العصف الذهني لحل المشكلات.. طريقته ومبادئه

يلجأ الكثير من الأشخاص إلى استخدام العصف الذهني كتقنية تساعد على الوصول على أفضل شكل ممكن من الأفكار التي تصلح لحل المشكلات أو دعم المشروعات المختلفة، ولتنفيذها بشكل صحيح ومثمر يجب أن تهتم بالطريقة الصحيحة لها والمبادئ التي تخصها، ومن خلالها ستكتشف الطاقة الإبداعية لديك ولدى فريق عملك.

العصف الذهني

تستخدم عملية العصف الذهني في الكثير من المهام العملية أو التعليمية ويطلق عليه أيضًا لفظ القدح الذهني لأنه يجبر الذهن على إخراج أفضل ما بداخله من أفكار والتي يمكن استخدامها لحل المشكلات أو الإبداع في مكان ما، وتعتبر عملية متكاملة لتوليد الأفكار من فكرة رئيسية، وتستمر لحين الوصول إلى كافة الأفكار المطلوبة.

أنواع العصف الذهني

لا تعتمد عملية العصف الذهني على نوع واحد من العمل أو طريقة تقليدية محددة لكن له أكثر من نوع وهم ما سنستعرضه هنا:

العصف الذهني التقليدي

يأتي على رأس الأنواع الأكثر استخدامًا حيث يقوم الفرد باتباع الطريقة التقليدية لتوليد الأفكار دون قيد، ويضم عدد لا حصر له من الأفكار التي تتعلق بالموضوع محل النقاش، كما يتميز ببساطته والقدرة على مشاركة أكثر من فرد به.

على الرغم من سهولته واستخدامه بكثرة، إلا أنه يكون من الصعب تقييم الأفكار المتولدة من خلاله بسبب كثرتها، وتداخلها في بعض الأحيان.

العصف الذهني العكسي

من خلال تعريفه بالعصف الذهني السلبي يجب أن تفهم أن الأمر سيتم بشكل معكوس من خلال طرح المشكلة بشكل سلبي والتركيز على الأسباب التي أدت إلى المشكلة وفشل حلها.

قد تعتقد أن الأمر صعب، ولكنه يركز على تخليص الشركات والمؤسسات من المعوقات المحتملة والأشياء التي يجب مواجهتها.

يعتبر من الطرق الجيدة في التخلص من المشكلات المتوقعة وتجنبها منذ البداية، أو حل مشكلة قائمة بالفعل.

العصف الذهني الفردي

لا يتم مشاركة هذا النوع مع أكثر من فرد، لكنه يعتمد على تصرف الفرد نفسه والأفكار الموجودة في ذهنه، حيث يصب كل الأفكار في سلة واحدة ويبدأ بالعمل عليها.

يحتاج الفرد هنا للقيام بتلك الخطوة إلى بيئة هادئة وخالية من أي تشتت، ويفضل الكثير من محبي العمل المستقل هذا النوع من العصف الذهني لأنه يساعدهم على التركيز والإبداع دون الحاجة للآخرين.

يستخدم هذا النوع أيضًا في حل المشكلات أو التفكير في أمر خلال وقت محدود.

العصف الذهني الإلكتروني

لا تعتمد عملية العصف الذهني هنا على التفكير الذاتي فقط، بل يحصل الفرد على مساعدة خارجية من قبل المواقع الإلكترونية التي تساعدك على توليد الأفكار بإبداع غير مسبوق.

يمكن أن يسهل هذا النوع مشاركة عدد كبير في العصف الذهني بينما يكون كل فرد منهم في مكان مختلف، لكن يقل خلاله التفاعل الشخصي الذي من شأنه إشعال الحماس وإطلاق الأفكار في رأس الآخرين بناء على ما يستمعون إليه.

تقنية 6 قبعات التفكير

تعتبر هذه التقنية من الأنواع الحماسية والشاملة للعصف الذهني، حيث تقسم المجموعة المتواجدة إلى ستة أقسام، وخلال ذلك تتولى كل مجموعة مناقشة المشكلة من جهة محددة، ويسهل ذلك على المشاركين فحص المشكلة من كافة الجوانب وتوليد أفكار إبداعية غير مكررة.

يجب أن يتمتع المشاركين في هذا النوع من العصف الذهني بمهارة التفكير النقدي.

Brainwriting

تعتمد هذه الطريقة هنا على كتابة أفكار كل فرد على ورقة منفردة، ويطلب من الآخرين إضافة أفكارهم إلى كل فكرة أمامهم، وهكذا لتحصل على أفكار نابعة من أكثر من فرد دون هيمنة أحدهم على كافة الأفكار، كما تساهم في التنوع والاستمتاع بالأفكار.

تتطلب هذه الطريقة بعض الوقت لكونها بطيئة في التنفيذ، لكنها مثمرة للغاية.

الخريطة الذهنية

في هذه التقنية ستستخدم الخرائط لتنفيذ مخطط يحمل الفكرة الرئيسية في المنتصف، ثم تخرج منها كافة الأفكار التي تراها مناسبة أو متعلقة بالأمر، سواء حلول أو خطوات تقدمية وغيرها من الأشياء.

يجب أن تربط الأفكار بعلاقات مترابطة وسوف تساعدك هذه التقنية على تنظيم أفكارك وتصنيفها وتحديد مدى فعاليتها، مما يؤدي إلى حل المشكلات المعقدة وبطرق مبتكرة.

العصف السريع

تعتمد هذه الطريقة على السرعة في الأداء، فينقسم الفريق إلى مجموعات صغيرة تتولى كل مجموعة عدد من الأفكار على أن تُخرج أكبر قدر ممكن منها حول القضية مثار الجدل.

يجب أن تتقيد المجموعات بوقت محدد على أن يكون وقتًا قصيرًا، وتساعد هذه التقنية على تحفيز الإبداع وتوليد كمية كبيرة من الأفكار في وقت قصير وهو من أبرز مزاياها التي تجعل الكثير من الأشخاص يتوجهون إليها.

مبادئ العصف الذهني

لا تسير عملية العصف الذهني هكذا بدون قيد، ولكنها من العمليات والتقنيات التي تعتمد على مبادئ من أجل النجاح ومن أهم مبادئها ما يلي:

التركيز على الكم لا الكيف

على عكس ما يظنه البعض لا تعتمد عملية العصف الذهني على الكيف، لكنها تعتمد على الكم الذي يأتي بالكيف لاحقًا، لذلك يُطلب من المفكرين إطلاق أكبر عدد من الأفكار في أقل وقت ممكن، ويمكن استغلال هذه الأفكار لاحقًا في تحقيق الجودة.

لا يُشترط أن تكون الأفكار قابلة للتطبيق، وهو ما يشجع الجميع على إطلاق أفكارهم دون الخوف من الحكم عليها أو تقييمها، ويجب أن يركز كل فرد على أفكاره لجمع أكبر عدد منها.

عدم النقد

يُمنع المشتركين في عملية العصف الذهني من انتقاد الآخرين وأفكارهم بينما تتم العملية أو حتى تقييم أي فكرة بالسلب أو بالإيجاب، حيث أن الهدف من كل ذلك هو التشجيع على التفكير الحر.

يؤدي الانتقاد إلى إحباط الموجودين ومنع الأفكار من التسلل بانسيابية إلى رأسهم ويقيد حريتهم في التعبير، وبدلًا من التركيز على الآخرين يجب أن تركز على تصفية ذهنك والتفكير.

الترحيب بالإبداع

يعتبر العصف الذهني من البيئات التي ترحب بالإبداع والابتكار في توليد الأفكار خاصة القادمة من خارج الصندوق والتي يتولد عنها المزيد من الأفكار المبتكرة.

بفضل ذلك يمكن طرح الأفكار بدون أي قيد ولن يتم تهميشها مهما كانت غرابتها أو عدم ملاءمتها للفكرة الرئيسية، حيث يتم النظر إلى كل فكرة على إنها فرصة لا تعوض يمكن استغلالها.

التطوير

بعد طرح جميع الأفكار، يتم تقييمها وتطويرها وتحديد أفضلها، فالمبدأ الأساسي للعصف الذهني يستند على استخدام كافة الأفكار من خلال تطوير جوانبها غير الصالحة لتصبح ممكنة.

يتم تحليل الأفكار وتقييمها بناءً على معايير محددة، مثل الجدوى والتطبيق والابتكار ثم تضاف الأفكار الهشة إلى أخرى قوية أو يتم تطويرها على حدى مما يؤدي في النهاية إلى الوصول للحل الأمثل للمشكلة المطروحة.

المشاركة الفعالة

يتطلب العصف الذهني مشاركة الجميع في الأداء والتفكير، لذلك يجب أن تكون عضوًا فعالًا في الجلسة مهما حدث، ومع الوقت يتسرب شعور الراحة للجميع مع القدرة على طرح الأفكار بالكامل.

يجب تشجيع المشاركين على الاستماع بعناية لأفكار الآخرين وبناءً عليها يتم تحديد أفكار جديدة تتولد في رأسهم مع عدم الخجل من البدء من حيث انتهى الآخرون.

لتحقيق المشاركة الفعالية يمكن استخدام تقنيات مختلفة لتحفيز المشاركين مثل عمل مجموعات تنافسية أو استخدام أدوات السرعة.

طريقة العصف الذهني

يتكون العصف الذهني من مجموعة من الخطوات التي يمكنك السير عليها للوصول إلى هدفك النهائي، فالعملية لا تتم بشكل عشوائي على الرغم من إنها تبدو كذلك، وإليك الخطوات الخاصة لإرشادك:

تحديد المشكلة أو الموضوع

في البداية وقبل أن تبدأ في تجميع الأفكار المتتالية يجب أن تضع يدك على المشكلة أو الفكرة التي تريد العمل عليها، ويجب أن تكون المشكلة واضحة وإلا سيتم تشتيت الفريق في اتجاهات غير صحيحة.

يتم الاعتماد على المشاركين لمساعدتك في اختيار الفكرة أو المشكلة المجردة بالكامل.

