تعرف على سر دوائر الجن.. لغز صحراء نامبيا

يمكن العثور على مئات البقع الدائرية الغريبة من الأرض حيث لا ينمو أي شيء، ويحيط بهذه الدوائر الفارغة بعض العشب الكثيف في صحراء ناميب الشاسعة. يبدو أن هذه البقع الصلعاء موجودة، وتنمو في بعض الأحيان، لسنوات قبل أن تختفي فجأة. الأمر الذي أدى إلى الكثير من الحكايات الخيالية عن الجنيات، والأجسام الغريبة، وأنفاس التنين السامة، والتي تحاول تفسير هذه الظاهرة، ولكن هناك أيضًا تفسيرات بيئية لهذه الظاهرة الغريبة، والتي يُمكنك التعرّف عليها من خلال متابعة قراءة السطور التالية.

ما هي دوائر الجن؟ وأين تقع؟

دوائر الجن عبارة عن تشكيلات دائرية كبيرة بدون نباتات، وتحيط بها حلقات عشبية تغطي مساحة شاسعة من صحراء ناميب، وهي أقسى وأقدم منطقة في ناميبيا. يتراوح حجم هذه الدوائر الفردية من 3 إلى 20 مترًا ويمكن أن تعيش لمدة 70 عامًا.

تُعدّ دوائر الجن واحدة من أكثر الظواهر الطبيعية غير العادية في ناميبيا، تنص أساطير قبيلة الهيمبا الناميبية على أن الدوائر العشبية هي من أعمال الآلهة والأرواح. تحكي قصص أخرى أنها تشكلت من قبل تنين.

في الأراضي العشبية الجافة في صحراء نامبيب، يمكنك أن تجد المئات من الدوائر الخيالية. خلقت هذه الظاهرة الطبيعية دوائر عارية بين العشب الصحراوي. الدوائر لها أقطار تتراوح من قدم واحدة إلى أكثر من 40 قدما. ترعى قبيلة الهيمبا ماشيتها بين الدوائر، تخبرنا أساطير هذه القبيلة أن هذه الدوائر هي خطى الآلهة. يعتقد الهيمبا الآخرون أن أرواح الموتى هي المسؤولة عن تكوين هذه الدوائر. لدى المرشدين السياحيين الذين يزورون الدوائر الخيالية أيضًا قصة عن تنين يعيش تحت الأرض. من خلال إطلاق النار على قاعدة التربة، يخلق هذا التنين الدوائر التي يمكننا رؤيتها على السطح. ظل تفسير وجود هذه الدوائر لغزًا يُحير العلماء، مع الكثير من النظريات والقليل من الأدلة.

بحوث حول دوائر الجن

أمضى الباحث الألماني نوربرت يورجنز ما لا يقل عن ست سنوات من حياته في محاولة إيجاد تفسير لهذه الدوائر، خلال 40 زيارة كان يبحث فقط عن أصل الدوائر العشبية. ختم الباحث أبحاثه بأن النمل الأبيض هو سبب الغموض.

في عام 2017، عن طريق البحث عن أنماط النمل الأبيض، تم تعزيز هذه النظرية. تقاتل مستعمرات النمل الأبيض في مواقع أخرى من العالم داخليًا. تلتهم المستعمرات الأكبر المستعمرات الأصغر حتى تواجه مستعمرتين كبيرتين بعضهما البعض ويتم إنشاء حد. من الأعلى، تبدو حدود المناطق هذه مائلة سداسية. يصنع العلماء نماذج افتراضية على جهاز كمبيوتر لما ستبدو عليه هذه الحدود في ناميبيا. في الواقع، تبين أن نماذج مماثلة تتوافق إلى حد كبير مع مسافات وأحجام دوائر الجن في ناميبيا.

أكبر منافس لنظرية يورغن هو ستيفان جيتزين، وهو باحث ألماني آخر يعتقد أن النباتات تخلق بنفسها الدوائر الأيقونية. هذا له علاقة بقلة هطول الأمطار في الصحراء. وفقًا لجيتزين، فعندما ينمو المحصول في دائرة، فإنه ينشئ واحة صغيرة خاصة به. بهذه الطريقة تلتقط النباتات المطر وتستخدم أيضًا المياه النادرة الاستخدام الأمثل.

بعد سنوات من الجدل حول أسباب البقع الغريبة من الأراضي القاحلة، تشير دراسة جديدة نُشرت في مجلة Nature إلى أن الأمر يتطلب مزيجًا مثاليًا من قوتين بيئيتين لإحداث العلامات الغريبة.

حل لغز دوائر الجن

على مر السنين، كان هناك العديد من النظريات التي تحاول شرح أصول دوائر الجن، لكن لم يتمكن أي منها من إعطاء إجابة دقيقة. الفرضية الأولى حول وجود الجنيات تعني أن هذه التكوينات هي من عمل النمل الأبيض الذي يأكل العشب من جذوره. يُعزى التفسير الثاني دوائر الجن إلى الأعشاب المحلية التي توجد في واحدة من أكثر البيئات قسوة على وجه الأرض، والتي ستصل، بحكم وجودها في مثل هذه البيئة،  إلى مستويات دقيقة للغاية من التنظيم الذاتي.

توصل مجموعة من الباحثين من جامعتي برينستون وستراثكلايد، الذين نُشرت أعمالهم المنشورة في مجلة Nature Journal ، إلى حل لغز دوائر الجن، فقالوا أن السبب في حدوث هذه الدوائر يبدو أنه يعود إلى كلتا الظاهرتين.

تتنافس مستعمرات النمل الأبيض التي تتغذى على جذور النباتات التي تنمو فوق أعشاشها من خلال تدمير الغطاء النباتي السطحي. يشرح علماء الأحياء أن بعض النباتات ستكون لديها القدرة على المقاومة أكثر من البعض الآخر، هذه النباتات ستتمكن من نشر جذورها الطويلة وحرمانها من الماء، وبالتالي التسبب في تكوين الشكل دائري لهذه الدوائر. تظهر النتائج المنشورة التعاون الوثيق بين النمل الأبيض والغطاء النباتي لحدوث هذه الدوائر.