بعد 30 عامًا على وفاته يحتفي غوغل بالعالم المصري حامد جوهر تقديرًا لجهوده في نشر المعلومات والثقافة عن المسطحات المائية، ويعد من أهم العلماء المصريين الذين قدموا برامج ثقافية على التلفزيون المصري، واشتهر من خلال برنامج "عالم البحار" الذي قدمه لأكثر من 18 عامًا، تعرف على مسيرته وحياته في السطور التالية.
حياة حامد جوهر ونشأته
حامد عبد الفتاح جوهر هو عالم محيطات ومقدم تلفزيوني مصري ولد في 14 نوفمبر عام 1907 في محافظة القاهرة لأب مصري وأم بريطانية، وتلقى تعليمه الابتدائية في مدرسة الجمعية الخيرية الإسلامية.
التحق حامد بعد ذلك بالمدرسة الثانوية الملكية، الذي أصبح اسمها فيما بعد بمدرسة "الخديوي إسماعيل"، وحصل على شهادة البكالوريا عام 1925، وهو نفس العام الذي تأسست فيه الجامعة المصرية.
قرر حامد إكمال دراسته الجامعية، وفكّر في البداية دراسة الطب، ولكنه غيّر رأيه وقرر الدراسة في كلية العلوم، وأظهر تفوقًا دراسيًا فيها، وحصل على شهادة بكالوريوس العلوم مع مرتبة الشرف الأولى.
عُين جوهر بعد ذلك معيدًا في قسم علوم الحيان بالكلية، ثم حصل على درجة الماجستير بعد عامين من التخرج عام 1931، وكان موضوع دراسته "التشريح الدقيق وهستولوجيا الغدد الصماء في الأرانب".
لم يكتفِ جوهر بذلك، بل أكمل دراسته الأكاديمية بالانضمام إلى محطة الأحياء البحرية في مدينة الغردقة، وهناك تابع أبحاثه العلمية حول كائنات البحر الأحمر، وحصل على درجة الدكتوراه في العلوم في فرع الكائنات البحرية.
كان وقتها أول عالم مصري يحصل على درجة الدكتوراه في هذا الفرع من العلوم، وفقًا للدكتور والعالم المصري عبد الحليم منتصر.
لم يتزوج الدكتور جوهر ووهب حياته من أجل العلم، كما كان يقول لطلابه إنه تزوج البحر وأعطاه حياته كلها.
حامد وعلي جوهر
اجتمع جوهر مع شقيقه المذيع والممثل المصري علي جوهر في مهنة التقديم التلفزيوني، فشقيقه علي ولد عام 1924 ورحل عن عالمنا عام 1998، أي بعد سنوات من وفاة شقيقه.
شارك شقيقه علي في العديد من الأفلام، وكان آخرها فيلم "المعلمة والأستاذ" الذي عُرض عام 1995، وقد ولد علي جوهر في لندن لأب مصري وأم بريطانية وعمل مذيعًا في نشرة الأخبار باللغة الإنجليزية في القناة الثانية.
شارك علي في العديد من الأعمال السينمائية، ومنها "العتبة جزاز"، و"الشجعان الثلاثة"، وإمبراطورية ميم"، و"عودة أخطر رجال في العالم"، و"إسكندرية ليه" وغيرها.
احتفاء غوغل به
يحتفي غوغل بذكر ميلاد عالم المحيطات المصري حامد جوهر يوم الثلاثاء الموافق 15 نوفمبر، تقديرًا لجهوده في بث المعلومات عن الكائنات البحرية، وإتمام مهمته التثقيفية بما يتعلق بالمسطحات الماية.
ويعتبر هذا العام 2022 هو ذكرى ميلاده الـ115 للعالم الراحل الذي ولد عام 1907، وتوفي عام 1992 عن عمر 85 عامًا، وكرّس حياته لنشر التوعية والعلم.
حقيقة قصته مع الراقصة سهير زكي
انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي قصة لقاء العالم المصري مع الراقصة سهير زكي، ووفقًا لبعض الصفحات على الإنترنت إن جوهر ذهب إلى ماسبيرو للحصول على أجره، وكان قادمًا من الإسكندرية، ووقف في طابور للحصول على أجره لقاء تقديم البرنامج.
وفي هذه الأثناء جاءت الراقصة سهير زكي لتحصل على أجرها أيضًا، وتخطت الطابور، ثم تذمرت بسبب أجرها القليل مقابل عرض رقص لمدة ربع ساعة.
رد عليها جوهر بأنه يحصل على أجر قليل مقابل تقديم برنامج لمدة نصف ساعة وقبلها يتم التحضير للحلقة لساعات، لترد عليه سهير زكي قائلة "وأنا مالي يا أستاذ اشتغل رقاصة".
صدّق هذه القصة الكثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، ولكنها من خيال الكاتب، حيث كتب الكثير من النقاد أن سهير لم تعمل في ماسبيرو مطلقًا، كما أنها إذا عملت معهم فكانت ستوقع عقدًا يتم الاتفاق فيه على أجرها.
رد أيضًا بعض النقاد إن طابور الحصول على الرواتب كان فقط للموظفين الإداريين داخل ماسبيرو، كما في هذه الفترة كان حامد جوهر يعيش في القاهرة في هذه الفترة لعمله في مجمع اللغة العربية، ولم يكن في الإسكندرية.
حياته المهنية
بعد حصوله على درجة الدكتوراه حول كائنات البحر الأحمر، قدم العالم المصري حامد جوهر أول دراسة بحثية موسعة حول دراسات البحار في مصر والعالم العربي، وبعدها عمل مديرًا بمحطة الأحياء البحرية في مدينة الغردقة منذ إنشائها، وظل يشغل هذا المنصب لمدة 40 عامًا.
أنشأ جوهر أيضًا متحفًا بحريًا ضم مجموعة كبيرة من حيوانات البحر الأحمر ونباتاته، كما أنشأ مكتبة تضم أغلب المراجع الأساسية لدراسة البحر الأحمر والظروف البيئية فيه، والكائنات الحية التي تسكنه.
أنشأ بعد ذلك معهد الأحياء المائية بعتاقة السويس، وبداخله أنشأ متحفًا آخر لأحياء البحر الأحمر، وفي عام 1970 عمل مستشارًا للعلوم والتكنولوجيا في جامعة الدول العربية، فضلًا عن كونه عضوًا في مجمع اللغة العربية بالقاهرة منذ عام 1973.
شارك العالم المصري جوهر في كتابة وتطوير المعاجم العلمية العربية التي يتم إصدارها من مجمع اللغة العربية، وبالطبع أبرز الكلمات والمصطلحات العلمية التي شارك في تطويرها هي المصطلحات البيولوجية في علوم الأحياء والزراعة.
استغرق إعداد المعجم العلمي حوالي 8 سنوات، بداية من عام 1976 وحتى عام 1984، وشارك فيه مع جوهر نخبة من كبار العلماء العرب، والمصريين.
لم تقتصر إسهاماته العلمية على مصر والوطن العربي فقط، وإنما كانت له إسهامات على الصعيد الدولي والعالمي، فقد كان مستشارًا للسكرتير العام للأمم المتحدة لتنيم المؤتمر الدولي الأول لقانون البحر في جنيف، وذلك عام 1958.
بالإضافة إلى ذلك تم اختياره رئيسًا للجنة التخلص من النفايات النووية في أعماق البحار وذلك من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية عام 1959.
كان جوهر أيضًا عضوًا في اللجنة الاستشارية لمنظمة الأغذية الزراعية "فاو" التابعة للأمم المتحدة، وكان أول رئيس لجمعية علم الحيوان في مصر منذ إنشائها، وذلك عام 1958.
تولى كذلك إدارة المعهد الملكي لعلوم البحار في جامعة فؤاد الأول "جامعة القاهرة حاليًا"، لمدة 40 عامًا، وأعد طوال حياته 69 بحثًا في مجال العلوم البحرية.
شغل جوهر أيضًا منصب رئيس الجمعية المصرية لعلوم البحار، كما كان نائبًا لرئيس المجمع المصري للثقافة العلمية، كما كان زميل الأكاديمية الدولية لعلوم المصايد في مدينة روما.
كان جوهر كذلك عضوًا في المجلس الأعلى للمصايد في مصر منذ إنشائه، وكل هذه الإنجازات مكنته من أن يستحق العديد من الجوائز التقديرية، وأهمها جائزة الدولة التقديرية في العلوم عام 1974، ووسام الاستحقاق من الطبقة الأولى عام 1975.
العالم المصري حامد جوهر وبرنامج "عالم البحار"
بجانب إنجازاته في المجال العلمي، ورغم كل النجاحات الأكاديمية الجليلة، والتقدير الذي حصل عليه محليًا وعالميًا قرر العمل في التلفزيون المصري بهدف نشر التوعية بشأن عالم البحار، وتعريف الناس أكثر حول الكائنات البحرية.
عمل جوهر مقدمًا في برنامج "عالم البحار" وهو برنامج تلفزيوني يعرض أفلام عن الكائنات البحرية المختلفة، يقوم جوهر بالتعليق عليه، ويشرع كل صورة ويعرف المشاهد الفصائل المختلف لكل كائن بحري، وصفاته وعاداته.
قدم جوهر هذا البرنامج لمدة 18 عامًا، وكان يُذاع أسبوعيا كل يوم جمعة، وأحبه الجمهور كثيرًا، حيث تميز الراحل بصوت مميز ارتبط في أذهان المشاهدين على مدار أعوام طويلة، وبسبب هذا البرنامج حصل على لقب "ملك البحر الأحمر".