بلقيس الراوي.. معشوقة نزار قباني التي ماتت في حادث مأساوي

عاش الشاعر السوري نزار قباني قصة حب خلدتها القصائد مع زوجته العراقية بلقيس الراوي التي وصفها بأنها ملهمته في العديد من قصائده ومنحته طاقات إبداعية عدة إلا أن وفاتها بشكل مأساوي أنهى قصة الزواج ولكنها لم تنهي قصة الحب بين نزار وحبيبته الراحل، تعرف أكثر على قصتها وسبب وفاتها.

من هي بلقيس الراوي؟

بلقيس جميل الراوي هي دبلوماسية عراقية والزوجة الثانية للشاعر السوري نزار قباني، ولدت في عام 1939 في مدينة الأعظيمة في العراق.

والدها هو  جميل الراوي، وهو مءسس الحركة الكشفي العراق، وقد عملت بلقيس في السفارة العراقية في بيروت بعد زواجها من نزار قباني.

عاشت بلقيس مع زوجها نزار لمدة 13 عامًا وقد تم الزواج بينهما رغم أنه أكبر منها ب16 عامًا، وقد اشتهر اسم بلقيس بعد مقتلها في حادث انفجار السفارة العراقية في بيروت، وبعد أن كتب لها زوجها نزار قصيدة يرثيها.

من هم أولاد بلقيس الراوي؟

رزقت السيدة بلقيس الراوي من زوجها نزار قباني ولدين وهما عمر وزينب، وقد استمر زواجه منها حتى عام 1981 حيث توفيت عن عمر 42 عامًا.

ديانة بلقيس الراوي

ولدت السيدة بلقيس في عائلة عراقية مسلمة.

قصة حب نزار قباني وبلقيس

تعرف الشاعر السوري نزار قباني على زوجته العراقية بلقيس الراوي بعد 10 سنوات من انفصاله عن زوجته الأولى السورية زهراء أقبيق الذي تم عام 1946 وانفصلت عنه بعد إنجاب طفلين وهما هدباء وتوفيق.

وبعد 10 سنوات، وتحديدًا في عام 1962 أقام الشاعر السوري أمسية شعرية في مدينة بغداد، وحينها لمح فتاة عراقية جميلة واقفة أمامه وعلم بمجرد أن شاهدها أنها ضالته التي يبحث عنها منذ سنوات، فلم يتردد بالبحث عنها ومعرفة مكان إقامتها.

اكتشف نزار أنها تسكن في منطقة الأعظمية المطل على نهر دجلة مع عائلتها فقرر أن يتقدم لخطبتها إلا أنها فوجئ برفض والدها بسبب سمعة نزار بعلاقاته مع النساء وإغوائهن واللعب مع مشاعرهن، وهو الأمر الذي نفاه دائمًا.

رغم الرفض لم يتوقف نزار عن التفكير فيها، وقد سافر للعمل في السلك الدبلوماسي السوري في إسبانيا وكان على تواصل مع بلقيس فكان يكتب لها وتكتب له وظل هذا الوضع لمدة 7 سنوات حتى عام 1969.

سافر نزار إلى بغداد مرة أخرى للمشاركة في مهرجان المربد وهناك ألقى قصيدته الشهيرة التي كانت بلقيس الراوي بطلتها، وقال في هذه القصيدة:

مرحباً يا عراق، جئتُ أغنيكَ

وبعضٌ من الغناء بكاءُ

أكَلَ الحب من حشاشة قلبي

والبقايا تقاسمتْه النساءُ

إلى أن يقول:

كان عندي هنا أميرة حب

ثم ضاعت أميرتي الحسناءُ

أين وجهٌ في الأعظمية حلوٌ

لو رأتهُ تغار منه السماءُ؟

وكان الحاضرون يعرفون من الفتاة التي يقصدها نزار في قصيدته. وصلت القصيدة إلى مسامع الرئيس العراقي آنذاك أحمد حسن البكر الذي دافع عن قصة الحب تلك وقرر أن يوفد وزير الشباب العراقي ووكيل وزير الخارجية إلى بيت والدة بلقيس حتى يتقدما لخطبتها باسم نزار قباني.

ولم يكن من الوالد إلا بالموافقة على هذه الزيجة وتمت مراسم الزواج سريعًا في العراق وعاد الزوجان بعدها إلى بيروت واستمر الزواج لمدة 13 عامًا عملت فيه بلقيس في السفارة العراقية في العاصمة بيروت.

أجمل ما قال نزار قباني عن بلقيس

خلال زواجه من بلقيس الراوي كتب نزار قباني عددًا من القصائد التي قصد فيها زوجته، ومنها قصيدة كتابها في الذكرى العاشرة لزواجهما ويقول فيها:

أشهد أن لا امرأة

أتقنت اللعبة إلا أنت

واحتملت حماقتي

عشرة أعوام كما احتملت

وقلمت أظافري..

ورتبت دفاتري

وأدخلتني روضة الأطفال

إلا أنت

أشهد أن لا امرأة

تعاملت معي كطفل عمره شهران

إلا أنت

وقدمت لي لبن العصفور

والأزهار والألعاب

إلا أنت

أشهد أن لا امرأة

قد جعلت طفولتي

تمتد خمسين عاماَ.. إلا أنت

كتب نزار عن بلقيس الشعر والنثر، وقد قال عنها: "كانت بلقيس تمثل كوناً حضارياً بحد ذاته.. امرأة من الصعب أن تتكرر ولا أبالغ إذا قلت لن تتكرر ولا أبالغ إذا قلت إنها هي التي أعطتني لا أنا الذي أعطيتها".

كيف ماتت بلقيس زوجة نزار قباني؟

في 15 ديسمبر عام 1981 وفي يوم عادي ذهبت فيه بلقيس الراوي إلى مقر عملها في السفارة العراقية إلا أن انفجاراً استهدف السفارة أدى إلى مقتل من بداخله ومنهم بلقيس الراوي التي رحلت شابة عن عمر 41 عامًا تاركة خلفها زوجها العاشق وطفلين صغيرين.

تبنى هذا الانفجار حزب الدعوة الإسلامية في العراق وتم الإعلان عن اسم منفذ العملية الانتحارية واسمه أبو مريم.

وقد كتب نزار عن تفاصيل تلقيه هذا الخبر، وقال إنها كان في مكتبه في شارع الحمراء حيث سمع صوت انفجار زلزل كل شيء من حوله وبعدها بدقائق جاء من ينعي له الخبر.

ويقول نزار: "قلت بتلقائية بلقيس راحت، أحسست أن بلقيس تحتجب عن الحياة إلى الأبد وتتركني في بيروت ومن حولي بقايا، كانت بلقيس واحة حياتي وملاذي وهويتي وأقلامي".

ويقول نزار إنه بعدما عاد من جنازة بلقيس الراوي عاد إلى مكتب ياسر عرفات واعترف له بسر لم يكن يعرف عن زوجته حيث قال إن زوجته كانت من ضمن السيدات اللاتي تطوعن للتدريب على حمل السلاح من أجل نصرة الثورة الفلسطينية.

ويقول ياسر عرفات: "في عام 1968 جاءتني فتاة إلى منطقة الأغوار في الأردن مع زميلات لها في ثانوية الأعظمية للبنات في بغداد وطلبت مني تدريبهن على حمل السلاح وقبولهن مقاتلات في صفوف الصورة الفلسطينية، وبالفعل حصلت بلقيس على بنادق وبدأت التدرب على إطلاق الرصاص".

قصيدة بلقيس

نظم الشاعر نزار قباني قصيدة باسم "بلقيس" قال فيها:

شُكْرَاً لَكُمْ

فحبيبتي قُتِلَتْ وصارَ بوسْعِكُم

أن تشربوا كأساً على قبرِ الشهيدة

وقصيدتي اغتيلت ..

وهَلْ من أُمَّةٍ في الأرضِ ..

- إلاَّ نحنُ - تغتالُ القصيدة؟

بلقيسُ ...

كانتْ أجملَ المَلِكَاتِ في تاريخ بابِلْ

بلقيسُ ..

كانت أطولَ النَخْلاتِ في أرض العراقْ

كانتْ إذا تمشي ..

ترافقُها طواويسٌ ..

وتتبعُها أيائِلْ ..

بلقيسُ .. يا وَجَعِي ..

ويا وَجَعَ القصيدةِ حين تلمَسُهَا الأناملْ

هل يا تُرى ..

من بعد شَعْرِكِ سوفَ ترتفعُ السنابلْ؟

يا نَيْنَوَى الخضراء ..

يا غجريَّتي الشقراء ..

يا أمواجَ دجلةَ ..

تلبسُ في الربيعِ بساقِهِا

أحلى الخلاخِلْ ..

قتلوكِ يا بلقيسُ ..

أيَّةُ أُمَّةٍ عربيةٍ ..

تلكَ التي

تغتالُ أصواتَ البلابِلْ؟

أين السَّمَوْأَلُ؟

والمُهَلْهَلُ؟

والغطاريفُ الأوائِلْ؟

فقبائلٌ أَكَلَتْ قبائلْ ..

وثعالبٌ قتلتْ ثعالبْ ..

وعناكبٌ قتلتْ عناكبْ ..

قَسَمَاً بعينيكِ اللتينِ إليهما ..

تأوي ملايينُ الكواكبْ ..

سأقُولُ ، يا قَمَرِي ، عن العَرَبِ العجائبْ

فهل البطولةُ كِذْبَةٌ عربيةٌ؟

أم مثلنا التاريخُ كاذبْ؟.

أين دفنت بلقيس الراوي؟

دفنت في بغداد في الأعظمية، وقد كتب على شاهد قبر بلقيس زوجة نزار قباني قصيدة كتبها نزار لها قال فيها:

بلقيس

يا عطرًا بذاكرتي

يا زوجتي وحبيبتي وقصيدتي

نامي بحفظ الله أيتها الجميلة

فالشعر بعدك مستحيل

والأنوثة مستحيلة

هل تزوج نزار قباني بعد وفاة زوجته بلقيس؟

لا، لم يتزوج نزار قباني بعد اغتيال زوجته بلقيس الراوي وإنما انتقل للعيش في لندن حتى وفاته في 30 أبريل عام 1998 ودفن في مسقط رأسه دمشق.

من اغتال بلقيس زوجة نزار قباني؟

بعد 40 عامًا على حادثة السفارة العراقية في بيروت التي أدت إلى مقتل 61 شخصًا منهم بلقيس الراوي وسقوط أكثر من 100 جريح، أصدرت المحكمة العسكرية في بيروت عام 22021 حكمًا غيبايًا بحق المتهمين الفارين من العدالة وهم ح. صالح حرب وس. محمود الحجي، وجاء الحكم بإنزال عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة بحقهم.

يُذكر أنه في عام 1986 تم إخلاء سبيل عدد من المتورطين في التفجيرات ومنهم حرب والحجي، وفي عام 1993 صدر قرار بشمولهم مرة أخرى ضمن المتهمين في التفجير.