أشرف السياسي والدبلوماسي المصري بطرس بطرس غالي على الأمم المتحدة في فترة تزامنت مع العديد من الأزمات العالمية منها تفكك يوغوسلافيا، والإبادة الجماعية في رواندا، وكان أول أمين عام للمنظمة الدولية للفرنكوفونية، تعرف على حياته وإنجازاته في مجال السياسة العالمية في السطور التالية.
حياة بطرس بطرس غالي ونشأته
بطرس يوسف بطرس غالي هو سياسي ودبلوماسي مصري وكان الأمين العام السادس للأمم المتحدة ولد في 14 نوفمبر عام 1922 في محافظة القاهرة.
نشأ بطرس إلى أسرة مسيحية قبطية عريقة، فوالده هو يوسف بطرس غالي ابن رئيس الوزراء المصري بطرس نيروز غالي بين أعوام 1908، و1910، ووالدته صفيلة ميخائيل شاروبيم ابنة شاروبيم ابن الموظف الحكومي البارز والمؤخر ميخائيل شاروبيم.
هو أيضًا عم وزير المالية السابق في عهد الرئيس محمد حسني مبارك يوسف بطرس غالي.
تربى بطرس على يد مربية سلوفينية، ودرس في جامعة القاهرة وتخرج فيها عام 1946، ثم حصل على الدكتوراه في القانون الدولية من كلية الحقوق بجامعة باريس، وبعدها حصل على دبلوم في العلاقات الدولية من معهد العلوم السياسية عام 1949.
تزوج بطرس من السيدة ليا نادلر وهي ابنة لأسرة يهودية مصرية مشهورة من الإسكندرية، واعتقنت زوجته الديانة المسيحية على المذهب الكاثوليكي في شبابها.
حياته المهنية
بعد حصول بطرس غالي على الدكتوراه من فرنسا عام 1949 عمل أستاذًا للقانون الدولي والعلاقات الدولية في جامعة القاهرة وذلك من الفترة 1949 إلى عام 1977.
أصبح بطرس كذلك رئيسًا لمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية عام 1975، وفي عام 1980 أصبح رئيس الجمعية الأفريقية للدراسات السياسية.
في الفترة ما بين عام 1954 إلى عام 1955 كان بطرس باحث فولبرايت في جامعة كولومبيا، كما شغل منصب مدير مركز بحوث أكاديمية لاهاي للقانون الدولي من عام 1963 إلى عام 1964.
من عام 1967 إلى عام 1968 كان الأستاذ الزائر في كلية الحقوق في جامعة باريس، وحصل على دكتوراه فخرية م كلية الحقوق في جامعة أوبسالا في السويد.
حياته السياسية
تطورت حياة بطرس بطرس غالي السياسية في فترة رئاسة محمد أنور السادات، حيث كان عضوًا في اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي العربي في الفترة من عام 1974 إلى عام 1977.
في عام 1997 تولى بطرس منصب وزير خارجية مصر، وظل يشغل هذا المنصب حتى عام 1991، وبعدها أصبح نائب وزير الشؤون الخارجية لعدة أشهر، قم انتقل إلى الأمم المتحدة بصفته وزيرًا للدولة للشؤون الخارجية.
وفي الأمم المتحدة لعب بطرس دورًا عامًا في اتفاقات السلام بين الرئيس السادات ومناحم بيجن، وشغل منصب وزير الدولة للشؤون الخارجية في عهد الرئيس محمد حسني مبارك.
شغل بطرس كذلك منصب نائب رئيس الوزراء ووزير الهجرة، وكان نائبًا لرئيس الاشتراكية الدولية وظل في هذا المنصب حتى توليه منصب الأمين العام للأم المتحدة.
بعد عودته من الأمم المتحد ترأس منظمة الفرانكوفونية الدولية، وهي منظمة دولية للدول والحكومات الناطقة باللغة الفرنسية، من الفترة ما بين 1997 إلى 2002 بطلب من الرئيس الفرنسي آنذاك جاك شيراك.
كما ترأس المجلس الأعلى لحقوق الإنسان في مصر بداية من عام 2002 واستقال من رئاسة هذا المجلس عام 2011.
عمله في الأمم المتحدة
انتخب بطرس بطرس غالي لمنصب أمين عام الأمم المتحدة عام 1991، وابتداء من عام 1992، كانت فترة ولايته محل جدل.
تعرض بطرس لانتقادات شديدة بعد تقاعس الأمم المتحدة عن اتخاذ أي إجراء خلال الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994، والتي راح ضحيتها 800 ألف شخص، بينما فشل في حشد الدعم الدولي للتدخل في الحرب الأهلية الأنغولية.
تأثرت سمعة وزيرة الخارجية بالمناقشات حول فعالية الأمم المتحدة والدور الذي لعبته الولايات المتحدة في الهيئة.
وبالنسبة لمنتقديه، كان بطرس يرمز إلى عجز الأمم المتحدة عن التدخل في الأزمات الإنسانية، في حين أكد المدافعون عنه دائمًا أن الولايات المتحدة هي التي لم تسمح للمنظمة الدولية بالتصرف، كما اتهمت بعض المنظمات في الولايات المتحدة بطرس بالرغبة في فرض حكومة عالمية مستبدة تهيمن عليها الأمم المتحدة.
في عام 1996، قدم عشرة من أعضاء مجلس الأمن (بقيادة مصر وغينيا بيساو وبوتسوانا) قرارًا يدعم ولاية ثانية في نهاية المطاف للدبلوماسي المصري.
ومع ذلك، تم رفض هذا التفويض من قبل الولايات المتحدة، ومن ناحية أخرى لم تؤيد المملكة المتحدة وبولندا وكوريا الجنوبية وإيطاليا القرار المذكور أعلاه، على الرغم من أنهم صوتوا لصالحه بمجرد أن أصبحت نية الولايات المتحدة في نقضه معروفة.
لم يكن بطرس أول أمين عام للأمم المتحدة يتم رفضه، على الرغم من أنه كان أول من لا يبقى في منصبه لولاية ثانية، وخلفه كوفي عنان في منصب نظرًا لعدم قدرته على تولي المنصب لولاية ثانية.
ومع ذلك، يُعرف بطرس غالي بشكل أساسي برئاسته للعديد من المؤتمرات الدولية التي كانت ثورية حقًا، مثل قمة الأرض في ريو دي جانيرو عام 1992 والمؤتمر الدولي للسكان والتنمية في القاهرة عام 1994.
فترة تقاعده ووفاته
قسّم بطرس بطرس غالي فترة تقاعده بين باريس والقاهرة، وألقى العديد من المحاضرات والندوات في العاصمتين، كما كان منشغلا بكتاباته وخطبه.
بعد انتخاب عبد الفتاح السيسي رئيسًا لمصر في يونيو 2014، حذر غالي السيسي من بعض القضايا الاقتصادية والسياسة الخارجية، وفي القاهرة أعيد انتخابه رئيسًا فخريًا جديدًا للمجلس القومي لحقوق الإنسان.
توفي بطرس غالي في 16 فبراير 2016 في أحد مستشفيات القاهرة بعد أن أدخل قبل أيام قليلة من إصابته بكسر في الحوض، وكانت وفاته بمثابة صدمة للعالم كله، وخاصة لمصر التي فقدت أحد رموز العصر الحديث السياسية والدبلوماسية في العالم.
وفي حياته حصل بطرس غالي على بعض الجوائز والأوسمة التي نال بها. حصل على أوسمة وجوائز من 24 دولة مختلفة.