ترك رجل الأعمال الأمريكي ترافيس كالانيك بصمة واضحة في صناعة النقل حينما أسس شركة أوبر، وهي الشركة التي غيرت طريقة التنقل في المدن حول العالم، وبفضل رؤيته الجريئة والطموحة تمكن من بناء إمبراطورية نقل عالمية، إلا أنه واجه العديد من التحديات والانتقادات خلال رحلته، تعرف أكثر على مسيرته وحياته في هذا المقال.
من هو ترافيس كالانيك؟
ترافيس كورديل كالانيك هو رجل أعمال أمريكي ولد في 6 أغسطس عام 1976 ولد في لوس أنجلوس في الولايات المتحدة الأمريكية، وهو المؤسس والرئيس التنفيذي السابق لشركة أوبر.
درس كالانيك هندسة الكمبيوتر في جامعة كاليفورنيا، وقد بدأ مسيرته المهنية في التسعينات، وشارك في تأسيس العديد من الشركات التكنولوجية، وفي عام 2009 شارك في تأسيس شركة أوبر مع غاريت كامب، والتي كانت في البداية كخدمة توفير سيارات الأجرة الفاخرة، ثم توسعت لتشمل خدمات النقل المشاركة المتنوعة.
تولى كالانيك منصب الرئيس التنفيذي لشركة أوبر، وتحت قيادته توسعت الشعر بشكل أكبر، وأصبحت واحدة من أكبر شركات التكنولوجيا في العالم، مع خدمات في مئات المدن حول العالم.
واجهت شركة أوبر العديد من التحديات القانونية والتنظيمية في مختلف البلدان، كما تعرض كالانيك لانتقادات داخلية تتعلق بالثقافة المؤسسية في أوبر، بما في ذلك قضايا التحرش والتمييز، وقد استقال من منصبه بسبب ضغوط من المستثمرين.
بعد أوبر بدأ كالانيك العمل على مشاريع جديدة، فهو يُعرف بشغفه بريادة الأعمال والابتكار، ويعد من الشخصيات المؤثرة في عالم التكنولوجيا وريادة الأعمال، وساهم بشكل كبير في تغيير طريقة النقل والتواصل في المدن حول العالم.
نشأته وتعليمه
ولد ترافيس كالانيك في لوس أنجلوس. والدته بوني يهودية هاجرت إلى الولايات المتحدة في أوائل القرن العشرين، وعملت في مجال الإعلان بالتجزئة، أما والده دونالد فهو من عائلة كاثوليكية سلوفاكية نمساوية هاجرت إلى الولايات المتحدة من مدينة جراتس النمساوية، وقد عمل والده مهندسًا في لوس أنجلوس.
عُرف عن كالانيك بروحه التنافسية وحرصه على الفوز، وقد تخرج من مدرسة جراندا هيلر تشارلز. التحق بعدها بجامعة كاليفورنيا لوس أنجلوس، حيث درس هندسة الكمبيوتر واقتصاد الأعمال.
حياته الشخصية
لم يتزوج ترافيس كالانيك، ولكنه كان على علاقة بجابي هولزوارث وهي عازفة كمان ومديرة تطوير الأعمال، واستمرت العلاقة بينهما من 2014 إلى عام 2016.
بداية مسيرته المهنية
بدأ ترافيس كالانيك مسيرته المهنية عام 1998، حيث شارك في تأسيس Scour، وهو محرك بحث متعدد الوسائط، وقد تولى إدارة المبيعات والتسويق في الشركة.
واجهت الشركة أزمة مالية بعد أشهر من النمو، حيث كانت تنقصها السيولة النقدية، وسعت للحصول على تمويل من المستثمرين، إلا أن المفاوضات لم تجري بشكل جيد، وانتهى الأمر بمواجهة الشركة دعوى قضائية بتهمة خرق العقد، واضطرت سكور إلى قبول شروط غير مواتية للاستثمار.
واجهت شركة سكور المزيد من الدعاوى القضائية، وانتهى الأمر بإعلان الشركة إفلاسها، فغادر كالانيك الشركة.
تأسيس شركة Red Swoosh
في عام 2001 بدأ في تأسيس شركة Red Swoosh مع مايكل تود، وهي شركة ملفات ووسائط مثل الموسيقى والفيديو للعملاء، وقد تمكنت شركته من تطوير تقنية لجعل نقل هذه الملفات الكبيرة أكثر كفاءة.
واجهت شركته في البداية صعوبة في تأمين التمويل، وفي عام 2001 لم يحصل الموظفون على راتبهم لعدة شهور، لذا اضطرت الشركة إلى استخدام أموال الضرائب لتمويل العمليات اليومية، وقد اعتبر هذا الأمر بمثابة احتيال ضريبي، وشكل أزمة كبيرة في مسار الشركة.
إلا أن الشركة تمكنت في النهاية من سداد الأموال إلى مصلحة الضرائب الداخلية، ولم يتم مقاضاة أي مسؤول في الشركة، إلا أن هذه الأزمة تسببت في توتر كبير بين المسؤولين، وترك مايكل تود الشركة.
بعد مغادرة تود الشركة، تولى كالانيك مسؤولية الشركة، إلا أنها واجهت المزيد من المشكلات المالية، حتى استثمر الأمريكي مارك كوبان 1.8 مليار دولار في الشركة، وتمكن كالانيك من توظيف المزيد من المبرمجين في الشركة.
في عام 2007 استحوذت شركة Akamai Technologies على شركته، وحقق كالانيك 2 مليون دولار من الصفقة، وانتقل بعدها إلى سان فرانسيسكو، وهناك استثمر في عدد من الشركات الناشئة، وخاصة شركات التكنولوجية الناشئة.
تأسيس شركة أوبر
فكرة أوبر نشأت في عام 2008 عندما كان رجل الأعمال غاريت كامب، أحد مؤسسي موقع StumbleUpon، يبحث عن طريقة لتحسين خدمات التاكسي. التقى ترافيس كالانيك بغاريت كامب، وقررا تطوير فكرة تطبيق لطلب السيارات.
تم تأسيس أوبر في عام 2009 في سان فرانسيسكو، كاليفورنيا، وكان التطبيق في البداية يُعرف باسم "أوبر كاب"، وكان الهدف من التطبيق توفير خدمة سيارات الأجرة الفاخرة.
في يونيو عام 2010، تم إطلاق خدمة أوبر بشكل رسمي في سان فرانسيسكو، وقد لاقت الخدمة نجاحًا سريعًا، وأثبتت فعالية النموذج الجديد للنقل، وتمكنت أوبر من جذب العديد من المستثمرين، مما ساعدها على التوسع السريع. حصلت على استثمارات كبيرة من شركات مثل "بنش مارك"، و"جوجل فينتشر".
خلال السنوات التالية، توسعت أوبر إلى العديد من المدن والبلدان حول العالم. بحلول عام 2014، كانت أوبر تعمل في أكثر من 50 دولة و200 مدينة.
واجهت أوبر مقاومة من شركات التاكسي التقليدية والجهات التنظيمية في العديد من الأماكن. على الرغم من ذلك، استمرت الشركة في النمو والتوسع، وقد قدمت أوبر خدمات جديدة مثل UberX، التي توفر خدمات نقل أقل تكلفة، و UberPOOL التي تتيح للمستخدمين مشاركة الركوب لتقليل التكاليف.
واجهت أوبر العديد من الدعاوى القضائية والمشاكل التنظيمية المتعلقة بسلامة السائقين، تراخيص النقل، وحقوق العمال، كما حظرت بعض المدن خدمات أوبر، مما أثار جدلاً واسعًا حول كيفية تنظيم خدمات النقل الجديدة.
في عام 2017، برزت قضايا حول الثقافة المؤسسية في أوبر، بما في ذلك اتهامات بالتحرش الجنسي، التمييز، وسوء الإدارة، وقام موظفون سابقون وحاليون بالإبلاغ عن بيئة عمل غير صحية في الشركة.
استقالته من شركة أوبر
واجهت أوبر العديد من الدعاوى القضائية المتعلقة بسلامة السائقين، وتراخيص النقل، وحقوق لعمال، وكانت هناك اتهامات باستخدام برامج غير قانونية، مثل جرايبال"لتجنب السلطات التنظيمية.
وبسبب هذه المشكلات فرضت بعض المدن والبلدان حظرًا على خدمات أوبر، أو شددت من اللوائح التنظيمية، مما أثّر على عمليات الشركة، وتسبب في خسائر مالية.
واجهت الشركة أيضًا مشكلات بسبب قضايا التحرش الجنسي، ففي عام 2017، نشرت موظفة سابقة اسمها سوزان فاولر مدونة، وضحت فيها أنها تعرضت للتحرش الجنسي والتمييز داخل الشركة، وقد كشف هذا الأمر النقاب عن بيئة عمل غير صحية، وأدى إلى فتح تحقيق داخلي.
تم الإبلاغ عن ثقافة مؤسسية تفتقر إلى الشفافية، وتتعامل بعدوانية مع الموظفين. تم تسريب فيديو يظهر كالانيك، وهو يتجادل مع سائق أوبر حول السياسات المالية، مما زاد من الانتقادات الموجهة إليه.
بعد اتهامات سوزان فاولر، قامت أوبر بتعيين شركة المحاماة السابقة للنائب العام الأمريكي إريك هولدر لإجراء تحقيق داخلي، وقد أدى ذلك إلى تقديم توصيات بإجراء تغييرات جذرية في الثقافة المؤسسية، وقد أدى هذا الأمر إلى استقالة عدد من كبار المديرين من الشركة، وشكل هذا ضغطًا على ترافيس كالانيك.
ورغم النمو السريع للشركة، عانت أوبر من خسائر مالية كبيرة، وتلقت الشركة انتقادات سلبية في وسائل الإعلام بسبب الفضائح المتتالية، لذا اضطر كالانيك الاستقالة في 20 يونيو عام 2017 من منصبه كرئيس تنفيذي بعد ضغوط مكثفة من المستثمرين.
وفي خطاب استقالته، أشار إلى أنه استقال ليتيح الفرصة لأوبر للبدء بصفحة جديدة تحت قيادة جديدة. رغم استقالته من منصب الرئيس التنفيذي، بقي كالانيك عضوًا في مجلس إدارة أوبر، مما يدل على رغبته في الاستمرار في المساهمة في مستقبل الشركة.
رغم التحديات، أحدثت أوبر تغييرًا جذريًا في صناعة النقل حول العالم. أصبحت نموذجًا يحتذى به في كيفية استخدام التكنولوجيا لتحسين الخدمات اليومية.
ألهمت قصة أوبر العديد من رواد الأعمال والشركات الناشئة لتطوير حلول مبتكرة في مجالات مختلفة. رحلة ترافيس كالانيك مع أوبر تُظهر قوة الابتكار وريادة الأعمال في تحقيق تغيير كبير في الصناعات التقليدية، لكنها أيضًا تُبرز التحديات الكبيرة التي قد تواجه الشركات الناشئة عند التوسع السريع وضرورة الحفاظ على ثقافة مؤسسية صحية.
مشواره ما بعد أوبر
بعد مغادرته أوبر، أسس ترافيس كالانيك صندوق استثماري يُدعى 10100 (Ten-One-Hundred)، الذي يركز على الاستثمارات في العقارات، التجارة الإلكترونية، والشركات الناشئة، واستثمر في عدة مشاريع جديدة، وكان له دور في تطوير عدة شركات ناشئة. كالانيك كان عضوًا في مجلس استشاري لمشروع نيوم.
ثروة ترافيس كالانيك
شارك ترافيس كالانيك في تأسيس أوبر في عام 2009. مع توسع الشركة السريع وانتشارها العالمي، نمت قيمتها السوقية بشكل كبير، مما أدى إلى زيادة ثروته. في مايو 2019، قامت أوبر بطرح عام أولي (IPO) حيث تم تقييم الشركة بحوالي 82 مليار دولار. هذا الاكتتاب العام ساهم بشكل كبير في زيادة ثروة كالانيك.
عندما طرحت أوبر أسهمها للاكتتاب العام، كان كالانيك يمتلك حصة كبيرة من الأسهم، مما جعله مليارديرًا. قُدِّرت ثروته بمليارات الدولارات. بعد الاكتتاب العام، قام كالانيك ببيع جزء كبير من حصته في أوبر، مما أضاف إلى ثروته. على سبيل المثال، في نهاية عام 2019، باع كالانيك جزءًا من حصته بقيمة تقدر بحوالي 2.5 مليار دولار.
بعد استقالته من أوبر، أسس كالانيك صندوق استثماري باسم 10100 (Ten-One-Hundred). يركز هذا الصندوق على الاستثمارات في مجالات العقارات، التجارة الإلكترونية، والشركات الناشئة. هذه الاستثمارات قد أسهمت في زيادة وتنويع ثروته، كما استثمر في شركات أخرى.
وفقًا لتقديرات فوربس وغيرها من المصادر المالية، تقدر ثروة ترافيس كالانيك بنحو 3.6 مليار دولار اعتبارًا من عام 2024. هذه التقديرات تتغير بناءً على قيمة استثماراته وأداء الأسواق المالية.