توماس بينشون.. الروائي الساخر أعظم الروائيين الأمريكيين

يعد الكاتب والروائي الأمريكي توماس بينشون من أكثر الأدباء الأمريكيين تأثيرًا وغموضًا في القرن العشرين والواحد والعشرين، فقد ألف العديد من الأعمال الأدبية، واشتهر بأسلوبه المعقد والفريد، حيث يمزج بين السرد الغامض والتاريخ والفلسفة والخيال العلمي، ورغم شهرته الواسعة حول العالم، فإنه نادرًا ما يظهر علنًا، وأضفى المزيد من الغموض على شخصيته.

من هو توماس بينشون؟

توماي راجلز بينشون جونيور، هو كاتب وروائي أمريكي شهير، ولد في 8 مايو عام 1937 في نيويورك، وهو واحد من أشهر الكتاب الأمريكيين التي تشمل كتاباته مجموعة واسعة من الموضوعات، منها التاريخ، والعلوم والموسيقى، وينظر إليه على أنه من أعظم الروائيين في أمريكا.

بدأ بينشون مسيرته الأدبية في الستينات، وتأثر بأعمال العديد من الكتاب والفلاسفة، وقد ساعد ذلك في تشكيل أسلوبه الفريد والمعقد، وقد نشر أولى رواياته عام 1963، والتي تعرف باسم V، وحققت تلك الرواية شهرة واسعة؛ بسبب أسلوبه السردي المعقد والفريد.

واصل بينشون  تقديم المزيد من الروايات التي قدم فيه رؤى فلسفية وناقدة للمجتمع لأمريكية، وقد حققت رواياته نجاحات واسعة، وأصبح من أفضل الروائيين في ذلك الوقت.

ما يميز بينشون ليس فقط أسلوبه الفريد في الكتابة، ولكن شخصيته الغامضة، فرغم شهرته نادرًا ما يظهر في المناسبات العامة، ونادرًا ما تجد صورة حديثة له، وهو ما جعله حياته الشخصية لغزًا للقراء من حول العالم.

نشأته وتعليمه

ولد الكاتب توماس بينشون في لونغ آيلاند نيويورك، ووالده هو المهندس والسياسي توماس راجلز بينشون الأب، أما والدته كاثرين كانت تعمل ممرضة.

كان بينشون قارئًا نهمًا منذ طفولته، وقد درس في مدرسة أويستر باي الثانوية، وساهم في نشر مؤلفات في صحيفة المدرسة، وحقق شهرة واسعة في المدرسة بسبب كتاباته، وقد تخرج من المدرسة عام 1953 في سن السادسة عشرة، حيث تمكن من إنهاء فصلين دراسيين مبكرًا.

التحق بينشون بعدها بجامعة كورنيل، ودرس الفيزياء الهندسية، وخلال الجامعة، التحق بالخدمة البحرية الأمريكية، وتلقى تدريبًا لكي يكون كهربائيًا في الجيش.

بعد إنهاء فترة الجيش، عاد بينشون إلى كورنيل عام 1957، ولكنه توقف عن دراسة الهندسة، وحصل على درجة في اللغة الإنجليزية، وفي عام 1959، نشر أول قصة له في إحدى المجلات، والتي تروي قصة حقيقة لصديق له خدم في الجيش.

حياة خاصة تكتنفها الغموض

طوال مسيرته الأدبية التي امتدت لأكثر من 50 عامًا، قرر توماس بينشون أن يبعد حياته الشخصية عن أعين الإعلام والصحافة، فلا يعرف عنه إلا معلومات قليلة جدًا، ولا يوجد الكثير من الصور له، إلا بعض الصور خلال المدرسة الثانوية والجامعة.

وصفه العديد من النقاد بأنه شخص "منعزل" يعيش في المكسيك بعيدًا عن الناس، ورغم غيابه، إلا أن ذلك يعد أحد السمات البارزة في حياته، والتي كانت سببًا في توليد العديد من الشائعات والقصص الملفقة عنه.

بداية مسيرته الأدبية

بدأ توماس بينشون بالكتابة والتأليف منذ أن كان طالبًا في المدرسة الثانوية، حيث ألف العديد من القصص الخيالية التي نشرت في صحيفة المدرسة. في عام 1957، نشر أول قصة له بعنوان "كورنيل رايتر"، والتي روى فيها تجربة حد أصدقائه في الجيش.

