمدة عام، وخلال تلك الفترة كانت على علاقة قصيرة مع كاتب الأغاني جوني ميرسر.
تزوجت غارلاند لأول مرة من ديفيد روز عام 1941 بعد انفصاله عن زوجته، وكانت تبلغ من العمر 19 عامًا فقط، وقد ضغطت عليها شركة مترو جولدوين بشكل مستمر لإنهاء هذا الزواج من أجل العمل، وأصروا على إجهاضها عندما كانت حاملًا، بضغط من والدتها روز، وانتهى الزواج في النهاية بالانفصال عام 1944.
بعد الانفصال، بدأت غارلاند علاقة مع الممثل أورسون ويلز رغم أنه كان متزوجًا، وبعدها تزوجت من الممثل والمخرج فينسينتي مينيللي عام 1945، وأنجبت منها ابنتها الأولى ليزا عام 1946، والتي أصبحت مغنية وممثلة مشهورة كذلك، وفي عام 1950، ثم انفصلت عن زوجها الثاني عام 1951.
في عام 1952، تزوجت للمرة الثالثة من سيدني لوفت، الذي كان مدير جولاتها ومنتجها، وأنجبت ابنتها الثانية لورنا لوفت في العام نفسه، وأصبحت ابنتها ممثلة ومغنية، وفي عام 1955، أنجبت ابنها الثالث جوي لوفت.
ورغم زواجها، دخلت في علاقة غرامة مع الممثل جلين فورد، وقد تحدث زوجها لوفت عن هذه العلاقة في سيرته الذاتية. طلبت غارلاند الطلاق من زوجها سيدني لوفت أكثر من مرة، واتهمته بأنه ضربها وحاول انتزاع أطفالها منها بالقوة، وانفصلا بشكل رسمي في عام 1965.
في عام 1965 تزوجت للمرة الرابعة من مارك هيرون، وانفصلت عنه في فبراير من عام 1969، وتزوجت للمرة الأخيرة من مدير الملهى الليلي ميكي دينز في لندن في 15 مارس من العام نفسه.
أزمات صحية ونفسية
عانت الممثلة جودي غارلاند خلال حياتها من صعوبات وتحديات نفسية وصحية شديدة، فقد عانت من إدمان المخدرات، وكانت تحصل على حبوب منومة بشكل غير قانوني، ودخلت مصحة نفسية أكثر من مرة.
عانت جودي غارلاند من الاكتئاب، وحصلت على جلسات للكهرباء لمعالجة الاكتئاب، وحاولت الانتحار أكثر من مرة، كما أنها عانت من ضغوطات شديدة من شركتها مترو جولدوين، والتي كانت سببًا في مشكلاتها النفسية وشعورها بعدم الثقة وعدم الأمان. عانت جودي كذلك من التهاب حاد في الكبد، ودخلت المستشفى للعلاج، وانتهى الأمر بتليف في الكبد.
وفاة جودي غارلاند
في السنوات الأخيرة قبل وفاتها، عاشت جودي غارلاند الفقر والديون والأزمات المالية؛ بسبب مشكلاتها النفسية والعصبية، والتي أثرت بشكل سلبي على مسيرتها الفنية.
توفيت غارلاند في النهاية في 22 يونيو عام 1969 عن عمر 47 عامًا في منزلها في لندن، حيث اكتشف زوجها ميكي دينز جثمانها في حمام منزلها، وذكرت الصحافة بأنها توفيت بسبب جرعة زائدة من المخدرات.
تم إرسال رفات جودي إلى مدينة نيويورك، وحضر جنازتها نحو 20 ألف شخص، وتم دفن رمادها في مقبر فرنكلين في نيويورك. عند وفاة غارلاند، ورغم أنها حققت الملايين خلال مسيرتها الفنية، كانت ممتلكاتها تبلغ قيمتها 40 ألف دولار فقط، كما أنها كانت مديونة للكثيرين.
عملت ابنتها ليزا مينيلي على سداد ديون والدتها بمساعدة صديق العائلة فرانك سيناترا، وتم بيع مجموعة من أغراضها الشخصية في السبعينات في المزاد، وآخرها مزاد أقيم عام 2024، حيث بيع حذاؤها مقابل 32.5 مليون دولار، وهو الحذاء الذي ارتدته في فيلم "ذي ويزرد أوف أوز".