نجح الأديب السويدي إيفند يونسون في تناول العديد من القضايا الاجتماعية المعقدة في كتاباته وروايته الناجحة، فقد امتلك تجربة حياتية فريدة جعلته قادرًا على وصف صعوبات الحياة وتعقيداتها بدقة وسلاسة، وأصبح صوتًا للمهمشين والمظلومين في المجتمع، وتركت مؤلفاته بصمة لا تمحى في الأدب السويدي والعالمي، تعرف على مسيرته المهنية وحياته.
من هو إيفند يونسون؟
إيفند يونسون هو رائي وكاتب سويدي ولد في 29 يوليو عام 1900 في مدينة بودن في السويد، ويعد واحد من أبرز الأدباء السويديين في القرن العشرين، وحصل على جائزة نوبل في الأدب عام 1974 مع مواطنه هاري مارتنسون.
ولد يونسون في بلدة صغيرة شمال السويد، وقد نشأ في بيئة فقيرة اضطرته إلى ترك المدرسة في سن مبكرة، وعمل في وظائف عدة، ولكنه لم يفقد شغفه بالقراءة والكتابة، ثم انتقل إلى ستوكهولم، وهناك انخرط في الوسط الأدبي، وبدأ في نشر قصص قصيرة ومقالات في الصحف والمجالات.
خلال مسيرته الأدبية، نشر يونسون العديد من الروايات الناجحة التي برزت فيها أسلوبه السردي المعقد والواقعية الاجتماعية التي تأثرت بتجربته الحياتية في السويد، وبفضل تلك الروايات حصل على جائزة نوبل في الأدب.
نشأته وتعليمه
ولد إيفند يونسون في قرية اسماه سفارتبيورنسبي بالقرب من بلدة بودن في شمال السويد، وقد نشأ في منزل صغير، وعاش حياة فقيرة ومتواضعة. درس يونسون حتى سن الثالثة عشرة فقط، وبعدها اضطر إلى ترك المدرسة من أجل العمل ومساعدة العائلة.
عمل يونسون في وظائف مختلفة في طفولته وسنوات مراهقته وشبابه كذلك، فقد عمل في مصنع للأخشاب، وعارض أفلام في إحدى دور السينما، وبائع تذاكر، وقد استمر بالعمل لعدة سنوات، إلا أن ذلك لم يبعده عن حبه للقراءة والكتابة.
حياته الشخصية
تزوج يونسون من آسي كريستوفرسن، وعاش معها لفترة في فرنسا، وفي عام 1940 تزوج من المترجمة سيلا جونسون، وعاش مع عائلته في سويسرا في الفترة من عام 1947 إلى عام 1949، ثم عاش في إنجلترا.
مسيرته الأدبية
في عام 1919، قرر إيفند يونسون مغادرة مسقط رأسه، والانتقال إلى العاصمة ستوكهولم، وهناك عمل ككاتب في مجلات مختلفة، منها مجلة براند، وفي ستوكهولم انخرط مع الوسط الأدبي، وتعرف على عدد من الأدباء المنتمين إلى التيار اليساري.
في ستوكهولم، عمل يونسون في عدد من الوظائف، وخلال ذلك الوقت كتب عددًا من القصص القصيرة والقصائد، ثم انضم إلى جماعة "الشباب الاشتراكي"، وكان يكتب بانتظام في جريدة "الحريق".
عاش يونسون فترة في ستوكهولم، وبعدها سافر إلى ألمانيا، وهناك بدأ العمل في مجلة أسسها، ثم انتقل إلى باريس، وعاش في مقاطعة سان لو لا فوريه، في الفترة بين 1927 إلى عام 1930، وفي ذلك الوقت نشر روايته الأولى.
خلال حياته، عاش يونسون بين سويسرا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا، وعمل مراسلًا صحفيًا في هذه الدول، ولكنه اضطر للعمل في مهن أخرى منها أنه عمل في غسل الأواني في أحد الفنادق، وقد أثرت تجاربه ورحلاته تلك على رواياته التي ألفها.
كان يونسون معارضًا بشدة للأفكار النازية، وقد تحدث عن أفكاره تلك في قصصه المعادية للحرب والفاشية، كما أنه كان معارضًا للحروب، وقد عارض بشدة الحرب الأهلية في إسبانية.
تشبعت أعمال يونسون الروائية بكل الأحداث والصراعات السياسية والإنسانية التي شهدها في حياته، وقد كانت أوروبا بالنسبة له مسرحا لأعماله الأدبية، وكان يطمح أن تحقق أوروبا الوحدة السياسية والاقتصادية والثقافية، وقيام منطقة أوروبية موحدة، وتحقق هذا الحلم بعد 50 عامًا، وكتب عنه في مقالة نشرها عام 1962 بعنوان "الشمال وأوروبا".
كتب إيفند يونسون
بدأ إيفند يونسون أعماله الأدبية بكتابة مجموعة من القصص القصيرة، وأولها مجموعة قصصية بعنوان "الغرباء الأربعة"، والتي نشرت عام 1924، وبعدها اتجه إلى تأليف الرواية، وقد كان من أكبر المؤيدين للتحديث في الرواية، وأصبح الممثل الأكثر أهمية للأدب الحديث في السويد.
لم تحقق روايات إيفند يونسون المبكرة نجاحًا كبيرًا، ولم تشتهر كثيرًا، إلا أن روايته "تعليق على نجم ساقط"، والتي صدرت عام 1929 حققت نجاحًا كبيرًا، وفيها هاجم المجتمع الرأسمالي بشكل كبير.
في الفترة من عام 1934 إلى عام 1937، نشر يونسون أربع روايات سيرة ذاتية، وكانت بمثابة أول نجاح أوروبي بالنسبة له، ونشرت الأجزاء الأربعة معًا في مجلد واحد، وتحكي الروايات عن قصة شاب نشأ في شمال السويد والتقلبات التي عاصرها في حياته، وقد مزج في السيرة الذاتية بين الواقعية والحكايات الخيالية، والمونولج الداخلي، وغيرها، وقد تم تحويل سيرته الذاتية إلى فيلم صدر عام 1966.
كان جونسون معارضًا للفاشية والنازية، وقد نشر ثلاثية روائية بعنوان "كريلون" خلال الحرب العالمية الثانية، وانتقد فيها القمع النازي، وسياسة الحياد السويدية، وتعد هذه الثلاثية واحدة من أهم أعمال يونسون.
في عام 1946، ألف ينسون واحدة من أشهر أعماله الروائية على الإطلاق، وهي رواية "العودة إل إيثاكا"، وبسبب رحلاته إلى إيطاليا وفرنسا، استلهم قصص عدد من رواياته التاريخية التي لاقت استحسانًا كبيرا، ومنها رواية "أحلام الورود والنار"، والتي تدور أحداثها في فرنسا في القرن السابع عشر في عهد الكاردينال رشيليو.
من رواياته الناجحة أيضًا رواية "أيام نعمته" والتي تدور أحداثها في الغالب في إيطاليا، من أعماله الروائية الأخرى "مطر في القطر"، و"يولسيس"، و"وداعًا لهملت"، و"أولوف"، ومؤلفات أخرى.
جائزة نوبل وجوائز أخرى
حصل الأديب السويدي إيفند يونسون على جائزة نوبل في الأدب عام 1974 مناصفة مع الأديب هاري مارتينسون، وقد كانت هذه الجائزة اعترافًا عالميًا بأدبه المميز الذي أثر على الأدب السويدي والعالمي على حد سواء.
كانت أعمال يونسون تعكس بعمق معاناة الطبقة العاملة والمظلومين والمحرومين، واستطاع أن يعبر عن همومهم وآمالهم بأسلوب أدبي قوي، كما تميزت رواياته بالواقعية الاجتماعية، وتناول قضايا متنوعة مثل الظلم الاجتماعي والحرب والفقر، وانتقد بشدة ممارسات المجتمع الظالمة.
لم تكن هذه الجائزة الوحيدة التي حصل عليها يونسون خلال مسيرته، فقد حصل على عدة جوائز أخرى، منها جائزة مجلس الأدب النوردي عام 1962، كما تم انتخابه عضوًا في الأكاديمية السويدية عام 1957.