واصل بينشون كتابة عدة قصص استلهم أفكارها من تجارب شخصية له، وخلال تواجده في جامعة كورنيل، بدأ في تأسيس مدرسة أدبية خاصة به بالتعاون مع زملائه ريتشارد فارينا، وديفيد شيتزلاين، وكيركباتريك سيل.

روايات توماس بينشون

نشر الكاتب الأمريكي توماس بينشون العديد من الكتب والروايات التي حققت نجاحًا كبيرًا، ففي عام 1963 أصدر أولى رواياته V.، وهي الرواية التي أثبتت مكانته ككاتب ذو أسلوب سردي معقد، فهي رواية مليئة بالغموض والعديد من التفاصيل المعقدة، وتناول فيها موضوعات متشابكة تتعلق بالتاريخ والسياسية والعديد من الإشارات الثقافية والفلسفية.

فازت روايته الأولى بجائزة مؤسسة ويليام فكونكر لأفضل رواية أولى، وحصلت على إشادة من العديد من النقاد، وبعد إصدار روايته الأولى شرع في كتابة مقالات في صحف مختلفة، كما أنه كان يكتب بانتظام ملخصات ومقدمات لمجموعات واسعة من الروايات والأعمال الخيالية.

في عام 1966، أصدر روايته الثانية The Crying of Lot 49، والتي تعد واحدة من أشهر روايات توماس بينشون وأقلها تعقيدًا، إلا أنها غنية بالرموز والموضوعات الغامضة، وتتناول الرواية موضوعات مثل المؤامرة والتلاعب الاجتماعي، وتصنف بأنها من أهم روايات الأدب الأمريكي الحديث، وقد فازت بجائزة مؤسسة ريتشارد وهيندا روزنثال.

في عام 1973، نشر بينشون أحد أهم الأعمال في مسيرته الأدبية، وأحد أبرز الأعمال الأدبية في القرن العشرين، وهي رواية Gravity's Rainbow، وتدور الرواية حول الحرب العالم الثانية، وتحدث فيها عن تأثير العلم والتكنولوجيا على البشرية.

حصلت روايته الثالثة على جائزة National Book Award، وجائزة بوليتسر للرواية، ويرى النقاد أنها واحدة من أكثر الروايات التي قدم فيها تحليلًا عميقًا، وأنها من أفضل أعمال ما بعد الحداثة.

بعد هذه الرواية، أصدر بينشون مجموعة من القصص القصيرة، كما كتب العديد من المقالات النقدية، في عام 1990، أصدر روايته الرابعة Vineland بعد غياب دام 17 عامًا عن نشر الروايات، وركز في هذه الرواية على تأثير السياسات الأمريكية والمجتمع الاستهلاكي خلال الثمانينات.

في عام 1997، أصدر رواية Mason & Dixon، وهي رواية تاريخية تتحدث عن حياة الفلكيين تشارلز ميسون وجيرميا ديكسون، وفي عام 2006، أصدر رواية Against the Day، والتي تعد من أكثر رواياته تعقيدًا وأطولها، فالكتاب مكون من 1085 صفحة.

في عام 2009، أصدر رواية Inherent Vice، وفي عام 2013، أصدر رواية Bleeding Edge، والتي تدور أحداثها ما بعد 11 سبتمبر، وجمع في الرواية بين الخيال العلمي والغموض والتحليل الاجتماعي للإنترنت.

أسلوب توماس بينشون

يُعرف أسلوب الكاتب توماس بينشون بالتعقيد والتركيز على العديد من الشخصيات والسرد المتشابك، واستخدام الرموز فضلًا عن غموض أعماله وكتاباته. تناول بينشون في معظم روايات موضوعات عن العلم والتكنولوجيا والسياسة والتاريخ.

في الكثير من أعماله، طرح أسئلة حول طبيعة الواقع والحقيقة، كما اتسمت أعماله بالسخرية اللاذعة والتعليقات النقدية العميقة على المجتمع والثقافة، وقد ألهمت رواياته العديد من الكتاب من بعده.