أصبحت الراهبة الكاثوليكية الأم تيريزا رمزًا للعطاء والإنسانية، فقد وهبت حياتها لخدمة الفقراء والمرضى والمحتاجين في الهند، وأسست منظمة خيرية عالمية تعمل على تقديم الرعاية الصحية والاجتماعية للمحرومين، وأصبحت واحدة من أبرز الشخصيات الإنسانية في القرن العشرين، وفي هذا المقال نسلط الضوء على نشأتها وأعمالها وإنجازاتها.
من هي الأم تيريزا؟
اسمها الحقيقي أنيزع غونجا بوجاكاسيو، هي راهبة كاثوليكية من أصول ألبانية، ولدت في 26 أغسطس عام 1910 في سكوبيا، التي كانت جزءًا من الدولة العثمانية.
بدأت مسيرتها كراهبة في سن مبكرة، حيث شعرت بدعوة خاصة لخدمة الفقراء، وانتقلت إلى الهند، وخاصة إلى كالكوتا، وهناك عملت مع أفقر الفقراء، وفتحت دور رعاية للأيتام، ومستشفيات للمحتاجين، وبيوت للمرضى.
بفضل عملها الخيري حصلت على العديد من الجوائز العالمية، بما في ذلك جائزة نوبل للسلام عام 1979، وأصبحت رمزًا للرحمة والخدمة الإنسانية.
أين ولدت الأم تيريزا؟
ولد الأم تريزا في بلدة إسكوبية التي كانت تابعة لولاية قوصوه في الدولة العثمانية، وهي الآن عاصمة جمهورية مقدونيا بعد انهيار الدولة العثمانية.
ما اسم الأم تريزا الحقيقي؟
اسمها الحقيقي أغنيس غوتكزا بوجاكسيو، وقد أصبحت تُعرف باسم الأم تريزيا الكلكتية؛ بسبب أعمالها الخيرية في الهند.
نشأتها وتعليمها
ولدت الأمر تريزا في بلدة سكوبيا لعائلة ألبانية، وكانت هذه البلدة تابعة للدولة العثمانية، وقد نشأت في عائلة كاثوليكية. والدها كان معروفًا في المجتمع السياسي الألباني حينها، وقد توفي عندما كانت تبلغ من العمر 8 سنوات.
بسبب نشأتها الدينية، كانت تيريزا مفتونة بقصص المبشرين، وفي سن 12 عامًا، كانت مقتنعة بأن تلزم نفسها بالحياة الدينية، لذا في عام 1928، عندما كانت تبلغ من العمر 18 عامًا، انضمت إلى راهبات لوريتو في أيرلندا لتصبح مبشرة، وهناك تعلمت اللغة الإنجليزية.
بعد سفرها إلى أيرلندا، لم ترَ تريزا والدتها ولا أختها طوال حياتها، وقد ظلت عائلتها تسكن في إسكوبيا حتى عام 1934، ثم انتقلوا للعيش إلى مدينة تيرانا عاصمة ألبانيا.
عملها كمعلمة
انتقلت الأم تيريزا إلى الهند عام 1929، وهناك بدأت تعلم الرهبنة في منطقة دارجلينغ، كما تعلمت اللغة البنجالية، وأصبحت مدرسة في مدرسة سانت تريزا بالقرب من الدير الذي كانت تدرس فيها.
في عام 1931، اختارت نفسها اسم تريزا دو ليزيو، وهو اسم شفيعة المبشرين، ثم انتقل إلى كالوكتا، وهناك عملت معلمة في مدرسة القديسة ماري الثانوية لفتيات، وهي مدرسة مخصص لتعليم الفتيات من الأسر الفقيرة، وأتقنت بجانب اللغة البنجالية اللغة الهندية أيضًا.
واصلت تريزا عملها في التدريس لعدة سنوات، وفي عام 1944، شغلت منصب مديرة المدرسة، إلا أنها بعد عامين فقط تركت التدريس، وانتقلت للعمل في أحياء كالكوتا الأكثر فقرًا، وعملت على مساعدة الفقراء والمرضى.
لماذا سميت الأم تريزا بالأم؟
بعد سنوات من العمل في التدريس مع الفئات الفقرية، قررت أن تلتزم بحياة الفقرة والطاعة، ويعرف هذا الالتزام باسم "العهد الأخير"، لذا حصلت على لقب "الأم" بعد اتخاذها هذا العهد، وأصبحت تعرف باسم "الأم تيريزا".
تعلمت أساسيات الطب لمساعدة الفقراء
في عام 1948، بدأت الأم تيريزا عملها التبشيري ع الفقراء، وقررت تعلم أساسيات الطب في مستشفى العائلة المقدسة، واستبدلت زيها الديني بزي أبيض بخطوط زرقاء، ثم بدأت بالتجول في الأحياء الأشد فقرًا في كلكتا.
أسست بعد ذلك مدرسة في موتيجيل في كلكتا، وأسست جمعية دينية هدفها مساعدة "أفقر الفقراء"، وقد جذبت جهودها تلك انتباه المسؤولين في الهند، وعلى رأسهم رئيس الوزراء.
إنجازات الأم تيريزا
حققت الأم تريزيا العديد من الإنجازات والأعمال الخيرية طول حياتها، سواء على الصعيد الإنساني أو الدين، ومن أبرز إنجازاتها تأسيس جمعية "مرسلات خيرية" عام 1950 في كالكوتا في الهند، وساعدت الجمعية المشردين والفقراء والمرضى.
بمرور الوقت توسعت الجمعية، وضمت المزيد من الراهبات، وأصبحت جمعية عالمية تعمل في أكثر من 130 دولة حول العالم، وتشارك فيها أكثر من 4500 راهبة، ووصلت جمعيتها إلى دول غربية في أوربا.
في عام 1971 افتتحت دار خيرية في أمريكا، كما عرفت بمساعدتها للأطفال في بيروت خلال حرب عام 1982، وسافرت إلى مناطق الكوارث حول العالم لمساعدة المشردين والفقراء والجوعى، كما تمكنت جمعيتها من افتتاح 755 منزلًا للفقراء في 125 دولة.
ركزت تيريزا طوال حياتها على خدمة أفقر الفقراء أو "الفقراء من بين الفقراء"، وأسست دور للأيتام، وبيوت لرعاية المرضى المصابين بأمراض مزمنة، مثل مرض الجذام، كما أسست ملاجئ للمشردين، ومستشفيات للمحتاجين.
عُرف تيريزا بمعارضتها للإجهاض، واعتبرته تهديدًا خطيرًا للحياة الإنسانية، وقد عبرت عن موقفها الصارم تجاه الإجهاض في العديد من المحافل الدولية.
الأم تريزا جائزة نوبل
بفضل أعمالها وإنجازاتها حصلت الأم تيريزا على جائزة نوبل للسلام عام 1979، وقد رفضت الحضور إلى المأدبة الاحتفالية للحائزين على الجائزة، طلبت منحها مبلغًا قدره 192 ألف دولار لمساعدة الفقراء في الهند.
وخلال تسلمها الجائزة تحدثت تيريزا عن الإجهاض وأدانته بشدة، حيث وصفت بأنه "المدمرة الكبرى للسلام اليوم، وقالت: "لأنه إذا كانت باستطاعة أم أن تقتل طفلها، ما بقي سوى أن تقتلني أو أقتلك، لا يوجد شيء بين ذلك".
انتقادات تعرضت لها
رغم عملها الخيري، تعرضت الأم تيريزا للعديد من الانتقادات والمسائلة، وقد نشرت العديد من المقالات التي تتحدث عن حقيقة الأم تيريزا. فقد نشر عدد من الأكاديمين الكنديين دراسة تفيد بأنها تلقت ملايين الدولارات من التبرعات، إلا أن العيادات التي أنشأتها لم تكن تقدم الرعاية الصحية اللازمة، كما كانت تفتقر للمهنية.
كانت الأم تيريزا لديها مبدأ ينص على أنه يجب على المرضى أن يعانوا، مثلما عانى المسيح على الصليب. نشر كتاب عام 1995 بعنوان "الوضع التبشيري: الأم تريزا بين النظرية والتطبيق"، للكاتب الإنجليزي كريستوفر هيتشنز، الذي كان من أشد نقّادها، وقد شبّه أفعالها بأفعال الكنيسة في العصور الوسطى، كما اتهمها بالنفاق، ووصفها بأنها "صديقة الفقر" بدلًا من صديقة الفقراء.
تعرضت الأم تيريزا لانتقادات حادة؛ بسبب تشجيعها لأعضاء جمعيتها لتعميد المرضى سرًا دون علمهم، بغض النظر عن ديانتهم.
وفاة الأم تيريزا
في عام 1983، تعرضت الأم تيريزا لنوبة قلبية في روما، وذلك خلال زيارتها البابا يوحنا بولس الثاني، وتدهورت حالتها الصحية بعد ذلك، حيث عانت من نوبات قلبية متكررة، منها عام 1989، واستعانت وقتها بجهاز لتنظيم ضربات القلب.
في عام 1991، وخلال رحلتها إلى المكسيك، زادت مشكلات قلبها، كما أصيبت بمرض ذات الرئة، وفي عام 1996 سقطت وكسرت عظمة الترقوة، ثم أصيبت بالملاريا وقصور القلب، ورغم إجرائها عملية جراحية، إلا أن صحتها كانت في تراجع شديد.
في مارس عام 1997، استقالت الأم تيريزا من منصبها كرئيسة للبعثات التبشيرية الخيرية، قم توفيت في 5 سبتمبر من العام نفسه عن عمر 87 عامًا في كلكتا في الهند.
وضع جثمانها في سانت توماس لمدة أسبوع قبل دفنها، وأقيمت لها جنازة رسميًا من قبل الحكومة الهندية، وبعد وفاتها بدأ الفاتيكان في عملية إعلان قداستها، وفي عام 2016 تم إعلانها قديسة من قبل الكنيسة الكاثويية، وأصبحت تعرف باسم "القديسة تيريزا من كالكوتا".