تحية كاريوكا صاحبة ابتسامة جميلة وعينان ساحرتان، تتمايل على أصوات الموسيقى يمينًا ويسارًا بليونة فتداعب بجسدها أنغام الموسيقى في اندماج تام وسحر شرقي أصيل، هكذا طلت علينا الجميلة تحية التي أدخلت الطابع الغربي في رقصها فنقشت لنفسها رقصًا خاصًا بها، في السطور التالية تعرف على مسيرتها الفنية وحياتها.
بدوية محمد علي النيداني واسمها الفني تحية كاريوكا من مواليد مدينة الإسماعيلية عام 1919 سافرت إلى القاهرة هربا من أخيها، وهناك تعرفت على الراقصة سعاد محاسن.
بدأت الرقص بعدها في فرقة بديعة مصابني، وبمساعدة سليمان باشا دخلت تحية إلى السينما. عُرفت باسم تحية كاريوكا نظرا لرقصتها الشهيرة التي مزجت فيها بين الرقص الشرقي، والكاريوكا، ومن هنا التصق بها هذا الاسم.
لتحية حياة زوجية مليئة بالمغامرات، حيث تزوجت 14 مرة طوال حياتها، وأصبحت صاحبة الرقم القياسي في عدد الزيجات بين الفنانات. وبخفة دمها أصبح موضوع زيجاتها الكثيرة مادة للسخرية، حيث سُألت في إحدى المقابلات "تزوجت كم مرة؟" لترد بسخرية "مش فاكرة".
تزوجت تحية لأول مرة عام 1939 من أنطوان عيسى، ابن الراقصة الشهيرة بديعة مصابني التي كانت وقتها تعمل في فرقتها، ولكن الزواج استمر عاماً واحداً فقط، وانفصلت عنه عام 1940.
بعدها في نفس السنة تزوجت من محمد سلطان باشا أثرى أثرياء مصر وقتها، ولكن الزواج لم يتم 6 أشهر وقررت الانفصال عنه بسبب طلبه لها بترك الرقص.
زوج تحية كاريوكا الثالث هو الضابط الأمريكي "ليفي" أشهر إسلامه حتى يتزوجها، وبعدها سافرت معه الولايات المتحدة، ولكن زواجهما لم يدم طويلا، وانفصلت عنه وعادت إلى مصر.
ومن ثم تزوجت تحية بفطين عبد الوهاب بعد انفصالها عن زوجها الأمريكي، ولكنها لم تحتمل العيشة معه بسبب غيرته الشديدة عليها، فقررت الانفصال.
زيجتها الخامسة كانت من الممثل أحمد سالم التي كانت تحبه بجنون، قرر الفنان الانفصال عن زوجته الأولى حتى يتزوج من تحية، وسافرا معا إلى فلسطين قبل قيام الدولة الصهيونية.
في ذلك الوقت سمعت تحية بشائعات عن علاقة أحمد سالم مع أسمهان، لذا قررت الانفصال عنه فورا، وعادت إلى مصر.
أما المرة السادسة تزوجت من طيار الملك فاروق الخاص حسين عاكف، ولكن الزواج لم يدم إلا شهرين فقط، وبعدها تم الطلاق.
الزيجة السابعة لها كانت مع رشدي أباظة، ولكن انتهت بسبب الخيانة حيث سافرت معه إلى لبنان. وهناك ضبطته في وضع حميم مع الفرنسية آني بارنيه في أحد الملاهي الليلية، لم تستطع تحية ضبط أعصابها وضربت الفتاة الفرنسية وطلبت الطلاق في الحال وذلك وفقا لوسائل الإعلام وقتها.
بعد إتمام شهور العدة تزوجت تحية من أحد ضباط الملك البكباشي المقدم مصطفى كمال صادق، ولكنها انفصلت عنه بسبب اعتقاله أثناء ثورة 1952
تعد أطول زيجة لتحية في هذا الوقت هو زواجها من الشاب عبد المنعم الخادم الذي كان يعرف بوسامته الشديدة وثرائه، وكان محبوبا جدا من الفتيات.
استمرت الزيجة 5 سنوت، ولكنها انفصلت عنه عام 1956 بسبب طلبه هو الآخر لها بالاعتزال عن الرقص والتمثيل.
الزيجة العاشرة لتحية سببت لها صدمة كبيرة، حيث تعرفت على البكباشي طيب حسن حسين، ووقعت في غرامه، وبعدها بفترة علمت بعلاقة زوجها بالمطربة اللبنانية صباح.
وكانت صباح في تلك الفترة لا تزال شابة ومبتدأة في الغناء، صُدمت تحية عندما علمت بخيانة زوجها، وابتعلت دواء كاملاً بقصد الانتحار، وأُنقذت بصعوبة بالغة وقتها، بعد ما حدث اعتزلت تحية الزواج لمدة 3 سنوات، ولم تتزوج فيها أبدا، حتى عام 1959.
الزيجة الحادية عشر هي زواج تحية كاريوكا ومحرم فؤاد، وكان وقتها محرم مطربًا صاعدُا، ولكنها لم تستمر معه إلى 6 أشهر فقط وانفصلت عنه، تزوجت بعدها بالفنان أحمد ذي الفقار صبري وتزوجته لمدة عام فقط.
للمرة الثالثة عشر تزوجت تحية كاريوكا وفايز حلاوة الكاتب المسرحي الكبير وكانت أطول مدة زواج في حياة تحية على الإطلاق التي استمرت 18 عاما.
ولكن مع الأسف انتهى زواجها ذلك بخلاف كبير مع حلاوة وصل للقضاء، حيث اتهمت الراحلة زوجها بالاستيلاء على أموالها وتطليقها حتى يتزوج من حبيبته.
وبسبب الخلافات الشديدة مع فايز طردها زوجها من المنزل واضطرت وقتها أن تنزل من سلم الخدم حتى لا يراها أحد. وذهبت بعدها لمنزل ابنة أختها رجاء الجداوي.
أجرت بعدها شقة في السطح في منطقة العجوزة ولجأت للشيخ الشعراوي لتطليقها، كانت تحية شبه مفلسة بعد هذه الزيجة، حيث طردها زوجها من شقتها التي اشترتها هي وكتبتها باسمه.
قالت تحية عن تلك الحادثة: "أنا مش مستغربة اللي عمله، لأنه أول ما طلب مني أكتب الشقة باسمه لعب الفأر في عبي، وكذبت نفسي، قلت يمكن الحياة تبتسم لي، وأتجوز وأجيب عيال زي بقية الناس، كذبت إحساسي اللي عمره ما كان غلط، عشان تعبت من الجواز والطلاق، معملتش حساب للزمن، أنا لو كنت شيلت جنيه من كل الفلوس اللي كسبتها كان زماني بملك نص مصر."
آخر أزواج تحية كاريوكا هو المخرج حسن عبد السلام وتزوجته حتى وفاتها عام 1999، حيث توفيت بسبب جلطة رئوية حادة بعد عودتها من العمرة، وتوفت بعمر يناهز الـ80 عاما.
حياة تحية مليئة بالأعمال الفنية، وشاركت في أول فيلم سينمائي لها عام 1935 مع المخرج توجو مزراحي، ووصل رصيدها في الأفلام أكثر من 300 فيلم، ومعظمها أفلام خُلدت في أذهان ملايين المشاهدين.
من أشهر أعمالها الفنية فيلم "رنة الخلخال" وفيلم "أم العروسة" وفيلم "شباب امرأة" وفيلم "لعب الست"، وكانت آخر أعمالها فيلم "سوق النساء" وفيلم "يا تحب يا تقب"، وفي منتصف الخمسينات ودعت تحية الرقص، وتفرغت بشكل تام للسينما.
كانت لتحية كاريوكا ابنة بالتبني، حيث تبنتها وهي بعمر الـ70، وكانت تقول لزملائها مازحة أنها أنجبت وهي في السبعين، كانت وصيتها قبل وفاتها أن تربي فيفي عبده ابنتها بالتبني، وتعتني بها.
وفي آخر سنواتها كانت حياة تحية مليئة بالعمل الخيري فكانت تُقيم موائد الرحمن ولكنها ماتت فقيرة بعد أن فقدت نصف ثروتها، وتوفت في 21 سبتمبر عام 1999 عن عمار 79 عامًا.
الكثير من الأزواج والكثير من خيبات الألم، بدأت حياة فنية صاخبة وشهرة واسعة وثراء، وأنهت حياتها فقيرة المال، ولكنها غنية بتاريخ فني طويل خلَّد ذكراها للأبد.