واحة الغروب وخالتي صفية والدير وبيت الجمالية كلها روايات ألفها الروائي الراحل بهاء طاهر والتي تحولت إلى أعمال درامية فيما بعد. يعتبر طاهر روائي رائد ومجدد قدم العديد من الروايات الجادة، وعاصر العديد من الأنظمة ووصف بأنه الروائي الثائر، في السطور التالية تعرف على مسيرته وحياته.
من هو بهاء طاهر؟
هو روائي ومترجم وقاص مصري ولد في 13 يناير عام 1935 في الجيزة في مصر، وقد درس في كلية الآداب قسم التاريخ في جامعة القاهرة وتخرج فيها عام 1956، وفي عام 1973 حصل على دبلوم الدراسات العليا في الإعلام شعبة إذاعة وتلفزيون عام 1973.
عمل بهاء مترجمًا في الهيئة العامة للاستعلامات وذلك بين عامي 1956 و1957، ثم عمل مخرجًا للدراما ومذيعًا في إذاعة البرنامج الثاني الذي كان أحد مؤسسيه حتى عام 1975.
مُنع الكاتب بهاء طاهر عام 1975 من الكتابة، لذا ترك مصر وسافر في أفريقيا وآسيا وعمل مترجمًا، وقد عاش في جنيف في الفترة بين 1981 و1995، وهناك عمل مترجمًا في الأمم المتحدة، ثم عاد إلى مصر وبقي فيها حتى وفاته.
عاصر الراحل أنظمة سياسية كثيرة تعاقبت على مصر، منها الحقبة الملكية التي شهدت حراكًا سياسيًا وكانت مصر وقتها في طريقها إلى الاستقلال من الاحتلال البريطاني، كما عاصر ثورة 1952، وكان من المؤيدين للثورة ومؤمنين بها. أيضًا تأثر بشكل كبير بنكسة 1967 ولكنه ظل يحترم عبد الناصر.
وفاة بهاء طاهر
توفي الكاتب بهاء طاهر في 27 أكتوبر عام 2022 عن عمر يناهز 87 عامًا بعد صراع مع المرض، حيث ابتعد عن الساحة لفترة طويلة قبل وفاته، وقد نعته الدكتورة نيفين الكيلان وزيرة الثقافة، وعبرت عن حزنها الشديد لفقدان كاتب عظيم من رعيل الكتاب الكبار.
روايات بهاء طاهر
قدم الكاتب بهاء طاهر العديد من الروايات التي حققت نجاحًا كبيرا وأصبحت من أبرز روايات الأدب العربي، وقد حصلت بعض هذه الروايات على جوائز محلية وعلمية، ومن مؤلفات بهاء طاهر التالي:
رواية شرق النخيل، وهي أول رواية لبهاء طاهر صدرت عام 1985، وتدور أحداثها حول أولاد الحاج صادق وجدّهم الذي يحاولون كسر إرادته، بالإضافة إلى تناولها لموضوع الاحتجاجات والاعتصامات في مصر.
رواية قالت ضحى، وهي رواية صدرت عام 1985، تناقش رؤية المجتمع لثورة يوليو وأسبابها وأهدافها التي لم تتحقق، حيث يحاول بطل الرواية الحصول على شهادة جامعية لكن الظروف الاجتماعية تحول دون ذلك.
رواية خالتي صفية والدير، وهي رواية صدرت عام 1991، تدور في صعيد مصر من خلال قصة حب وانتقام، حيث تعشق الفتاة الجميلة صفية حربي الشاب الوسيم، ولكنه يتملق ويتوسط في زواجها من الباشا، مما يدفعها للانتقام.
تحولت هذه الرواية إلى عمل فني تلفزيوني عام 1996 من بطولة بوسي، وممدوح عبد العليم وسناء جميل وحمدي غيث وعمر الحريري وعبد الله فرغلي، والعمل من إخراج إسماعيل عبد الحافظ.
رواية الحب في المنفى، وهي رواية صدرت عام 1995، تتناول قصة حب في بداية الثمانينيات قبل وبعد الاحتلال الإسرائيلي لبيروت، وترويها بلسان صحفي مصري يحاول التصالح مع ذاته ومع العالم من حوله.
رواية نقطة النور، وهي رواية صدرت عام 1999، تفتح فيها بهاء طاهر نوافذ الفكر على الاستقراءات الاجتماعية والروحية والفلسفية، وتتحدث عن تصالح الإنسان مع ذاته وعن الإنسان بحالاته البشرية.
رواية واحة الغروب، وهي رواية صدرت عام 2007، تتناول نهاية القرن التاسع عشر مع بداية الاحتلال البريطاني لمصر، وتقدم تجربة للعلاقة بين الشرق والغرب على المستويين الإنساني والحضاري، وحصلت على الجائزة العالمية للرواية العربية في دورتها الأولى.
تحولت هذه الرواية أيضًا إلى عمل تلفزيوني عام 2017، بعد 10 سنوات من إصدار الرواية، وشارك في بطولتها خالد النبوي، ومنة شلبي، وسيد رجب، وأحمد كمال، ورشدي الشامي، وركين سعد، والعمل من إخراج كاملة أبو ذكري.
صافيناز كاظم عن بهاء طاهر
بعد رحيل الكاتب الكبير بهاء طاهر انتقدت الكاتبة والناقدة المصرية صافي ناز كاظم الأديب الراحل، حيث كتبت عبر حسابها على فيسبوك رأيها فيه، وقالت: "مات بهاء طاهر: كان من كوابيس جيلي الثقافية؛ لو جاملناه نقول : روائي متوسط الموهبة. استحل لنفسه جوائز كثيرة مُغتصبة ممن كانوا أحق"
وقد شكلت صافي ناز كاظم حالة من الجدل بين المثقفين ومحبي الأديب الراحل، وهناك من رفض أسلوبها في انتقاده بعد وفاته، حيث علق الكاتب أحمد صادق قائلًا: "اذكروا محاسن موتاكم" لترد عليه قائلة: "ليس موتايا".
انتقدها أيضًا المفكر فكري خروب قائلًا: "هذا الرأي لم يقله أحد غيرك من الناعين بل امتدحوا فكره وأدبه وعبقريته وموهبته وفلسفته وجرأته وحكمته ووطنيته واعتزازه بذاته وكرمه وفضله على المبتدئين …. الخ فأصبحتُ في حيرة لا أحسد عليها"، كما رفض الكاتب علي النويشي ما كتبته صافي ناز كام. دافع عنه أيضًا عبد المجيد راشد، والكاتبة هند جعفر وغيرهم من الكتاب.
قصر ثقافة بهاء طاهر
افتتح وزير الثقافة الدكتور صابر عرب، ومحافظ الأقصر اللواء طارق سعد الدين قصر ثقافة بهاء طاهر عام 2013 في مدينة الأقصر تكريمًا له، فقد تبرع الكاتب الراحل بقطعة أرض يمتلكها عن أهله في الأقصر للدولة من أجل إقامة هذا القصر لخدمة قضايا الثقافة والمثقفين في الأقصر.
قرر طاهر أن يتيح لأبناء مدينته الفرصة للاطلاع على ما يبدع العقل الإنساني، ولم ينسَ أيضًا قضايا أمته وهو في المنفى بعدما منع من الكتابة في مصر والاستقرار في جنيف حيث عمل مترجمًا هناك.
أجمل ما قال بهاء طاهر
اشتهرت العديد من الأقوال للكاتب الراحل بهاء طاهر من رواياته الشهيرة، ومن المقولات الشهيرة التي انتشرت له مقولة نشرت في روايته "واحة الغروب": يمكن أن تحكم الناس بالخوف والقمع ، لكن الخائفين لا يمكن ان ينتصروا في حرب ، في ساحة الحرب يجب أن يكونوا أحراراً.
أما في كتاب "الحب في المنفى" فقال: "أية نعمة أن أراها هناك آتية من آخر الطريق، تخطو بسرعة كعادتها لا تمشي بل تطفو فوق أثير لا يُرى. وأنا معك أهجر أيضاَ هذه الأرض الطافحة بشرورها لألحق بك يرتفع بي حبك إلى هذا الأثير إلى تلك البراءة لنهرب معا إلى السكينة ولنصنع معاَ هذا الفرح".