بجمالها الأخاذ وموهبتها الفنية الفريدة تمكنت الممثلة السويدية إنغريد بيرغمان من اقتحام هوليوود بداية من الأربعينات، فتحولت مسيرتها الفنية من ممثلة مسرح في السويد إلى نجمة عالمية شاركت في العديد من الأفلام الكلاسيكية الخالد، تعاونت خلالها مع كبار مخرجي ونجوم هوليوود في ذلك العصر، تعرف أكثر على مسيرتها الفنية وحياتها.
من هي إنغريد بيرغمان؟
هي ممثلة سويدية ولدت في 29 أغسطس عام 1915 في ستوكهولم في السويد، وتعد واحدة من أكثر الشخصيات السينمائية تأثيرًا في تاريخ السينما، وواحدة من أجمل نجمات هوليوود، وأكثرهن موهبة على الإطلاق.
امتدت مسيرة بيرغمان الفنية لأكثر من 5 عقود، تميزت خلالها بجمالها الطبيعي وموهبتها التمثيلية الفريدة، وفازت بالعديد من الجوائز المرموقة، ولا تزال تظل حتى يومنا هذا شخصية مؤثرة في تاريخ السينما العالمية، وقد استمر تأثيرها وإلهامها للأجيال القادمة من الممثلين والمخرجين.
بدأت بيرغمان مسيرتها الفنية في المسرح في السويد، ثم شاركت في عدة أفلام محلية أكسبتها شهرة كبيرة في بلدها، وفي أواخر الثلاثينات انتقلت إلى هوليوود، وشاركت في عدة أفلام حققت بسببها شهرة عالمية.
تميزت مسيرة بيرغمان الفنية بتنوع الشخصيات والأدوار التي قدمتها، وبجانب مسيرتها السينمائية، فقد عملت في المسرح والتلفزيون، قد اعترف معهد الفيلم الأمريكي بأنها رابع أعظم أسطور شاشة سينمائية في سينما هوليوود الكلاسيكية.
كانت بيرغمان تتحدث 5 لغات، وساعدها ذلك في المشاركة في العديد من الأفلام السينمائية حول العالم، فقد أتقنت السويدية، والإنجليزية، والألمانية، والإيطالية، والفرنسية، ومثلت بكل هذه اللغات.
نشأتها وتعليمها
ولدت إنغريد بيرغمان في ستوكهولم، لأب سويدي وأم ألمانية، وقد قضت فترة طويلة من حياتها في ألمانيا، حيث كانت تقضي الصيف كله هناك، لذا أصبحت تتقن اللغة الألمانية وتتحدثها بطلاقة.
عاشت بيرغمان كطفلة وحيدة، فقد توفي شقيقان أكبر منها قبل ولادتها، وعندما كانت تبلغ من العمر عامين ونصف توفيت والدتها، لذا منذ طفولتها تعلمت كيف تقضي وقتها بمفردها من خلال خلق أصدقاء خياليين.
كان والدها يرغب في أن تصبح مغنية أوبرا، وجعلها تتلقى دورسًا في الصوت لمدة 3 سنوات، كما أرسلها إلى مدرسة مرموقة في ستوكهولم، إلا أن بيرغمان لم تكن طالبة جيدة في المدرسة، ولم تكتسب شعبية كبيرة هناك أيضًا.
ولأن والدها كان مصورًا، فقد وثق كل أعياد ميلاد ابنته بكاميرته الخاصة، وبسبب ذلك كانت تحب التنكر والرقص والتمثيل أمام عدسات والدها، وقد وصفها والدها بأنها الطفل الأكثر تصويرًا في الدول الاسكندنافية كلها، بسبب الصور الكثيرة الذي التقطها لها.
في عام 1929، وعندما كانت تبلغ من العمر 14 عامًا توفي والداه بسرطان المعدة، وقد أثرت وفاته على حياتها بشكل كبير، وبعد وفاة والدها انتقلت للعيش مع عمتها إلين، التي توفيت بعد 6 أشهر فقط بمرض القلب، لتعيش مع عمها أوتو وزوجته هولدا، وكانت خالتها تزورها باستمرار.
في طفولتها كانت بيرغمان تتحدث الألمانية والسويدية كلغتين أساسيتين، ثم تعلمت الإنجليزية والإيطالية بسبب عملها في السينما، وتعلمت اللغة الفرنسية في المدرسة.
حصلت بيرغمان على منحة دراسية في الأكاديمية الملكية للتدريب الدرامي، وبعد بضعة أشهر حصلت على دور في مسرحية، لتبدأ مسيرتها الفنية في المسرح، وبعدها انتقلت من المسرح إلى السينما، وأصبحت ممثلة سينمائية منذ عام 1932.
