ترى الشاعرة والكاتبة اللبنانية إيتيل عدنان نفسها شاعرة عربية في اللغتين الإنجليزية والفرنسية، فقد كتبت معظم أعمالها بالفرنسية ثم تحولت بعدها إلى اللغة الإنجليزية، وبرعت في فن الرسم بجانب الشعر والكتابة، تعرف أكثر على مسيرتها الفنية وحياتها.
من هي إيتيل عدنان؟
إيتيل عساف عدنان هي كاتبة وشاعرة ورسامة وفنانة تشكيلية لبنانية ولدت في 24 فبراير عام 1925 في العاصمة اللبنانية بيروت وتعد من أشهر الفنانات والشاعرات في لبنان والعالم.
تم اختيارها الكاتبة العربية الأمريكية الأكثر شهرة وإنجازًا عام 2003، وبجانب إنتاجها الأدبي البارز فقد قدمت عدنان العديد من الأعمال المرئية منها اللوحات الزيتية والأفلام وعرضت أعمالها في معارض حول العالم.
عملت إيتيل في الصحافة لسنوات في جريدة الصفا، وقد ساهمت في بناء القسم الثقافي في الجريدي، كما نشرت الرسوم التوضيحية فيه، وخلال عملها في الجريدة علقت على القضايا السياسية المختلفة.
نشأت إيتيل تتحدث اليونانية والتركية والفرنسية في مجتمع لغته الأصلية العربية، ولهذا نجدها قدمت أشعارهًا ومؤلفات بالفرنسية والإنجليزية، وقد قالت عن هذا الأمر: "شاعرة عربية في اللغتين الإنكليزية والفرنسية، وهذه مشكلة أعيشها، وهي بلا حلّ".
تنوعت الأعمال الأدبية لإيتيل بين الرواية والشعر والمقالات الصحفية، وقد حصلت على العديد من الجوائز والتكريمات من حول العالم منها جائزة لمبادا للآداب عام 2013، فضلًا عن عرض أعمالها في معارض من حول العالم.
نشأتها وتعليمها
ولدت إيتيل عدنان في العاصمة اللبنانية بيروت في أسرة متنوعة من الناحية الثقافية والعرقية، فوالدتها روز ليلي يونانية أرثوذكسية من مدينة سميرنا اليونانية، أما والدها عساف كان دمشقيًا مسلمًا سنيًا يعمل ضابطًا عثمانًيا رفيع المستوى وولد في سوريا العثمانية، وكانت والدته ألبانية، وجده كان جندي تركيًا.
جاء والد إيتيل من عائلة ثرية، فقد كان ضابطًا عثمانيًا وزميلًا لمصطفى كمال أتاتورك في الأكاديمية العسكرية، وقد تزوج قبل والدة إيتيل ولديه من زوجته الأولى 3 أطفال.
أما والدة إيتيل اليونانية نشأت في فقر مدقع، وقد تقابلت بزوجها خلال الحرب العالمية الأولى عندما كان يعمل ضابطًا في سميرنا، وكانت وقتها عمرها 16 عامًا وبعد انهيار الإمبراطورية العثمانية وحرق مدينة سميرنا هاجرت الأسرة إلى بيروت وعاشت فيها.
رغم أصولها التركية اليونانية ونشأتها في مجتمع عربي يتحدث باللغة العربية بالأساس إلا أن إيتيل درت ف يمدارس الدير الفرنسية، لذا كانت اللغة الفرنسية هي لغتها الأم، وكانت المدرسة تمنعها من التحدث بالعربية.
لذا نشأت إيتيل في مجتمع متعدد اللغات والثقافات، فأتقنت اليونانية والتركية والفرنسية والإنجليزية، وكتبت معظم أعمالها الأدبية بالفرنسية.
درست إيتيل الفلسفة في جامعة باريس وحصلت على شهادتها في سن الرابعة والعشرين، ثم سافرت إلى الولايات المتحدة وهناك حصلت على درجتي الماجستير والدكتوراه من جامعة كاليفورنيا، ومن جامعة هارفارد، وبدأت مسيرتها المهنية في التدريس.
مسيرتها المهنية
عملت إيتيل عدنان كمحاضرة ودرّست مادة فلسفة الفن في جامعة كاليفورنيا الدومينيكية من عام 1958 حتى عام 1972، وألقت عدة محاضرات في جامعات أمريكية أخرى.
عادت إيتيل بعدها على لبنان وعملت محررة صحفية في مجلة "الصفا" وهي مجلة تصدر باللغة الفرنسية من بيروت، وقد ساهمت إيتيل في بناء القسم الثقافي في المجلة، ونشرت الرسوم الكاريكاتورية والتوضيحية فيها.
تميزت فترة عملها في الجريدة بمقالاتها التي تصدر في الصفحات الأولى من الصحيفة، كما أنها ناقشت موضوعات متنوعة في مقالاتها ومنها القضايا السياسة في المنطقة العربية في ذلك الوقت.
أعمال إيتيل عدنان في الرسم
برزت إيتيل في فن الكتابة والرسم، وقد رسمت العديد من اللوحات التي عرضت حول العالم. اهتمت إيتيل في لوحاتها بإبراز الألوان و"جمال اللون الفوري"، وقد عُرضت سلسلة من لوحاتها التجريدية التي تميزت بالألوان الزاهية في معرض دوكومنتا 13 في مدينة كاسل الألمانية.
في الستينيات دمجت إيتيل الخطوط العربية في أعمالها الفنية وكتبها كذلك، فنجد في بعض لوحاتها قد نسخت الكلمات من قواعد اللغة العربية دون محاولة فهم معناها، وكانت من أشد المتأثرين بفناني الحروفية الأوائل ومنهم الفنان العراقي جواد سليم والفنان الفلسطيني جبرا إبراهيم جبرا وغيرهم. تميزت لوحات إيتيل أيضًا بالاعتماد على المناظر الطبيعية الخلابة.
في عام 2014 عرضت مجموعة من ولحاتها في متحف ويتين للفن الأمريكي، كما عرضت أعمالها في المتحف العربي للفن الحديث في الدوحة، وفي عام 2017 أدرجت أعمالها في متحف الفن الحديث في نيويورك.
في عام 2018 عرضت بعض من أعمالها في متحف ماساتشوستس للفن المعاصر، وفي عام 2023 عرضت أعمالها في مرض وايت تشايل في لندن. بعد وفاتها تم تنظيم معرض فني يعرض لوحاتها في مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي في الظهران بالسعودية ويستمر المعرض لمدة 4 أشهر.
كتب إيتيل عدنان
تنوعت المؤلفات التي كتبتها الشاعرة إيتيل عدنان بين اللغات العربية والإنجليزية والفرنسية، ومن أعمالها "الهندي ليس له حصان"، و"يوم القيامة العربي"، و"27 أكتوبر 2003" وهي قصيدة كتبتها بعد الغزو الأمريكي للعراق باللغة الفرنسية، و"خمس حيوات لموت واحد".
أصدرت عدة روايات أيضًا منها روايها الشهيرة "الست ماري روز" وتناولت فيه أحداث الحرب الأهلية اللبنانية وصدرت الرواية عام 1978، و"إلى فواز"، و"قصائد الزيزفون"، و"سماء بلا سماء"، و"رحلة إلى جبل مونتالبايسس".
وقد ترجمت أعمالها إلى لغات مختلفة كما صدرت مجموعتها الشعرية الكاملة باللغة الفرنسية بعد قيام الكاتب الفرنسي إيف ميشو جمع قصائدها المكتوبة باللغة الفرنسية من عام 1943 إلى 1993 في مجلد واحد.
إنّ الشاعرة تظهر بوضوح القيم والمبادئ التي تؤمن بها من خلال قصائدها. ترى في العلمانية والرفض للاستعمار والهيمنة والتحامل على قضايا التحرر قيمًا تعكس إيمانها بالعدالة والحرية وكرامة الإنسان.
تناولت إيتيل في شعرها قضايا عربية وشرق أوسطية، فنجد في أحد أشعارها تبرز المأساة والظلم الذي تعرض له الشعب الفلسطيني في جنين، وقد كتبت قصيرة طويلة تصف هذه الجرائم، وتقول فيها:
في هذا الوقت، وفيما كان جنود العدوّ
يعملون في الظلام، كان الكون يشيخ
معَنا.
مثلنا.
في هلاكنا الأخير، سنجر الله نفسه
إلى النهاية.
حياتها الشخصية
في سنواتها الأخيرة عرّفت إيتيل عدنان نفسها كونها مثلية الجنس، وقد عاشت مع شريكتها سيمون فتال طوال حياتها.
وفاة إيتيل عدنان
عاشت إيتيل عدنان بين باريس وسوساليتو في كاليفورينا وتوفيت في باريس في 14 نوفمبر عام 2021 عن عمر 96 عامًا. بعد وفاتها تم الإعلان عن فيلم وثائقي يوثق حياتها وسيكون من إخراج المخرجة الأمريكية ماري فالنتين ريجان.
احتفال جوجل بها
في 15 أبريل عام 2024 اختار جوجل الاحتفال بها من خلال رسم شعار مبتكر يحمل صورتها للتركيز على إنجازاتها وإسهاماتها الفنية والأدبية.