"الجو النهاردة جو كورة"، و"زي ما احنا عارفين إن الكورة أجوان"، و"الحكم دا صفارته محترمة" كلها تعليقات اشتهر بها المعلق الرياضي المصري محمد لطيف صاحب لقب "شيخ المعلقين الرياضيين" التي ظلت تعليقاته راسخة في أذهان كل محبي كرة القدم.
في أجواء كأس العالم التي أوشكت على الانتهاء ذاع صيت العديد من المعلقين الرياضيين بفضل تعليقاتهم الشهيرة على المباريات، وفي حديثنا عن المعلقين لا يمكننا أن ننسى كابتن لطيف الذي يعد أشهر معلقاً رياضياً على الإطلاق منذ سبعينيات القرن الماضي.
اشتهر الكابتن لطيف بسمعته الطيبة وأسلوبه الفريد في التعليق الرياضي التي جعلته شخصية مشهورة، ولم يقتصر تواجده فقط في كابينات التعليق الرياضي في الملاعب، بل تواجد بشخصيته الحقيقية في عدة أفلام سينمائية شهيرة، وفي السطور التالية سنلقي الضوء على حياته المهنية وقصة نجاحه.
حياة محمد لطيف ونشأته
هو لاعب كرة قدم سابق في نادي الزمالك ومنتخب مصر لكرة القدم، ومعلق رياضي ولد في محافظة بني سويف في 23 أكتوبر عام 1909، وانتقلت أسرته للعيش بحي القلعة في القاهرة.
أظهر الكابتن لطيف منذ صغره موهبة كروية، فاختاره معلمه في المدرس الخديوية كابتن وجناحًا أيمنًا لفريق المدرس التي ذاع صيتها في هذا الوقت بعد فوزها بكأس دورة المدارس عام 1920.
بعد شهرته مع فريق مدرسته قرر الكابتن حسين حجازي ضمه إلى فريق نادي الزمالك، وكان وقتها يُعرف باسم الفريق المختلط، لتبدأ مسيرته الكروية مع نادي الزمالك، ثم المنتخب المصري.
وفاته وقرار إزالة مقابر عائلته
توفي الكابتن محمد لطيف بتاريخ 17 مارس عام 1990 عن عمر يناهز 80 عامًا، وفي وقت سابق من الشهر الجاري ديسمبر 2022 تلقت أسرة عائلة الكابتن قرارًا بإزالة مقابر العائلة الكائنة في منطقة السيدة نفسية، بعد قرار محافظة القاهرة بإزالة الجبانات الواقعة في مسار أحد المحاور الجديدة.
بسبب هذا القرار صرح أمين صندوق نادي الزمالك خالد لطيف أن الأسرة في حالة حزن كبيرة بسبب هذا القرار، وطلبت من الرئيس عبد الفتاح السيسي العمل على تطوير المناطق الأثرية ومصر الجديدة، وفي الوقت نفسه الحفاظ على مناطق ذات ذكريات كبيرة.
مشواره الكروي
التحق الكابتن محمد لطيف في البداية بمدرسة الجمعية الخيرية الإسلامية في درب الجماميز، وبعدها التحق بالمدرسة الخديوية التي كانت بمثابة انطلاقته الحقيقية، فقد لعب في مركز الجناح الأيمن لفريق المدرسة.
مع فريق المدرسة اختاره مشرف التربية البدنية قائدًا للفريق وفاز مع المدرسة بكأس دورة المدارس عام 1920، ووقتها ابتسم الحظ له، فقد رآه رئيس نادي المختلط (الزمالك) حسين حجازي وقرر ضمه للفريق الأول مقابل 3 قروش.
ظل الكابتن لطيف يدافع عن القلعة البيضاء من عام 1928 حتى عام 1945، باستثناء الفترة التي احترف فيها في اسكتلندا.
شارك الكابتن لطيف أول مباراياته مع الزمالك أمام الأهلي في دوري منطقة القاهرة، وسجل الهدف الوحيد، ثم تم اختياره في صفوف منتخب مصر من قبل وكيل اتحاد كرة القدم وقتها الفريق حيدر باشا.
لعب لطيف مع المنتخب المصري لأول مرة عام 1929، وكانت أول مباراة دولية له أمام المجر، وقدم فيها أداءً باهرًا جعله محل ثقة المدرب الاسكتلندي جيمس ماكراي.
وفي عام 1934 كانت الكابتن لطيف ضمن بعثة المنتخب للمشاركة في كأس العالم، ولعب في المباراة الوحيدة التي شاركت فيها مصر، وخسرت فيها برباعية مقابل هدفين.
في عام 1936 شارك مع المنتخب المصري في دورة الألعاب الأولمبية في برلين، وبعدها تم ترشيحه للعب في نادي رنيجرز الاسكتلندي، وذلك خلال السفر في بعثة علمية لدراسة التربية الرياضية.
لعب الكابتن لطيف طوال مدة الدراسة التي بلغت 3 أعوام في صفوف النادي الاسكتلندي، وكانت بدايته مع الفريق الرديف، ثم تم ترقيته إلى الفريق الأول ليصبح رابع محترف مصري في أوروبا، وحقق مع النادي بطولتي دوري وبطولتي في الكأس.
بعد اعتزاله كرة القدم سافر الكابتن محمد لطيف وحصل على شهادات في مجال التدريب من إنجلترا، وفي عام 1954 حصل على أعلى شهادة للتدريب ويعود ليقود المنتخب المصري للتويج بكأس أمم أفريقيا عام 1957.
بعد أن درّب المنتخب المصري عمل الكابتن لطيف كحكم في الدوري المصري، ثم أصبح حكمًا دوليًا، وبعدها اتجه إلى العمل في التعليق الرياضي.
عمله في التعليق الرياضي
كانت بداية الكابتن محمد لطيف في مجال التعليق الرياضي عندما كان مصابًا وتم استدعاؤه ليعلق على مباراة رينجرز يحضرها 24 كفيفًا، ووقتها تعلم أول دورس التعليق واكتسب أولى خبراته في هذا المجال.
بعدها بفترة تطورت موهبته في الإذاعة وتدرج في التعليق حتى تمكن من التعليق على أول مباراة في التلفاز عام 1960، وفي مباراة بين منتخب القاهرة ومنتخب الإسكندرية.
اشتهر الكابتن لطيف بأسلوبه اللطيف والفريد والمميز في التعليق، وعلى الرغم وفاته من أكثر من 30 عامًا لكن لا تزال كلماته تردد حتى الآن.
ومن التعليقات التي اشتهر بها الكابتن لطيف "زي ما احنا عارفين إن الكورة إجوان"، و"الجون بييجي في ثانية"، والجو النهاردة جول كورة"، و"الجايات أكثر من الرايحات"، و"جت في الألمونيا"، و"لو بصيت على يمينك هتلاقي جمهور الزمالك بالأعلام البيضا، وعلى شمالك جمهور الأهلي بأعلامه الحمرا"، وغيرها.
وبفضل تعليقاته الطريفة اكتسب الكابتن لطيف شهرة واسعة وأصبح شخصية ناجحة تظهر في عدة أفلام سينمائية ظهر فيها بشخصية الحقيقية، وحصل على لقب "شيخ المعلقين".
الكابتن محمد لطيف في السينما
أسهم الكابتن لطيف في زيادة شعبية كرة القدم في مصر والوطن العربي بفضل تعليقه الرياضي، وبفضل ذلك فتحت السينما أبوابها له وحصل على عدة أدوار في الأفلام من بوابة المعلق الرياضي.
من الأفلام التي شارك فيها فيلم "حديث المدينة" عام 1964 وجسد فيه شخصية مسؤول في أحد أندية كرة القدم التي يلعب فيها بطل الفيلم، وشارك في الفيلم سميرة أحمد، وشويكار، وطه إسماعيل، وعزيزة حلمي، وعصمت محمود وغيرهم.
شاركت كذلك في فيلم "عندما نحب" وقدم فيها شخصية معلق رياضي على بطولات السباحة، والفيلم من بطولة رشدي أباظة، وأنور مدكور، ونادية لطفي، وسهير البابلي، ومحمود المليجي، وأحمد خميس.
شارك أيضًا في أفلام أخرى منها فيلم "الكداب وصاحبه" عام 1989 من بطولة سمير غانم، كما شارك كمعلق رياضي في فيلم "الشياطين والكورة"، وفيلم "غريب في بيتي"، وغيرها من الأفلام.