زوجها وأطفالها
تزوجت بيرغمان المرة الأولى من جراح الأعصاب الأمريكي السويدي المعروف بيتر ليندستروم، في عام 1937، وكانت وقتها تبلغ من العمر 21 عامًا، وقد رزقت بابنتها الأولى فريدل بيا ليندستروم في عام 1938.
بعد زواجها انتقلت إلى الولايات المتحدة، حيث درس زوجها الطب والجراحة في جامعة روتشستر، وأقامت في منزل صغير ومتواضع في مدينة نيويورك، وانتقلت العائلة بعدها إلى سان فرانسيسكو، حيث كان زوجها يكمل تدريبه في مستشفى خاص، وقد قضت وقتها بين المنزل والتصوير.
علاقة غرامية تسببت بفضيحة عالمية!
لم تكن بيرغمان زوجة مخلصة لزوجها، فقد كانت على علاقة غرامية مع المخرج الإيطالي روبرتو روسيليني، ورغم علم زوجها بعلاقاتها الغرامية، إلا أنه لم ينفصل عنها، وعن سبب عدم طلبه الطلاق قال إنه عاش بشكل جيد بسب دخلها.
في عام 1950، وخلال تصوير فيلم Stromboli، نشرت الصحف العالمية عن علاقتها بالمخرج روسيليني، وقد توسلت بيرغمان من أجل الطلاق، إلا أن زوجها رفض.
بعد أسبوع من صدور الفيلم أنجبت طفلها الثاني ريناتو روبرتو رانالدو جيستو روسيلني، وبعد أسبوع من ولادة ابنها انفصلت عن زوجها ليندستروم، وتزوجت من روسيليني في مايو عام 1950.
في يونيو عام 1952 أنجبت ابنتين توأم، وهما إيزوتا إنغريد روسيليني، وإيزابيلا روسيليني، والتي أصبحت فيما بعد ممثلة وعارضة أزياء، أما ابنتها إيزوتا أصبحت أستاذة في الأدب الإيطالي.
كانت علاقة بيرغمان وروسيليني غير الشرعية تعرف كونها أكبر فضيحة جنسية في هوليوود خلال القرن العشرين، وقد حظيت باهتمام غير مسبوق من الإعلام الأمريكية والعالمي أيضًا، وقد عوملت بيرغمان بقسوة من الصحافة السويدية المحافظة، وفي الجهة الأخرى دافعت النسويات في السويد عن بيرغما، وقد أدى الأمر في النهاية إلى حدوث صراع بين الحركة النسوية الناشئة، وبين الصحفيين السويديين المحافظين.
انتهى زواج بيرغمان وروسيليني بالطلاق في عام 1957، وفي العام التالي تزوجت من لارس شميت، وهو رجل أعمال سويدي، وكان زوجها منتجاً مسرحياً يسافر إلى عدة بلدان من أجل أعماله الفنية، وقد انفصل الزوجان في عام 1975، إلا أنه ظل صديقًا لها، وكان بجانبها عند وفاتها في عام 1982.
علاقات غرامية متعددة
عرفت الممثلة السويدية إنغريد بيرغمان بتعدد علاقاتها الغرامية، فقد دخلت في علاقات غرامية مع المخرجين والممثلين الذين مثلت أمامهم دور البطولة خلال مسيرتها الفنية. فقد كانت على علاقة مع المصور روبرت كابا، والممثل جريجوري بيك، والممثل سبنسر تريسي.
مسيرتها الفنية
بدأت الممثلة السويدية إنغريد بيرغمان مسيرته الفنية في الثلاثينات من خلال المسرح في السويد، وسرعان ما انتقلت للعمل في السينما، وبعد فترة وجيزة تمكنت من لعب دور البطولة في عدة أفلام، أولها فيلم Ocean Breakers.
في السويد واصلت بيرغمان تقديم أفلام مميزة، منها فيلم On the Sunny Side، أما أهم أفلامها على الإطلاق فيلم Intermezzo، الذي يعد فيلمًا محوريًا في مسيرتها الفنية، وسمح بإظهار موهبتها الفنية الحقيقية.
في عام 1938 لعبت دور البطولة في فيلم Only One Night، ثم شاركت في فيلم Dollar، وبعد هذا الفيلم أصبحت أكثر نجمات السينما إثارة للإعجاب في السويد، وحصلت على أعلى تصنيف.
في عام 1938 شاركت في فيلم En kvinnas ansikte، وقد شارك الفيلم في مهرجان البندقية السينمائي، وأعيد إنتاجه في عام 1941، وبعدها انتقلت للسينما الألمانية، ووقعت للمشاركة في 3 أفلام ألمانية.
في السويد تمكنت بيرغمان من المشاركة في 11 فيلمًا قبل سن الخامسة والعشرين، وقد تنوعت الشخصيات التي قدمتها، وشاركت مع أشهر نجوم السويد، وهو ما أهلها إلى الانتقال إلى هوليوود لتبدأ مسيرتها الفنية العالمية.
الانطلاقة في هوليوود
في عام 1939 بدأت الممثلة بيرغمان إنغريد مسيرتها الفنية في هوليوود من خلال المسرح، حيث شاركت في النسخة الأمريكية من الفيلم السويدي Intermezzo: A Love Story، والذي قامت ببطولته أيضًا، وقد حقق الفيلم نجاحًا كبيرًا، وكان سببًا في إكسابها شعبية وجماهيرية كبيرة في الولايات المتحدة.
وبعدها شاركت في 3 أفلام أمريكية، منها فيلم Rage in Heaven، ومن أفلامها المميزة فيلم Casablanca، كما شاركت في فيلم For Whom the Bell Tolls، وترشحت لجائزة أوسكار أفضل ممثلة عن دورها في هذا الفيلم.
في عام 1944 فازت بجائزة أوسكار أفضل ممثلة عن دورها في فيلم Gaslight، وفي عام 1945 شاركت في فيلم The Bells of St. Mary's، وترشحت للمرة الثالثة لجائزة أوسكار، وقد حقق الفيلم نجاحًا كبيرًا في شباك التذاكر.
خلال مسيرتها الفنية حصلت بيرغمان على 3 جوائز أوسكار، وأربع جوائز غولدن غلوب، كما حصلت على جائزتي إيمي، وجائزة توني، وهو ما جعلها واحدة من قلة من الفنانين الذين حصلوا على الجوائز الأربع الكبرى في الترفيه.
التزمت بيرغمان خلال مسيرتها الفنية بتقديم أدوار معقدة، ومتنوعة، ويتجسد إرثها في الأداءات الخالدة التي قدمتها والأفلام الكلاسيكية التي شاركت فيها، مما يجعلها واحدة من أعظم الممثلات في تاريخ السينما.
من أشهر أفلام أنجريد برجمان
شاركت الممثلة إنغريد بيرغمان من العديد من الأفلام الكلاسيكية، والتي أصبحت فيما بعد من كلاسيكيات السينما، ومن أهم أفلامها فيلم Casablanca، ويعتبر هذا الفيلم من أعظم الأفلام في تاريخ السينما. لعبت بيرغمان دور "إلسا لوند" إلى جانب همفري بوجارت. تدور القصة حول الحب والتضحية خلال الحرب العالمية الثانية.
شاركت كذلك في فيلم Notorious، وتعاونت فيه مع المخرج ألفريد هيتشكوك في هذا الفيلم الذي يجمع بين الإثارة والرومانسية، ولعبت دور "أليسيا هوبرمان" إلى جانب كاري غرانت.
شاركت في فيلم Gaslight قدمت فيه أداءً رائعًا في دور امرأة تُعاني من محاولات زوجها لجعلها تشك في سلامتها العقلية، وفازت عن هذا الدور بجائزة الأوسكار لأفضل ممثلة.
في فيلم Spellbound لعبت بيرغمان دور طبيبة نفسية تحاول كشف لغز مرتبط بفقدان الذاكرة والجرائم، وفي فيلم Anastasia قدمت دور أناستازيا، وحصلت بسببه على جائزة الأوسكار الثانية كأفضل ممثلة.
ومن أشهر أفلام أنجريد برجمان أيضًا فيلم Stromboli، وتدور القصة حول امرأة تحاول التكيف مع حياتها الجديدة في جزيرة إيطالية نائية بعد الحرب العالمية الثانية.
من أفلامها المميزة فيلم Autumn Sonata، وهو فيلم درامي من إخراج إنغمار بيرغمان، حيث لعبت بيرغمان دور عازفة بيانو مشهورة تواجه خلافاتها مع ابنتها. قدمت أداءً مذهلاً، وحصلت على ترشيح لجائزة الأوسكار.
مرضها ووفاتها
في عام 1974 عانت إنغريد بيرغمان من سرطان الثدي، وأجرت عمليتين جراحتين، ورغم مرضها إلا أنها واصلت التصوير. في عام 1981 خضعت للعلاج الكيميائي، وخلال هذا الوقت انتشر السرطان إلى عمودها الفقري، ولم تعد رئتها اليمنى تعمل، وانهار جزء من رئتها اليسرى.
وفي 29 أغسطس عام 1982 توفيت إنغريد بيرغمان في ليل عيد ميلادها السابع والستين في لندن، وكان بجانبها زوجها الثالث السابق لارس شميت، وثلاثة أشخاص آخرين.
أقيمت مراسم التأبين في كنيسة سانت مارتن، وحضر أكثر من ألف شخص الجنازة، وقد تم حرق جثمانها، ونقل رمادها إلى السويد، ونثر معظمه في جزيرة دانهولمن، وهو الوقت الذي كانت تقضي فيه معظم فصول الصيف منذ نهاية الثمانينات، وحتى وفاتها.