يعد رجل الأعمال الإماراتي جمعة الماجد واحداً من أهم رجال الأعمال الذين اهتموا بالفكر والثقافة والعمل الخيري في الإمارات، وقد سخّر ماله من أجل خدمة الكتاب والثقافة في بلده فأسس العديد من المدارس الأهلية الخيرية، وأسس مركزا باسمه من أجل الحفاظ على الثقافة والتراث في الإمارات، تعرف أكثر على مسيرته المهنية وأهم إنجازاته في هذا المقال.
من هو جمعة الماجد؟
هو رجل أعمال إماراتي ولد في عام 1930 في منطقة الشندغة في دبي، ويعد من أبرز رجال الأعمال الذين اهتموا بالأعمال الخيرية والثقافية والفكرية في بلده، وسخر ماله وجهده من أجل الحفاظ على التراث والثقافة في الإمارات.
الماجد هو المؤسس ورئيس مجلس إدارة مجموعة جمعة الماجد القابضة، والتي تضم 33 شركة ب150 فرعًا في دول الخليج العربي والتي تعمل في قطاعات مختلفة منها العقارات، والمقاولات والسفر والسلع الاستهلاكية والشحن والسيارات وقطاعات أخرى.
اهتم الماجد بالتراث الإماراتي، وأسس في سبيل ذلك مركزًا للثقافة والتراث عام 1989 وجمع بفضله عشرات ومئات المخطوطات التاريخية وحاز بفضل ذلك على العديد من الجوائز والتكريمات.
خلال مسيرته المهنية شغل الماجد العديد من المناصب المهمة، فقد سبق أن كان عضوًا مؤسسًا في غرفة تجارة وصناعة دبي، وتولى منصب الرئيس الفخري لها لفترة من الزمن، كما أنه تولى رئاسة العديد من المجالس منها مجلس أمناء كلية الدراسات العربية الإسلامية.
تم اختيار الماجد من بين أغنى أغنياء الإمارات والعربي وفقًا لقائمة فوربس عام 2014، كما تم اختيار مجموعته ضمن قائمة أقوى 100 شركة عائلية عربية وفقًا لفوربس عام 2021.
نشأته وتعليمه
ولد رجل الأعمال جمعة الماجد في منطقة الشندغة في دبي، وكانت وقتها هذه المنطقة هي واجهة المدينة وبها سوق وميناء ومركز تجاري عتيق. نشأ الماجد في أسرة تعمل في الغوص وصيد اللؤلؤ، فقد كان والده يعمل بالغوص، وهي المهنة التي كانت منتشرة بكثرة بين سكان الخليج وقتها.
بدأ الماجد مسيرته المهنية في سن مبكرة للغاية، فقد اصطحبه والده معه إلى رحلات الغوص حينما كان في السابعة من عمره فقط، فتعرف على حياة الغوص وصعابها، وظل يرافق والده لمدة 4 سنوات في فصل الصيف، وتعلم بفضلها الصبر والمثابرة، فيما كان يذهب إلى المدرسة في بقية أيام السنة.
بدأ المجال دراسته بشكل تقليدي، فقد تعلم عند المطوعين، وكانت هذه الطريقة التقليدية للتدريس وقتاه، فتعلم على يد عدد من المعلمين منهم أحمد القنبري وفرح القريني، فتعلم على يديهم علوم الدين والقرآن الكريم واللغة العربية ثم التحق بعدها بالمدرسة الأهلية عام 1948، والتي أسسها حسين ميرزا الصايغ، وبقي في المدرسة لفترة قصيرة، حيث اتجه بعدها إلى العمل بالتجارة.
بداية رحلته مع التجارة
تعلم جمعة الماجد الجهد والكفاح والصبر والمثابرة بفضل رحلات الغوص التي كان يذهب إليها برفقة والده الذي كان يعمل في تجارة اللؤلؤ، ورغم أنه كان من بين الطلاب الذين التحقوا بالمدارس النظامية في دبي، إلا أنه فضل التجارة فبدأ ممارسة التجارة وهو طالب في المدرسة.
كانت تجارة الماجد الأولى بيع الأقلام والدفاتر لزملائه في المدرسة، ثم انتقل بعدها للعمل موظفا عند خاله أحمد ماجد الغرير، ثم التحق للعمل مع أخيه فتعرف على أنواع البضائع وطريقة التعامل مع الناس.
لمدة سنتين تعلم الماجد أصول التجارة، وأبدى براعة كبيرة رغم صغر سنه، وقد لمس فيه خاله أحمد الغرير هذا الأمر فأسس له متجرًا لبيع الألبسة والأقمشة عمل فيها الماجد لفترة، ثم قرر أن يؤسس متجره الخاص ويكمل مسيرته التجارية بمفرده.
اكتسب الماجد ثقة الزبائن واحترامهم، وأثر هذا الأمر بالإيجاب على مبيعاته وبالتالي زيادة ثروته ليقرر أن ينمو بثروته ويؤسس عدداً من الشركات التي ما لبثت أن توسعت إلى خارج دبي، ثم خارج الإمارات العربية المتحدة.
تأسيس مجموعة جمعة الماجد
أسس رجل الأعمال الإماراتي شركته الأولى عام 1950 والتي سرعان ما توسعت وشملت العديد من القطاعات المختلفة، ففي عام 1958 أنشأت شركته قسمًا للإطارات والبطاريات، كما حصل على حقوق توزيع إطارات يوكوهاما في دولة الإمارات.
ومع بداية الستينات وسّع الماجد أعماله وشملت قطاع السلع الاستهلاكية من خلال شركة "الخلجي للتجارة والتبريد"، ثم دخل قطاع المنتجات المنزلية وأصبحت الشركة هي الموزع الحصري لبعض العلامات التجارية.
في منتصف الستينات بدأ صفحة نجاح جديدة بتوقيع اتفاقية توزيع مع شركة نستله بيريه، كما أسس شركة للملاحة والتجارة لتوريد المركبات التجارية ومعدات بناء الطرق. ظلت مجموعة جمعة الماجد تتوسع وتضم حاليًا 33 شركة ب150 فرعًا في الإمارات ودول الخليج العربي.
تعمل الشركة في قطاعات الشحن والعقارات والسيارات والمقاولات والسفر والسلع الاستهلاكية والبناء، كما نشطت مجموعة في مجال الاستثمارات المالية والمنظمات الخيرية والتعليم.
جمعة الماجد رائد العمل الخيري
يُعرف سعادة جمعة الماجد بأنه الرجل الذي يقف وراء آلاف المبادرات، حيث لم يقتصر نشاطه على الأعمال التجارية فقط، بل امتد أيضًا إلى العديد من المبادرات الخيرية، وهو يعرف بسخائه في دعم التعليم ليس فقط في دولة الإمارات العربية المتحدة، بل على مستوى العالم.
بدأت رحلة رجل الأعمال الإماراتي جمعة الماجد مع الأعمال الخيرية في مطلع الستينيات حينما أسس لجنة خيرية لجمع التبرعات من المحسنين في دبي، وضمت اللجنة مجموعة من الشخصيات البارزة ورجال الأعمال منهم عبد الله الغرير، وناصر راشد لوتاه، وحميد الطاير، وذلك بمباركة سمو الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم.
جمعت اللجنة أموالًا تم تأسيس مدرستين ثانويتين في دبي، الأولى للذكور اسمها "جمال عبد الناصر"، والثانية للإناث في منطقة الديرة واسمها "ثانوية آمنة"، وسعت اللجنة كذلك إلى تأسيس المكتبة العامة في دبي.
واصل الماجد أعماله الخيرية، وفي مطلع الثمانينات وبسبب الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي منعت العديد من قبول أبناء الوافدين في المدارس الرسمية، قرر الماجد إنشاء مدارس أهلية خيرية لقبول الطلاب الوافدين بالمجان.
ليس هذا فحسب، فقد اهتم الماجد كذلك بتعليم المرأة، وأدرك صعوبة وصول المرأة في الإمارات إلى الجامعة وذلك بسبب بعد المسافة، لذا قرر أن ينشأ كلية الدراسات الإسلامية والعربية وأصبحت شهادة الجامعة معادلة من جامعة الأزهر الشريف ومن كلية دار العلوم، ووزارة التربية والتعليم في الإمارات، والكلية أصبحت مخصصة للإماراتيين ومواطني دول مجلس التعاون الخليجي.
وقد درس في هذه الجامعة آلاف الطلاب الذكور والإناث، كما يوجد في الكلية قسم للدراسات العليا في العلوم الإسلامية واللغة العربية، وحصل العديد من الطلاب على شهادة الماجستير منها.
أنشأ الماجد كذلك العديد من المؤسسات العلمية والخيرية والثقافية، كما قدم مساعدات مالية للطلاب المتعثرين ماديًا، وأنشأ مدارس في مناطق نائية في الدولة.
من أعماله الخيرية المميزة أيضًا جمعية "بيت الخير" الذي أسسه عام 1990 مع عدد من أهل البر، وتهدف الجمعية إلى تقديم مساعدات مالية وعينية للمحتاجين، كما تقدم الجمعية معونات للطلبة المتعثرين ماديًا.
تقدم الجمعية كذلك مساعدات للمتضررين من الكوارث الطبيعية والحروب، كما قدمت الجمعية تبرعات إلى المستشفيات والمستوصفات الطبية داخل الإمارات وخارجها، فضلًا عن مساعدات لمراكز الثقافة الإسلامية.
أنشأ الماجد أيضًا المساجد في العديد من دول العالم في أوروبا وأمريكا وبلدان إسلامية أيضًا، كما أنه استمر في مساعدته العلماء والباحثين، وحرص على تقديم المساعدة إلى أبناء فلسطين بشكل أخص.
اهتمامه بالتراث والوثائق
اهتم رجل الأعمال جمعة الماجد بالتوثيق والتراث، وقد شعر بحاجة الطلاب إلى الكتب والمخطوطات والوثائق من أجل مساعدتهم على الدراسة. بدأت الفكرة في عام 1988 حينما كان يجمع الكتب ويرتبها وبمرور الوقت أخذت الفكرة طابعًا مهنيًا أكثر حتى عام 1991 حينما انتبه لحاجة الطلاب والباحثين للكتب والمراجعة التاريخية، واضطرارهم أحيانًا للسفر من أجل الوصول إلى المخطوطات والوثائق ولكن رحلاتهم في العادة تكون دون جدوى.
لذا قرر الماجد، المحب للخير والعلم والثقافة، أن يقدم واحد من أعظم مشروعاته على الإطلاق، وهو مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث في دبي، والذي تأسس عام 1991، وجعله ملاذًا للطلاب والباحثين يجدون فيه آلاف المخطوطات والكتب في كافة المجالات.
يحتوي المركز على أكثر من 250 ألف مخطوطة وأكثر من 300 ألف كتاب وما يزيد عن 6 آلاف عنوان من الدوريات تم توزيعها على أكثر من نصف مليون عدد، فضلًا عن الآلاف من الرسائل الجامعية.
ولم يكفتِ الماجد بتوفير الكتب والمخطوطات في المركز فحسب، بل سافر إلى العديد من الدول العربية والإسلامية، وبرفقة موظفين متخصصين بهدف جمع المخطوطات أو رسمها أو تصويرها بهدف مساعدة طلاب العلم والباحثين.
ليس هذا فحسب، بل دفعه حبه للعلم ورغبته في خدمة الطلاب أن يعالج العديد من المخطوطات لحمايته من التلف والتآكل، وقد طوّر المركز جهازًا للترميم الآلي، وأهدى هذا الجهاز إلى 14 دولة حتى الآن.
وعن اهتمامه بالكتب والوثائق يقول الماجد: "أعتبر نفسي مسؤولاً عن إنقاذ أي كتاب معرض للتلف في العالم، بأي لغة كان وأياً كان موضوعه أو كاتبه، لأن الكتاب يمثل إرثاً حضارياً للإنسانية جمعاء، والحفاظ عليه هو حفاظ على الإرث العلمي والثقافي والإنساني".
أهم المناصب التي شغلها
يشغل رجل الأعمال جمعة الماجد العديد من المناصب، فهو رئيس مجلس إدارة مجموعة جمعة الماجد، كما أنه يملك حصصًا في البنك العربي المتحد، وشركة دبي للمرطبات، كما شغل منصب رئيس مجلس دبي الاقتصادي، وسبق أن شغل منصب نائب رئيس مجلس إدارة البنك المركزي في الإمارات.
من المناصب الأخرى التي شغلها كذلك عضوية غرفة تجارة وصناعة دبي، كما أنه شغل منصب رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية لإمارة دبي، وشغل منصب نائب رئيس مجلس إدارة بنك الإمارات الدولي المحدود.
الماجد كذلك عضو في عدد من المجالس، منها المجلس الأعلى لجامعة الإمارات العربية، ومؤسسة الفكر العربي، ورئيس مجلس آباء منطقة دبي التعليمية، كما كان عضوًا في اللجنة الاستشارية لمركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة هارفارد.
جوائز وتكريمات
تقديراً لجهود وأنشطة جمعة الماجد، حصل على العديد من الجوائز المحلية والدولية، منها:
تكريمه من قبل وزارة العدل الكويتية في عام 1990 لاستضافته الأسر الكويتية ولدوره في تأسيس لجنة الإخاء الإماراتية الكويتية. حصل أيضًا جائزة سلطان بن علي العويس كشخصية العام الثقافية لدولة الإمارات في عام 1992.
من الجوائز الأخرى التي حصل عليها جائزة دبي للجودة كـ«رجل أعمال العام» من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في عام 1994، وجائزة المساهمين في محو الأمية وتعليم الكبار من وزارة التربية والتعليم في عام 1995.
حصل أيضًا على شهادة تقدير من جمعية المؤرخين المغاربة في عام 1996 تكريماً لجهوده في خدمة الثقافة والتراث، وجائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام في عام 1999، وجائزة البرّ من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام في عام 1998.
حصل جمعة الماجد على العديد من الشهادات الفخرية والجوائز تقديراً لجهوده في الحفاظ على التراث الإسلامي والثقافة، ومنها شهادة فخرية من المجلس العلمي بجامعة سانت بطرسبورغ في عام 1999 تكريماً لدوره في الحفاظ على التراث الإسلامي.
حصل أيضًا على جائزة الشخصية الدولية لخدمة الثقافة والتراث من الرئيس المصري حسني مبارك في عام 2000، وشهادة تقدير من المركز الإسلامي في آخن، ألمانيا في عام 2000، وشهادتا تقدير من جمعيتي الصلاح الفلسطينية وجمعية الأعمال الخيرية في عام 2000، لجهوده ودعمه للقضية الفلسطينية.
حصل أيضًا على كريم من المجمع العربي الثقافي في بيروت في عام 2001، لجهوده في حماية التراث العربي والإسلامي، كما حصل على شهادة تقدير من وزارة الإعلام في الكويت، وحصل على جائزة الشارقة للعمل التطوعي، وجائزة سلطان العويس الثقافية عام 2008
في عام 2023 حصل على جائزة القائد الثقافي الرائد في العالم من مركز السيهاتي للتبادل الثقافي في لندن تقديرًا لدوره المهم في خدمة الثقافة والتراث العالمي، كما حصل على جائزة التميز العربي من جامعة الدول العربية.