الذكاء الاصطناعي والإعلان: فرص وتحديات أمام الشركات الناشئة

لذكاء الاصطناعي في الإعلانات.. كيف تستفيد العلامات التجارية الناشئة من التكنولوجيا دون تفقد ثقة الجمهور؟

  • تاريخ النشر: منذ 6 أيام آخر تحديث: منذ 3 أيام
الذكاء الاصطناعي والإعلان: فرص وتحديات أمام الشركات الناشئة

في عصرٍ تسيطر فيه الصور المولدة بالذكاء الاصطناعي على المشهد الإعلاني العالمي، تواجه العلامات التجارية في الشرق الأوسط والعالم تحديًا مزدوجًا: تبني التكنولوجيا الحديثة لتعزيز الإبداع، مع الحفاظ على أصالة تناسب توقعات جمهور بات يُميِّز بين الإنتاج البشري والآلي.

وأظهرت دراسات حديثة أن المستهلكين أصبحوا أكثر وعياً بالمحتوى المنتج بواسطة الذكاء الاصطناعي، وأن ردود أفعالهم تجاهه تقدم معلومات قيمة للعلامات التجارية التي تسعى لدمج صور الذكاء الاصطناعي في إعلاناتها، وكشفت تقارير متخصصة أن هناك حقيقة واضحة عندما يُستخدم الذكاء الاصطناعي بطريقة تبدو نمطية أو غير ملهمة أو خادعة، فإن الجمهور غالباً ما يصفها بأنها مجرد "نهج كسول". 

والأسوأ من ذلك، أنه بمجرد نشر شکاوی المستهلكين عبر الإنترنت، يمكن أن تنتشر بسرعة كبيرة؛ مما يعرض العلامة التجارية المزيد من التدقيق على منصات التواصل الاجتماعي 

وأكد خبراء من مجلس فوربس للوكالات أن العلامات التجارية التي تكون صريحة بشأن دور الذكاء الاصطناعي في عمليتها الإبداعية يمكنها تعزيز الثقة بدلاً من الشك.

الواقع الجديد: وعي المستهلك يُعيد تشكيل قواعد اللعبة  

كشف الخبراء أن لم تعد أدوات الذكاء الاصطناعي حكرًا على العمالقة التكنولوجية؛ فحتى الشركات الناشئة تُنشئ حملاتها باستخدام منصات ذكاء اصطناعي.

 لكن المفارقة تكمن في أن المستهلكين –بفضل انتشار مقاطع "كشف الزيف" على تيك توك وسناب شات– أصبحوا قادرين على تمييز الصور المولَّدة آليًا خلال ثوانٍ، مما يُعرّض العلامات التجارية لموجة انتقادات قد تُهدم سمعةً استغرقت سنواتٍ لبنائها.  

من خلال تحليل ردود أفعال الجمهور وآراء خبراء التسويق، نستعرض أهم الاستراتيجيات لاستخدام الذكاء الاصطناعي:

1. الذكاء الاصطناعي "كمساعد إبداعي" لا "منتج رئيسي"  

أكد خبراء التسويق الرقمي إن الناجحين هم من يستخدمون AI لتحويل أفكارهم المجرّدة إلى تصاميم أولية، ثم يُدخلون عليها لمسات بشرية تعكس الهوية الثقافية. 

فمثلًا، يمكن لشركة ناشئة في الأزياء استخدام AI لتصميم أنماط قماش عصرية، ثم تعديلها يدويًا لتتناسب مع الذوق الخليجي والعربي.  

2. الشفافية: سلاحٌ لبناء الثقة  

تشير دراسات إلى أن  المستهلكين  يُقدّرون إعلان العلامة صراحةً عن استخدامها للذكاء الاصطناعي، خاصةً إذا رافق ذلك شرحٌ لهدف التقنية.

3. الثقافة المحلية: المعيار الذهبي  

يحذر الخبراء التسويف من  أدوات AI تُنتج صورًا تعكس تحيزات بياناتها الغربية،  فصورة "عائلة سعيدة" المُنشأة آليًا قد لا تُلائم التنوع في المجتمعات العربية، والأفضل هو تدريب النماذج على بيانات محلية، أو تعديل المخرجات يدويًا.

