برز اسم الشاعر التونسي البشير العريبي لأنه هو من ألف النشيد الوطني الليبي، وذلك بعدما فاز بجائزة مسابقة النشيد الوطني الليبي التي أقيمت في القاهرة في منتصف الخمسينيات ولحنه الموسيقار المصري عبد الوهاب تعرف أكثر على مسيرته الشعرية والمهنية وأبرز المعلومات عنه في هذا المقال.
من هو البشير العريبي؟
هو شاعر تونسي ولد في تونس عام 1923 ويعد من أبرز الشعراء في تاريخ تونس وليبيا فهو مؤلف النشيد الوطني الليبي الذي لحنه الموسيقار محمد عبد الوهاب وأصبح نشيدًا رسميًا لليبيا مرة أخرى بعد ثورة فبراير عام 2011.
ولد البشير في العاصمة التونسية في عائلة متوسطة الحال، وهو الابن الأصغر بين 4 أبناء، والده كان عاملاً بسيطا يعمل في نقل البضائع بينما كانت والدته ربة منزل.
تلقى العريبي تعليمه الابتدائية في تونس، ثم التحق بجامعة الزيتونة حيث حصل على الشهادة العلمية عام 1946، وبعدها التحق بمدرسة الحقوق العليا ولكنه لم يكمل تعليمه في الحقوق وبدأ مسيرته المهنية في التدريس.
زوجته وأبنائه
تزوج السيد بشير العريبي من سيدة تونسية ولديه منها 5 أبناء و10 أحفاد. وقد توفي أحد أبنائه خلال حياته، وروى العريبي عن حادثة وفاة ابنه.
ويروي العريبي أنه كان يقود سيارته مع زوجته ففوجئ بوجود حادث سير في الطريق، وحينما اقترب اكتشف أن المتوفى في هذا الحادث هو ابنه، حيث صدمته إحدى السيارات.
تحدث العريبي مع الواقفين وأخبرهم بأنه سيذهب إلى المنزل ليوصل زوجته حتى لا تصدم من الخبر ثم سيعود لاستلام جثمان ابنه، وبالفعل قام بهذا الأمر.
مسيرته المهنية
عمل البشير العريبي مدرسًا منذ عام 1948 في مدرسة بين القيروان، ثم عمل مدرسًا في جامعة الزيتونة والمدرسة الصادقية، وبعدها شغل منصب مدير المعهد الوطني للدراسات الإسلامية العليا في موريتانيا.
انضم العريبي خلال مسيرته المهنية إلى الحركة الكشفية وأصبح واحدًا من أبرز قادة الكشافة في تونسي، كما كان عضوًا في القيادة العامة للكشافة التونسية وشارك في العديد من المخيمات الكشفية في الوطن العربي.
بجانب ذلك كان العريبي صحفيًا، فقد شغل منصب رأس تحرير مجلة "السليل" الكشفية وشغل هذا المنصب لمدة 13 عامًا، كمان كان نشطًا بشكل بارز في الأنشطة الثقافية والأدبية في بلاده وألقى العديد من الدروس والمحاضرات في الأدب والحضارة الإسلامية.
ومن أبرز مشاركاته الأدبية محاضرة بعنوان "الحضارة الإسلامية بين أمسها الزاهر وغدها المأمول" خلال شهر رمضان عام 1959 وحضر المحاضرة الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة.
كان العريبي كذلك مديرًا لأعمال اللجان الثقافية في تونس وقد عرف ببراعته في اللغة العربةي فعمل مدققًا لغويًا في الصحف والمجلات، كما كانت له إسهامات في الإذاعة فقدم برنامج "حديث الصباح" في الإذاعة الوطنية.
كتب الربيعي العديد من المقالات في صحف عربية وتونسية، وعرف بإسهاماته في تأليف المناهج المدرسية، فقد كتب العديد من الكتب المدرسية لطلاب المرحلة الإعدادية والثانوية عام 1964، وقد تقاعد من مهنته في وزارة التربية والتعليم كنائب مدير عام 1982.
تأليف النشيد الوطني الليبي
شارك الشاعر التونسي البشير العريبي في مسابقة النشيط الوطني الليبي التي تنظيمها ف العاصمة المصرية القاهرة في عام 1955، وقد تم اختياره قصيدته "يا بلادي أو "ليبيا" بشكل رسمي لمدة 14 عامًا حتى انقلاب ليبيا عام 1969.
قرر العريبي التبرع بالجائزة المادية لصالح اللاجئين الفلسطيين، وقد لحن النشيد الموسيقار المصري الراحل محمد عبد الوهاب.
ومن كلمات النشيد الوطني:
يا بلادي بجهادي وجلادي
ادفعي كيد الأعادي، والعوادي
واسلمي، اسلمي، اسلمي
اسلمي طول المدى
إننا نحن الفداء
ليبيا ليبيا ليبيا
يا بلادي أنت ميراث الجدود
لا رعى الله يداً تمتد لك
فاسلمي،
إنا -على الدهر- جنود
لا نبالي إن سلمت من هلك
وخذي منا وثيقات العهود
إننا يا ليبيا لن نخذلك
لن نعود
للقيود
قد تحررنا وحررنا الوطن
ليبيا ليبيا ليبيا
جرد الأجداد عزماً مرهفاً
يوم ناداهم منادٍ للكفاح
ثم ساروا يحملون المصحفا
باليد الأولى، وبالأخرى السلاح
فإذا في الكون دين وصفا
وإذا العالم خير وصلاح
فالخلود
للجدود
إنهم قد شرفوا هذا الوطن
ليبيا ليبيا ليبيا
حيّ إدريس سليل الفاتحين
إنه في ليبيا رمز الجهاد
حمل الراية فينا باليمين
وتبعناه لتحرير البلاد
فانثنى بالملك والفتح المبين
وركزنا فوق هامات النجاد
رايةً
حرّةً
ظللت بالعز أرجاء الوطن
ليبيا ليبيا ليبيا
بعد انقلاب عام 1969 تم تغيير النشيد الوطني لنشيد آخر خلال عهد الرئيس السابق معمر القذافي، وبعد الثورة على النظام في شهر فبراير عام 2011 رفع الثوار علم الاستقلال ونشدوا نشيد الاستقلال وأصبح نشيد العريبي نشيدًا وطنيًا منذ عام 2011 حتى وقتنا هذا.
تكريم وجوائز
حصل الشاعر بشير العريبي على العديد من الجوائز والتكريمات خلال مسيرته الأدبية، وأهمها تكريمات حصل عليها من ليبيا ومنها تكريم من وزارة الثقافة الليبية عام 2012 في الذكرى الأولى لثورة 17 فبراير.
وقد تم تنظيم حفل تكريمي للشاعر في ليبيا وقد تأثر بهذا التكريم وألقى خطاب مؤثر قال فيه: "بكل تواضع وامتنان، أشعر بسعادة لا توصف وأنا أقف بينكم. أرتبط بكم بروح وطنية عميقة، وعندما ترتفع أناشيد وطنكم الجميلة، يملأ قلبي شعور بالانتماء والفخر. إنه شرف كبير لي أن أكون جزءًا منكم، ولا يمكنني أبدًا تقدير هذا الشعور بما يكفي".
وأضاف: "أعتذر إذا كانت كلماتي قليلة، فعمري الطويل يحول دون إسهابي في الحديث، ولكن أريد أن أعبر عن شكري العميق لشعب ليبيا الكريم على حسن الضيافة والتقدير. لو كان بإمكاني، لشكرت كل فرد منكم على حده"
متى توفي البشير العريبي؟
رحل عن عالمنا الشاعر بشير العريبي يوما لخميس في 10 مايو عام 2018 عن عمر 85 عامًا بعد مسيرة أدبية وشعرية مهمة.
بعد وفاته نعاه رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبي فائز السراج، وقد نشر مكتبه الإعلامي بيانًا قال فيه: "لقد عبر الراحل المبدع الكبير بكلمات النشيد الوطني عن استقلال بلادنا، وكانت كلماته تحمل في ثناياها معانٍ حضارية نضالية، تعكس الاعتزاز والفخر بجهاد الآباء والأجداد وعهدًا للوطن بأن لا نخذله".