اختيار المشاركين

لا تختر المشتركين في عملية البحث عشوائيًا، ولكن يجب أن يكون لديهم بعض الخبرة حول الأمر، مع عدم الاعتماد على التشابه بين الأفراد بل الاختلاف في المهارات الذي يولد المزيد من الأفكار المتنوعة والمبتكرة.

يجب أن يشعر الجميع بالراحة لطرح أفكارهم دون خوف من الحكم، لذلك تعتبر التهيئة النفسية من أبرز الخطوات التي يجب الالتزام بها، ويتم تعريف المشاركين بقواعد العمل والتي تتضمن عدم الانتقاد أو السخرية أو التعالي خلال طرح الأفكار.

تهيئة المكان

حدد المكان الذي ستنفذ خلاله الأمر على أن يكون هادئ ومريح للأعصاب، ويجب عليك توفير الأدوات المخصصة للجلسة من أقلام وأوراق على سبيل المثال.

اختر الأماكن التي تشجع على الإبداع، والتي تميل لوجود المناظر الطبيعية المريحة للأعصاب والروائح المميزة وغير المنفرة

شرح القواعد

اشرح القواعد المعمول بها بالكامل وأكد على أهمية الاهتمام بالكم لا الكيف والإبداع والاختلاف، كما يجب أن يعرف كل فرد مكانه في مجموعته والمدة المحددة للعمل إن وجدت.

طرح الأفكار

يبدأ المشاركون بطرح أفكارهم بحرية، مع تسجيل جميع الأفكار على لوحة أو ورق، ولا يترك أي فرد بدون مشاركة بل يجب أن يساهم الجميع في طرح الأفكار مهما كانت غير دقيقة أو لا تصلح للتطبيق.

لا يتم تقييم الأفكار في مرحلة طرحها، بل يتم التركيز على جمع أكبر عدد ممكن منها، ثم تتوالى الخطوات المخصصة لذلك.

المناقشة

بعد الانتهاء من حصر الأفكار تأتي خطوة مناقشتها والتي تتم عن طريق عرض كامل للأفكار التي تم التوصل لها واختيار أقواها وطرح الأفكار الموجودة لتطوير الضعيف منها.

يتم تحليل الأفكار وتقييمها بناءً على معايير محددة، مثل منفعتها وهل تقبل التطبيق في المستقبل وقوة ابتكارها، وتستمر عملية التحليل لكافة العناصر حتى تتمكن من الوصول على أفضل شكل ممكن من الأفكار المعروضة.

الاختيار والتقييم

بعد تقييم الأفكار وتحديد أفضلها لتنفيذها، يجب أن تتناقش مع الفريق في النتيجة النهائية التي تم التوصل لها، وفتح المجال لطرح الأسئلة أو إضافة مقترحات أخرى.

يجب أن تأخذ في عين الاعتبار عدم تجاهل أفكار الجميع مقابل أفكار فرد واحد لأن ذلك ينفي جودة العصف الذهني.

التنفيذ

توضع خطة محكمة في وقت لاحق لتنفيذ ما توصلت إليه من نتائج مع التركيز على الوقت المخصص للتنفيذ، ويجب أيضًا توفير الموارد اللازمة لتنفيذ هذه الأفكار.

نصائح لفعالية العصف الذهني

إذا أردت أن تخرج من العصف الذهني بمجموعة لا بأس بها من الأفكار يجب أن تتبع ما يلي:

استخدم تقنيات تحفيز الإبداع

يمكن استخدام أدوات مختلفة لتحفيز الإبداع في جلسة العصف الذهني، مثل الخرائط الذهنية أو لوحات الأفكار أو أي تقنية من أنواع العصف الذهني التي تشجع الموجودين على العمل بكل طاقتهم.

تساعد هذه الأدوات المشاركين على التفكير بطرق جديدة وتوليد أفكار لم يكونوا على علم بوجودها في رأسهم.

قائد الجلسة

يجب أن تقوم بتعيين قائد للإشراف على جلسة العصف الذهني والتأكد من سيرها على أكمل وجه، مما يقلل من وجود أي مخالفات مثل النقد أو عدم الاستماع ويصل بالجلسة إلى أهدافها الموضوعة.

توثيق الأفكار

اهتم بتوثيق الأفكار التي طرحت خلال الجلسة والتي يمكن أن تفيد في أوقات أخرى أو جلسات مشابهة حول الموضوع، وتساعد تلك الخطوة في تقييم كل فكرة بشكل كامل وحر مع عدم إهمال أي واحدة من الأفكار.

الوضوح

يجب أن تكون الجلسة واضحة من جميع الجوانب ومحددة حتى لا تتسبب في ضياع وقت وجهد الآخرين، كما يجب أن تتاح الفرص المتساوة للجميع.

العصف الذهني من أهم الأدوات المستخدمة سواء في التعليم أو حل المشكلات في العمل، وذلك لقدرتها على إنتاج كم كبير من الأفكار والحلول في وقت صغير، لذلك يجب ألا تهمل تعلم تقنياتها ومبادئها.