على الرغم من أن الموت لم يمهله لكي يقدم مسيرة فنية ضخمة إلا أن بصماته في الفن الشعبي السعودي جعلته واحد من أشهر مطربي الفن الشعبي رغم رحيله لما يقرب من نصف قرن إنه الفنان بشير حمد شنان الذي لقب بـ "فريد السعودية" وتوفي عن عمر يناهز 28 عاما فقط، ولكن بقي أثره خالدا، مسيرته وأبرز المعلومات عن حياته في السطور التالية..
اسمه بالكامل بشير بن حمد بن شنان الدوسري، ولد في مدينة الدمام بالمملكة العربية السعودية في عام 1946، كان لديه أخ شقيق يدعى عبد الله، وأخان غير شقيقان وهما ناصر وعبد العزيز، وكانوا من زوجة أبيه الأولى.
توفي والد بشير وهو ما زال صغيرا، فعمره لم يكن يتخطى السبع سنوات، فانتقل للعيش بجوار شقيقه الأكبر ناصر، الذي تكفل برعايته هو ووالدته، في حي المرقب بمدينة الرياض، وهو أشهر الأحياء في المملكة حبا للفنا، وتقديرا له. والتحق بشير بمدرسة الخالدية بحي المرقب.
كان شقيقه عبد الله يتمتع بصوت جميل، ويجيد العزف على العود، فعشق بشير على يده الغناء والعزف، على يد شقيقه عبد الله، الذي اكتشف شغفه فعلمه أصول الغناء والعزف.
بدأت موهبة بشير في الظهور مبكرا، فقد عشق التراث القديم وتأثر به، فأحب أغاني سيدة الغناء العربي أم كلثوم، وفريد الأطرش، عبد المحسن المهنا، محمد عبده وطلال مداح.
وأجاد العزف على العود، وبدأ يبدع في أداء الأغاني الشعبية، وذاع صيته في أرجاء المملكة وهو لم يكمل عامه العاشر، واستطاع في خلال عام واحد تقريبا أن يقدم رصيد فني كبير، فحينما وصل للحادية عشر من عمره كان قد غنى حوالي 400 أغنية بصوته، وأصبح واحد من الواعدين في الوطن العربي ككل، وليس منطقة الخليج وحدها.
غير معروف كثير من التفاصيل الشخصية عن حياة شنان، غير أنه تزوج مرتين، المرة الأولى انتهى الزواج سريعا، دون إنجاب أي أطفال.
فتزوج للمرة الثانية وغير معروف اسم زوجته، ورزق منها بابنتين، واحدة منهم تدعى اعتدال أجرت عدة لقاءات تحدثت فيها عن والدها، وغير معروف أي بيانات أخرى عنها أو عن شقيقتها.
في عام 1974 فوجي محبي بشير في الوطن العربي بوفاة الشاب ذي الثامنة والعشرين عاما من عمره، إثر أزمة قلبية مفاجئة، لتخرج كثير من الشائعات عن سبب الوفاة، رغم تأكيد العائلة أن الوفاة تمت نتيجة أزمة قلبية.
وعلى الرغم من وفاته منذ ما يقرب من 48 عاما، إلا أن الحديث عن أسباب الوفاة لم ينته وهو ما دفع نجلته "اعتدال" للخروج والتصريح بأن وفاة والدها كانت طبيعية ولا صحة لكل ما يتردد من شائعات أو تكهنات، ووصفت الشائعات بأنها مجرد "خيالات" لأصحابها.
وروت نجلته "اعتدال" في أحد البرامج التلفزيونية كواليس يوم الوفاة، وقالت إن والدها كان مسافراً إلى دولة قطر في ذلك اليوم، وفجأة دون معرف أسباب غير رأيه وقرر عدم السفر على الرغم من أنه اعتاد على الذهاب لقطر، ولم تكن المرة الأولى.
وقالت عاد للمنزل في حدود الساعة العاشرة صباحا وكان يوم جمعة، ولم يكن أحد في المنزل، فطرق المنزل ولم يجب أحد لأنه لم يكن أحد بالداخل.
فخرج أحد جيرانه، وطلب منه أن يدخل منزله حتى يعود عائلته، وبعدما دخل منزل جاره طلب منه كوب من المياه، وبعدها حضر جاره لإيقاظه لصلاة الجمعة، فوجده قد لفظ أنفاسه، بشكل مفاجئ.
وفي عام 2017 تم تكريم الراحل بشير حمد شنان من مركز الملك فهد الثقافي بالرياض في أثناء افتتاح «ليالي الفلكلور الشعبي»، وتسلم التكريم نجلته اعتدال التي أكدت على أنها ستصدر كتاباً يروي سيرة والدها، ومسيرته الفنية، وتصحيح الأخطاء المنشورة في أحد الكتب الموجودة في الأسواق.
وفي عام 2008 بعد وفاة بشير بحوالي 36 عاما توفي شقيقه عبد الله في القاهرة بنفس الطريقة التي توفي بها بشير إثر أزمة قلبية مفاجئة.
تعلم بشير على يد شقيقه الشاعر عبد الله حمد شنان، أصول الشعر، الغناء، والعزف على العود، كما أجد الرسم والخط، ذاع صيت بشير منذ صغره، واختار اللون الشعبي ليكون قريبا من الجماهير.
ولذلك حرص بشير في أغلب أغانيه أن يربطها بالسوق، مثل أغنية قبل أمس وسط السوق، وأغنية خلت سوق الذهب، وأيضا دخلت العصر سوق القيصرية.
وأغنيته الشهيرة يا ليت سوق الذهب يفرش حرير والتي كتبها بشير حينما كان يسير مع عازف الكمان في فرقته في سوق الذهب، فرأى حبيبته التي لم يستطع الزواج منها فغنى "يا ليت سوق الذهب يفرش حريراً" وهي الرواية التي ذكرها عازف الكمان بنفسه.
وفي أحد اللقاءات تحدث بشير عن العجوز التي نسج فيها قصيدة، بأنه ذهب مع والدته للسوق، فإذا بعجوز تسأله أنت بشير فقال لها نعم؟ قالت له تعال معي، وحاول بشير الاعتذار منها إلا أنها أصرت.
ولكي تحمسه أخرجت له صورة فتاة في غاية الجمال، فأًر على استكمال الطريق معها حتى لو واجه ذئاب جائعة، وسأله مقدم البرنامج هل بشير تاب عن طرد الهوى؟ فأجاب بنعم بعدما رأى العجوز.
ويقول في القصيدة:
وافيت قبل أمس بالديرة عجوز... عليها وأشكالها اللعنة تجوز
ما تقرب أمر خبيث إلا تفوز.. همها بالعمر تحليل الحرام.
كما نسج قصيدة في صديقه فقال عنه" راسي غدى يالسهيلي شيب.. وبأشكي لك الحال بعد الله يا سعيد لو أني قريت الغيب.. ما صار هاللي حصل كله".
وفي قصيدة أخرى تحدث عنه وقال ترى البكاء يا سعيد ما هو ممدوح.. سلم أمورك يالسهيلي لمولاك إن كان هذا دين والله لا أروح.. والله فلا أنسى فزعتك يوم آنذاك.
أما عن أشهر أسطوانات بشير، فسجل أسطوانة "مقهور" وكانت من الألحان الفلكورية، كما سجل أسطوانة دخلت سوق القيصرية، وأيضا أسطوانة مريت سوق الذهب والتي منعت وقتها من التوزيع بسبب مشاكل وخلافات مع بشير سياسية ودينية.
تعرض بشير لكثير من السرقات الفنية ومن أشهرها، أغنية البارحة التي غناها راشد الماجد ولم ينسبها إلى بشير ولم يذكر اسمه ولا مرة، وأيضا أغنية ألا يا سيد كل الناس التي غناها الفنان المعتزل عصام عارف.
وأيضا كل من الفنان عبد الله رشاد والفنانة نوال، والذين استغلوا بلحن بشير في أغنية جانا زريف الطول، وقدموه في أغنيتهم كان ودي نلتقي.
غنت أحلام لحن أغنيته يا بوسعد لو فرقتنا المقادير في أغنيتها الشهيرة وش ذكرك.
كما أخذ عبد الله الرويشد لحن أغنية بشير "والبارحة فزيت من غرفة النوم"، في أغنية "يا طالبين الود".
حصل بشير على إشادات كثيرة منها الملحن الشهير محمد الموجي، وأيض الفنان محمد عبده الذي قال عنه، إنه أفضل فنان شعبي تطريبي.
