تسهيلات وحوافز مالية.. السويد تشجع اللاجئين على العودة لبلدانهم

  • DWWbronzeبواسطة: DWW تاريخ النشر: الثلاثاء، 14 مارس 2023
تسهيلات وحوافز مالية.. السويد تشجع اللاجئين على العودة لبلدانهم

على مدار سنوات طويلة تباهت السويد بأنها مفتوحة للأفكار والتجارة وللأشخاص من جميع أنحاء العالم. وطوال عقود، وفرت ملاذًا أمنا لمواطني تشيلي الذين فروا من ديكتاتورية الرئيس اوغستو بينوشيه (من عام 1973وحتى 1990)، وللإيرانيين بعد الثورة الإسلامية ولألبان كوسوفو بعد الحرب في منطقة البلقان، كذلك عندما اندلعت الحرب في سوريا فتحت السويد أبوابها حيث استقبلت عددًا من طالبي اللجوء أكبر من أي دولة أخرى في المنطقة.

لكن في يوم الأربعاء الإول من آذار/ مارس تم تكليف مجلس الهجرة السويدي (Migrationsverket) بمراجعة كيفية زيادة هجرة العودة الطوعية، بحسب ما أعلنت وزيرة الهجرة ماريا مالمر ستينرغارد، وقالت "كانت العودة منطقة سيئة المعاملة في السياسة السويدية، ولم يركز مجلس الهجرة السويدي عليها. نريد أن نرى تغييرًا في هذا المجال".

وأضافت ستينرغارد لصحيفة "Dagens Nyheter" بأن الحكومة "ستستهدف المجموعات الكبيرة التي أتت إلى السويد في العقود الأخيرة والتي لم تنجح في الاندماج بالمجتمع السويدي".

إذ تجدد الحكومة السويدية رغبتها بعودة المهاجرين الذين فشلوا بالحصول على عمل وتحقيق الاكتفاء الذاتي أو الذين لم يتعلموا اللغة السويدية. وتشير الأرقام إلى أن نسبة البطالة تصل إلى 16 بالمائة بين المولودين خارج السويد، وهي نسبة أكثر بـ3 مرات من معدلات البطالة بين الأشخاص المولودين في السويد، وتقدر مصادر رسمية سويدية بأن أكثر من نصف مليون من سكان السويد المولودين بالخارج لا يعتمدون على أنفسهم، مع الإشارة إلى أن هذه المشكلة ستبقى حتى مع عودة البعض.

ما هو برنامج العودة الطوعية؟

وفقًا لمكتب الإحصاء السويدي، فإنه في عام 2021 كان 20 بالمائة من سكان السويد أي ما يعادل نحو مليوني شخص قد ولدوا في الخارج، بينما 33 بالمائة من السكان كان أحد والديهم على الأقل قد ولد خارج السويد.

لذلك صرحت الحكومة في بيان صحفي في أواخر شباط/ فبراير 2023: "يجب تزويد الأشخاص المقيمين في السويد والذين يرغبون في العودة إلى بلدانهم الأصلية بمعلومات حول إمكانيات العودة والمساعدة والدعم الذي يمكنهم الحصول عليه".

لكن السويد تملك بالفعل برنامجًا للهجرة الطوعية تم تحديثه بحسب مكتب الهجرة السويدي لآخر مرة الصيف الماضي في حزيران/ يونيو 2022، ويحث البرنامج الأشخاص الذين رفض طلب لجوئهم بالسويد على التعاون للعودة طوعًا إلى بلادهم.

حيث يقدم البرنامج القديم إمكانية المساعدة بدفع تكاليف رحلة العودة، والأوراق اللازمة من سفارات الدول لترتيب عودة المهاجرين إلى بلدانهم الأصلية أو دولة ثالثة يحق للشخص الإقامة فيها، كاستصدار جواز سفر أو وثيقة سفر مؤقتة، ويضمن البرنامج استمرار الرعاية الصحية حتى موعد المغادرة، واستمرار الحصول على التعليم بالنسبة للأطفال.

بينما يقدم الصليب الأحمر السويدي دعمًا نفسيًا وإغاثيًا لمن يجب أن يقدموا على خطوة العودة لبلدانهم.

ما تقترحه الحكومة حاليًا على مكتب الهجرة، هو بذل جهود إعلامية للإبلاغ عن إمكانية الدعم المالي عند الانتقال من السويد، عدا عن تطوير المقترحات كالمنح والحوافز المالية وغيرها من أشكال الدعم التي من شأنها أن تزيد من عودة الهجرة.

وبالفعل تلقى مكتب الهجرة زيادة في الميزانية لدفع أموال لمن يرغبون في العودة طوعاً إلى بلدانهم الأصلية، مع وعود ببذل المزيد من الجهود في المستقبل. وترى الوزيرة ستينرغارد أنه "من غير المستغرب أن يتلقى الأشخاص الذين لم يتم دمجهم مساعدة مالية للعودة إلى وطنهم".

بحسب بعض المواقع السويدية فإن برنامج الحكومة لن يكون فعالًا جدًا، إذ أنه من الطبيعي عودة بعض الناس إلى بلدانهم، لكن من غير الطبيعي عودة بعضهم لدول مزقتها الحرب، والتخلي عن شبكة الأمان الاجتماعي والاقتصادي التي توفرها السويد تمامًا. لذلك فإن العمل لحل مشكلة الاندماج هو الأهم، رغم أنه ليس أمرًا سهلًا بعد عقود من إنكار وجود المشكلة والجهل بطبيعتها.

إذ قال تقرير سابق لوكالة "بلومبرغ" الأمريكية إن قسًّا نيجيريًا قد فاض به الكيل لدرجة أنه رحل من السويد، ويعمل حاليًا في العاصمة الدنماركية كوبنهاغن حيث الاندماج في المجتمع أكثر سهولة، وقال القس الذي يدعى شينيدو لـ"بلومبرغ" إنه عندما وصل في عام 2018 للانضمام إلى عدة مئات الآلاف من الأفارقة في السويد، اعتقد في البداية أنه سيجد المجتمع المتسامح الجامع الشامل الذي كان بانتظام قرب قمة التصنيفات العالمية لجودة الحياة والسعادة، لكن أمله قد خاب.

كذلك فإن إمكانية الحصول على بدل سفر للعودة إلى الوطن موجودة بالفعل، وحصل عليها قبلًا نحو 46 شخصًا خلال السنوات العشر الماضية، وكان عبارة عن مبلغ لا يتجاوز 40 ألف كرونة، ما يعادل نحو 3500 يورو، للشخص الواحد إضافة لتغطية تكاليف السفر، لكن معظمهم عادوا إلى السويد.

فتش عن اليمين

في السويد ورغم أن حزب "سفاريا ديمقارطنا" أو "الديمقراطيون السويديون"، الذي له جذور نازية جديدة، ليس مشاركا رسميًا في الحكومة، فإنه القوة الأكبر في الائتلاف اليميني، وللمرة الأولى يتمتع بنفوذ كبير على السياسات المتعلقة بالطاقة وصولاً إلى الرعاية الصحية، إذ تحالف رئيس الوزراء أولف كريستيرسون مع حزب "الديمقراطيون السويديون" المتشدد، وقبل بسياساته المتشددة بشأن الهجرة مقابل الحصول على دعمه بالبرلمان.

لذلك أوضح تحالف يمين الوسط المكون من ثلاثة أحزاب في السويد موقفه المناهض للهجرة، ويعتمد التحالف المكون من المعتدلين والديمقراطيين المسيحيين والليبراليين، على أصوات من الديمقراطيين السويديين اليمينيين المتطرفين من أجل تمرير قوانينهم.

واقترحت الحكومة السويدية الجديدة أيضًا تغييرات كبيرة في سياسة الهجرة على المستوى الوطني، وألغت فكرة منح اللجوء الدائم للاجئين، وتعهدت بتقليل عدد اللاجئين المقبولين في البلاد. بالإضافة إلى ذلك، قالت الحكومة إنها تخطط لمضاعفة الحد الأدنى للدخل المطلوب لهجرة العمالة ثلاث مرات، من أجل استبعاد "العمال المهاجرين الفقراء".

كل هذا دفع مؤخرًا لتراجع سمعة السويد كملاذ ديمقراطي منفتح وجنة المهاجرين، حيث يحصل حزب "الديمقراطيون السويديون" على المزيد والمزيد من الأصوات، بينما تزدهر العنصرية في المجتمع السويد بشكل كبير"، إضافةً لزيادة بعدد جرائم الكراهية، وسط غضب مجتمعي من المهاجرين، وبالمقابل نفور المهاجرين من المجتمع السويدي.

إلا أن السياسي السويدي من حزب "الديمقراطيون السويديون" والمتحدث باسم الهجرة لودفيغ آسبلينغ، أكد على أن "الهجرة مشكلة قريبة من قلب الديمقراطيين السويديين، لكن هجرات العودة لا ينبغي أن تكون إجبارية ولن تحدث إلا طوعًا إذا لزم الأمر، بمساعدة الحوافز المالية، والتي يمكن أن تشمل التعليم أو دفع رسوم مقابل حضور الأطفال إلى المدرسة، فذلك يعتمد إلى حد كبير على الظروف السائدة في البلدان المختلفة".

لكن البعض فيالسويد ينتقد حجم الاستثمار الكبير في عودة الهجرة، ما يمكن أن يكون عبئًا باهظًا على دافعي الضرائب السويديين وأنه لا يزال يتعين تقديم خطة واضحة.

بينما وصفت النائبة السويدية الاشتراكية الديمقراكية كارين أولسون مقترحات الحكومة حول العودة الطوعية بأنها: "بيانٌ شعبوي لا يستند إلى الواقع"، وأضافت "في الوقت الحالي، رأينا للتو كلمات من الحكومة السويدية ولا يوجد عمل حقيقي، ونحن لا نزال بانتظار مقترحات ملموسة تتماشى مع التحول النموذجي الذي يشيرون إليه دائمًا".

الأمر لم يعد يتعلق بالسويد وحدها

في مطلع 2023 تولت السويد الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، لمدة 6 أشهر، ما قد يعني أن الخطط الخاصة بسياسة الهجرة المشتركة بين الدول الأعضاء قد تواجه انتكاسة كبيرة، خاصة مع وصول اليمين المتشدد إلى الحكم في بعص الدول كإيطاليا وبولندا وهنغاريا.

كذلك بدد تولي السويد رئاسة الاتحاد الأوروبي، الآمال في أي تقدم في وضع سياسة الهجرة على مستوى الاتحاد الأوروبي رغم الحاجة الكبيرة لذلك، فالاتحاد الأوروبي كان قد وصل إلى طريق مسدود منذ عام 2015 بسبب عدم التمكن من إشراك كل الدول في إدارة أزمة طالبي اللجوء وتقاسم المسؤوليات، ليتخلى عن فكرة حصة إلزامية للاجئين لكل بلد، بينما أصبح الآن يواجه الاتحاد مزيداً من العقبات والتحديات.

في تشرين الثاني/نوفمبر 2022، شاركت زعيمة الاشتراكيين والديمقراطيين في البرلمان الأوروبي، إيراتكسي غارسيا بيريز، مخاوفها مع العموم عبر تغريدة على تويتر بشأن "التأثير السلبي الذي سيحدثه الديمقراطيون السويديون اليمينيون المتطرفون" على رئاسة الاتحاد الأوروبي. وأضافت "يبدو أن الدفاع عن سيادة القانون في جميع أنحاء أوروبا، وتعزيز المساواة والتقدم في سياسة الهجرة واللجوء المشتركة أمر صعب مع حكومة سويدية يغلب عليها اليمين المتطرف".

لذلك وفي تعليقها على تصريحات وزيرة الهجرة السويدية قالت النائبة السويدية في البرلمان الأوروبي كارينا أولسون لموقع "EURACTIV": "من الواضح أنه حتى لو لم يكن للحزب اليميني، الديموقراطيون السويديون، مقعد في الحكومة، لكنه هو الذي يحكم. لقد أصبحت الحكومة السويدية مدمنة تمامًا على المتطرفين اليمينيين، إن تأثيرهم أصبح أكثر من واضح هنا بالبرلمان الأوروبي".

وتساءلت أولسون: "لماذا تريد الحكومة السويدية إعادة الناس إلى بلدانهم الأصلية؟ هؤلاء الأشخاص لديهم أسباب وجيهة للبقاء ويحتاجون إلى الحماية في السويد؛ وإلا لما تلقوا طلب لجوء مقبول في المقام الأول".

مهاجر نيوز 2023

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة