تشارلز ديكنز.. أعظم الروائيين في العصر الفيكتوري

يسطع اسم الكاتب والروائي الإنجليزي تشارلز ديكنز كأحد أعظم الروائيين في الأدب الإنجليزي في القرن التاسع عشر، فقد اشتهر بمزجه بين الدراما الاجتماعية والهجاء الساخر، وبرع بقلمه أن يصور معاناة الطبقات الفقيرة، ويبرز القضايا الاجتماعية في مصر، فكانت أعماله مرآة للمجتمع في العصر الفيكتوري بكل تناقضاته، ولا تزال أعماله مؤثرة حتى الآن، في السطور التالية تعرف على مسيرته المهنية وحياته.

من هو تشارلز ديكنز؟

تشارلز جون هوفام ديكنز، هو روائي وأديب إنجليزي، ولد في عام 1870 في كينت بإنجلترا، وهو واحد من أبرز وأعظم الكتاب في العصر الفيكتوري. نشأ ديكنز في أسرة متواضعة عانت من أزمات مالية أثرت على حياته، حيث اضطر إلى العمل في سن مبكرة، كما سجن والده بسبب الديون.

بدأ ديكنز مسيرته المهنية ككاتب صحفي، وصقل موهبته حينها في الملاحظة والسرد، وفي عام 1836، نشر أول أعماله الأدبية "مذكرات بيكويك" الذي حقق نجاحًا واسعًا.

واصل تشارلز ديكنز كتابة المزيد من المؤلفات والروايات الشهيرة، التي  سلط فيها الضوء على قضايا اجتماعية مختلفة، منها التعليم، والصحة، والفقر، والظلم الاجتماعي وغيرها.

برع ديكنز بالجمع بين الطرافة والمرارة، وابتكر شخصيات خيالية مميزة، كما تميز باستخدام تقنيات سرد حديثة. خلال مسيرته، لم تقتصر إسهاماته على الأدب فحسب، بل تجاوز إلى المسرح والأعمال الخيرية.

نشأته وحياته المبكرة

ولد تشارلز ديكنز في أسرة مكونة من 8 أطفال، وكان والده يعمل كاتبًا في مكتب رواتب البحرية الملكية. عاش ديكنز حياة ميسورة في البداية، حيث تنقلت العائلة أكثر من مرة بسبب مهنة والده، وكانت حياته المبكرة مثالية، إلا أنه اعتبر نفسه "طفلًا مهملًا وغير معتنى به" كونه الابن الأصغر بين 8 أطفال. في طفولته، قضى ديكنز وقتًا طويلًا في القراءة، حيث كان قارئًا نهمًا، وأثرت قراءاته المبكرة على أسلوبه الأدبي فيما بعد.

في عام 1822، تحولت حياة ديكنز وأسرته بشكل كامل، حيث غرق والده في الديون، ودخل السجن بسبب عدم قدرته على سداد تلك الديون، وفي عام 1824، انضم ديكنز وأسرته إلى والده في السجن، حيث جرت العادة في ذلك الوقت.

عاش ديكنز الكثير من وقته في السجن، ولتسديد نفقات إقامته ومساعدة أسرته، اضطر لترك المدرسة، وعمل لمدة 10 ساعات يوميًا في مستودع بالقرب من محطة القطار، وعمل على لصق الملصقات على أوعية تلميع الأحذية.

تركت تلك التجربة القاسية انطباعًا دائمًا على ديكنز، وقد ظهر ذلك جليًا في أعماله اللاحقة، حيث اهتم بالحديث عن ظروف العمل والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لشخصياته في أعماله، كما تحدث عن الفقراء.

بعد بضعة أشهر من سجن والده، توفيت جدته، وتركت تركة ب450 جنيهًا إسترلينيًا، فخرج والده من السجن، وبدأ ترتيب سداد ديونه. في تلك الفترة، لم  تؤيد والدته أن يترك العمل في المستودع، وكان قرارها القاسي هذا سببًا في موقفه الحاد ضد النساء.

درس ديكنز بعدها في أكاديمية ويلينغتون هاوس لمدة عامين حتى عام 1827، وبعدها عمل في مكتب محاماة، وبدأ اهتمامه بالمسرح، ثم قرر أن يصبح مراسلًا مستقلًا.

كم عدد أبناء تشارلز ديكنز؟

تزوج تشارلز ديكنز من كاثرين طومسون هوغارث، وأنجب منها 10 أبناء، إلا أنه انفصل عن زوجته عام 1858.

أصبح كل أبناء تشارلز ديكنز شخصيات معروفة ومشهورة في المجتمع، وأبنائه هم الرسامة الإنجليزي كاثرين بيرجوني، والكاتبة ماري ديكنز، التي ألفت كنابًا عن حياة والدها، ورجل الأعمال والمحرر الإنجليزي تشارلز ديكنز جونيور.

من أبنائه أيضًا عضو شرطة الخيالة فرانسيس ديكنز، والضابط في الجيش الهندي البريطاني والتر ديكنز، والمحاضر الإنجليزي ألفريد دورسي ديكنز، والمحامي الإنجليزي الشهير السير هنري ديكنز، وضابط البحرية الملكية سيدني سميث ديكنز، والسياسي الإنجليزي إدوارد ديكنز، أما ابنته الأصغر دورا ديكنز توفيت وهي رضيعة.

ما هي ديانة تشارلز ديكنز؟

كان تشارلز ديكنز مسيحيًا، إلا أنه في جميع كتاباته، تحدث صراحة عن كراهيته للإنجيلية والكاثوليكية والرومانية. نشأ ديكنز في أسرة من الأنجليكان، إلا أن والداه لم يكونا مهتمين على الإطلاق بالدين، ولم يكونا منتظمين في عبادتهم.

في طفولته، كان يحضر ديكنز القداس في كنيسة معمدانية، إلا أنه خلال عشريناته وثلاثيناته لم تكن لديه آراء إيجابية بشأن الدين. بعد الزواج وإنجاب الأطفال، شعر ديكنز بحاجة ملحة إلى نقل التعاليم الدينية إلى أطفاله، فأصدر نسخة مبسطة من الأناجيل أطلق عليها "حياة الله"، إلا أن هذا العمل لا يكفي لاستنتاج آرائه حول الدين بشكل كامل.

مسيرته الأدبية

عمل تشارلز ديكنز في مكتب للمحاماة، وأظهر في تلك الفترة مهارات في الكتابة تنم عن شخصية مثقفة ومفعمة بالحيوية، وفي الوقت نفسه، كان يصدر قصصًا مختلفة، أول قصصة نشرت عام 1833 بعنوان "عشاء في بوبلار ووك".

كان ديكنز شغوفًا بالكتابة بشكل كبير، فقد مارس الكتابة بنهم معظم حياته، حتى إنه أحيانًا كان يكتب 90 صفحة يوميًا، كما عمل محررًا لمدة 20 عامًا، وخلال مسيرتها الأدبية، كتب 15 رواية، و5 روايات قصيرة، بجانب مئات القصص القصيرة والمقالات.

ولم تقتصر إسهامات ديكنز على الكتابة الأدبية فحسب، بل شارك في إلقاء المحاضرات، كما كانت له إسهامات في الدعوة إلى الإصلاح الاجتماعي. خلال مسيرته، استخدم ديكنز اسمًا مسستعارًا لنشر رسوماته في الصحف الإنجليزية، وكان اسمه المستعار "بوز" وفي عام 1836، نشر كتابه الأول"قصاصات بوز"، ثم بدأ بكتابة أول رواية له في العام نفسه باسم "مذكرات بكوك".

زادت شعبية ديكنز بمرور الوقت، وأصبحت أعماله أكثر نجاحًا، واجتازت شهرته لندن، وترجمت أعماله للعديد من اللغات، وأصبح كاتبًا عالمًا. عُرف ديكنز كذلك بحبه للمسرح، فقد كتب العديد من المسرحيات ومثلها أمام الملكة فيكتوريا.

مسيرته الصحفية

برز اسم تشارلز ديكنز في المجال الصحفي في لندن بشكل كبير، فخلال مسيرته طور مهاراته الصحفية، وعمل في العديد من الصحف البارزة، منها صحيفة مرآة البرلمان، والشمس الحقة، وبعدها أصبح مراسلا برلمانيًا لصحيفة وقائع الصباح.

اكتسب ديكنز علاقات بارزة في هذا المجال، وبفضل تلك المعارف تمكن من نشر رسوماته في الصحف تحت الاسم المستعار "بوز"، وبعدها نشر "مذكرات بكوك الناجحة". شغل ديكنز بعدها مناصب إدارية هامة، منها منصب رئيس تحرير مجلة بينتلي، وصحيفة ديلي نيوز، والتي استقال منها بعد 10 أسابيع فقط من توليه مهامه. حرر ديكنز أيضًا العديد من المجلات الأسبوعية، منها "طوال العام"، و"كلمات منزلية".

ما هي أهم روايات تشارلز ديكنز؟

ألف تشارلز ديكنز خلال مسيرته الأدبية 15 رواية، و5 روايات قصيرة، ومن بين أهم أعمال تشارلز ديكنز رواية "آمال عظيمة" والتي نشرت في البداية في كسلسلة في المجلات، وبعدها نشرت بشكل كامل في يوليو عام 1861.

من أعماله البارزة أيضًا رواية "أوليفر تويست"، والتي تحكي عن الطفل أوليفر تويست الذي نشأ في دار للأيتام وتعرض لسوء المعاملة، فيقرر الهروب لتبدأ رحلة رحلة جديدة من المعاناة خارج الدار.

ألف كذلك رواية "قصة مدينتين"، وتعد من أكثر روايات تشارلز ديكنز مبيعًا على الإطلاق. من رواياته أيضًا "ديفيد كوبرفيلد"، و"ترنيمة عيد الميلاد"، و"حياة ومغامرات مارتين تشزلويت"، و"متجر الفضول القديم"، و"صديقنا المشترك".

وفاة تشارلز ديكنز

أصيب تشارلز ديكنز بسكتة دماغية في 8 يونيو عام 1870، ولم يتعد وعيه قط بعد، حيث توفي في اليوم التالي عن عمر 58 عامًا، ودفن في دير وستمنستر، وحضر جنازته آلاف المشيعين. قبل وفاته، كان يعمل على روايته الأخيرة غير المكتملة "لغز إدوين درود".