كيف توازن الشركات الناشئة بين التكلفة والأصالة؟  

بالنسبة لروّاد الأعمال محدودي الميزانية، يُقدّم الذكاء الاصطناعي فرصةً ذهبية، لكن بشروط:  

- التخصيص أولًا: استخدام أدوات مثل Canva AI لإنتاج محتوى سريع، ثم إضافة عناصر فريدة (خطوط عربية، أنماط تراثية).

- المشاركة المجتمعية: عرض الصور المُولدة بالـ AI على عينة من الجمهور قبل النشر النهائي، لتجنب أخطاء ثقافية.  

- الدمج مع التقنيات البشرية: مثل الاستعانة بفناني «الجرافيك» المحليين لإضافة لمسات يدوية على صور AI.  

مستقبل الذكاء الاصطناعي في إعلانات الشرق الأوسط

استناداً إلى آراء الخبراء ودراسات الحالة، يمكن تقديم التوصيات التالية للعلامات التجارية في المنطقة:

1. تطوير "ميثاق أخلاقي" لاستخدام الذكاء الاصطناعي

على العلامات التجارية تطوير مبادئ توجيهية واضحة تحدد متى، وكيف يتم استخدام الذكاء الاصطناعي في محتواها التسويقي، مع التركيز على الشفافية والمسؤولية الأخلاقية.

2. الاستثمار في التدريب المتخصص

تدريب فرق التسويق والإبداع على كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي كأداة مساعدة، وليس بديلاً عن الإبداع البشري، مع التركيز على تقنيات توجيه النماذج لإنتاج محتوى يحترم الخصوصية الثقافية.

3. التعاون مع المبدعين المحليين

إقامة شراكات مع الفنانين والمصممين المحليين لتطوير محتوى يجمع بين تقنيات الذكاء الاصطناعي والرؤية الإبداعية المحلية، مما يضمن أصالة وملاءمة ثقافية أكبر.

4. اختبار المحتوى قبل إطلاقه

إجراء اختبارات مع مجموعات تركيز متنوعة من المستهلكين المحليين لتقييم مدى قبول المحتوى المنتج بالذكاء الاصطناعي قبل استخدامه في الحملات الرسمية.

5. المرونة والتكيف المستمر

تطوير استراتيجيات مرنة تتكيف مع التطور السريع في تقنيات الذكاء الاصطناعي وتغير توقعات المستهلكين، مع الاستعداد لتعديل النهج بناءً على ردود الفعل.

توازن دقيق بين التكنولوجيا والأصالة

يتضح من خلال هذا التقرير أن العلامات التجارية في الشرق الأوسط تقف على مفترق طرق في استخدامها للذكاء الاصطناعي في التسويق. فمن جهة، تقدم هذه التقنيات فرصاً هائلة لتعزيز الكفاءة والإبداع؛ ومن جهة أخرى، يطالب المستهلكون بمستوى عالٍ من الأصالة والشفافية.

النجاح في هذا المشهد المتغير يعتمد على قدرة العلامات التجارية على تحقيق توازن دقيق بين الاستفادة من إمكانيات الذكاء الاصطناعي والحفاظ على اللمسة البشرية التي تميز العلاقة مع المستهلك. كما يتطلب الأمر مراعاة خاصة للسياق الثقافي المحلي والقيم المجتمعية التي تشكل هوية المنطقة.

في النهاية، تبقى الرسالة الأساسية واضحة: الذكاء الاصطناعي أداة قوية ينبغي استخدامها لتعزيز الإبداع البشري، وليس لاستبداله.

والعلامات التجارية التي ستنجح في المستقبل هي تلك التي تدرك قيمة هذا التوازن، وتتبنى نهجاً استراتيجياً مدروساً في استخدام التكنولوجيا لخدمة أهدافها التسويقية مع الحفاظ على أصالتها وقيمها.

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة