بهيجة المهدي.. الممثلة السينمائية التي أصابها الجنون

اشتهرت الفنانة المصرية بهيجة المهدي بأعمالها الفنية مع الفنان الراحل علي الكسار، وقد شاركت في العديد من الأفلام السينمائية ورغم أن مشوارها الفني لم يستمر إلا 5 سنوات فقط إلا أنها ظلت عالقة في أذهان الجمهور، ليس فقط بسبب أعمالها وإنما أيضًا بسبب نهايتها الحزينة وفقدانها لعقلها، تعرف أكثر على مسيرتها الفنية وقصة حياتها.

من هي بهيجة المهدي؟

اسمها الحقيقي هنريت كوهين هي ممثلة مصرية يهودية ولدت في مدينة الإسكندرية في 8 أغسطس عام 1911 وقد نشأت في أسرة من أعرق وأكبر الأسر اليهودية في مصر وأكثرها ثراء.

شاركت الفنانة بهيجة في السينما على يد المخرج توجو مزراحي الذي قدمها لأول مرة من خلال فيلم "الترجمان" لتشارك بعدها في عدة أفلام مصرية إلا أنها ابتعدت عن مجال التمثيل في عام 1940.

كانت بهيجة من اليهوديات المصريات اللاتي قررن مغادرة مصر والهجرة إلى أرض الميعاد المزعومة، حيث كانت من أكبر الداعمات للدولة اليهودية وباعت بلدها من أجل ذلك.

في آخر حياتها عانت بهيجة من أمراض نفسية دفعتها لقتل أفراد أسرتها لتعيش بقية حياتها في مستشفى الأمراض النفسية حتى وفاتها.

نشأتها وعائلتها

نشأت بهيجة المهدي في عائلة يهودية متدينة إلى حد التشدد، حيث تنتمي عائلتها إلى طائفة الحريديم وهي الطائفة الأكثر تشددًا والتي تتبنى عبادات وطقوساً متطرفة، حيث يجب على الرجال ارتداء معطف أسود وقبعة سوداء وشال الصلاة ويربوا لحاهم، بينما ترتدي النساء البرقع الأسود الذي يشبه النقاب.

وكان أفراد هذه الطائفة يتحدثون فيما بينهم باللغة اليديشية، وكان لديهم العديد من المحظورات منها الانضمام إلى الجيش أو العمل في الأدب أو الموسيقى أو الفن والرياضة ويعتبرونها من الخطايا.

انتقلت عائلته هنريت أو بهيجة إلى القاهرة عندما بلغت سن 16 عامًا وعاشت في حارة اليهود في حي الجمالية الذي كان يعتبر التجمع الأكبر لأبناء الطائفة الحريدية، وكان والدها زعيمًا لهذه الطائفة في مصر فضلًا عن كونه شديد الثراء بسبب عمله في تجارة الذهب.

عشقت الفن رغم التقاليد

رغم البيئة المتشددة التي عاشت فيها بهيجة المهدي إلا أنها عشقت الفن منذ طفولتها وخاصة المسرح والسينما، لذا قررت أن تبحث في الخفاء عن فرصة لدخول هذا المجال وأخفت ميولها الفنية عن عائلتها.

لم يكن العمل في المسرح سهلًا على المرأة المصرية بشكل عام فما بالك لطائفة تعتبر هذا الأمر من المحرمات، فما كان منها إلا أن تتابع شغفها في الفن في الخفاء حتى قرأت في الجريدة عن تكوين فرقة مسرحية بقيادة رائدة المسرح فاطمة رشدي لتقرر تحدي التقاليد وقدمت لتكون من ضمن أعضاء الفرقة.

نجحت بهيجة في لفت أنظار أعضاء المسرح لما تتمتع به من جمال وموهبة، فحاربت أهلها وهربت من المنزل واختارت اسمًا فنيًا وهو هيجة المهدي، وهو الاسم الذي منحته لها المخرجة بهيجة حافظ التي كانت أول امرأة تألف الموسيقى التصويرية للأفلام السينمائية.

كانت بهيجة حافظ هي الداعم الأكبر لها حيث فتحت لها بيتها وشجعتها على ممارسة الفن وأبعدت عنها الطامعين فيها لأنها شابة وجميلة.

عملها في الفن سبب تعرفها على زوجها

كان المسرح هو سبب دخول الممثلة بهيجة المهدي قفص الزوجية، حيث وقع في غرامها مليونير يهودي مصري اسمه إيلي درهي حينما رآها على خشبة المسرح، وجمعت بينهما قصة حب انتهت بالزواج رغم أنه كان يكبرها ب50 عامًا.

توفي زواجها بعد 3 سنوات من زواجهما فتحولت حياتها تمامًا حيث ورثت الملايين من زوجها وأصبحت تلقب بمليونيرة الوسط الفني.

عملها في السينما

واصلت بهيجة عملها في الفن وشاركت في عدة مسرحيات، إلا أن حلمها في دخول السينما كان كبيرًا وقد تمكنت من تحقيق هذا الحلم حينما منحها المخرج والمنتج اليهودي توغو مزراحي فرصة المشاركة في أول فيلم سينمائي لها وهو فيلم "شالوم الترجمان" عام 1935 من بطولتها أمام الممثل شالوم الممثل حسين المليجي وعبد النبي محمد وعبده محرم.

استمرت مسيرته بهيجة المهدي في السينما لمدة 5 سنوات فقط، ولكنها حققت شعبية وشهرة كبيرة كونها أبرز كوميديانية في السينما المصرية، واعتمدت على موهبتها الفنية بعيدًا عن إبراز جسدها.

شاركت بهيجة في أفلام أخرى منها "يوم المنى" من بطولة زوزو شكيب، وستيفان روستي وفؤاد شفيق، كما شاركت في فيلم "أنا طبعي كدا"، وفي النصف الأول من الأربعينيات شارك في فيلم "الأبيض والأسود"، و"الرياضي"، و"أصحاب العقول" وبلغ عدد أفلامها 13 فيلمًا.

ثنائي ناجح مع علي الكسار

التقت بهيجة المهدي بالفنان علي الكسار وشكلت معه ثنائي فني ناجح وقدما معًا 7 أفلام، وكان أول فيلم لهما هو "خفير الدرك"، ثم "سلفني 3 جنيه"، و"ألف ليلة وليلة"، و"الساعة 7"، و"التلغراف"، و"عثمان وعلي".

بسبب النجاح الفني بينهما اعتقد البعض أنهما تزوجا في السر ، وخاصة أنهما قدما في السينما دور زوجين ولعبت بهيجة دور الزوجة التي تحب زوجها بشدة وتحاول حمايته.

ابتعادها عن الوسط الفني

في عام 1984 ابتعدت بهيجة المهدي عن الوسط الفني بعد النكبة، وكانت من أشد النجمات اليهوديات الداعمات لإنشاء دولة لليهود في فلسطين، كما ساعدت في تهجير عدد كبير من اليهود من مصر إلى الأراضي الفلسطينية.

هاجرت بعدها بهيجة إلى الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن خافت من كشف أمرها، وهناك أصبحت واحدة من أشهر سيدات الأعمال هناك.

تزوجت بهيجة للمرة الثانية من رجل أعمال يهودي وأنجبت منه ابنة واحدة، ثم قررت الهجرة مع عائلتها الصغيرة إلى إسرائيل، وعادت إلى اسمها اليهودي هنريت كوهين مرة أخرى.

لعنة القط الأسود

في أواسط السبعينيات عانت هنريت كوهين من هلاوس بصرية وأصيبت بمرض الذهان العقلي، حيث كانت ترى قطة سوداء تطاردها أينما ذهبت وتتكلم معها، وكانت حالتها يرثى إليها ومصدر شفقة من كل من حولها لأنها كانت تتحدث عن القطة دائمًا واتهموها الخرف.

تفاقمت حالتها حتى فقدت عقلها كليًا وأصيبت بالجنون وأقدمت على قتل ابنتها وزوجها ووالدتها بسلاح ناري وتم القبض عليها لتقول في التحقيقات أنها كانت تحاول قتل القط الأسود الذي كان يطاردها.

أمرت المحكمة بعرضها على الأطباء النفسيين الذين أكدوا أنها مريضة عقليًا ونقلت إلى مستشفى الأمراض العقلية وعاشت في عنبر أ الخاص بالمرضى الخيرين وعاشت في عزلة شديدة في عرفة شديدة الحراسة حتى توفيت وحيدة بشكل مأساوي.

وقد نشرت الجرائد وقتها أنها قتلت نفسها بالخنق، وكانت عيناها منزوعتان من مكانهما ولم تسفر التحقيقات لأي حقائق حول طريقة موتها وهو ما فتح باب التكهنات أنها وقعت ضحية للسحر الأسود أو عمل شيطاني.