تدفق مئات المغاربة نحو إسبانيا.. تحد جديد لـ"تعاون"البلدين!

  • DWWbronzeبواسطة: DWW تاريخ النشر: الأربعاء، 04 سبتمبر 2024
تدفق مئات المغاربة نحو إسبانيا.. تحد جديد لـ"تعاون"البلدين!

شهد كل من المغرب وإسبانيا هذا الأسبوع، استنفارا أمنيا كبيرا بسبب هجرة جماعية من مدينة الفنيدق الواقعة شمال المغرب، نحو مدينة سبتة. فقد قام شباب ونساء وأطفال مغاربة على مدى أربعة أيام بالسباحة أو ركوب القوارب السياحية لقطع المسافة القصيرة الفاصلة بين البلدين، مستغلين الضباب الكثيف والتواجد المكثف للمصطافين في البحر شمال المملكة.

حسب محمد بن عيسى، رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان بالمغرب، "فقد كانت هذه المغامرة الجماعية مفاجئة من حيث العدد، كما اتسمت أيضا بالاستمرارية لثلاثة أيام. وكان العامل الأول لنجاحها مرتبطا بالطقس، فالضباب يجعل المراقبة صعبة في الضفتين، كما أن مستوى البحر المنخفض والموج الهادئ إضافة للمسافة القريبة، جعلت الراغبين في الهجرة نحو إسبانيا يجدون السباحة جماعة فرصة".

واعتبر المتحدث أن "الانتقال من صيغة المغامرة الخطيرة فرديا إلى الشكل الجماعي حيلة من المهاجرين، ورغبة منهم في تشتيت انتباه السلطات وإرباكها". كما أشار في تصريحاته لـ DW إلى أن "استعمال شبكات التواصل الاجتماعي للإعلان عن أولى المحاولات الناجحة مع شرح الأسباب، زاد من كثافة عدد المهاجرين".

وأضاف بن عيسى، أنه مهما حاولت السلطات إبداع حلول لتشديد المراقبة وتضييق الخناق سواء على المهاجرين أو عصابات الاتجار في البشر، يجد هؤلاء بالمقابل حلولا ويواكبون التطورات، “ولعل أحد آخر النماذج، هو استغلالهم لمعلومة عدم استعمال السلطات للزوارق لأجل المراقبة، حين انتشار الضباب مخافة أذية المتواجدين في البحر، لصالحهم".

من جهته، يرى الحبيب شباط، الكاتب العام للحزب الاشتراكي الإسباني في إشبيلية، أن "التماس الجغرافي بين المغرب وإسبانيا والمسافة القصيرة الفاصلة بين البلدين بحرا(14 كيلومترا)، تجعل مهمة المراقبة وردع محاولات الهجرة بين البلدين صعبة للغاية".

وأضاف المتحدث أنه "بالرغم من التعاون المكثف بين البلدين أمنيا، والذي أدى فعليا إلى انخفاض أعداد الواصلين منه إلى الجنوب الإسباني في السنوات الأخيرة، مقابل ارتفاع أعداد القادمين من بلدان أخرى نحو الحدود الإسبانية والأوروبية عموما مثل السنغال أو موريتانيا، إلا أن حل الملف ليس بسيطا".

القاصرون.. أصعب تحد يطرحه ملف الهجرة غير النظامية بين البلدين!
من أصعب الإشكاليات المطروحة لدى كل من المغرب وإسبانيا في التعامل مع ملف الهجرة غير القانونية، هو وصول أعداد كبيرة من الأطفال غير المصحوبين إلى السواحل الإسبانية. هذا في وقت تعلن فيه السلطات في سبتة مثلا، عن امتلاء مراكز الإيواء وأزمة تمويل استقبالهم.

صحيفة إل فارو دي كوتا، أوضحت في تقرير حول الأزمة الأخيرة، أن هذا المأزق دفع وفد مدريد الحكومي الذي وصل إلى سبتة، إلى العمل بالتنسيق مع الحكومة المحلية ووزارة الشباب والأطفال، على إيجاد أماكن جديدة لاستقبال الأطفال المغاربة الواصلين خلال هذا الأسبوع. وأضافت الصحيفة الإسبانية أنه يجري التفكير في إيوائهم في الثكنات العسكرية المهجورة التابعة لوزارة الدفاع من بين أماكن أخرى.

بالنسبة لمحمد بن عيسى، فإن الاتفاقيات بين البلدين خاصة منها اتفاقية إعادة القبول، تمكن إسبانيا من إعادة البالغين وتلزم المغرب بقبول مواطنيه، لكن المشكل الأصعب يطرحه القاصرون. وقال "إن إعادتهم إلى المغرب يستدعي قرار المحكمة، لذلك تبقى إسبانيا مسؤولة عن هؤلاء الأطفال، رغم أن السلطات المغربية تعبر دائما على الرغبة في إعادة القاصرين المغاربة، إلا أنها تصطدم بالقوانين المشددة التي تحمي الأطفال".

الحبيب شباط، يرى من جهته أن ملف القاصرين شائك وحله صعب للغاية، معتبرا أن "الحكومة الإسبانية تحاول توفير حلول في ظل الضغط الذي تعرفه المناطق الحدودية، وتحاول توزيعهم على مراكز إيواء في مناطق أخرى كالأندلس أو بلاد الباسك أوكاتالونيا"، مشيرا إلى أن "الأخطر هو استغلال هذا الموضوع سياسيا، لأن أهم ما يجب التركيز عليه هو سلامة هذه الفئة وتمكينهم من حقوقهم".

15 طالب لجوء.. لا أمل للمغاربة في إسبانيا!
من بين ما وثقه بن عيسى أثناء تنقله من شمال المغرب نحو سبتة بعد اندلاع موجة الهجرة الجماعية، حسب ما أفاد به خلال حواره مع DW، أن 15 شابا مغربيا طلبوا اللجوء فور وصولهم إلى سبتة.

إلا أنه من المعلوم أن إسبانيا لا تقبل باللجوء السياسي للمواطنين المغاربة، وسبب ذلك حسب شباط أنه "لا تتوفر الشروط التي تسمح للقضاء الإسباني بمنح اللجوء للمواطنين المغاربة، لأن بلدهم ليس في حالة حرب ولا يعاني من تراجع خطير في مجال حقوق الإنسان".

وشرح المتحدث أن طلب اللجوء من طرف المهاجرين غير القانونيين المغاربة حين وصولهم إلى سبتة أو غيرها من المناطق الإسبانية، "ما هو إلا محاولة للإلهاء وكسب الوقت إلى حين أن يجدوا سبيلا للفرار من السلطات والاختباء بمساعدة أشخاص آخرين".

إشادة رسمية بالمجهودات المغربية مقابل هجوم إعلامي!
تناقلت الصحف المغربية تصريحات مهمة لرئيس الحكومة المحلية بمدينة سبتة، خوان فيفاس، قال فيها إن "ليلة الأحد كانت ليلة ضغط كبير، وكان الوضع ليخرج على السيطرة لولا تدخل المغرب". شارحا أنه "بفضل تعاون السلطات المغربية، تجنبت سبتة اقتحاما لـ 300 أو 350 شخصا، وأن المغرب يتعاون في ملف الهجرة بشكل يومي".

هذه الإشادة مردها حسب شباط إلى أن الواقع يؤكد أن "المغرب يعمل جاهدا على ضبط حدوده ووقف الهجرة غير القانونية". وأضاف أن "هناك عمليات أمنية مشتركة بين البلدين، وتعاونا أمنيا وطيدا تجسده دوريات مشتركة في جنوب إسبانيا وفي شمال المغرب، إن كان لمنع الهجرة غير القانونية أو محاربة جرائم عابرة للحدود منها جرائم الاتجار في البشر أو المخدرات أو غيرها".

وتتناقض تصريحات خوان فيفاس مع يروجه الإعلام الإسباني، إذ يتهم بعناوينه المغرب بممارسة ضغوط على سبتة من خلال تدفق المهاجرين. هذا التوجه يراه محمد بن عيسى "محاولة للضغط على الحكومة الإسبانية بعد ما عبرت عن تأييدها لمقترح الحكم الذاتي المغربي للصحراء، ومحاولة لتسميم الأجواء التي اتسمت في الآونة الأخيرة بالهدوء بين الحكومة الإسبانية الحالية والمغرب، فيما يتعلق بالتعاون في مجموعة من القضايا الاستراتيجية المهمة، ومن بينها ملف الهجرة".

أما الكاتب العام لحزب الاشتراكي الإسباني في إشبيلية، فيرى أن "الإعلام الإسباني لم يصل بعد إلى نضج كاف ليفهم أن استعمال هذه القضية أو قضايا مصيرية أخرى استعمالا سياسيا أمر غير صائب". موضحا أن "الأحزاب المعارضة تحرك الإعلام من أجل الضغط على الحكومة المركزية في عدة قضايا سياسية أخرى، وأنهم لا يعون خطورة ما يفعلون".

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة