الكاتبة الإنجليزية أجاثا كريستي

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الثلاثاء، 05 يوليو 2022

حتى إن لم تقرأ قصص أجاثا كريستي، لكن لا بد أنك سمعت باسمها، فهي أشهر من كتَب في الأدب البوليسي على الإطلاق، حتى صار اسمها مضرباً للمثل، بعد أن سجلت في أرشيفها عشرات الأعمال المتميزة والفريدة، تعرّف على حياتها وأبرز أعمالها من خلال هذه المادة.

 

نشأتها: يعود الفضل إلى والدتي في نجاحي بالكتابة

ولدت أجاثا ماريا كلاريسا ميلر (Agatha Mary Clarissa Miller) في الخامس عشر من أيلول/سبتمبر عام 1890، في مدينة تروكوي الإنجليزية (Torquay)، لوالد أمريكي هو فريدريك ميلر (Frederick Alvah Miller )، الذي كان يعمل في سوق الأوراق المالية، وأمٍّ إنجليزية من عائلة أرستقراطية اسمها كلارا بومر (Clara Boehmer)، كما أنجب الزوجان ثلاثة أطفال، الأولى مراجريت (Margaret)، والثاني مونتي (Monty)، لتكون أجاثا أصغر أخوتها.

عاشت أجاثا طفولة طبيعية في كنف أهلها، حيث كانت عائلتها من العائلات الثرية في الطبقة المتوسطة، لكنها كانت شديدة التأثر بشخصية والدتها القوية، وتشجيعها لأطفالها على الدوام، كما اعتبرت أن الفضل يعود إلى والدتها في ما حققته من نجاح في الكتابة، حيث كانت أول من شجعها؛ عندما أصيبت أجاثا بالحمى، واضطرت للبقاء في الفراش، فنصحتها الأم بكتابة القصص، كما كانت أجاثا مولعة بالقراءة منذ الصغر، إذ كانت تقرأ قصص الأطفال بكثرة، كما اتجهت إلى الروايات وقصص الكبار فيما بعد، إضافة إلى كونها اعتزلت الأطفال الذين في سنها، حيث كانت تفضل البقاء بقرب والدتها وعمتها وجدتها، اللواتي تمتعن بشخصياتٍ قوية وملهمة.

من جهة أخرى تلقت أجاثا تعليماً منزلياً في صغرها، حيث قامت والدتها بتعليمها العلوم الأساسية، إضافة إلى الموسيقى والرقص، كما كانت قد بدأت في ممارسة الكتابة بكثافة، حيث كانت منذ الصغر ميالة لقصص الغموض والتشويق، التي غالباً ما تكون الجريمة هي العنصر الأساسي فيها.

توفي والد أجاثا عام 1901، نتيجة نوبة قلبية، كما تزوجت أختها الكبرى، وانتقل أخوها للخدمة في الجيش الإنجليزي في أفريقيا، لتبقى وحيدة مع أمها، حيث تعتبر أجاثا أن وفاة والدها كانت نهاية طفولتها، كما انتقلت إلى باريس في السادسة عشرة من عمرها، لتتعلم الموسيقى، والعزف على البيانو.

 

عملت ممرضة متطوعة خلال الحرب العالمية الأولى

عادت أجاثا من باريس في العام 1910، كما قضت إجازة امتدت لعدة شهور في القاهرة، برفقة والدتها، لتعود فيما بعد إلى إنجلترا، حيث تزوجت من الضابط الإنجليزي أرشيبالد كريستي (Archibald Christie) قبيل اندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1914، فأصبح لقبها كريستي نسبة لزوجها الأول.

عملت أجاثا ممرضة متطوعة في مشفى تروكوي، وبقيت تساهم في علاج المرضى وتوفير الأدوية، حتى انتهاء الحرب عام 1918، حيث بدأت بكتابة أولى رواياتها الطويلة (ثلج فوق الصحراء Snow Upon the Desert)، إضافة إلى القصة القصيرة في هذه الفترة، لكن دور النشر والصحف كانت ترفض أعمال أجاثا، كما استخدمت أسماء مختلفة في مراسلاتها، إلى أن قدمت روايتها البوليسية بعنوان (القضية الغامضة في ستايلز The Mysterious Affair at Styles) عام 1920، التي قدمت من خلالها أحد أبرز الشخصيات الروائية في العالم، المحقق البلجيكي هرقل بوارو (Hercule Poirot)، الذي يحقق في قضية قتل وريثة لعائلة غنية، حيث أصبح بوارو شخصية ثابتة في أغلب الروايات التي قدمتها كريستي، فضلاً عن القصص القصيرة، كما تم تصويره في السينما والتلفزيون كما وصفته أجاثا في رواياتها.

 

تحول اختفاؤها إلى قضية رأي عام بعد خلافها مع زوجها الأول

توفيت والدة كريستي عام 1926، كما اكتشفت أن زوجها على علاقة غرامية، فاختفت أجاثا من منزلها في الثالث من كانون الأول/ديسمبر من العام نفسه، بعد أن علمت أن زوجها سيقضي عطلته مع عشيقته، لكن خبر اختفاءها تصدر أهم الصحف العالمية، كما شهد البحث عنها مشاركةً شعبية واسعة، إلى أن عثروا عليها في فندق هاروجيت (Harrogate hotel)، وقد حجزت غرفتها باسم تيريزا نيلي، مستخدمة لقب عشيقة زوجها نانسي نيلي (Nancy Neele)، كما يعتقد البعض أنها كانت قد أصيبت بفقدان ذاكرة مؤقت، نتيجة الصدمة العاطفية التي تعرضت لها، فضلاً عن صدمتها بفقدان والدتها.

انفصل الزوجان عن بعضهما عام 1928، بعد أن أنجبا ابنتهما الوحيدة روزيلند (Rosalind)، كما تزوج آرشيبالد من عشيقته، ثم التقت أجاثا بأستاذ علم الآثار المعروف ماكس مالوان (Max Mallowan)، لتتزوجه عام 1930، على الرغم من فارق السن بينهما، حيث أنها تكبره بثلاثة عشرة سنة، كما شاركته رحلاته العلمية إلى بلاد الشام والعراق، وأقامت معه في سوريا والعراق وإيران، حتى أنهما قضيا شهر العسل في قرية عين العروس، على ضفاف نهر البليخ، في الجزيرة السورية، كما قامت بجولة على التلال والقلاع الأثرية في المنطقة.

كان زواج أجاثا الثاني أكثر استقراراً، كما كان زواجها داعماً أساسياً لها للتمكن من كتابة رواياتها وقصصها، في حين كان لها دور أيضاً في بعثات التنقيب في مدينة نينوى الأثرية في العراق، حيث شاركت في الفهرسة، وأرشفة اللقى الأثرية، إضافة إلى التصوير الفوتوغرافي، كما تحدث عنها مالوان في مذكراته بالتفصيل، متحدثاً عن طقوسها في الكتابة، وسخائها مع البائعين الأكراد، حيث كانت تشتري منهم الحطب للشتاء، فضلاً عن إقامتها في خيمة قريبة من موقع الحفر إذا لم يتوفر لها السكن المثالي، وقد كتبت أهم أعمالها في الفترة التي قضتها مع زوجها في تلك البعثات، من بينها رواية (جريمة في قطار الشرق السريع Murder on the Orient Express)، كتبتها أثناء إقامتها في مدينة حلب، ونشرتها عام 1934، إضافة إلى كتاب (تعال واخبرني كيف تعيش Come, Tell Me How You Live) الذي نشرته عام 1946، في المملكة المتحدة، وفي الولايات المتحدة الأمريكية، والذي ينتمي إلى أدب الرحلات (كما أنه كان أحد كتابين حملا اسم أجاثا مالوان)، وغيرها من الأعمال الروائية والقصصية، التي كان للشرق حصة الأسد منها، بعد أن تعمقت في دراسة حضارات الرافدين، والمصرية.

عاش الزوجان حياة سعيدة، وانسجاماً كبيراً، كما كان لكل منهما تأثيره على عمل الآخر، حيث قدم مالوان المساعدة لأجاثا لتجنب استغلال دور النشر والمسارح لها، كما كانت هي رفيقة دربه دائماً، حيث استمر زواجهما حتى وفاتها عام 1976.

 

أبرز أعمال أجاثا كريستي

اتبعت أجاثا كريستي منهجاً متميزاً في أعمالها الأدبية، حيث استندت إلى خيالها الخالص في خلق الحبكة الدرامية المتقنة، ولم تلجأ لسجلات الشرطة، أو الجرائم الحقيقية، بل كانت تبني القصة من خيالها، مستعينة ببعض الأحداث الحقيقية التي تخدم حبكتها، كما استخدمت شخصية المحقق البلجيكي بوارو، التي خلقتها في أولى رواياتها المنشورة، لتظهر لاحقاً في أكثر من ثلاثين رواية أخرى لها، إضافة إلى ظهور هذه الشخصية في مسرحيتها (القهوة السوداء Black Coffee)، وأكثر من خمسين قصة قصيرة، علماً أن هذه الشخصية تأثرت بشخصية المحقق شارلوك هولمز، التي ابتكرها الأديب آرثر كونان دويل (Arthur Conan Doyle).

قدمت كريستي عشرات الروايات البوليسية، إضافة إلى عدة مسرحيات، ومجموعات قصصية، أبرزها:

رواية القضية الغامضة في ستايلز (The Mysterious Affair at Styles)

ورواية العدو الغامض (The Secret Adversary)، والمجموعة القصصية تحقيقات بوارو (Poirot Investigates)، التي عرفت أيضاً بلعنة الفراعنة، إضافة إلى رواية الأربعة الكبار (The Big Four)، ورواية لغز القطار الأزرق (The Mystery of the Blue Train)، فضلاً عن مجموعتها الشعرية شارع الأحلام (The Road of Dreams)، التي نشرتها على نفقتها الخاصة، ورواية خبز العملاق (Giant"s Bread)، والتي سجلتها تحت اسم مستعار؛ هو ماري ويستماكوت (Mary Westmacott)، وجميع هذه الأعمال صدرت بين عامي 1920 و 1930.

بين عامي 1930 و 1940، أصدرت أكثر من خمسةٍ وعشرين عملاً روائياً وقصصياً

أبرزها رواية جريمة في القرية (The Murder at the Vicarage)، والتي عرفت أيضاً بعنوان جريمة في بيت الكاهن (Crime in the house of the priest)، وكانت الأنسة ماربل (Miss Marple) هي المحققة في هذه الرواية، لتظهر لاحقاً في اثنتي عشرة كتاباً لكريستي، من بينها المجموعة القصصية ثلاثة عشر لغزاً (The Thirteen Problems)، كما أصدرت أجاثا في هذه الفترة روايتها الثانية تحت اسم ماري ويستماكوت، بعنوان صورة غير مكتملة (Unfinished Portrait)، إضافة إلى رواية موت اللورد إدجوير (Lord Edgware Dies)، ورواية لماذا لم يسألوا إيفانز؟ (Why Didn"t They Ask Evans).

كما استوحت رواية موت في قطار الشرق السريع (Murder on the Orient Express) من رحلتها في القطار نفسه إلى سوريا، فضلاً عن روايتها موت فوق النيل (Death on The Nile)، التي كتبتها بعد زياراتها إلى مصر، إضافة إلى رواية موعد مع الموت (Appointment with Death)، التي عرفت باسم موت في البتراء في الترجمات العربية، حيث تدور أحداثها في الأردن وفلسطين، كما قدمت عدة أعمال أخرى في هذه الفترة، على غرار جريمة في بلاد الرافدين (Murder in Mesopotamia)، وأبجدية القتلة أو جرائم الأبجدية (The A.B.C. Murders)، وتحريات باركر بين (Parker Pyne Investigates)، ومأساة من ثلاثة فصول (Three Act Tragedy)، وغيرها.

بين عامي 1940 و 1950، قدمت أجاثا رواية السرو الحزين (Sad Cypress)

ورواية إبزيم الحذاء، وعنوانها الأصلي (One, Two, Buckle My Shoe) كما شهدت أول ظهور لكبير المفتشين جاب (Chief Inspector Japp)، إضافة إلى رواية شر تحت الشمس (Evil Under the Sun)، ورواية جثة في المكتبة (The Body in the Library)، ورواية خمسة خنازير صغير (Five Little Pigs)، التي ترجمت إلى العربية بعنوان رحلة إلى الماضي، كذلك رواية ساعة الصفر (Towards Zero)، ورواية بريق السيانيد (Sparkling Cyanid) التي حملت عنوان (الاحتفال الأخير) في النسخة العربية، إضافة إلى مجموعتها القصصية شاهدة الادعاء وقصص أخرى (The Witness for the Prosecution and Other Stories)، كما نشرت روايتين مأساويتين باسمها المستعار ماري ويستماكوت، بعنوان الزهرة وشجرة التوت (The Rose and the Yew Tree)، و غائب في الربيع (Absent in the Spring)، وغيرها من الأعمال التي نشرتها في العقد الخامس من القرن العشرين.

بين عامي 1950 و 1960، قدمت مجموعتها القصصية بعنوان ثلاثة فئران عمياء وقصص أخرى (Three Blind Mice and Other Stories)، ومجموعة المضطهد وقصص أخرى (The Under Dog and Other Stories)، كما أصدرت رواية لقاء في بغداد (They Came to Baghdad)، ورواية بعد الجنازة (After the Funeral)، ورواية قطة بين الحمام (Cat Among the Pigeons)، كذلك هيكوري ديكوري دوك (Hickory Dickory Dock) التي حملت عنوان (جريمة في السكن الجامعي، أو جريمة في شارع هيكوري) في النسخة العربية، كما قدمت روايتي العبء (The Burden)، والابنة هي الابنة (A Daughter"s a Daughter) تحت اسمها المستعار ماري ويستماكوت، وغيرها من القصص والروايات خلال هذه الفترة.

بين عامي 1960 و 1970، قدمت مجموعتها القصصية بعنوان مغامرة كعكة العيد (The Adventure of the Christmas Pudding)، ومجموعة الخطيئة المزدوجة وقصص أخرى (Double Sin and Other Stories)، ورواية المرآة المكسورة (The Mirror Crarck"d)، إضافة إلى رواية لغز الكاريبي (A Caribbean Mystery)، والفتاة الثالثة (The Third Girl)، كما أصدرت مجموعة شعرية وقصصية بعنوان نجمة على مدى بيت لحم (Star Over Bethlehem)، ورواية حفلة الهالووين (Halloween Party)، وغيرها.

منذ العام 1970 حتى وفاتها، قدمت رواية مسافر إلى فرانكفورت

ومجموعة قصصية بعنوان قضايا بوارو المبكرة (Poirot"s Early Cases)، ومجموعة أخرى بعنوان الكرة الذهبية وقصص أخرى (The Golden Ball and Other Stories)، إضافة إلى آخر ظهور لشخصية الآنسة ماربل في رواية الجريمة النائمة (Sleeping Murder)، كما قدمت رواية نوازل القدر (Postern of Fate)، ورواية الفيلة تستطيع أن تتذكر (Elephants Can Remember)، إضافة إلى ديوانها الشعري قصائد (Poems)، كما عكفت على كتابة مذكراتها خلال هذه الفترة.

إصدارات بعد وفاتها

صدرت مذكراتها بعنوان (Agatha Christie: An Autobiography) السيرة الذاتية لأجاثا كريستي عام 1977، كما تم تحويل مسرحية القهوة السوداء إلى رواية حملت الاسم نفسه (Black Coffee)، حيث صدرت عام 1998، كذلك مسرحية ضيف غير متوقع (The Unexpected Guest)، التي صدرت عام 1999 بعد تحويلها لرواية بذات الاسم، إضافة إلى مسرحية شبكة العنكبوت (Spider"s Web) التي صدرت كرواية عام 2000، حيث قام الكاتب تشارلز اوزبورن (Charles Osborne) بتحويل تلك المسرحيات إلى روايات، كما قامت جانيت مورغان (Janet Morgan) بكتابة سيرة أجاثا كريستي عام 1985.

 

وفاة أجاثا كريستي

توفيت أجاثا كريستي عن عمر يناهز الخامسة والثمانين، في الثاني عشر من كانون الثاني/يناير من العام 1976، وفاة طبيعية في منزلها، ودفنت في جوار كنيسة قريبة من منزلها في لندن، بعد أن تركت عشرات المؤلفات الروائية والقصصية والشعرية.

أخيراً... أحدثت أجاثا كريستي ضجة كبيرة لدى القراء حول العالم، حيث ترجمت أعمالها لعدة لغات، كما حققت نسبة مبيعات هي الأعلى حول العالم، استمرت حتى بعد موتها، إضافة إلى اقتباس عدد من الأفلام والمسلسلات عن رواياتها، على غرار سلسة بوارو التلفزيونية، التي استمرت عشرة سنوات حتى العام 2013، بطولة الممثل الإنجليزي ديفيد سيجت (David Suchet).

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة