يعد المخرج الفلسطيني إيليا سليمان واحد من أنجح المخرجين العرب الذين وصلوا إلى العالمية بمجموعة من الأفلام حققت صدى عالميًا واسعًا ومنها فيلم "إن شئت كما في السماء" الذي حظي باهتمام عالمي واسع، وشارك في مهرجانات عالمية عدة، في السطور التالية تعرف على مسيرته الفنية وحياته.
معلومات عن إيليا سليمان
هو مخرج أفلام وممثل سينمائي فلسطيني من أصول أرثوذكسية يونانية ولد في 28 يوليو عام 1960 في الناصر بفلسطين، واشتهر بفضل فيلم "يد إلهية" الذي صدر عام 2002، وفيلم "إن شئت كما في السماء" الذي صدر عام 2019 وغيرها.
حصل إيليا على العديد من الجوائز العالمية، فقد حصل فيلمه "يد إلهية" على جائزة لجنة التحكيم في مهرجان كان السينمائي، وعدة جوائز أخرى في مهرجانات عالمية. عادة ما يتم مقارنة أسلوبه السينمائي بأسلوب المخرج الفرنسي جاك تتي، والمخرج الأمريكي جوزيف كيتون بسبب المزج بين السخرية والواقعية.
عاش إيليا بين عامي 1982 و1993 في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة وأخرج حينها فيلم "مقدمة عن نهاية انتفاضة" عام 1990 وقد حصل الفيلم على جوائز عديدة، وأخرج خلال التسعنيات العديد من الأفلام التي ناقشت أوضاع الشرق الأوسط مثل حرب الخليج والانتفاضات وغيرهها.
في عام 1994 انتقل إيليا إلى القدس وبدأ في التدريس في جامعة بيرزيت في الضفة الغربية، حيث تم تكليفه بمهمة تطوير قسم الأفلام والإعلام في الجامعة بدعم تمويلي من المفوضية الأوروبية، وفي عام 2008 أصبح أستاذًا في المدرسة الأوروبية العليا في مدينة ساس في السويسرية، وحاليًا يلقي العديد من المحاضرات حول صناعة السينما في جامعة حول العالم.
زوجة إيليا سليمان
تزوج المخرج والممثل الفلسطيني إيليا سليمان من المغنية وكاتبة الأغاني اللبنانية ياسمين حمدان، من مواليد 1976 والتي تقيم في باريس، وقد بدأت مسيرتها الفنية حينما كانت تعيش في بيروت وأصدرت أول ألبوم لها عام 1999.
تعتبر ياسمين حمدان أيقونة لموسيقى الأندر جراوند في العالم العربي، وقد تعاونت مع فرقة كوكوروزي الموسيقية الأمريكية بعد انتقالها إلى باريس وتعاونت مع العديد من الفرق الموسيقية في باريس كذلك.
بسبب تعدد اللغات التي تتقنها تمكنت ياسمين من تأليف الأغاني بلغات عدة، ولهجات عربية مختلفة كذلك، فقد عاشت بين لبنان والكويت وأبو ظبي واليونان وفرنسا، ولهذا يمكنها أن تمزج بين هذه اللهجات واللغات في آن واحد.
أعمال إيليا سليمان المبكرة
لم يخرج المخرج الفلسطيني إيليا سليمان العديد من الأفلام، فالأفلام التي أخرجها قليلة ولكنها تمثل خروجًا عن مألوف السينما الفلسطينية، فقد برع في تقديم الأفلام الواقعية بشكل جديد، كما برع في اختصار الألم الفلسطيني لأكثر من 60 عامًا في عدة أفلام حققت نجاحًا ساحقًا.
في عام 1990 أخرج إيليا سليمان فيلم "مقدمة لنهاية جدال" وهو فيلم وثائقي تجريبي استخدم لقطات حصل عليها من مقاطع إخبارية وأفلام وثائقية ولقطات حية من الضفة الغربية وغزة وذلك لانتقادت تمثيل الفلسطيين والعرب والشرق الأوسط في وسائل الإعلام الغربية.
أخرج بعدها فيلم "تحية عن طريق الاغتيال" وقد حصل الفيلم على جوائز عدة، والفيلم ينتقد حرب الخليج، ويقدم صورة حية حول الانعزال الثقافي الذي يتجلى في الفشل المتكرر في التواصل.
فيلم إيليا سليمان يد إلهية
في عام 2002 أخرج إيليا سليمان فيلم يد إلهية الذي حصل على جائزة لجنة التحكيم في مهرجان كان السينمائي وجائزة سكرين العالمية في مهرجان السينما الأوروبية لفيلم غير أوروبي.
يحكي الفيلم عن قصة حب بين فتى فلسطيني من سكان الأرض الفلسطينية المحتلة وقد دوره إيليا بنفسه بين فتاة فلسطيني من سكان الضفة يلتقيان في سيارة على حاجز نقطة التفتيش ويتابعان معاناة الشعب الفلسطيني على حواجز الاحتلال.
الزمن الباقي إيليا سليمان
في عام 2009 أخرج إيليا فيلم "الزمن الباقي" وهو فيلم درامي فلسطيني عرض في عدة مهرجانات عالمية منها كان وتورنتو السينمائي، ويحكي الفيلم سيرة المخرج وعائلته والوقائع التاريخية التي حصلت في مدينته في عام النكبة 1948، ويعتمد السرد في الفيلم على يوميات والد المخرج الذي وثق فيها أيام الحرب والأحداث التي تلتها.
أسلوب المخرج إيليا سليمان
تتميز أفلام المخرج الفلسطيني سليمان بأنها تدور في قالب الكوميديا السوداء وتحمل نقدًا لاذعًا للحياة وتصويرًا دقيقًا لتفاصيل الناس. يبدو أن السينما بالنسبة لسليمان تمثل فضاءً للبحث عن الذات ومكانًا يطلق فيه أسئلته الوجودية التي تدور حول نفسه وتاريخه. لذلك، فإن أفلامه تحمل رسائل تتسم بالعمق والابتكار، مما جعلها تلتقط اهتمام العديد من المهرجانات الدولية.
وعلى الرغم من أن أفلامه أثارت الجدل في العالم العربي، إلا أنه يعتبر أنها لا ترتبط بالهوية والحدود. بل يرى السينما كوسيلة للتأثير على الواقع وتغييره، ويعتمد في أفلامه على خبراته الشخصية وتجاربه المختلفة في العديد من المدن حول العالم.
رغم كونه قدم قليلًا من الأفلام، يتمتع كل فيلم لسليمان بنكهته الفريدة التي تعكس رؤيته الفنية والإبداعية. وقد برزت هذه النكهة في أفلامه الأولى مثل "مقدمة لنهاية جدال" و "تكريم بالقتل" و "سجل اختفاء" و "يد إلهية" و "الزمن الباقي: سيرة الحاضر الغائب".
ويتضح في أعمال إيليا سليمان إسقاطاته على الواقع في فلسطين، وكل فيلم يقدمه يقدم أسلوبًا وتعاطيًا مع القضية الفلسطينية بشكل مختلف، بداية من فيلم "سجل اختفاء" الذي حصل على الجائزة الأولى في مهرجان فينيسيا السينمائي.
يعتبر الكثير من النقاد أن أفلام سليمان وخاصة "سجل اختفاء" يعد نقلة نوعية للسينما في الشرق الأوسط وذلك من ناحية السرد واللغة السينمائية والأسلوب، وخاصة أنه يرصد مظاهر اختفاء الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة من خلال مدينتي الناصرة والقدس، وكان الفيلم باكورة أفلامه الروائية الطويلة.
طرح أفلامه أونلاين
في عام 2021 قرر إيليا سليمان طرح أفلامه التي تناقش الزمن الفلسطيني الصعب أونلاين، حيث قرر وضع كل أفلامه، التي يبلغ عددها 4 أفلام، مجانًا في تصرف المشاهدين لمدة 10 أيام في شهر مايو من هذا العام حتى يتسنى لهم مشاهدة أفلامه وإعادة اكتشافها.
